طالب عدد من نواب البرلمان، بضرورة العمل على تبني خطة موسعة لمكافحة عمالة الأطفال، واتخاذ خطوات جذرية في مواجهتها، خاصة وأنها قضية تتصل بمعدل النمو السكاني واتجاه أسر لزيادة الإنجاب سعيا لكسب الرزق من عمالة أبنائهم، والتي تمثل انتهاك صريح لحقوق الطفل وحقه في العيش حياة كريمة . وتأتي تلك المطالبات بالتزامن مع حلول، اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، الإثنين، والذي الذى دشنته منظمة العمل الدولية في عام 2002 لتركيز الاهتمام على مدى انتشار ظاهرة عمل الأطفال في العالم، والعمل على بذل الجهود اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة، ففي 12 يونيو من كل عام، يجمع اليوم العالمي الحكومات ومؤسسات أرباب العمل والعمال والمجتمع المدني، بالإضافة إلى ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم لإلقاء الضوء على محنة الأطفال العاملين وكيفية مساعدتهم.
وتقدمت النائبة رشا فايز كليب، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين بطلب مناقشة عامة بشأن جهود الحكومة للحد من عمالة الأطفال في مصر.
وذكرت " كليب" أنه وفقا للمسح القومي الأخير لعمل الأطفال في مصر الذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء فإن هناك 1,6 مليون طفل عامل ويتعرض 82% منهم للعمل في ظروف سيئة، مطالبة بوجود الحاجة لتحديث البيانات لإيجاد الفوارق والاختلافات.
وتابعت قائلة " مع عدم تحديث البيانات المتعلقة بعمالة الأطفال في مصر للمساعدة في دراسة الظاهرة بشكل أكثر واقعية إذ أن آخر مسح خاص بعمل الأطفال منذ 2010، وقد طرأ على المجتمع تحديات عديدة وكذلك انعدام البيانات الخاصة بعدد الأطفال المنخرطين في العمل المنزلي مع غياب نظم الرقابة والإشراف لهذا النمط من الأعمال.
ويقول النائب محمود القط، عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب، أن الحكومة قدمت مجهودات كبيرة للحد من عمالة الأطفال، موضحا أن البرلمان بغرفتيه، يقوم بالسعي دائما لوضع الأطر القانونية المتوافقة مع المعايير الدولية.
وشدد "القط" أننا في أشد الحاجة لتفعيل الأدوات الرقابية القانونية في المنشآت المختلفة وبالأخص التي تنظم عمالة الأطفال والمرتبطة بوزارة القوى العاملة ووزارة التضامن الاجتماعي، قائلا " نتمنى توحيد الجهود الحكومية، كما يجب أن تتضافر مع جهود المجتمع المدني في حملات التوعية للأسرة المصرية بأضرار عمالة الأطفال...فالزيادة السكانية الناجمة عن ثقافات سلبية سائدة تحتاج جهدا لكي تكون تربية الأطفال تربية سليمة وبناء يتواكب مع مراحلهم العمرية المختلف".
ولفت عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إلى أنه كان قد تقدم بمقترح لتفعيل الإدارة الخاصة بالتفتيش على عمالة الأطفال بحضور ممثلى وزارة القوى العاملة، مؤكدا أن عدم تفعيل اللوائح والقوانين الخاصة بتفعيل الضبطية القضائية والتفتيش على عمالة الأطفال أزمة كبيرة، وتؤدى إلى ضعف الرقابة على طبيعة ومحددات عمل الأطفال في المنشآت.
وأوضح أن لجنة حقوق الإنسان أوصت بقيام الحكومة بقياس مؤشر الأداء، حول ما تقوم به من حملات تفتيشية على مستوى الجمهورية، بالإضافة إلى الخطة الموضوعة من الوزارات المعنية لزيادة عدد المفتشين والحملات التفتيشية، إضافة إلى تبنى دور توعوى عن طريق المؤسسات المعنية ومن بينها المجلس القومى لحقوق الإنسان، والمجلس القومى للطفولة والأمومة وذلك للتوعية بمخاطر عمالة الأطفال.
وفي سياق آخر، أكدت الدكتورة دينا هلالي، عضو لجنة حقوق الانسان والتضامن الاجتماعي بمجلس الشيوخ، أن الدولة تتخذ خطوات جادة في التصدي لعمالة الأطفال وسن تشريعات تتصدى لتلك الظاهرة والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالزيادة السكانية، موضحة أنه وبالتزامن مع حلول اليوم العالمي لمكافحة الأطفال اتخذ مجلس الشيوخ مسارا يتصدى فيه لتلك الظاهرة والذي تترجم في إقرار مشروع قانون العمل الجديد بحظر تشغيلهم قبل بلوغ 15 عاما .
وأضافت "هلالي" أنه ومع حلول ذلك اليوم وما تخطو فيه الدولة من خطوات للحد منها، فإن هناك ظاهرة ازدادت خلال الآونة الأخيرة لابد وأن نتنبه إليها، والتي تمثل شكل جديد من أشكال عمالة الأطفال واستغلالهم لتحقيق أرباح وذلك من خلال أسرهم بمقاطع فيديوهات على مواقع السوشيال ميديا، وهو ما يمثل انتهاك لحقوقهم بـ"إشراف عائلي".
وتابعت قائلة" أصبحت ظاهرة استخدام الأطفال من قبل ذويهم لتحقيق أرباح عبر مواقع التواصل الاجتماعى تمثل إشكالية كبيرة فى المجتمع المصرى، وذلك وراء مساعي البعض لهوس التريند والتربح من مواقع الانترنت ومنها يوتيوب وتيك توك وغيرهما، وذلك بنشر مقاطع فيديو تضم محتويات غير هادفة بين الاستعطاف والتنمر وصولا بنشر مقاطع فى حياتهم اليومية" وهو ما يعد اختراق لخصوصية الأطفال واستغلالهم ، وإن كان بغير قصدٍ؛ فالطفل لم يمتلك بعد الإدراك الكافي ليقرر إيجابية هذا الأمر أو سوءه، وهو ما يمثل تعدي على حقوقه من قبل أسرته من أجل تحقيق الشهرة وجني الأرباح، وهي تعتبر انتهاكًا للطفل وإساءة لكرامته والتأثير على صحته.
وأوضحت عضو مجلس الشيوخ، أن استغلال الأطفال مجرم في المادة رقم 80 من الدستور والتي تنص على التزام الدولة بحماية الطفل من كل أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري، كما أنَّه مجرم في المادة رقم 291 بقانون العقوبات والتي تحظر المساس بحق الطفل في الحماية من الاتجار به أو الاستغلال الجنسي أو التجاري أو الاقتصادي ويعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن 5 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه و لا تجاوز 200 ألف جنيه كل من باع طفلا أو اشتراه أو عرضه للبيع، وكذلك من سلمه أو تسلمه أو نقله باعتباره رقيقا ، أو استغلاه جنسيا أو تجاريا أو استخدمه في العمل القسري أو عير ذلك من الأغراض غير المشروعة"، كما ينص قانون الطفل على حالات تعرض الطفل للخطر والتي من بينها الاتجار به.
ولفتت عضو مجلس الشيوخ، إلى أن التطبيقات الالكترونية كـ «التيك توك» وغيرها ساهمت فى المتاجرة بالطفل وفتح طريق جديد على الأهالى لزيادة كسب المال والشهرة على حساب حياة الأطفال واستغلال وقتهم وبراءتهم فى أجمل أوقات حياتهم ليكون سببا لجنى الأموال لوالديه وذلك بتحقيق عائد مالي شهري وسنوي مع ارتفاع المشاهدات، والحقيقة أنهم لا يدركون أن ذلك ينتهك حقوقية الطفل فى أن يعيش حياته بشكل طبيعى كغيره من الأطفال.
وطالبت "هلالي" بضرورة النظر في تغليظ عقوبة استغلال الطفل، وبالأخص من ولي أمره، بما يسيئ لحقوقه، خاصة وأن العقوبة المنصوصة بالمقارنة لحجم الجريمة تجعل البعض يستهين بها أمام ما يحققونه من عائد مالي كبير وراء ارتفاع المشاهدات.