أصدرت الدائرة المدنية "ج" - بمحكمة النقض - حكما في غاية الأهمية بشأن الرسوم القضائية، يوفر ملايين الجنيهات للمتقاضين وقت تقدير الرسوم فى منازعات صورية عقود البيوع الصادرة بين الآباء والأمهات والأبناء حال اعتبارها كوصية مضافة لما بعد الوفاة، قالت فيه:
"تقدير الرسوم القضائية فى دعوى صورية عقد البيع لكونه وصية مضافة لما بعد الوفاة يقدر عليها رسم ثابت وليس رسم نسبى، لأنها تتعلق بتحديد القانون الواجب التطبيق وهى أحكام الوصية وليس القانون المدنى، وبالتالى فهى ليست فى هذه الحالة بطلان مطلق إذ أنها هنا صورية نسبية من هذا الوجه وليست صورية مطلقة".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 10069 لسنة 89 قضائية، لصالح المحامى أحمد أبو المعاطى جمعه، برئاسة المستشار الدكتور فتحى المصرى، وعضوية المستشارين سالم سرور، وجمال عبد المولى، وعدلى فوزى، ومحمود الدخميسى، وبحضور كل من رئيس النيابة عرفة عبد الفتاح، وأمانة سر عزت خميس.
الوقائع.. نزاع حول الرسوم القضائية
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنين عارضوا في أمرى تقدير الرسوم القضائية في الدعوى رقم 7733 لسنة 2011 مدنى شمال القاهرة الابتدائية برقمى 4257، 4244 لسنة 2013/ 2014 الأول – الرسم النسبى – بمبلغ 14830 جنيها والثانى – رسم خدمات – بمبلغ 7415 جنيها، وذلك بموجب تقرير في قلم كتاب تلك المحكمة بطلب الحكم أصليا بإلغائهما بتخفيض تلك الرسوم تأسيسا على أن الحكم الصادر بشأنه أمرى التقدير سالفى البيان طعن عليه بطريقى النقض والتماس إعادة النظر، والمغالاة في التقدير، ولأن دعوى الصورية يقدر عنها رسم ثابت وليس نسبى.
وفى تلك الأثناء – ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت بتعديل أمرى التقدير ليكون الأول مبلغ 14737،75 جنيها والثانى مبلغ 736،375 جنيها، ثم استأنف الطاعنين هذا الحكم بالاستئناف رقم 10839 لسنة 22 قضائية القاهرة، وبتاريخ 19 مارس 2019 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثانى والثالث بصفتيهما، وأبدت رأيها في موضوع الطعن برفضه.
حكم يوفر ملايين الجنيهات للمتقاضين
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت أن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقولون أن الدعوى رقم 7733 لسنة 2011 مدنى شمال القاهرة الابتدائية الصادر بشأنها أمرى تقدير الرسوم المعارض فيهما أقيمت وفقا للطلبات الختامية فيها بطلب الحكم ببطلان عقد البيع المؤرخ 1 يناير 1995 وعدم نفاذه في مواجهة المدعيات فيها لصوريته وأن سبب تحريره هو التحايل على قواعد الإرث.
وتابعت مذكرة الطعن: لما كانت تلك الطلبات لا تتعلق ببطلان العقد، وإنما تتعلق بصوريته، ومن ثم فإنها ليست من الطلبات التي أورد المشرع قاعدة لتقريرها في المادة 75 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، وبالتالي تكون الدعوى بطلباتها مجهولة القيمة ولا يستحق عليها سوى رسما ثابتا، وهو ما تمسكوا به أمام محكمة الموضوع – إلا أن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه لم يحط بدفاعهم وأقام قضاءه بتعديل أمرى التقدير على سند من أن الطلبات في الدعوى موضوع أمرى التقدير عملا بنص الفقرتين الثالثة والسادسة من المادة 75 من قانون الرسوم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
النقض: تقدير الرسوم القضائية فى دعوى صورية عقد البيع يقدر عليها رسم ثابت وليس نسبى
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعى في محله، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 90 لسنة 1944 المعدل بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1964 على أنه: "يفرض في الدعاوى معلومة القيمة رسم نسبى حسب النفقات الأتية:........، ويفرض في الدعاوى مجهولة القيمة رسم نسبى كالآتى:.........، ويكون تقدير الرسم في الحالتين طبقا للقواعد المبينة في المادتين 75، 76 من هذا القانون، وكان النص في المادة 75 منه على أنه: يكون أساس تقدير الرسوم النسبية على الوجه الأتى:1-............،2-............، 3- في دعاوى طلب الحكم بصحة العقود أو إبطالها أو فسخها تقدير قيمتها بقيمة الشئ المتنازع فيه، وهذا وقد نصت المادة 76 من ذات القانون على بعض أنواع الدعاوى مجهولة القيمة إلا أن هذه الدعاوى وردت على سبيل المثال لا الحصر.
وبحسب "المحكمة": وكان مؤدى هذه النصوص أن الأصل في الدعاوى طبقا لقانون الرسوم القضائية أنها ملهومة القيمة ولا يخرج عن هذا الأصل إلا الدعاوى التي ترفع بطلب غير قابل للتقدير، فتعتبر مجهولة القيمة، ولا تعتبر كذلك إلا إذا كان المطلوب فيها مما لا يمكن تقديره طبقا لأية قاعدة من قواعد تقدير الدعاوى التى أوردها المشرع في هذا القانون، وهو ما يدل على أن المشرع قد وضع قاعدة يعمل بها في نطاق تقدير الدعاوى في قانون الرسوم القضائية عند احتساب نوع وقيمة الرسم المستحق عليها مغايرة في ذلك القاعدة التي يعمل بها في تقدير قيمة الدعاوى في مجال تطبيق قانون المرافعات، وصولا لتحديد الاختصاص القيمى للمحاكم، وهى الواجبة باعتبار أن قانون الرسوم القضائية قانون خاص فتطبق أحكامه فيما نص على تنظيمه دون أحكام قانون المرافعات باعتباره القانون العام.
الحيثيات: مرتبطة بأحكام الوصية وليس القانون المدنى
ووفقا لـ"المحكمة": وعلى ذلك فإنه طبقا لقانون الرسوم القضائية فإن الدعوى تكون معلومة القيمة إذا كان يمكن تقدير قيمتها طبقا للقواعد المنصوص عليها بالمادة 75 منه، وبالتالي يستحق عليها رسوم نسبية وفقا للفرة الأولى من المادة الأولى من هذا القانون، أما إذا كان لا يمكن تقديرها طبقا لهذه القواعد فإنها تكون مجهولة القيمة ويفرض عليها رسم ثابت وفقا للفرة الثانية من هذه المادة، وأن العبرة في تقدير الرسوم القضائية بقيمة الدعوى يوم رفعها حسب الطلبات الختامية فيها لا الطلبات السابقة عليها التي تضمنتها صحيفتها.
ولما كان الثابت من الأوراق أن الطلبات الختامية في الدعوى الصادر بشأنها أمرى تقدير الرسوم المعارض فيهما هي الحكم ببطلان عقد البيع المؤرخ 1 يناير 1995 وعدم نفاذه في مواجهة المدعيات فيها لصوريته وأن سبب تحريره هو التحايل على قواعد الإرث، وكان تكييف هذه الدعوى – في حقيقتها وبحسب المقصود منها ومرماها – أنها دعوى بطلب تقرير صورية عقد البيع سالف الذكر صورية نسبية، وذلك بصرف النظر عن المسمى الذى وصفت به من أنها دعوى بطلب بطلان هذا العقد بطلب عدم نفاذه ذلك أن محكمة الموضوع ملزمة في كل حال بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها وهذه مسألة قانونية تخضع فيها للمحكمة لرقابة محكمة النقض، ومن ثم فهى لا تعد من الدعاوى التي أرود المشرع قاعدة لتقدير قيمتها في المادة 75 من قانون الرسوم القضائية، فتكون مجهولة القيمة ويستحق عليها رسم ثابت فقط، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر تلك الدعاوى معلومة القيمة ورتب على ذلك قضاءه بتعديل أمرى التقدير فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.