حدد المشرع في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية طائفة من الجرائم التي لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية فيها إلا بناء على شكوى شفاهية أو كتابية من المجني عليه أو وكيله الخاص ومن هذه الجرائم الزنا والقذف والسب – إذ نصت الفقرة الثانية منها على أنه: "لا تقبل الشكوى بعد 3 أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها"، ثم نصت المادة الـ 10 على أن للمجني عليه التنازل عن شكواه ويترتب على التنازل انقضاء الدعوى الجنائية.
ومسألة التنازل عن الشكوى من صاحب الحق فيها يترتب عليه بحكم الفقرة الأولى من المادة العاشرة من قانون الاجراءات انقضاء الدعوى الجنائية ومتى صدر هذا التنازل ممن يملكه قانوناً يتعين إعمال الآثار القانونية له، كما لا يجوز الرجوع فيه ولو كان ميعاد الشكوى ما زال ممتداً لأنه من غير المستساغ قانوناً العودة للدعوى الجنائية بعد انقضائها، إذ الساقط لا يعود كما هو متعارف عليه من الناحية القانونية الأمر الذي يحتم علينا إعمال الأثر فيه.
هل يجوز عدول المجني عليه عن التنازل عن شكواه؟
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في الإجابة على السؤال.. هل يجوز عدول المجني عليه عن التنازل عن شكواه؟ أو بمعنى أدق إذا كان تقديم المجني عليه لشكواه ثم تنازله عنها، ثم عدوله عن هذا التنازل في خلال مدة الثلاثة أشهر ينتج أثره في صح تحريك الدعوى أو بالأحرى هل يجوز للمجني عليه العدول عن تنازله عن الشكوى السابق تقديمها طالما كان في المدة المحددة لتقديم الشكوى؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض عبد الرحمن عبد الباري الشريف.
في البداية - لما كانت المادة 312 من قانون العقوبات تنص على أنه: "لا تجوز محاكمة من يرتكب سرقة إضراراً بزوجه أو زوجته أو أصوله أو فروعه، إلا بناء على طلب المجني عليه، وللمجنى عليه أن يتنازل عن دعواه بذلك فى أية حالة كانت عليها، كما أن له أن يوقف تنفيذ الحكم النهائى على الجانى فى أى وقت شاء"، وكانت هذه المادة تضع قيداً على حق النيابة العامة فى تحريك الدعوى الجنائية، يجعله متوقفاً على طلب المجنى عليه الذى له أن يتنازل عن الدعوى الجنائية بالسرقة فى أية حالة كانت عليها، كما تضع حداً لتنفيذ الحكم النهائى على الجانى، بتخويلها المجنى عليه حق وقف تنفيذه فى أى وقت يشاء، وإذ كان التنازل عن الدعوى من صاحب الحق فى الشكوى يترتب عليه انقضاء هذا الحق – وفقا لـ"الشريف".
المشرع وضع قاعدة انقضاء الدعوى الجنائية حال التنازل
وبالتالي انقضاء الدعوى الجنائية وهى متعلقة بالنظام العام، فإنه متى صدر التنازل ممن يملكه قانوناً يكون للمتنازل إليه أن يطلب فى أى وقت إعمال الأثار القانونية لهذا التنازل، ولا يجوز الرجوع فى التنازل ولو كان ميعاد الشكوى ما زال ممتداً، لأنه من غير المستساغ قانوناً العودة للدعوى الجنائية بعد إنقضائها، إذ الساقط لا يعود، وإذ ما كانت العله مما أورده الشارع من حد وقيد بالمادة 312 سالفة الذكر، إنما هو الحفاظ على الروابط العائلية التي تربط بين المجنى عليه والجاني، فلزم أن ينبسط أثرهما على جريمة الإتلاف لوقوعها كالسرقة إضراراً بحق أو مال من ورد ذكرهم بذلك النص – الكلام لـ"الشريف".
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لهذه الأزمة في الطعن المقيد برقم الطعن رقم 10445 لسنة 64 جلسة 9 مارس 2000 حيث عرض الأمر على محكمة النقض بشأن جريمة زنا ورأت وبحق أن التنازل عن الشكوى في جريمة الزنا يرتب انقضاء الدعوى الجنائية وهو تنازل بات لا يجوز الرجوع فيه ولو كان ميعاد الشكوى ما زال ممتدا إذ لا عوده إلي دعوي انقضت.
وقالت المحكمة: أن التنازل عن الشكوى من صاحب الحق فيها يترتب عليه بحكم الفقرة الأولى من المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية انقضاء الدعوى الجنائية ومتى صدر هذا التنازل ممن يملكه قانوناً يتعين إعمال الآثار القانونية له، كما لا يجوز الرجوع فيه ولو كان ميعاد الشكوى ما زال ممتدا، لأنه من غير المستساغ قانوناً العودة للدعوى الجنائية بعد انقضائها، إذ الساقط لا يعود، فإن الدعوى الجنائية في الواقعة المطروحة تكون قد انقضت بالتنازل عنها قبل رفعها من النيابة العامة دون أن ينال من الانقضاء العدول عن التنازل اللحاق لحصوله.