اختلفت أراء فقهاء الإسلام والقانون الوضعي في تحديد مفهوم الجنين سعة وضيقا، فيما اعتبر البعض بداية التخصيب هي بداية تحقق وصف الجنين بل هي بداية الحياة الإنسانية في حين ذهب البعض الأخر إلى أن المرحلة الجنينية في حياة الانسان تبدأ بعد علوق البيضة المخصبة في جدار الرحم، وذهب فريق ثالث إلى أنها تبدأ بعد ولوج الروح في الجنين، ورافق ذلك توسع مفهوم الجنين أكثر من ذلك تماشيا مع التطورات العلمية في مجال الاغتصاب الصناعي.
واعتبر البعض أن البيضة المخصبة في الأنبوب أو المجمدة في بنوك الحفظ تعتبر أجنة أيضا ولا يجوز الاعتداء عليها بل أنها تتمتع بحق الحماية القانونية، كما هي مقررة للجنين في بطن أمه، وللاطلاع على مواقف الفقه الإسلامي والقانون في هذا الموضوع وما وصلت إليه التقنيات، ولتحديد مفهوم الأجنة البشرية لابد من تعريفها وبيان حقيقتها، خاصة وأن الله تعالى خلق الانسان في أحسن تقويم وكرمه أحسن تكريم وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة وشمله بكافة أوجه الحماية.
هل للجنين حقوق في القانون؟
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بالإجابة على السؤال.. هل للجنين حقوق في القانون؟ وذلك في الوقت الذي وجدت فكرة حماية الجنين منذ القدم بالرغم من عدم بروزها بشكل واضح بالنظر إلى طبيعة كل مرحلة سادت من حيث الدين والأعراف والتقاليد، ولقد سبقت الشريعة الإسلامية القانون الوضعي في إرساء معالم الحماية باعتبار أن المرحلة الجينية هي أول مراحل في التكوين الإنساني – بحسب الخبير القانوني والمحامي، إسلام عاطف عبد العال.
في البداية - إن الأصل أن الجنين لا يعتبر شخصا ما دام لم يولد، ولكن قد تكون للجنين مصلحة في أن تثبت له شخصية قبل وجوده حتى يمكن توريثه من أبيه أو استفادته من أوقاف أو وصية وجدت قبل ميلاده، حيث أنه من الحقوق التي اعترف القانون بها للجنين "الحمل المستكن" حقه في ثبوت نسبه لأبيه وحقه في أن يرث أبيه وأقربائه إذا مات أحدهم وهو في بطن أمه، لأن إثبات هذه الحقوق للجنين والاعتراف له بالشخصية القانونية قبل ولادته علي خلاف الأصل العام في القانون الذي يشترط مولد الإنسان حيا لإثبات الشخصية، قد اقتضتها ضرورة رفع الظلم عنه فيما لو توفي مورثه أو الموصي له قبل أن تتم ولادته إذا كان يترتب علي ذلك حرمانه بعد ولادته من نصيبه في الإرث أو الوصية ووضعه في مركز أسوأ من مركز أشقائه الذين كانوا موجودين قبل موت أبيه بالرغم من اشتراكه معهم في ثبوت النسب ألي أبيهم جميعا – وفقا لـ"عبد العال".
الجنين لا يعتبر شخصا ما دام لم يولد
والمادة 42 من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 نصت على أنه: "يوقف للحمل من تركة المتوفي أوفر النصيبين على تقدير أنه ذكر او أنثي"، ونصت المادة 43 من ذات القانون على أنه: إذا توفي الرجل عن زوجته أو معتدته فلا يرث حمله إلا إذا ولد حيا لمدة لا تجاوز 365 يوما على الأكثر من تاريخ الوفاة أو الفرقة، وعلى هذا لا يرث الحمل من أبيه إلا في حالتين:
أولهما: أن يولد حيا لمدة لا تجاوز 365 يوما علي الأكثر من تاريخ الوفاة أو الفرقة إذا كانت أمه معتدة وفاة أو فرقة، ومات المورث أثناء العدة.
وثانيهما: أن يولد حيا في مدة أقصاها 270 يوما علي الأكثر من تاريخ وفاة المورث إن كان من زوجية قائمة وقت الوفاة.
شروط صحة الوصية للجنين
جاء بنص المادة 44 من القانون سالف الذكر: إذا نقص الموقوف للحمل عما يستحقه يرجع بالباقي على من دخلت الزيادة في نصيبه من الورثة، وإذا زاد الموقوف عما يستحقه رد الزائد علي من يستحقه من الورثة، كما اشترط قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 عدة شروط لصحة الوصية للجنين، كما يلي:
1- إذا أقر الموصي بوجود الحمل وقت الوصية وولد حيا لـ 365 يوما فأقل من وقت الوصية.
2- إذا لم يقر الموصي له بوجود الحمل وولد حيا لـ 270 يوما فأقل من وقت الموت أو الفرقة البائنة، ويسترعي الانتباه أنه إذا كانت الوصية لحمل من شخص معين اشترط لصحة الوصية بالإضافة للشروط السابقة ثبوت نسب الطفل لذلك الشخص المعين.
وتوقف منافع الشيء الموصي به إلى أن ينفصل الحمل حيا فتكون له مثل: "أجرة المباني- حصاد الأرض – أرباح البضائع…".
ووفقا للمادة 36 من قانون الوصية: "إذا جاءت الحامل في وقت واحد أو في وقتين بينهما أقل من 6 أشهر بولدين حيين أو أكثر كانت الوصية بينهم بالتساوي إلا إذا نصت الوصية على غير ذلك، وإذا انفصل أحدهم غير حي استحق الحي منهم كل الوصية، وإن مات أحد الأولاد بعد الولادة كانت حصته بين ورثته في الوصية بالأعيان وتكون لورثة الموصي الوصية بالمنافع، وقد أجمع الفقهاء على جواز الهبة للجنين".