الجمعة، 22 نوفمبر 2024 01:33 م

يسألونك عن "التحريات".. النواة الأولى للتحقيق.. المشرع وصفها بالعمل الإداري لتجميع مجموعة من الأدلة أو الشبهات.. والنقض اعتبرتها وحدها لا تكفي كدليل إدانة.. وخبراء يوضحون شروط فاعليتها

يسألونك عن "التحريات".. النواة الأولى للتحقيق.. المشرع وصفها بالعمل الإداري لتجميع مجموعة من الأدلة أو الشبهات.. والنقض اعتبرتها وحدها لا تكفي كدليل إدانة.. وخبراء يوضحون شروط فاعليتها التحريات - أرشيفية
الإثنين، 25 يوليو 2022 12:00 ص
كتب علاء رضوان

لا مراء أن للتحريات التي يجريها المختصون في المجال الجنائي أهمية لا تخفى، ومن ذلك أثرها الجلي الذي يجد صداه في تكوين عقيدة المحكمة حال الحكم في الدعوى، وكونها عماد جهات التحقيق فيما تقرره من إجراءات التحقيق، إذ تتخذ منها مرفقاً لها في إصدارها كإذون القبض والتفتيش، والتحريات بصفتها وخطورتها تلك تضحى غالباً محلاً للدفع ببطلانها أو عدم جديتها – من قبل المتهم - وصولاً لبطلان إذون القبض أو التفتيش الصادرة بناء عليها، وما يرتبه ذلك من آثار قانونية قد تجعل من البراءة أمراً مقضيا.

 

والحقيقة أن محكمة النقض المصرية أرست مبدأ قضائيا حول التحريات، قالت فيه: "التحريات وحدها لا تكفي كدليل إدانة"، فى الوقت الذي يقطن الآلاف خلف القضبان، بسبب الخطأ فى التحريات أو أن التحريات مكتبية أو ظنية أحد أبرز الدفوع التي يتقدم بها المحامين فى القضايا، حيث أن جرة قلم من مأمور الضبطية القضائية تتسبب أحياناَ بزج أبرياء خلف غيابات السجون، نتيجة "تحريات مكتبية" تُجرى عادة على يد أمناء شرطة وخفراء ومخبرو المباحث، ممن يعتمد عليهم ضباط المباحث فى كتابة محاضر التحريات، وفى النهاية تكون تلك "التحريات فشنك".  

 

ززس

 

كيف أصبحت التحريات النواة الأولى للتحقيق؟

 

وفى هذا الشأن - يقول الدكتور أحمد الجنزورى، أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض، أن التحريات لا تصلح أن تكون دليلاَ حتى لو كانت الدليل على الورق، حيث أن التحريات لا تعبر إلا عن رأى مجريها، والمحكمة لا تأخذ برأيه، بإعتبار أنه لابد أن يساندها أى دليل أخر يدعمه بناءاَ للمادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية، وهى عمل إداري قانوني يتمثل فى تجميع مجموعة من الأدلة أو الشبهات التي تكشف عن ارتكاب المتهم جريمة من الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات، وبعض القوانين الجنائية الخاصة، وأِّما أن تقود رجال الشرطة إلى العثور على أدلة ثبوتية، أو تتوقف عند حد المعلومات الظنية.

 

وبحسب "الجنزورى" في تصريح لـ"برلماني": ولما كانت التحريات أحد عناصر الاستدلال، يتعين على القائم بالتحري أن يكون محضره محاكاة للواقع وألا ينطوى عمله على مخالفة القانون، وألا يبنى على إكراه أو جبر للحصول على ثمة معلومات وأن يثبت جميع إجراءاته فى محضر يعرضه على سلطة التحقيق، حيث تلعب التحريات دوراً هاما في تحريك الدعوى بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة، حيث تهيؤ ﻟﻤصدر ﺩليل ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ، وﺗﻌﺎﺿﺪ ﻭﺗﺆﺍﺯﺭ ﺩﻟﻴﻼً ﻳﺘﺰﺍﻣﻦ ﻣﻌﻬﺎ، إلا أنها ليست لها ﺣﺠﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺪت ﻣﻨﻔﺮﺩة لا ﻳﻌﺰﺯها ﻭﻳﺆﺍﺯﺭها مضمونها.  

 

11

 

المشرع وصفها بالعمل الإداري لتجميع مجموعة من الأدلة أو الشبهات

 

ووفقا لـ"الجنزورى": من حق المحبوس الذى يتم تبرئته أن يقيم دعوى تعويض على وزارة الداخلية نتيجة لخطأ الضابط الذى يعمل بالوزارة في إجراء التحريات ما نتج عنه حبس متهم برىء، مشيراَ إلى أنه فى حالة صدور حكم البراءة من ضمن الاستثناءات طلبات التعويض عن الحبس الاحتياطي تكون 5 جنيهات تعويض عن اليوم الواحد، وطالما كان الأصل فى الأحكام القضائية أنها تُبنى على الأدلة التي يقتنع بها القاضي فى إدانة المتهم أو براءته مستقلا بذاته فى تحصيل العقيدة عن ما يجريه من تحقيق وأن يعول على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة مادامت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلا على ثبوت التهمة.  

 

 

بينما وصف محمد رشوان، الخبير القانوني والمحامي، التحريات المكتبية بأنها "مفتاح الفتن"، مؤكداَ أن محكمة النقض قالت عنها منذ أكثر من 150 سنه أنها مجرد رأى لا تعبر لا عن رأى مجريها، أى أنها مهما وصلت لا تجاوز الرأى، وأنها لا تصلح أبداَ أن تكون دليل بذاتها ولا يصح التعويل عليها وحدها أبدا في حكم الإدانة، وأنها بل تخطت محكمة النقض ذلك بأن قررت أن التحريات تعرف بأنها الشهادة السيئة والمشبوهة حيث أن لصاحبها مصلحة فى إدانة المتهم والمعارضة لمبدأ الأصل فى الإنسان البراءة لذلك احيطت قانونا بشروط عديدة.

 

رئيسية 1

 

ومحكمة النقض اعتبرتها وحدها لا تكفي كدليل إدانة

 

وأضاف "رشوان" فى تصريحات خاصة، أنه يلزم أن تكون جدية ومستغرقة للوقت الكافي ولا تتعارض مع الواقع والأدلة ولابد أن تكون كافية كفاية تدل على أنها أُقيمت على أسس سليمة وأن تشرح الواقعة وتميز مرتكبها تمييزا دقيقا لا لبس فيها، مؤكداَ أن التحريات هو ذلك الإجراء الذى كانت ومازالت النيابة تطلبه من مأمور الضبط وجهات البحث لاكتشاف حقيقة واقعة معينة ومن يقف خلفها وأسبابها ورأى جهة الضبط فيها، وردد قائلا: "للأسف منذ زمن ليس ببعيد تحولت التحريات الى الدليل الوحيد ضد متهم والسبب الوحيد لحبسه وتوارت المبادئ التي قررتها محكمة النقض عندها".

 

 

فيما يقول وحيد الكيلاني المحامي، إن التحريات التي يقوم بإجرائها ضباط المباحث والجهات الشرطية، ولا يجوز أن يعول عليها في الدليل الجنائي لأنها تكون مجموعة من الأدلة والقرائن التي يستقيها الضباط، إما من مصادر غير موثوق فيها من المصادر الخاصة للضباط، مؤكداَ أنه دائما المصدر السري هم المرشدين وهؤلاء إما من أرباب السوابق الذين يعرضون خدماتهم للضباط وأحيانا يكيدون للمتهمين لمحاولة فرض سيطرتهم علي المناطق التي يمارسون فيها نشاطهم الاجرامي، أو أن تكون تلك التحريات مصدرها رجال البحث من المخبريين السريين وهي نتاج جلسات مع العامة يجوز أن تؤثر فيهم إشاعة أو معلومة خاطئة.  

 

دد

 

وخبراء يوضحون متى تكون "قانونية" ومتى تصبح "فشنك" 

 

وأضاف "الكيلانى" فى تصريحات خاصة: أن القاضي في المواد الجنائية إنما يستند في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده ولا يصح أن يؤسس حكمه على رأى غيره، وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بإعتبارها معززه لما ساقته من أدلة ما دامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت الجريمة، وخلافاً مما جرى عليه العرف بعدم إلزام مجرى التحريات بالإفصاح عن مصادره السرية التي استقى منها معلوماته، أنه فى حال تضمن التحريات لإحدى المعلومات المؤداه للإدانة والعقوبة، فلا بد أن يكون مصدرها معلومًا وتساندها أدلة سواء كانت فيديوهات أو شهودا أو مستندات أو تسجيلات أو خلافه، مما يعزز التحريات وتطمئن إليه المحكمة عند الفصل في الدعوى.

 
زز
 

 

 

موضوعات متعلقة :

الامتناع عن أداء النفقة بين التجريم والتحريم 8 عناصر وضعها المشرع تكشف عن الجُرم أبرزها إجراءات تقديم الشكوى.. العقوبة تصل للحبس والغرامة.. وتوصيات بتعديل تشريعي للخروج من الأزمة

يسألونك عن تسجيل العقارات هل التسجيل بالشهر العقاري فقط ينقل الملكية في التصرفات العقارية؟.. المشرع أعطى لمحكمة الموضوع التصدي لصورية العقد دون دفع الخصوم.. ونقل الملكية بشرطين

كيف تصدى القانون لـ"غش التفويلة"؟.. المشرع اعتبر البنزين والسولار من السلع الجبرية التسعير.. ووضع له القانون رقم 163 لسنة 1950.. وعقوبة التلاعب تصل للحبس 5 سنوات والغرامة

عن الشريك في الجرم.. هل يصح الاشتراك في الجريمة بالمساعدة بسلوك سلبي؟.. تباينت الأراء الفقهية بين الاشتراك من عدمه.. و3 أمثلة وضعها المشرع تحديد وسائل الاشتراك في الجريمة.. ومحكمة النقض تتصدى للأزمة

خناقات شوي اللحمة في السطح صاحب البيت منع "المستأجر".. ما الحل؟.. المشرع تصدى لأزمة المرافق بين الطرفين.. أعطى المستأجر حق الأسطح والمناور.. وحدد طريقين حال فرض السيطرة


الأكثر قراءة



print