يلعب قانون العقوبات دورا مهما في حماية الأعراض والأخلاق الجنسية، ويتمثل ذلك في حماية نوعين من المصالح الاجتماعية التي تمس الأفراد، وهما الحرية الجنسية والحياء العام، وأن القواعد الدينية تجعل من نفسها حارسا على الآداب الخاصة والعامة على السواء فهي تهدف صيانة الفضيلة في ذاتها وحماية الأداب العامة في المجتمع وتظهر الخلق الفردي بوجه خاص، ومن أجل ذلك وُجد عقوبات للجرائم الجنسية لحماية الآداب العامة.
ومن ضمن هذه الجرائم الجنسية التي يتصدى لها القانون هي جريمة "هتك العرض" وهي من أبشع الجرائم التي تتعرض لها الفتاة أو الطفل بصفة عامة، لذلك يقف لها المشرع بالمرصاد حيث أن حكم من هتك عرض فتاة حدد فيها المشرع العقوبة لمرتكب الجريمة، فقد تقع الجريمة "جنحة" وقد تقع "جناية"، فنجد أن هناك اختلاف بين الدفوع في جريمة هتك العرض في حالة كان هتك العرض قد صنف جنحة أم جناية ارتكبها الشخص، لكن في الحقيقة قد يعد هتك العرض جنحة وقد تدخل في الجنايات في حالة توافرت أحد الشروط في الجريمة.
هل تقع جريمة "هتك العرض" إلكترونيا؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية من خلال الإجابة على السؤال.. هل من الممكن أن تقع جريمة "هتك العرض" إلكترونيا؟ حيث أن الواقع القانوني لجرائم هتك العرض أن يكون هناك نوع من الاستطالة من الجاني علي جسم المجني عليها، وهذا الأمر ومع التطور التكنولوجي الهائل وتسخيرها في ارتكاب الأفعال الإجرامية قد يجعلنا نعيد التدقيق في توصيف بعض الافعال المجرمة، ومنها تصوير النساء في المحال التجارية أو الحمامات وأماكن تغيير الملابس دون علمهن – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض محمد ميزار.
في البداية – مثل هذه الأفعال سالفة الذكر وهذا الفعل من الجاني بوضع هواتف للتصوير أو كاميرات هو من قبيل الأعمال المادية التي تسهل للجاني الكشف عن عوراتهن والاتصال المباشر بمواطن عفتهن فيتحقق قانونًا مراد الشارع من النص التشريعي على عقوبة هتك العرض، وهو الكشف عن عورات المجني عليهن، وتحقق الفعل المادي بالاستطالة لأجسامهن بالتصوير والمشاهدة، وهتك العرض الالكتروني يحتاج نص تشريعي في القانون المصري لتصوير عورات النساء بكاميرات خفية في المحال العامة – وفقا لـ"ميزار".
رأى محكمة النقض في جريمة "هتك العرض"
ووفقًا لما هو مقرر فى قضاء محكمة النقض من أنه يكفي لتوافر جريمة هتك العرض أن يقوم الجاني بكشف جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحش، لما فى هذا الفعل من خدش لعاطفة الحياء العرضي للمجني عليه من ناحية المساس بتلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي هى جزء داخل فى خلق كل أنسان، ويتمثل الركن المادي في جريمة هتك العرض بقيام المجني بالاتصال بالناحية الجنسية للمجني عليه والنظر إلى عورة المجني عليه – الكلام لـ"ميزار".
كما وجب التنويه أن الركن المادي للجريمة يتمثل حتى ولو لم يكون لهذا الفعل أثر جسيم على جسم المجني عليه، وذلك لأن الركن المادي يتمثل بقيام المتهم بكشف جزء من جسم المجني عليه، فالقانون هنا في جريمة هتك العرض لم يضع آليه محددة في طريقة قيام الجاني بالكشف عن ملابس المجني عليها، كما لو انتحل شخصًا صفة طبيب وطلب من المريضة كشف ملابسها فهذا يعد هتك عرض، والركن المعنوي: يتمثل في عناصر القصد الجنائي وهي أن ينصرف قصد الجاني إلى ارتكاب العناصر المادية لجريمة هتك العرض، فيلزم أن يعلم الجاني بأن فعله خادش لعرض المجني عليها، واتجاه إرادته إلى ارتكاب هذا الفعل – هكذا يقول "ميزار".
هتك العرض جنحة أم جناية
ولكي نتمكن من التعرف على الوقت الذي يعد فيه هتك العرض جنحة والوقت الذي تعد فيه جناية وهو:
أولاً: جناية هتك العرض
السؤال هنا متي يعد هتك العرض جناية وهو عندما يقوم الشخص بممارسة أفعال القوة أو القيام بتهديد الأنثى لكي يتمكن من ارتكاب الجريمة، لذلك يعاقب المتهم بالحبس التي تصل مدته في بعض الجرائم إلى 7 سنوات مع الأشغال الشاقة ولكنها مؤقتة، كما ينص القانون على تشديد العقوبة التي تقع على المتهم في حالة توافر بعض الشروط الأخرى في القضية وكذلك المتهم، وبذلك تصل العقوبة إلى الحبس لمدة تصل إلى 15 سنة مع الحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة.
حيث نجد أن نص المادة 268 من القانون قد حددت العقوبة التي يتلقاها المتهم في حالة ارتكاب جناية هتك العرض وهي: " كل من هتك عرض إنسان بالقوة او بالتهديد او شرع في ذلك يعاقب بالشغال الشاقة من ثلث سني الي سبع وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة الذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة او كان مرتكبها ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267 يجوز إبلاغ مدة العقوبة الي اقصي الحد القرار للأشغال الشاقة المؤقتة واذا اجتمع هذان الشرطان مما يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة".
ثانيًا: جنحة هتك العرض
قبل أن نتعرف على الدفوع في جريمة هتك العرض دعونا نوضح جنحة هتك العرض، يعتبر هتك العرض جنحة في حالة أن قام الشخص بالجريمة برضا من وقعت عليها الجريمة بالفعل، لكن تختلف العقوبة التي يتعرض لها المتهم على اختلاف عمر الفتاة، أي أنه في حالة كان عمرها قد تجاوز 12 سنة فيعاقب مرتكب الجريمة بالسجن فقط، أما في حالة أن عمر الفتاة لم يصل إلى 12 عام فتصل العقوبة إلى الحكم على المتهم بالأشغال الشاقة المؤقتة.
وتتضح العقوبة التي يعاقب بها المتهم بارتكاب جنحة هتك العرض من خلال نص المادة 269 من القانون وهي: "كل من هتك عرض صبي او صبية لم يبلغ سن كل منهما ثماني عشر سنة كاملة بغير قوة او تهديد يعاقب بالحبس وإذا كان سنه لم يبلغ سن سبع سني كاملة او كان من وقعت منه الجريمة ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من الادة 267 تكون العقوبة الشغال الشاقة المؤقتة".
هتك العرض الالكتروني
يحرص البعض على التعرف على الدفوع في جريمة هتك العرض التي يرتكبها الشخص، لكن هناك العديد من الأشخاص الذين لم يدركون أن جريمة هتك العرض يمكن أن ترتكب عبر الإنترنت أيضًا، لذلك دعونا نوضح كيف تقع جريمة هتك العرض عبر الوسائل الإلكترونية، فلابد من التعرف على جريمة هتك العرض حيث أنها من الجرائم التي لم يشترط لوقوعها بالفعل أن يلامس المتهم جسد الفتاة أو أن تتلامس أعضاءه أعضاء الفتاة، فالجريمة تقع بالفعل بمجرد أن يزيل الشخص ملابس الفتاة ويري جسدها بالفعل، أو أن يقوم بإجبارها على كشف أعضاءها، وبذلك يتضح لنا الطريقة التي تتم من خلالها جريمة هتك العرض عبر الوسائل التكنولوجية، كما أنها أحد الجرائم التي يعاقب عليها القانون والتي تصل إلى معاقبة المتهم بالسجن لمدة 3 سنوات وكذلك الحكم بالأشغال الشاقة المؤقتة، وفقًا لما ورد في قانون العقوبات الذي يتعلق بعقوبات الجرائم الإلكترونية.
هل يجوز التصالح في جريمة هتك العرض؟
هل تستطيع الفتاة التي تعرضت للجريمة أو أي شخص ينوب عنها أن يتصالح مع المتهم في الجريمة، وفي الحقيقة يشغل هذا السؤال تفكير العديد من الأشخاص الذين تعرضوا إلى مثل هذه الجريمة، لكن يعد هتك العرض من أبشع الجرائم التي يمكن أن يتعرض لها الطفل سواء كان ولد أو بنت أو فتاة بالغة، لذلك يندرج هتك العرض ضمن قائمة الجرائم التي لا يسمح فيها القانون بالمصالحة مع المتهم، نظرًا؛ لكونها من الجرائم التي لا تترك أثر سلبي على الشخص الذي تعرض للجريمة فقط بل تشمل المجتمع بالكامل، كما أنها من الجرائم التي تساعد على إثارة رعب المواطنين والعمل على نزع الطمأنينة من النفوس، بالإضافة إلى أنها من الجرائم التي تحث على تفشي الرذيلة في المجتمع.
ما معنى هتك عرض بالرضا في القانون المصري؟
أولا مفهوم هتك العرض الذي يعد أحد الجرائم التي لا يشترط لوقوعها أن تقع على فتاة فقط بل هناك العديد من جرائم هتك العرض التي يتعرض لها الأولاد أيضًا، فهتك العرض هو عبارة عن قيام شخص ما بلمس أحد أجزاء الجسم التي يحرص الشخص على عدم كشفها أمام الغير، كما أنه لا يوجد فرق بين وقوع الجريمة برضا من الشخص أو عدم وجود الرضا، فالجريمة في حد ذاتها وقعت بالفعل لكن نجد أن اختلاف وقوع الجريمة بالرضا أو غير الرضا يحدد نوع العقوبة ومدتها التي تقع على الشخص، لكن لابد من توضيح المقصود من كلمة هتك العرض بالرضا، ونجد أن هتك العرض عن طريق الرضا يحدث بموافقة الفتاة، أي أنه لا يتوافر ركن الإكراه أو التهديد في الجريمة، كما أن هتك العرض الذي يقع على المتزوجة برضاها يعرض الشخص للعقوبة أيضًا حيث أنه قد قام الشخص بارتكاب الجريمة بالفعل، لكن في حالة وقوع الجريمة أيضًا بالرضا لا ينفي التهمة عن المتهم ولا يحميه من العقوبة التي يحددها القانون على جريمة هتك العرض.
هتك العرض الالكترونى في التشريع الأردنى
هذا وقد سبق لمحكمة التمييز الأردنية أن أيدت في اجتهاد قضائي جديد صدر مؤخرا، قرارا لمحكمة الجنايات الكبرى بإدانة شاب بالحبس 3 سنوات بعد ثبوت ارتكابه جريمة "هتك العرض عن بعد"، لفتاة قاصر كان غرر بها، وتعتبر هذه أول قضية "هتك عرض عن بعد" تقضي بها محكمة الجنايات الكبرى، وتؤيدها محكمة التمييز أعلى جهة قضائية في الأردن، وشكلت الهيئة العامة للنظر بهذه القضية كونها أول قضية كجريمة هتك عرض ترتكب عن بعد في تاريخ المحاكم الاردنية، حيث أجمع قضاة التمييز على توافر عناصر وأركان الجريمة، وأنها تنطبق على الافعال التي قام بها الجاني مع الضحية بالرغم من أن الجريمة ارتكبت عن بعد.
وتعتبر قضايا هتك العرض جريمة ذات ركن مادي، إلا أن المحكمة وجدت أنه: "طالما كان البث مباشرا في مكالمة الفيديو (بالصوت والصورة) فهو يقوم مقام الاستطالة المادية على أرض الواقع"، وكان "والد الفتاة ضبط ابنته القاصر اثناء مكالمة الفيديو، وقدم بلاغا للشرطة، الأمر الذي قاد إلى القبض على الشاب وتوديعه للقضاء"، ووفقا للمادة 298 من قانون العقوبات فإن جريمة هتك العرض لها معياران هما، "الاستطالة المادية، وخدش عاطفة الحياء العرضي للمجني عليه"، وكون المجني عليها قاصرا فإن "القانون لا يعتد بالرضا من قبل المجني عليها وانما تم التغرير بها من قبل الجاني".
هتك العرض الإلكتروني في التشريع المغربى
أما في دولة المغرب - خففت الغرفة الجنحية بمحكمة الدرجة الثانية بمكناس الحكم الصادر في حق أربعيني متهم من أجل إنتاج قصد العرض وحيازة صور منافية للأخلاق والآداب العامة ومواد إباحية، إذ خفضتها إلى أربعة أشهر حبسا نافذا بدل ستة، مع تغريمه مبلغ 6000 درهم حيث تفجرت القضية عندما تم إيقاف المتهم "ح.غ" بحي تواركة الهامشي بمكناس، إثر مطاردته من قبل مجموعة من الأشخاص، بعدما ضبطته إحدى العاملات "كسالة" بحمام “سيدي عياد” بحي السلطان سيدي محمد بن عبد الله، متلبسا بفناء تغيير الملابس وهو بصدد أخذ صور وفيديوهات لنساء عاريات وشبه عاريات بواسطة هاتفه المحمول، ما جعلها تسارع إلى إخبار أحد العاملين بالحمام الخاص بالذكور، فصادف ذلك مرور دورية الشرطة التي أوقفته وأحالته على عناصر الدائرة الرابعة عشرة للشرطة، التي كانت تؤمن ساعتها ديمومة الأمن العمومي بالمنطقة الثانية بمكناس.
التحقيقات حينها كشفت أنه بعد تفحص الهاتف المحمول المحجوز وجرد الفيديوهات المصورة المخزنة بذاكرته، تأكد أنها تتوفر على ما مجموعه 19 فيديو و69 صورة لنساء عاريات وشبه عاريات، وهن بصدد تغيير ملابسهن بفناء الحمام المذكور، بالإضافة إلى صور وفيديوهات التقطها من أمكنة أخرى، ضمنها فيديو يظهر امرأة عارية تماما، وآخر يظهر امرأة بصدد الاستحمام.
هتك العرض الإلكتروني في الولايات المتحدة الامريكية
عقوبة "مليونية" لحاخام صوَّر نساء عاريات يغتسلن للصلاة، حيث حصلت نساء كثيرات صوَّرَهن حاخام متلصص من دون علمهن في كنيس في واشنطن، وهن يغتسلن قبل الصلاة، على تعويض قدره 14,25 مليون دولار في إطار اتفاق وقعنه مع أربع منظمات يهودية، ويشمل الاتفاق أكثر من 150 امرأة أثبت التحقيق أن "ب. ف" صورهن وهن عاريات في الغرفة التي أخفى فيها الحاخام المتشدد كاميرا على ما أوضحت المحامية ألكسندرا هاروين لأحد الوكالات الأجنبية.
وحكم على الحاخام العام 2015 بالسجن ست سنوات ونصف السنة على هذه الوقائع، واستمر تلصصه سنوات طويلة قبل أن يكشف أمره، وكان الحاخام نصب الكاميرا في الكنيس الواقع في حي جورجتاون الراقي قرب "الميكفاه"، وهو حوض مخصص للاستحمام في طقوس الطهارة في الديانة اليهودية، وأثارت القضية صدمة في صفوف اليهود في واشنطن، لأن الحاخام فروندل كان شخصية محترمة جداً، حتى انكشاف الفضيحة، وكان يدرس في عدة جامعات في المدينة.
هتك العرض الإلكتروني في ألمانيا
أما في المانيا فجاء تجريم تصوير النساء من تحت الملابس وموتى الحوادث حيث برزت قضية التصوير تحت الملابس على الساحة بعد اتهام رجل بتصوير تحت تنانير وفساتين أكثر من 550 سيدة، وأثارت هذه القضية غضباً عارماً في العالم بعد انتشار هذه الظاهرة في دول كثيرة وعدم تجريمها إلا في دول قليلة من بينها فنلندا ونيوزيلاندا والهند وسكوتلاندا، وبحسب تقارير إخبارية، كانت جهود تجريم هذا الفعل في ألمانيا بدأت بإحدى الطالبات وصديقتها اللتان قامتا بحملة جمع توقيعات للمطالبة بتغيير قانون العقوبات في هذا الشأن.
وعلقت وزيرة العدل الألمانية كريستين لامبرشت على هذا القرار قائلة: إن فعل تصوير الأجزاء الحميمة تحت الملابس لا ينتهك فقط الحقوق الشخصية للنساء، ولكنه أيضاً اعتداء على حقهن في "تقرير المصير الجنسي"، بحسب ما نقل عنها في إحدى البرامج التلفزيونية، وأضافت لامبرشت: "التصوير تحت ثياب المرأة هو تعدً فج على خصوصية جسدها"، وقبل صدور القرار كان التصوير الخفي تحت التنانير أو الثياب يعد فقط مخالفة نظامية يتم تغريم صاحبها مبلغ مالي ضئيل، وهو ما لم يكف لردع من يقومون بهذا الفعل.