أرقام وإحصائيات كشفت عنها لجنة "تضامن النواب"، بالأمس، أثناء مناقشة طلب الإحاطة المقدم من النائبة رشا أبو شقرة، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بشأن خطط وزارة التضامن الاجتماعي للحد من ظاهرة التسول، تلك الظاهرة التي تؤرق الدولة رغم المجهودات المضنية المبذولة للقضاء عليها، خاصة وأن المشرع لم يقترب من عقوبة "المتسول" التي تصل للحبس شهرين منذ عام 1933 وهو الأمر الذى يحتاج إلى تدخل تشريعى عاجل.
تلك الأرقام رصدت أن أحد أبرز المشكلات التي تواجه الإدارة العامة للدفاع الاجتماعي بوزارة التضامن الاجتماعي هي عدم قدرة الوزارة بأخذ رأي الطفل أو الكبير بلا مأوى في اصطحابه من عدمه باعتبار أنها ليست جهة إجبار فالطفل من 7 سنوات حتى 18 سنة يتم وضعهم في مؤسسات ودور تخص الطفل، والأشخاص أكبر من 18 سنة في دار رعاية الكبار بلا مأوى، وهناك 24 مؤسسة فتيان و8 مؤسسات فتيات، بالإضافة إلى المؤسسات الأهلية، والطاقة الاستيعابية حدود 2500 طفل، وموجود فيها 1271، وبالنسبة لمؤسسات الكبار بلا مأوى فيها 578 شخصا، و196 رجل وسيدة في المؤسسات الأهلية، والسعة الاستيعابية 800، وفيها حوالي 774، وجهاز وظيفي وأخصائيين نفسيين ومشرفين، وبرامج رعاية اجتماعية ودمج، وفتيات يتم زواجها.
"البرلمان × مواجهة المتسولين"
وآخر إحصائية أعدها المجلس القومي للبحوث الاجتماعية، كان العدد يزيد عن 35 ألف بلا مأوى، وفي الإحصاء الأول عام 2017 تم استبعاد فئات مثل بائعي المناديل وأصحاب الاضطرابات، وتم تقسيم الأطفال إلى 4 مجموعات، فئة فاقدي الرعاية الأسرية، فئة المعرضين للخطر، فئة الأطفال في وضعية الشهود والمبلغين، فئة معرضين لجرائم في نزاع مع القانون، وهناك لجنة الرعاية الاجتماعية ولجنة حماية المرأة، و165 مقرا للمسنين، والمشكلة فيمن يأتي بالطفل، وأوصت اللجنة بإعادة دراسة مشروع قانون تجريم التسول رقم 49 لسنة 1933 والذي يتضمن عدد 8 مواد.
وفى الحقيقة - تلك الظاهرة لا تختص ببلاد أو شعوب معينة، ولكنها أصبحت ظاهرة عالمية "عابرة للقارات" في كل البلاد سواء كانت فقيرة أم غنية، ومع بداية الأعياد والمناسبات تنتشر الظاهرة بشكل فج في الشوارع والميادين وأمام المحلات والمساجد والكنائس ودور العبادة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أصبح "الشحاتين" يصعدون العمارات ويطرقون الأبواب، ما يشكل جريمة على المستوى الاجتماعي وجريمة في حق المجتمعات نتيجة انتشارها.
كيف تصدت التشريعات العربية لجريمة "الشحاتة"؟
في التقرير التالي، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في كيفية مواجهة التشريعات والقوانين العربية لتلك الظاهرة، وذلك في الوقت الذى أصبحت فيه مسألة "الشحاتة" لم تعد حالة استثنائية، حيث إنه - بحسب آخر الإحصائيات التي نشرها مركز مكافحة الجريمة في هذا الشأن - هناك ملايين المتسولين على مستوى العالم سواء من العواجيز أو الشباب "رجال – نساء – أطفال" يجوبون الشوارع لجنى الأموال بطرق شتى بعيدة عن العناء والمشقة، كما أنها تمتاز بالربح السريع، مع تعاطف عدد كبير من المارة في الشارع معهم بسبب أعمارهم السنية المتقدمة أو المتأخرة، وهو ما تم كشف الستار عنه في بعض الوقائع الشهيرة التي ضبطت بواسطة وزارة الداخلية، فضلاَ عن غياب الوازع الديني – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض رجب السيد قاسم.
في البداية – تعريف التسول أو "الشحاتة" هي استجداء الناس في الشوارع والطرق العامة، وذلك عن طريق استخدام عدة وسائل لإثارة شفقتهم، وهي تعد من أخطر الأمراض الاجتماعية المنتشرة التي لا يسلم منها مجتمع، الأمر الذي حرصت التشريعات على مواجهته بشتى الطرق، والإسلام الحنيف حارب ظاهرة "الشحاتة" أو التسول ونهى عن سؤال الناس، وعن الصدقات ومستحقيها قال تعالى: "لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" البقرة 273، ولأجل ذلك تصدت التشريعات والقوانين العربية وعلى رأسها مصر لهذه الظاهرة المشينة التى تعمل على تشويه المنظر الحضاري لأى مجتمع – وفقا لـ"قاسم".
موقف المشرع المصرى من جريمة التسول
وردت عقوبات جريمة التسول فى عدة نصوص فى القانون 49 لسنة 1933 وتشمل 8 مواد لمعاقبة مرتكبها، وهي كالتالي – الكلام لـ"قاسم":
مادة 1: يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز شهرين لكل شخص صحيح البنية ذكرا أو أنثى يبلغ 15 عاما أو أكثر، ضُبط متسولا فى الطريق العام، أو أمام إحدى المحال العمومية، وتظاهر بأداء خدمة للغير أو عرض ألعاب أو بيع أى شئ، وقد رفع القانون 31 لسنة 1974 السن بشأن "حديثى السن" إلى 18 عاما، ويسرى القانون المذكور على كل من وجد متسولا ولم يبلغ 18 سنة كاملة.
مادة 2: يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز شهرا، كل شخص غير صحيح البنية، وجد متسولا فى مدينة بها ملاجئ كان التحاقه بها ممكننا، وجاءت المواد 3، و4، و5 من القانون لتنص على انه: "كل من يتصنع الإصابة بجروح أو عاهات أو أى وسيلة غش بغرض كسب تعاطف الجمهور والتسول، أو وجد بحوزته أشياء تزيد على مائتى قرش ولا يستطيع إثبات مصدرها، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز 3 شهور".
وحددت المادة 6 شقين لعقوبة المسئول عن "تسريح المتسولين" حيث نصت على: "حبس كل من أغرى حدثا – عمره أقل من 18 سنة - بالتسول، مدة لا تتجاوز 3 شهور، وإذا كان المتهم وليا على الصغير، يعاقب بالحبس من 3 شهور إلى 6 شهور"، وفى حالة العودة لممارسة التسول، يعاقب المتهم بالحبس مدة لا تجاوز سنة، بحسب المادة 7 من القانون، كما تنص المادة 8 على أنه بعد الحكم على المتسول غير صحيح البنية، يأمر القاضي بإدخاله الملجأ بعد تنفيذ العقوبة.
موقف المشرع السودانى من جريمة التسول
ينص قانون مكافحة التسول فى السودان على سجن المتسول مدة لا تتجاوز شهر مع الغرامة 3 آلاف جنيه لمن يرتكب جريمة التسول، فيما نصت المادة "16/3 / ب" على سجن المتسول مدة لا تتجاوز شهرين مع الغرامة بما لا يتجاوز 6 آلاف جنيه لكل متسول يتصنع الاصابة بجروح او عاهات أو أى وسيلة أخرى من وسائل الغش لاكتساب عطف الجمهور.
كما يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز 3 أشهر مع الغرامة بما لا يتجاوز 10 آلاف جنيه لكل من يدير أو يحرض أو يغرى أو يستخدم شخصا بغرض التسول إذا كان ذلك الشخص ذا قوامة أو سلطة على المتسول يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز 4 أشهر مع الغرامة بما لا يتجاوز 10 ألاف جنيه، وفى حالة العودة يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز 6 أشهر مع الغرامة بما لا يتجاوز 20 ألف جنيه.
ونصت المادة 16/4 على ابعاد المتسول الأجنبي عن البلاد بالتنسيق مع الجهات بعد استيفاء العقوبات المنصوص عليها فى القانون، وفى حال عودته بعد ترحيله أو قام المتسول بإحضار شخص سبق ترحيله ثم إرتكب جريمة التسول يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة والغرامة بما لا يتجاوز عن 30 ألف جنيه.
موقف المشرع الليبى من جريمة التسول
نصت المادة 475 عقوبات الليبي: "كل من تسول فى محل عام أو مفتوح للجمهور بطريقة منفرة أو مزرية أو باختلاق مرض أو عاهة أو باستعمال الشعوذة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر".
موقف المشرع العماني من جريمة التسول
وردت العقوبات على جريمة التسول في الباب الحادي عشر من قانون الجزاء العماني وفق ما يلي:
-المادة 312/6: "التسول فى محل عام أو مباح للجمهور سواء بالتظاهر بالمرض أو بالظهور بصورة زرية أو باستعمال الشعوذه".
-يعاقب بالسجن التكديرى أو الغرامة من ريال الى خمسة ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أقدم على:
-كما ورد بالمادة 217: "يعاقب بالسجن من 3 أشهر إلى سنة كل من طرح أو سيب ولداً دون السابعة من عمره أو أى شخص آخر عاجز عن حماية نفسه بسبب حالة جسدية أو نفسية أو الجأه إلى التسول والاستجداء".
موقف المشرع اليمنى من جريمة التسول
وقد نصت المادة 203 عقوبات اليمنى: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر من اعتاد ممارسة التسول في أي مكان إذا كان لديه أو إمكانه الحصول على وسائل مشروعة للتعيش وتكون العقوبة الحبس الذي لا يزيد على سنة إذا رافق الفعل التهديد أو ادعاء عاهة أو اصطحاب طفل صغير من غير فروعه".
موقف المشرع الجزائري من جريمة التسول
نصت المادة 195 عقوبات جزائري: "يعاقب بالحبس من شهر إلى 6 أشهر كل من اعتاد ممارسة التسول في أي مكان كان وذلك رغم وجود وسائل التعيش لديه أو إمكانه الحصول عليها بالعمل أو بأي طريقة مشروعة أخرى".
موقف المشرع العراقي من جريمة التسول
عاقبت المادة 390 عقوبات المتسول وفق ما يلي:
- يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر واحد ولا تزيد على 3 أشهر كل شخص اتم الـ 18 سنة من عمره وجد متسولا فى الطريق العام أو فى المحلات العامة أو دخل دون اذن منزلا أو محلا ملحقا به لغرض التسول.
- تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة إذا تصنع المتسول الاصابة بجروح أو عاهة أو استعمل آية وسيلة أخرى من وسائل الخداع لكسب احسان الجمهور أو كشف عن جرح أو عاهة أو الح في الاستجداء.
- إذا كان مرتكب هذه الافعال لم يتم الـ 18 من عمره تطبق بشأنه احكام مسؤولية الاحداث في حالة ارتكاب المخالفة.
موقف المشرع المغربي من جريمة التسول
الفصل 326: يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر من كانت لديه وسائل التعيش أو كان بوسعه الحصول عليها بالعمل أو بأية وسيلة مشروعة، ولكنه تعود ممارسة التسول فى أى مكان كان.
الفصل 327: يعاقب بالحبس من 3 أشهر إلى سنة كل متسول، حتى ولو كان ذا عاهة أو معدما، استجدى بإحدى الوسائل الآتية:
1- استعمال التهديد.
2- التظاهر بالمرض أو ادعاء عاهة.
3- تعود استصحاب طفل صغير أو أكثر من غير فروعه.
4- الدخول إلى مسكن أو أحد ملحقاته، دون إذن مالكه أو شاغله.
5- التسول جماعة، إلا إذا كان التجمع مكونا من الزوج وزوجته أو الأب والأم وأولادهما الصغار، أو الأعمى أو العاجز ومن يقودهما.
- يعاقب بالعقوبة المشار إليها فى الفصل السابق من يستخدم فى التسول، صراحة أو تحت ستار مهنة أو حرفة ما، أطفالا يقل سنهم عن ثلاثة عشر عاما".
موقف المشرع البحرينى من جريمة التسول
صدر بمملكة البحرين قانون خاص لمكافحة التسول 67 لسنة 2006 حيث جاءت المادة الأولى تعرف التسول تشريعيا ومحاولة احتواء كافة الفروض والمظاهر التى قد تعتبر تسولا وجاء النص كالآتي:
"يعد متسولا كل شخص ذكراً كان أو أنثى ولو كان غير صحيح البنية أو غير قادر على العمل وجد فى الطريق العام أو فى الأماكن العامة أو الخاصة يستجدى صدقة أو إحساناً من الغير.
ويعد من قبيل التسول الإتيان بأحد الأعمال التالية:
- عرض سلع وهمية لا قيمة لها أو خدمات بسيطة أو القيام بأعمال لغرض الاستجداء أو غير ذلك مما لا يصلح عادة مورداً جدياً للارتزاق منه.
- اصطناع الإصابة بجروح أو عاهات مستديمة أو تظاهر بأداء خدمة للغير أو استعمال أية وسيلة أخرى من وسائل الغش بقصد التأثير على الجمهور لاستدرار عطفهم.
ثم جاء القانون رقم 5 لسنة 2007 وجاءت المادة الأولى: "يُعد متسولاً كل من وجد في الطريق العام أو الأماكن أو المحال العامة أو الخاصة يستجدى صدقة أو إحساناً من الغير حتى وإن كان غير صحيح البنية أو غير قادر على العمل، ويعتبر من أعمال التسول ما يأتي:
1- عرض سلع تافهة أو ألعاب استعراضية أو غير ذلك من الأعمال التي لا تصلح مورداً جدياً للعيش بذاتها، وكان ذلك بقصد التسول.
2- اصطناع الإصابة بجروح أو عاهات أو استعمال الأطفال أو أية وسيلة أخرى من وسائل الغش بقصد التأثير على الجمهور لاستدرار عطفه.