"لا نهدف إيذاء المواطن ولازم البرلمان يساعد".. هكذا تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى عن اشتراطات البناء خلال كلمته في افتتاح مشروعات قومية جديدة في بداية شهر مارس خلال هذا العام، أي منذ 4 أشهر – 120 يوما – ومنذ هذا اليوم حتى كتابة تلك السطور يسير البرلمان على قدم وساق، خاصة أعضاء لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، للوصول إلى شكل نهائي لاشتراطات البناء الجديدة التصدي للمخالفات التي تسببت فيها.
ومنذ ذلك الحين - تجتمع لجنة الإدارة المحلية برئاسة النائب أحمد السجيني، لمتابعة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بشأن مواجهة ظاهرة التعديات على الأراضي الزراعية، والتصدي لها إما بالإزالة أو التعامل معها في المهد ومنعها، بهدف الحفاظ على الرقعة الزراعية وتأكيد هيبة الدولة وردع المخالفين، وذلك في ضوء تفعيل العمل بمنظومة المتغيرات المكانية بالمحافظات، وتناقش اللجنة الموقف التنفيذي لمنظومة تراخيص البناء بالوحدات المحلية المختلفة، إلا أن يظل السبب قائما هو انتشار التعديات الناتج عن تعثر إجراءات تراخيص البناء.
اشتراطات البناء الجديدة كيف بدأت وأين انتهت؟
العديد من نواب البرلمان كان لهم دورا بارزا للمشاركة في مناقشات لاشتراطات البناء الجديدة والتصدي للمخالفات التي تسببت فيها خلال الفترة الماضية وعلى رأسهم النائب المهندس ايهاب منصور، وكيل لجنة القوي العاملة بالبرلمان، الذي أكد إن اشتراطات البناء الجديدة تحتاج لإعادة النظر فيها و إجراء تعديلات، وذلك لأنها تتسم بنوع من التعقيدات يعمل علي عزوف المواطنين عن التقدم للحصول علي رخصة البناء واستكمال الأوراق اللازمة لذلك.
وبحسب "منصور" في تصريحات صحفيه – أن وضع العقد المشهر شرطا أساسيا من شروط استصدار رخصة البناء يعد إجراءا إضافيا بجانب اشتراطات البناء التي مطالب المواطن بإستيفائها لحصوله علي الترخيص، لذا هي من الخطوات التي ستجدي بالفائدة ولكن ليس بالوقت الحالي، حيث أن هناك أكثر من 400 ألف فدان من مساحات الأراضي التي يتم فيها أي أعمال بناء حتي الآن، كما أن اشتراطات البناء الجديدة تضمنت قيام المحافظين بدراسة طبيعة الشوارع الرئيسية والمدن بكل محافظة وتحديد ما يناسبها من إجراءات، وردد قائلا: "لهذا ضروري النظر في مسألة قيمة الارتفاعات ومراعاة طبيعة كل محافظة أو مدينة في هذا الشأن".
والنواب يؤكدون: تلك الاشتراطات تسببت في مخالفات كارثية
فيما طالب أعضاء لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، الحكومة بالتنسيق مع النواب لتحقيق المصلحة العليا للوطن، محذرين من عدم التنسيق بين وزارة الإسكان والمحليات لمواجهة التعديات على الأراضي الزراعية، كما وجه النواب انتقادات لوزارة الإسكان بسبب اشتراطات البناء، جاء ذلك خلال اجتماع لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، في منتصف الأسبوع الحالي، برئاسة المهندس أحمد السجينى، لمناقشة عدد من الأسئلة وطلبات الإحاطة بحضور الدكتور أيمن مختار محافظ الدقهلية.
فيما، انتقد عمرو درويش، أمين سر لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، وزارة الإسكان، قائلا: "نائب وزير الإسكان قال لا تراجع عن الاشتراطات البنائية وكأن الوزارة لا تستمع لأحد"، مضيفا: "أطالبهم في وزارة الإسكان أن ينزلوا يشوفوا أثار القرارات في المحافظات، فاشتراطات البناء الجديدة هي سبب من أسباب التعدي على الأراضي الزراعية، والوزارة يجب أن تدرس الأثر التطبيقي لهذه القرارات ومفيش محافظة تؤيد أي قرار اتخذته الوزارة في هذا السياق "، محذرا من إبقاء الوضع على ما هو عليه ومما اسماه انهيار المنظومة.
انتقادات واسعة لاشتراطات البناء الجديدة
واستكمل أمين سر لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب انتقاده بشدة خلال اجتماع لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب قائلا: "الإجراءات التي أعلنتها لجنة وزارة الإسكان تساهم في انتشار الفساد وتدفع المواطنين لطرق الأبواب الخلفية وهذا لا يساعد القيادة السياسية ولا البلد، وذلك بسبب الإجراءات الحالية لا الناس هتخرج من الوادي الضيق، وسيتم البناء بالمخالفة وسيظهر المرتشين والفسدة".
وقال النائب عمرو درويش: "الاشتراطات لا يمكن تطبيقها بهذا الشكل وتجافي الحقيقة، وتعرض المجتمع لأزمات وضيق مستمر، وطالبنا بحل المشكلات بالحوار بدلا من أن نضطر لاستخدام الأدوات الرقابية"، مطالبا وزارة الإسكان بحل المشكلات وقال إنه لابد من التكامل وإنهاء الاحتقان بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية، وتابع: "فتاوى مجلس الدولة أرادت إعطاء متنفس للمواطن وأداء وزارة الإسكان لم يرتق لتوجهات الجمهورية الجديدة".
مجلس الشيوخ يدخل على الخط لسد الثغرات
أما مجلس الشيوخ فكان له هو الأخر دورا بارزا في التصدي للأزمة، ففي غضون 13 يونيو، أكد اللواء خالد السعيد، رئيس لجنة الإسكان والإدارة المحلية بمجلس الشيوخ، إن اللجنة عقدت أكثر من جلسة لمناقشة موضوع الاشتراطات البنائية، وهو حديث الشارع حاليا هو وقانون التصالح في بعض مخالفات البناء، جاء ذلك خلال اجتماع لجنة الإسكان والإدارة المحلية بمجلس الشيوخ، برئاسة النائب اللواء خالد سعيد، لمناقشة اقتراحات برغبة مقدمة من النواب بشأن اشتراطات البناء، بحضور عاصم الجزار وزير الإسكان واللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية.
وتابع: "اللي عامل لغط فى الاشتراطات البنائية، كنا عقدنا جلسات عديدة، وأول شرط هو عقد الرخصة وتسجيله فى الشهر العقارى، فهناك صعوبة فى استخراج ترخيص فى ظل هذا الشرط، وكذلك شرط البناء على 70% من المساحة، معناه أنه لو عندى مساحة 170 متر أبنى على 170، ولو عندى 180 متر أبنى على مساحة 126 متر فقط، بالإضافة إلى حالات أخرى، والنواب مهمومين بهموم المواطن، فعدد التراخيص على مستوى الدولة لا يتعدى أصابع اليد بسبب الاشتراطات والعراقيل"، مؤكدا إن إشراف الجامعات بدلا من الإدارات الهندسية والمحافظات كان عائقا وثبت فشله تماما.
مقترح برغبة بشأن إعادة النظر في بعض اشتراطات البناء
بينما تقدم المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ، ومساعد رئيس حزب الوفد للتخطيط الاستراتيجي، باقتراح برغبة للمستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، موجه إلى كلا من رئيس مجلس الوزراء، ووزير التنمية المحلية، بشأن إعادة النظر في بعض اشتراطات البناء، وذلك بعد أن لاحظ عزوف بعض المواطنين عن استخراج تراخيص البناء على الرغم من وضع منظومة اشتراطات جديدة كان الهدف منها التخفيف عن كاهل المواطنين.
وفند "الجندى" في مقترحه الاشتراطات الجديدة التي تسببت في المخالفات حيث أكد أن الارتفاعات المسموح بها في اشتراطات البناء الجديدة باستثناء المشروعات القومية، فهي عبارة عن دور أرضي وطابقين للعقار، إذا كان عرض الشارع أقل من ثمانية أمتار، وإذا كان عرض الشارع من 8 إلى 12 مترًا يكون ارتفاع المبنى دورًا أرضيًا و3 أدوار، ولو كان عرض الشارع أكبر من 12 مترًا يُسمح بالبناء أرضي و4 طوابق، ويُستثنى من ذلك المباني على الكورنيش والميادين بقرار من المحافظ، بالتنسيق مع المجلس الأعلى للتخطيط.
المعوقات التي تحول دون تحقيق تلك الاشتراطات
وأكد أنه هذه الاشتراطات والمنظومة بشكلها العام كان الغرض منها القضاء على العشوائيات وتقنين عملية استخراج تراخيص البناء، إلا أنه مع الواقع العملي والتطبيق على الأرض اتضح أن هناك عراقيل فى التطبيق تمثلت فى خسارة كبيرة للمواطنين، خاصة وأن المواطن يعتبر أنّ الاشتراطات الجديدة تحمل خسائر مادية، أبرزها الارتفاعات، حتى بل ووصل الأمر إلى أن هناك رغبة من قبل البعض فى التعامل كما كان فى السابق.
وعدّد عضو مجلس الشيوخ، المعوقات التي تحول دون تحقيق تلك الاشتراطات للأهداف المرجوه منها وزيادة العبء على كاهل المواطنين، منها تحديد البناء فقط على ما يقرب من 70% من إجمالي مساحة القطعة السكنية ، ذلك الأمر الذي لا يمكن تطبيقه على مختلف قطع الأراضي خاصة ذات المساحة الصغيرة التي إذا تم تطبيق هذا الشرط عليها لن تكون المساحة المتبقية صالحة لإقامة المبنى من الأساس، وكذلك الارتفاعات في تلك الاشتراطات توجد بها مشكلة كبيرة، فوفق تلك الاشتراطات تكون الارتفاعات حدها الأقصى 16 مترا، ذلك الشرط يهدر بشكل كبير قيمة الأراضي والمشروعات.
وأردف عضو مجلس الشيوخ، من المعوقات أيضا فكرة " النشاط الواحد للمبنى "، بمعنى أن يكون المبنى السكني بالكامل للسكن فقط وليس به أي محلات تجارية، ذلك الأمر الذي لا نجد له سبب أو مبرر وجيه لوجوده كشرط من الاشتراطات، بالإضافة إلى اشتراط إنشاء جراچات في العقارات بشكل عام، ذلك الأمر الذي يُشكل صعوبة بالغة في تطبيقه تحديدا في العقارات ذات المساحات الصغيرة، حيث أن ذلك الشرط فعلياً غير قابل للتطبيق على أرض الواقع وسيواجه الكثير من المشكلات عند تنفيذه، مطالبا في اقتراحه، بإعادة النظر فى اشتراطات البناء للتخفيف عن كاهل المواطنين وفى نفس الوقت تحقيق فلسفة المنظومة الجديدة المتمثلة فى سرعة استخراج التراخيص وتفعيل منظومة الشباك الواحد وإعلاء المصلحة العامة.