"التنحى لاستشعار الحرج".. جملة عادة ما نسمعها فى العديد من القضايا، مثلما حدث فى محاكمة رجل الأعمال حسن راتب وعلاء حسانين وآخرين، حيث قرر المستشار عبد السلام يونس، إحالة محاكمة المتهمين لمحكمة الاستئناف لتحديد دائرة أخرى لاستشعار الحرج، لاتهامهم وآخرين، بتهريب الآثار إلى خارج البلاد، وإتلاف آثار منقولة بفصل جزء منها والمعروفة إعلاميا بـ "قضية الآثار الكبرى".
استشعار هيئة المحكمة "الحرج"
فور صدور القرار، ثارت حالة من الجدل حول أسباب القرار دون الإجابة على الأسئلة المطروحة فى هذا الشأن، فاستشعار الحرج داخل هيئة المحكمة تختلف عن أسباب رد الخصوم من المتقاضين لهيئة المحكمة والتى يجوز للخصم أن يبدى الرأى بها، فى حالة إذا كان بين القاضى وأحد الخصوم عداوة مسبقة أو صلة قرابة واستشعار الحرج فى قانون "المرافعات المدنية والتجارية" و"الإجراءات الجنائية"، يؤكد صحة تنحى القضاة، لاستشعارهم الحرج، دون أن تلزمهم بإيضاح سبب قرار التنحى عن نظر القضية المنظورة أمامهم، ويعد ذلك تصرفا قانونيا ويخدم العدالة ليوكد شموخ القضاء ونزاهته.
فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على الأسباب والحالات التى يتنحى فيها القاضى عن نظر المحاكمة طبقاَ لقانون المرافعات وحالات تنحى القاضى "إلزامياَ" و"اختيارياَ"، للابتعاد عن مسألة الشائعات التى تتردد بشكل دائم عقب تنحى أى دائرة عن نظر القضية، حيث تكتظ المحاكم، بالعديد من القضايا، أهمها قضايا الرأى العام، التى تشغل الكثير من المواطنين، منها ما ينتهى بصدور الأحكام، وأحيانا بقرار إحالة لمحكمة أخرى، لاستشعار هيئة المحكمة الحرج، حيث أن مبدأ الاستشعار عن حرج داخل هيئة المحكمة تختلف عن أسباب رد الخصوم من المتقاضين، لهيئة المحكمة، والتى يجوز للخصم أن يبدى الرأى بها، فى حالة إذا كان بين القاضى، وأحد الخصوم عداوة مسبقة أو صلة قرابة.
5 حالات وضعها المشرع للقاضى للتنحى
فى هذا الشأن، يقول الدكتور أحمد الجنزورى، أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض، أن عبارة التنحى للقاضى تعنى إفصاحه أو إعلانه لإرادته الحرة عن رغبته فى عدم نظر القضية المعروضة عليه والقاضى فى ذلك حر فى أن يفصح عن هذه الأسباب أو لا يفصح عنها، حيث أنه من هذه الأسباب أن يجد القاضى فى نفسه أن هناك عداوة وخصومة بينه وبين المتقاضين، وأيضا تكون هناك مودة سابقة بينه وبين أحد الخصوم أو يجد القاضى أن قلبه وعقله أصبح غير محايدين للنظر فى الدعوى المطروحة عليه أو لأى سبب من الأسباب.
ووفقا لـ"الجنزورى" فى تصريح لـ"برلمانى": أن المشرع وفقا لقانون المرافعات لم يلزم القاضى بالإفصاح عن هذا السبب بل إن مجرد وجود غضاضة فى نفس القاضى أصبح يحملها ضد أحد الخصوم تجعل القاضى العادل فى محل من الفصل فى القضية المعروضة عليه فيغلق ملف القضية ويرسلها إلى رئيس محكمة الاستئناف بطلب تحديد دائرة أخرى لنظرها ويستطيع رئيس محكمة الاستئناف أن يرفض طلب استشعار الحرج ويلزم القاضى المتنحى بالاستمرار فى نظر القضية، كما أن من الأسباب التى تجعل القاضى من حقه التنحى عن نظر القضية أن يقوم أحد الخصوم بسبه أو إهانته فالقاضى فى هذه الحالة يستطيع تطبيق أحكام القانون عليه والتى تنتهى إلى حبس الخصم أو المتقاضى أو أى شخص من الحاضرين فى أية جلسة باعتبار أن ذلك من جرائم الجلسات.
استشعار الحرج موجود فى التشريعات العالمية
وبحسب "الجنزورى": أن نظرية التنحى لاستشعار الحرج من أبرز الجوانب المضيئة فى العمل القضائى المصرى فهى ليست حكرا على التشريعات المصرية، وإنما متعارفا عليها فى أغلب النظم القانونية المتحضرة وهناك حالات إجبارية يكون القاضى ملزما بالتنحى عن نظر الدعوى كان يكون قريبا لأحد الخصوم أو صهرا له حتى الدرجة الرابعة أو تكون له أو لزوجته خصومة قائمة مع أحد أطراف الدعوى أو أن يكون قد أبدى أو ترافع عن أحد الخصوم أو كتب فيها سواء كان قبل اشتغاله بالقضاء أو نظرها بصفته قاضيا أو خبيرا أو محكما أو أبدى شهادة فيها وهى تختلف عن حالات رد القاضى، وهناك حالات اختيارية للقاضى يتنحى فيها عن نظر الدعوى حسب ما يطمئن اليه ضميره فمجرد إحساسه بأن هناك ضغوطا عليه ومحاولة للتأثير على حكمه أو أن هناك تدخلات من أطراف خارجية تمارس ضغوطا عليه أو محاولات الوساطة أو يرى أن ثقافته من شأنها أن تؤثر على مجريات العدالة فهنا يمكنه التنحى لاستشعار الحرج وهو وحده الذى يقدر تلك الملابسات ومدى تأثيرها على استقلالية وحيدة قراره.
أسباب تنحى القاضى وفقا لنصوص القانون
وعن مسألة تنحى القاضى طبقاَ للقانون، قال ياسر سيد أحمد، المحامى بالنقض والخبير القانونى، أن هناك حالات يمتنع القاضى عن نظر الدعوى والفصل فيها تتمثل في:- أن المشروع لاحظ حالات قد تؤثر على صلاحية القاضى فى نظر الدعوى والفصل فيها لذلك نصت المادة (247) مع قانون الإجراءات الجنائية على أسباب أن توافرت كان القاضى غير صالح لنظر الدعوى ويمتنع على القاضى أن يشترك فى نظر الدعوى سواء تمسك أطراف الدعوى بهذه الأسباب أم لم يتمسكوا به وهي:
1- إذا كانت الجريمة قد وقعت عليه شخصيا.
2- إذا كان قد قام فى الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائى أو بوظيفة النيابة العامة أو الدفاع عن أحد الخصوم.
3- أدى شهادة أو باشر عملا من أعمال الخبرة.
4- ويمتنع عليه أن يشترك فى الحكم إذا كان قد قام فى الدعوى بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة أو أن يشترك فى الحكم إذا كان الكم المطعون فيه صادرا منه، وجاء فى المذكرة الإيضاحية تعليقا على هذه المادة أساس وجوب امتناع القاضى عن نظر الدعوى، هو قيامه بعمل يجعل له رأيا فى الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فى القاضى من خلو الذهن عن موضوع الدعوى ليستطيع ان يزن حجج الخصوم وزنا مجردا.
5- حظرت المادة (75) من قانون السلطة القضائية، لا يجوز أن يجلس فى دائرة واحدة قضاة بينهم قرابة أو مصاهرة حتى الدرجة الرابعة بدخول الغاية كما لا يجوز أن يكون ممثل النيابة أو ممثل أحد الخصوم أو المدافع عنه ممن تربطهم الصلة المذكورة بأحد القضاة الذين ينظرون الدعوى ولا يعتد بتوكيل المحامى الذى تربطه بالقاضى الصلة المذكورة إذا كانت الوكالة لاحقة لقيام القاضية بنظر الدعوي.
الدكتور أحمد الجنزورى أستاذ القانون الجنائى
الحالات التى يكون القاضى غير صالح لنظر الدعوى
وعن الحالات التى يكون القاضى غير صالح لنظر الدعوي؟، أجاب "أحمد" فى تصريح خاص، حددت المادة (146) من قانون المرافعات عدم صلاحية القاضى لنظر الدعوى على سبيل الحصر ولم يرده أحد الخصوم فى الأحوال الآتية:
1- إذا كان قريبا أو صهرا لأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة.
2- إذا كان له أو لزوجته خصومة قائمة مع أحد الخصوم فى الدعوى أو مع زوجته.
3- إذا كان وكيلا لأحد الخصوم فى أعماله الخصوصية أو وصيا عليه أو قيما أو مظنونة وراثته له أو كانت له صلة قرابة أو مصاهرة للدرجة الرابعة بوصى أحد الخصوم او بالقيم عليه أو بأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة المختصة أو بأحد مديريها وكان لهذا العضو او المدير مصلحة شخصية فى الدعوى.
4- إذا كان له أو لزوجته أو لأحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب أو لمن يكون هو وكيلا عنه أو وصيا أو قيما عليه مصلحة فى الدعوى القائمة.
5- إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم فى الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظرها قاضيا أو خبيرا أو محكما أو كان قد أدى شهادة فيها وإذا قام أى سبب من هذه الأسباب على القاضى أن يتنحى من تلقاء نفسه عن نظر الدعوى وإلا كان حكمة باطلا، ونصت المادة (147) مرافعات يقع باطلا عمل القاضى أو قضاؤه فى الأحوال السابقة ولو تم اتفاق الخصوم وإذا وقع هذا البطلان فى حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب فيها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى.
ما هى الأسباب التى يجوز فيها رد القاضى؟
طبقا للمادة (148) مرافعات يجوز رد القاضى لأحد الأسباب الآتية:
1- إذا كان له أو لزوجته دعوى مماثلة للدعوى التى ينظرها أو إذا جدت لأحدهما خصومة مع أحد الخصوم أو لزوجته بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضى ما لم تكن هذه الدعوى قد أقيمت بقصد رده عن نظر الدعوى المطروحة عليه.
2- إذا كان لمطلقته التى له منها ولد أو لأحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب خصومة قائمة أمام القضاء مع أحد الخصوم فى الدعوى أو مع زوجته ما لم تكن هذه الخصومة قد أقيمت بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضى بقصد رده.
3- إذا كان أحد الخصوم خادما له أو كان هو قد اعتاد موكله أحد الخصوم أو مساكنته أو كان تلقى منه هدية قبيل رفع الدعوى أو بعده.
4- إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يرجع معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل، وإن أسباب الرد وردت فى القانون على سبيل الحصر كما أنه يجوز الرد لعدم الصلاحية وطبقا للمادة (149) مرافعات على القاضى فى الأحوال المذكور أن يخبر المحكمة فى غرفة المشورة أو رئيس المحكمة الابتدائية على حسب الأحوال بسبب الرد القائم به وذلك للإذن له بالتنحى ويثبت هذا كله فى محضر خاص يحفظ بالمحكمة.
ما هو الفرق فى أسباب عدم صلاحية القاضى وأسباب رد القاضي؟
الواقع أنه لا يوجد فارق بين أسباب عدم صلاحية القاضى وأسباب رده فجميعها تجعل القاضى غير صالح لنظر الدعوى والفارق الوحيد ان الأولى لا تحتاج الى ان يتمسك بها أحد من الخصوم لأنها من النظام العام أما الثانية يجب ان يتمسك بها الخصوم، وطبقا للمادة (248) إجراءات جنائية يعتبر المجنى عليه فيما يتعلق بطلب الرد بمثابة خصم فى الدعوى.
هل يجوز للقاضى التنحى عن نظر القضية؟
أجازت المادة (150) مرافعات للقاضى فى غير أحوال الرد المذكورة إذا استشعر الحرج من نظر الدعوى لأى سبب أن يعرض أمر تنحيه على المحكمة فى غرفة المشورة أو على رئيس المحكمة للنظر فى إقراره على التنحى.
الخبير القانونى والمحامى بالنقض ياسر سيد أحمد
متى يجب تقديم طلب الرد؟
حددت المادة (151) مرافعات يجب تقديم طلب الرد قبل تقديم أى دفع أو دفاع وإلا سقط الحق فيه، فإذا كان الرد فى حق قاضى منتدب لإجراء من إجراءات الإثبات فيقدم الطلب خلال ثلاثة أيام من يوم ندبه إذا كان قرار الندب صادرا فى حضور طالب الرد فإن صادر فى غيبته تبدأ الأيام الثلاثة من يوم إعلانه به، ويجوز طلب الرد إذا حدثت أسباب بعد المواعيد المقررة أو إذا اثبت طالب الرد أنه يعلم بها إلا بعد مضى تلك المواعيد وطبقا للمادة (152) مرافعات لا يقبل طلب الرد بعد إقفال باب المرافعة فى الدعوى أو ممن سبق له طلب رد نفس القاضى فى ذات الدعوى ولا يترتب على طلبات الرد فى الحالتين وقف الدعوى، ويسقط حق الخصم فى طلب الرد إذا لم يحصل التقرير به قبل إقفال باب المرافعة فى طلب رد سابق مقدم فى الدعوى أخطر بالجلسة المحددة لنظره متى كانت أسباب الرد قائمة حتى إقفال باب المرافعة.