تطورات متلاحقة تشهدها العراق، وشبح الحرب الأهلية أصبح أقرب من أى وقت مضى بعد أن تصاعدت حدة الاتهامات بين التيارات السياسية، واحتكام كل طرف إلى الشارع واللجوء لتنظيم مظاهرات ومظاهرات مضادة، ما يوحى بصدام وشيك يدفع ثمنه العراقيون من جديد.
وكانت الانظار تتجه نحو يوم السبت، حيث أعلن مقتدى الصدر زعيم التيار الصدرى عن تنظيم مليونية للمطالبة بحل البرلمان العراقى واجراء انتخابات مبكرة، وسرعان ما دعا الإطار التنسيقى التيار السياسى المضاد للصدر بتنظيم مظاهرة حاشدة فى نفس اليوم، الأمر الذى أثار مخاوف الجميع من صدامات حتميه بين أنصار كل تيار.
وتجاوبا مع المخاوف أعلن مقتدى الصدر، تأجيل التظاهرات المرتقبة يوم السبت المقبل، حتى إشعار آخر، حقنًا للدماء، بعد إعلان الإطار التنسيقى تنظيم مظاهرات مضادة فى نفس اليوم.
وأوضح الصدر فى بيان نشره عبر تويتر، "مستمرون بالإصلاح ومستمرون بالثورة ضد فسادكم أيها الفاسدون، وسياستكم بالتشبه بخطواتنا دليل على إفلاسكم والإصرار على فسادكم، وإن كنتم تراهنون على حرب أهلية فأنا أراهن على حفظ السلم الأهلى، وإن الدم العراقى غال بل أغلى من كل شيء، وسيبقى الشعب على اعتصامه حتى تحقيق مطالبه".
وأضاف الصدر: "أعلن تأجيل موعد تظاهرة يوم السبت إلى إشعار آخر، لكى أفشل مخططاتكم الخبيثة، ولكى لا أغذى فسادكم بدماء العراقيين الذين راح الكثير منهم ضحية لفسادكم وشهواتكم، ولكى تبقى قيادات الفساد تعيث فى الأرض فسادًا".
وشدد الصدر خلال البيان، بأنه على الثوار الحفاظ على سلمية الاحتجاجات، والحفاظ على دمائهم ودماء القوات الأمنية والحشد الشعبى.
وبعد أن حمل الصدر القضاء العراقى مسئولية حل البرلمان ومنحه مهلة حتى نهاية الأسبوع، أعلن مجلس القضاء الأعلى فى العراق، أنه لا يملك صلاحية حل مجلس النواب، وأضاف أن مهام مجلس القضاء تتعلق بإدارة القضاء فقط، وليس من بينها أى صلاحية تجيز للقضاء التدخل بأمور السلطتين التشريعية أو التنفيذية تطبيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية الوارد فى الدستور.
وفى الوقت نفسه، اتفق مجلس القضاء الأعلى مع موقف الصدر فى تشخيص سلبية الواقع السياسى الذى يشهده العراق، والمخالفات الدستورية المستمرة المتمثلة بعدم اكتمال تشكيل السلطات الدستورية بانتخاب رئيس للجمهورية ورئيس مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة ضمن المدد الدستورية.
وطلب مجلس القضاء الأعلى فى بيانه من الجهات السياسية والإعلامية عدم زج القضاء فى الخصومات والمنافسات السياسية، مؤكداً أن القضاء يقف على مسافة واحدة من الجميع.
وتنص المادة 64 من الدستور العراقى على أن حلّ مجلس النواب يتمّ بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية.
ووضع الإطار التنسيقى الذى يضم القوى السياسية الشيعية فى العراق باستثناء التيار الصدرى، أربعة شروط للموافقة على طلب التيار الصدرى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.
الشروط التى خلص إليها اجتماع قادة الإطار التنسيقى الليلة الفائتة هي: "الأول أن تكون هناك حكومة منتخبة تحت قبة البرلمان العراقى بمرشح الإطار، والانتهاء من حكومة تصريف الأعمال".
أما الشرط الثانى فيتمثل، بحسب وكالة “شفق نيوز” بضرورة تغيير قانون الانتخابات والمفوضية نزولا عن قرار المحكمة الاتحادية، والشرط الثالث يفضى بالذهاب لعقد جلسة للبرلمان لمناقشة الحلول الدستورية والواقعية للنظر بمطلب حل البرلمان والانتخابات وسقف الحكومة الانتقالية.
وجاء فى الشرط الرابع بحسب مصادر الوكالة، ضرورة حصول الإجماع الوطنى لاتخاذ قرار حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة وفق توقيتات محددة.
وبين مطالب حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة ومطالب آخرون باستمرار عمل البرلمان واستكمال الاستحقاقات الدستورية، سيظل الشارع العراقى محتقن حتى التوصل لحل الانسداد السياسى.