دعاوى الحيازة وهي من أكثر الدعاوى حساسية وخطورة لما فيها من مشكلات، ولا يخفى على الكافة مدى ما تثيره منازعات الحيازة في المجتمع المصري الأن من مشكلات، هذه الدعوى التي تحمي حيازة هذه الحقوق العينية، فالمدعي لا يتمسك فيها بحق معين، وإنما يتمسك بحماية الأمر الواقع متمثلاً في الحيازة، والمشرع يضفي حمايته على حيازة هذه الحقوق العينية في ذاتها بصرف النظر عن كون الحائز صاحب حق أو غير صاحب حق، فرافعها يدعي حيازة العقار مطالباً بحمايتها في مواجهة الشخص الذي يعتدى عليها أو ينازعه فيها.
وتعرف الحيازة بأنها وضع مادي ينجم عن أن شخصاً يسيطر سيطرة فعليه على شئ، سواء كان هذا الشخص هو صاحب الحق أو لم يكن، ولكنه في الحالتين يعد حائزاً، وعندما يلجأ الحائز إلى رفع الدعوى فإنه لا يدعي بالحق ذاته كما يظن البعض، بل يدعي أنه صاحب مركز قانوني واقعي، وهو الحيازة، ويجمع الفقه على أن العلة في حماية الحيازة بدعاوى خاصة، ولذا فإن المشرع يضفي حمايته على الحيازة، فتختص السلطة الادارية، وخاصة أجهزة الأمن بوقف اي عدوان حال على الحيازة، هذا فضلاً عن تنظيم حماية القضاء للحيازة حماية موضوعية عن طريق الالتجاء إلى أي من دعاوى الحيازة الثلاث، وحماية وقتية عن طريق النيابة العامة.
كيف تصدى القانون لظاهرة سلب العقار بالقوة والغصب؟
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تهم ملايين المتعاملين في سوق العقارات تتمثل في الحيازة التي تُعد بمثابة دعوى عينية عقارية ترمي إلى حماية وضع اليد على الشيء الذي تقرر لشخص ما على عقار بصرف النظر عن ما إذا كان مالكا أم لا، فضلاَ عن الأنواع الثلاثة للحيازة وشروطها الخمسة، وكيفية حماية الحيازة وقتياً بقرار من النيابة العامة، وذلك في الوقت الذى تُعد فيه الحيازة من مواضيع الساعة، فهى من أهم وسيلة لإثبات الحقوق حيث يفترض القانون أن الحائز هو صاحب الحق، كما أنها قرينة على الملكية، ولهذا يتوجب حمايتها – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض أحمد الجنزورى.
في البداية – موضوع الحيازة يتناول العديد من الإشكاليات الخطيرة والمتعددة المطروحة على الساحة العملية والتي أثارتها مسألة حماية القانون للحيازة ضد الاعتداءات المتكررة من طرف المحتالين والغاصبين الذين يصفون أنفسهم بالملاك أو من طرف غيرهم، فضلاَ عن زيادة أعمال النهب والسلب التي تتعرض لها الحيازة العقارية يومياَ خاصة العقارات المملوكة للدولة، وذلك باستخدام الوسائل المشروعة وغير المشروعة وطرق النصب والاحتيال مما يحتاج إلى دراسة ظاهرة سلب الحيازة بالقوة والغصب والعمل على مكافحتها، وذلك بحماية الحيازة – وفقا لـ"الجنزورى".
تعريفات مختلفة عن الحيازة العقارية
والحيازة كما ذكر في السابق دعوى عينية عقارية ترمي إلى حماية وضع اليد على الشئ الذي تقرر لشخص ما على عقار بصرف النضر عن ما إذا كان مالكا أم لا، وعبارة عن وضع اليد على شئ معين وضعاً مادياً مقروناً بنية التملك، كما يقال على الحيازة أيضا أنها استيلاء فعلى، ومركز قانوني، بمعنى أن الحيازة مثلها مثل استيلاء يقع على شيء، و إنما هي أيضا مركز قانوني ينشأ نتيجة السيطرة المادية علي الشئ، وقد عرفت الحيازة أيضا بأنها: انتفاع الانسان بشيء أو بحق على هذا الشيء، انتفاعا فعلياً ظاهراً فيه باعتباره مالك الشيء أو صاحب الحق عليه، والحيازة في حد ذاتها تعني السيطرة الفعلية لشخص على شيء أو استعماله لحق عيني – الكلام لـ"الجنزورى".
أنواع دعاوي الحيازة:
1 - دعوى استراد الحيازة:
هي من دعاوى الحيازة وهي دعوى موضوعية يتمسك فيها المدعى بحيازته التى سلبت منه طالبا الحكم بإلزام المدعى عليه بتسليم العقار اليه إذا ما وقع الفعل المادي علي عقار، والحيازة هي سيطرة شخص بنفسه أو بواسطة غيره على شيء مادي ظهر عليه بمظهر المالك أو صاحب حق عيني آخر بأن يباشر الاعمال التي يباشرها عادة صاحب الحق.
2- دعوى وقف الأعمال الجديدة:
هي دعوى الحيازة الوقائية التي ترمى الى منع الاعتداء على الحيازة قبل وقوعه فهي تهدف الى الحيلولة دون تمام العمل أو الفعل المادي.
3- دعوى منع التعرض:
هي الدعوى التي يتمسك فيها المدعى بحيازته القانونية والتي يتعرض لها المدعى عليه طالباً الحكم له بمنع هذا التعرض وإزالة مظاهرة.
1ـ أن تكون الحيازة مستمرة وغير منقطعة:
ويتم ذلك بالاستمرار وتوالي أعمال الحيازة بصورة منتظمة دون أن تتخللها فترات انقطاع غير اعتيادية.
2- غير مشوبة بعيب الإكراه:
والإكراه الذي يصيب الحيازة هو الذي يصدر من الحائز عند بدء الحيازة من خلال الغصب والاستيلاء بطرق غير مشروعه على الشيء أو التهديد بالقوة.
3- غير مشوبة بعيب الخفاء:
إذا لم تكن الحيازة ظاهرة أو علنية فهي مشوبة بعيب الخفاء، لأن الحيازة هي الظهور أمام الناس بمظهر صاحب الحق، والخفاء يتحقق أكثر في المنقولات لسهولة إخفائها، اما في العقارات فلا يمكن ان تكون الحيازة خفية.
4- واضحة وغير مشوبة بعيب اللبس أو الغموض:
أي مما لا يحتمل الشك أو التأويل أو تفسير الحيازة بأكثر من وجهه كالمرتهن والوكيل والمستأجر الذي لا يعرف أحدهم أن يريد الاستئثار بالحق لنفسه أو يحوزه لحساب غيره.
5- أن تكون قانونية:
أي توفر الركنين المادي والمعنوي للحيازة كشرط لوجود وتحقق الحيازة المطلوبة قانوناً.
حماية الحيازة وقتياً بقرار من النيابة العامة
تنص المادة 44 مكرر مرافعات على أنه: "يجب على النيابة العامة متى عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة، مدنية كانت أو جنائية، التالي:
1-تصدر فيها قراراً وقتياً مسبباً واجب التنفيذ فوراً بعد سماع أقوال أطراف النزاع وإجراء التحقيقات اللازمة.
2- ويصدر القرار المشار إليه من عضو نيابة بدرجة رئيس نيابة على الأقل.
3- وعلى النيابة العامة اعلان هذا القرار لذوي الشأن خلال 3 أيام من تاريخ صدوره.
4-وفي جميع الأحوال يكون التظلم من هذا القرار لكل ذي شأن أمام القاضي المختص بالأمور المستعجلة، بدعوى ترفع بالإجراءات المعتادة في ميعاد 15 يوماً من يوم اعلانه بالقرار.
5- ويحكم القاضي في التظلم بحكم وقتي بتأييد القرار أو بتعديله أو بإلغائه.
6- وله بناء على طلب المتظلم أن يوقف تنفيذ القرار المتظلم منه إلى أن يفصل في التظلم.
يشار إلى أن مؤدي هذ النص، ونتيجة للتزايد المتتابع في منازعات الحيازة، أنه في حالة ما إذا قام النزاع على الحيازة بين الخصوم وعرض على النيابة العامة، فإنه يتعين عليها أن تصدر فيه قراراً وقتياً مسبباً، وسلطة النيابة هنا لا تمس بأصل الحق وتهدف فقط إلى فض اشكال سريع في منازعة حيازة بإجراءات بسيطة ميسرة.
أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض أحمد الجنزورى