تعد الجريمة فعل ضار يمثل اعتداء على مصلحتين: المصلحة الأولى هي مصلحة المجتمع متمثلة في الحفاظ على أمنه واستقراره وطمأنينته، ويترتب على ذلك حق المجتمع في توقيع العقوبة على الفاعل، حتى يتحقق هدفي العقوبة المتمثلة في الردع العام والردع الخاص، والمصلحة الثانية المتمثلة في مصلحة المجني عليه في الجريمة، والتي ينتج عن الاعتداء على هذه المصلحة سواء من حيث إنزال عقوبة السجن أو حقه في المطالبة بالتعويض اللازم لجبر الضرر الذي لحق به جراء الجريمة.
وفى الواقع الأصل أن النيابة العامة وحدها دون غيرها هي التي لها الحق في رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها واجراءاتها حسبما نص عليه قانون الإجراءات الجنائية، ولا يجوز أن ترفع من غيرها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، هذا وإذا رفعت الدعوى الجنائية من غير النيابة العامة وفى غير الأحوال المنصوص عليها قانونا فإن الخصومة لا تنعقد والحكم الصادر فيها يعتبر منعدما حتى ولو أصبح باتا إلا أن المشرع مع هذا علق حق النيابة فى رفع الدعوى الجنائية على عدة قيود منها الشكوى، أو الطلب، أو الإذن، بمعنى أنه لا يجوز لها أن ترفع الدعوى الجنائية ضد المتهم رغم وقوع الجريمة ما لم تقدم الشكوى فهي إذا قيد على حرية النيابة.
الجرائم التي تستلزم الشكوى على سبيل الحصر
وقد أورد المشرع الجرائم التي تستلزم الشكوى على سبيل الحصر، وهي كالتالى:
1-جريمة زنا الزوجة، المادة 274 من قانون العقوبات.
2-جريمة زنا الزوج، المادة 277 من قانون العقوبات.
3️-الفعل الفاضح مع امرأة فى غير علانية، المادة 279 من قانون العقوبات.
4️-الامتناع عن تسليم الصغير لمن له الحق فى طلبه، المادة 22 من قانون العقوبات.
5️- الامتناع عن دفع النفقة أو أجر الحضانة او الرضاعة أو المسكن المحكوم بها، المادة 93 من قانون العقوبات.
6️-جرائم السب والقذف المنصوص عليها في المواد 185 و303 و306 و307 و308 من قانون العقوبات.
7️-جرائم السرقات بين الأصول والفروع، المادة 312 من قانون العقوبات.
هذا - وإن كان المشرع قد استلزم في مثل هذه الجرائم لتحريكها تقديم شكوى من المجني عليه، فإن مفاد ذلك أن النيابة العامة لا تكون لها حرية اتخاذ ما تشاء من اجراءات تتعلق بالجريمة موضوع الشكوى إلا بعد التقدم بها، ويترتب على تقديم الشكوى أن يعود للنيابة العامة حقها في تحريك الدعوى ورفعها على المتهم، وأن تباشر جميع اجراءات التحقيق ورفع الدعوى دون أن تكون مقيدة بأي قيد.
ولكن من له حق التصدي؟
وكما ذكرنا من قبل أن الأصل في حق تحريك الدعوى الجنائية للنيابة العامة، ولكن هناك آخرين لهم حق تحريك الدعوى الجنائية وفقا للقانون وحسب الأحوال التي نذكرها فى العناصر الآتية مثل: تصدي محكمتي الجنايات والنقض لتحريك الدعوى الجنائية، وعلة تقرير حق التصدي: التقيد بشخصية الدعوى الجنائية يعنى أن المحكمة الجنائية مقيدة بشخص المتهم المحال إليها في الدعوى فلا تملك المحكمة إلا أن تحكم ببراءته أو بإدانته دون أن تضيف إليه تهمه أخرى أو أن تضيف إلى القضية متهمين آخرين، ولكن ما الحل لو وجدت المحكمة أن هناك متهمين آخرين كان يتعين إحالتهم إليها، هنا قرر المشرع حق التصدي.
قصر المشرع حق التصدي على:
1-محاكم الجنايات: عند نظرها لدعوى مرفوعة أمامها.
2-الدائرة الجنائية بمحكمة النقض: عند نظر الموضوع بناء على الطعن.
ما هي حالات التصدي التي حددها المشرع؟
الحالة الأولى: وجود متهمين آخرين غير من أقيمت الدعوى عليهم، وكان ينبغي تحريك الدعوى ضدهم سواء بوصفهم فاعلين أصليين للجريمة أم مجرد شركاء فيها.
الحالة الثانية: وجود وقائع أخرى ارتكبها المتهم أو المتهمون المقدمون أمامها سواء أكانت جنايات أم جنحة.
الحالة الثالثة: وجود جناية أو جنحة مرتبطة بالواقعة المطروحة أمام المحكمة ولو كانت قد وقعت من متهمين آخرين غير المقدمين إليها.
الحالة الرابعة: وقوع أفعال خارج الجلسة كجريمة مساعدة المقبوض عليه على الفرار وجريمة التوسط لدي قاض وجريمة التأثير في القضاء بطريق النشر.
ما هي شروط التصدي؟
1-أن تكون هناك دعوى جنائية منظورة أمام محكمة الجنايات أو محكمة النقض
2-أن تكون المحكمة قد استظهرت المتهمين الجدد أو الوقائع الجديدة من أوراق الدعوى المعروضة عليها
3-ألا تكون الواقعة الجديدة قد أقيمت عنها الدعوى أو مقيدة بقيد من القيود التي تحول دون تحريكها ومازال القيد قائما
4-أما بالنسبة لمحكمة النقض فيجب أن يكون التصدي أثناء نظرها للموضوع للطعن بالنقض للمرة الثانية، فلا يجوز لها مباشرة حق التصدي في حالة الطعن بالنقض للمرة الأولي
5-أن تكون المحكمة المتصدية بصدد حالة من الحالات التي أجاز فيها القانون التصدي
ما هي إجراءات التصدي؟
إذا توافرت شروط التصدي فإنه يجوز للمحكمة إصدار قرار تتخذ به أحد أمرين.
أولهما: إحالة الدعوى الجديدة إلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها.
ثانيهما: انتداب أحد أعضاء المحكمة للقيام بإجراءات التحقيق.
ما هي الأثار المترتبة على التصدي؟
يقتصر أثر التصدي على إحالة الدعوى على النيابة العامة أو ندب أحد أعضائها للتحقيق دون أن تكون ملتزمة برفع الدعوى إلى المحكمة، فيجوز لها ما يجوز للنيابة العامة، وذلك من النظام العام، ولذلك يترتب على مخالفتها البطلان المطلق.
سلطة المحاكم في تحريك الدعوى في جرائم الجلسات
أولا: بيان الاستثناء
يقصد بجرائم الجلسات تلك الجرائم التي تقع أثناء انعقاد جلسات المحكمة.
ثانيا: ضبط الجلسة وإدارتها
ضبط الجلسة وإدارتها منوطان برئيسها وله في سبيل ذلك أن يخرج من قاعة الجلسة من يخل بنظامها فإن لم يمتثل وتمادي كان للمحكمة أن تحكم على الفور بحبسه أربعا وعشرين ساعة أو بتغريمه عشرة جنيهات ويكون حكمها نهائي.
ثالثا: نطاق تحريك الدعوى في جرائم الجلسات
1-جرائم جلسات المحاكم الجنائية
إذ وقعت جنحة أو مخالفة في الجلسة يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال وتحكم عليه بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم أا في حالة ارتكاب جناية فإن صلاحيات المحكمة تقتصر على إحالة المتهم إلى النيابة العامة دون أن يكون لها إجراء تحقيق للدعوى ويكون الطعن في الأحكام الصادرة في جرائم الجلسات وفقا للقواعد العامة.
2-جرائم جلسات المحاكم المدنية
للمحكمة أن تحاكم من تقع منه أثناء انعقادها جنحة تعد على هيئتها أو على أحد أعضائها أو أحد العاملين بالمحكمة وتحكم عليه فورا بالعقوبة وأن تحاكم من شهد زروا بالجلسة وتحكم عليه ويكون حكم المحكمة في هذه الأحوال نافذا ولو حصل استئنافه.
3-جرائم المحامين في جلسات المحاكم
إذا وقع من المحامي أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه إخلال بنظام الجلسة أو أي أمر يستدعى محاسبته نقابيا أو جنائيا يأمر رئيس الجلسة بتحرير مذكرة بما حدث ويحيلها إلى النيابة العامة ويخطر النقابة الفرعية بذلك يجوز القبض على المحامي أو حبسه احتياطيا ولا ترفع الدعوى فيها إلا بأمر من النائب العام أو من ينوب عنه من المحامين العامين الأول.