"في حالة العود".. جملة متكررة في التشريعات والقوانين يقف أمامها غير المتخصصين ثم يتبارد إلى الأذهان السؤال عن شروط العود والأثار المترتبة عليه، وذلك في الوقت الذى تعد فيه الجريمة مثل أي مشكلة أمنية واجتماعية واقتصادية لها نفس خصائص المشكلات، ومنها: أنها متعددة ومتنوعة ومتداخلة وترجع إلى عوامل عديدة متفاعلة وتؤدى إلى نتائج سلبية عديدة، وأيضاَ الجريمة مثل أي ظاهرة اجتماعية أخرى لها نفس خصائص الظواهر ومنها أنها نسبية وزمنية وتاريخية وحتمية، فلا يكاد يخلو منها أي مجتمع إنساني، وهي تتنوع من حيث طبيعتها وأشكالها وأنواعها والأساليب المستخدمة في تنفيذها، وتختلف من مجتمع لأخر، ومن زمن لأخر.
وتعتبر الجرائم والعودة مرة أخرى لها بشكل عام أحد الهموم التي تعاني منها كل المجتمعات بلا استثناء، فلقد أراد الله لمجتمعاتنا أن تحيا حياة كريمة، حياة الأمن والأمان، حياة يأمن كل فرد من أفراد المجتمع على نفسه وعرضه وماله، ولأجل هذا الغرض حرم الله الاعتداء على الأنفس والأعراض والأموال، وتختلف الأسباب والدوافع وراء ارتكاب الجرائم وتكرارها، فهى كثيرة ومتعددة ومتنوعة ومتداخلة ومتفاعلة ومتشعبة ولا يمكن حصرها في عامل واحد أو عدد من العوامل، وتؤدى هذه العوامل في النهاية إلى هذا السلوك الغير سوى والذى يقوم فيه فرد أو جماعة بالاعتداء على الآخرين وممتلكاتهم.
"في حالة العود" ماذا تعنى؟ ومن الشخص الذي يعتبر عائدًا؟
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على العود للجريمة في قانون العقوبات المصري، ومن الشخص الذي يعتبر عائدًا؟ وذلك في الوقت الذي نقرأ فيه في التشريعات والقوانين لفظ "في حالة العود"، فما هو العود؟ ومن الشخص الذي يعتبر عائدًا؟ والشروط العامة للعود، وأنواع العود، حيث يقصد بـ"العود" الوصف القانوني الذى يلحق بشخص عاد إلى الإجرام بعدما أدين بموجب حكم سابق بات غير قابل للطعن، وتقوم حالة العود بموجب العودة إلى الإجرام مجددًا، والعائد هو من يرتكب جريمة بعدما صدر ضده حكم سابق بالإدانة ويترتب على ذلك ظرف تشديد العقوبة – بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض عبد الرحمن عبد البارى الشريف.
من هو الشخص العائد؟
في البداية - نصت المادة "49" من قانون العقوبات على أنه يعتبر عائدًا – وفقا لـ"الشريف":
أولاً: من حكم عليه بعقوبة جناية وثبت ارتكابه بعد ذلك جناية أو جنحة.
ثانياً: من حكم عليه بالحبس مدة سنة أو أكثر وثبت أنه ارتكب جنحة قبل مضى خمس سنين من تاريخ انقضاء هذه العقوبة أو من تاريخ سقوطها بمضي المدة.
ثالثاً: من حكم عليه بجناية أو جنحة بالحبس مدة أقل من سنة واحدة أو بالغرامة وثبت أنه ارتكب جنحة مماثلة للجريمة الأولى قبل مضي 5 سنين من تاريخ الحكم المذكور.
وتعتبر السرقة والنصب وخيانة الأمانة جنحًا متماثلة فى العود، وكذلك يعتبر العيب والإهانة والسب والقذف جرائم متماثلة.
هل يجوز للقاضي في حالة العود أن يحكم بأكثر من الحد الأقصى المقرر للجريمة؟
ونصت المادة "50" على إنه: - يجوز للقاضي في حالة العود المنصوص عنه في المادة السابقة أن يحكم بأكثر من الحد الأقصى المقرر للجريمة قانونًا بشرط عدم تجاوز ضعف هذا الحد"، ومع هذا لا يجوز في أي حال من الأحوال أن تزيد مدة السجن المشدد أو السجن على 20 سنة، بينما تنص المادة "51" على أنه: إذا سبق الحكم على العائد بعقوبتين مقيدتين للحرية كلتاهما لمدة سنة على الأقل أو بثلاث عقوبات مقيدة للحرية إحداها على الأقل لمدة سنة أو أكثر وذلك لسرقة أو إخفاء أشياء مسروقة أو نصب أو خيانة أمانة أو تزوير أو شروع فى هذه الجرائم ثم ثبت ارتكابه لجنحة سرقة أو إخفاء أشياء مسروقة أو نصب أو خيانة أمانة أو تزوير أو شروع معاقب عليه فى هذه الجرائم بعد الحكم عليه بآخر تلك العقوبات، فللقاضي أن يحكم عليه بالسجن المشدد من سنتين إلى 5 بدلاً من تطبيق أحكام المادة السابقة – الكلام لـ"الشريف".
مادة "52" – إذا توافر العود طبقًا لأحكام المادة السابقة جاز للمحكمة بدلاً من توقيع العقوبة فى تلك المادة أن تقرر اعتبار العائد مجرمًا اعتاد الإجرام متى تبين لها من ظروف الجريمة وبواعثها، ومن أحوال المتهم وماضيه أن هناك احتمالاً جديًا لإقدامه على اقتراف جريمة جديدة وفى هذه الحالة تحكم المحكمة بإيداعه إحدى مؤسسات العمل التي يصدر بإنشائها وتنظيمها وكيفية معاملة من يودعون بها قرار من الجهة المختصة، وذلك إلى أن يأمر وزير العدل بالإفراج عنه بناء على اقتراح إدارة المؤسسة وموافقة النيابة العامة، ولا يجوز أن تزيد مدة الإيداع فى المؤسسة على 6 سنوات.
متى يتم إيداع العائد إحدى مؤسسات العمل؟
مادة "53"– إذا سبق الحكم على العائد بالأشغال الشاقة عملاً بالمادة 51 من هذا القانون أو باعتباره مجرمًا اعتاد الإجرام، ثم ارتكب فى خلال سنتين من تاريخ الإفراج عنه جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى تلك المادة حكمت المحكمة بإيداعه إحدى مؤسسات العمل المشار إليها فى المادة السابقة إلى أن يأمر وزير العدل بالإفراج عنه بناء على اقتراح إدارة المؤسسة وموافقة النيابة العامة، ولا يجوز أن تزيد مدة الإيداع فى هذه الحالة على 10 سنوات.
مادة"54"– للقاضي أن يحكم بمقتضى نص المادة 51 على العائد الذي سبق الحكم عليه لارتكابه جريمة من المنصوص عليها في المواد 355 و356 و367 و368 بعقوبتين مقيدتين للحرية كلتاهما لمدة سنة على الأقل أو بثلاث عقوبات مقيدة للحرية إحداها على الأقل لمدة سنة أو أكثر ثم ثبت ارتكابه جريمة من المنصوص عليها فى المادتين 355 و367 بعد آخر حكم عليه بالعقوبات السالفة.
-الشروط العامة للعود
1- أن يكون قد سبق صدور حكم بات بمعاقبة الجاني عن جريمة أو جرائم سابقة
2- هو ارتكاب جريمة جديدة.
3-أنواع العود:
توجد عدة تقسيمات للعود وهي العود العام والعود الخاص، وينقسم العود من حيث المدة التي يتطلب القانون أن تنقضي بين الجريمة أو الجرائم السابقة التي أدين عنها الجاني بحكم بات، وبين الجريمة الجديدة، إلى عود مؤبد وعود مؤقت، وهناك العود البسيط والعود المتكرر والاعتياد على الإجرام.
أولا: العود العام والخاص
1- العود العام: والذي لا يشترط القانون فيه أن تكون الجريمة اللاحقة من نفس نوع الجريمة السابقة أو من مثيلاتها، وإنما يتطلب فقط عودة الجاني إلى ارتكاب أية جريمة جديدة.
2- العود الخاص: يشترط أن تكون الجريمة الجديدة مماثلة للجريمة السابقة، والتماثل قد يكون حقيقي كعودة ارتكاب الجاني لنفس الجريمة السابقة كالسرقة، وقد يكون تماثل حكمي، مثل: "السرقة أو النصب أو خيانة الامانة أو شيك بدون رصيد"، أو الشروع في مثل هذه الجرائم المتماثلة.
ثانيا: العود المؤبد والمؤقت
1- العود المؤبد: وهو الذي لا يشترط القانون فيه مدة معينة تفصل بين صدور الحكم السابق أو انقضاء العقوبة وبين ارتكاب الجاني الجريمة اللاحقة،
2- العود المؤقت: والذي يشترط فيه مدة زمنية معينة ما بين الحكم السابق أو بعد تنفيذ العقوبة وبين وقوع الجريمة الثانية، فإذا وقعت بعد انقضاء هذه المدة فلا يتوفر العود، وقد أخذ به المشرع المصري في نص المادة 49 من قانون العقوبات.
ثالثا: العود البسيط والمتكرر
1- العود البسيط: وهي حالة وجود حكم سابق تلاه ارتكاب الجاني لجريمة جديدة.
2- العود المتكرر: ويطلق عليه أيضا تسمية العود المركب، والذي يتطلب ارتكاب جريمة جديدة بعد حكمين سابقين أو أكثر.