لازال العالم أجمع وعلى رأسه مصر تعانى من انتهاكات المحتوى على عدد من مواقع التواصل الإجتماعى، وبالأخص على موقع - TikTok - والذي يروج لمقاطع تنتهك المحتوى مثل نشر العُري والإباحية والبلطجة والعنف والتنمر في المجتمع ويسعى جاهداً إلى نشر الفجور والتدني والفضائح، رغم أن الهدف منه في بداية الأمر كان لنفع الناس والاستفادة مما ينشر، وهو ما يؤثر بشكل سلبي على المجتمع خاصة الأطفال والشباب وكثيرًا من الفتيات لجأن لتصوير فيديوهات لهن تحرض على الفسق لتحقيق أكبر نسبة انتشار وشهرة على منصات السوشيال ميديا "تيك توك"، ولا يفوتنا أن نذكر قضية "فتيات تيك توك الشهيرة" التي عرضت بعضهن للحبس والغرامة في مقتبل أعمارهن.
وهو الأمر الذى دعى عدد من المحامين والأهالى وعلى رأسهم المحامى أحمد سيد رضوان، لإقامة دعوى قضائية – أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة – للمطالبة بوقف وحظر وحجب موقع "تيك توك" عن شبكة الإنترنت داخل مصر مع ما يترتب على ذلك من آثار منها حظر وحجب جميع المواقع والروابط الإلكترونية التي تعرض إعلانات التطبيق، حيث استندت الدعوى على أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين المنظمة داخل جمهورية مصر العربية والتي تستند جميعها الي المادة الثانية من الدستور والتي تنص على أن: الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.
"التيك توك" شبح يهدد الأسر
الدعوى ذكرت أن تطبيق "تيك توك الصيني" المنشأ من أخطر وسائل التواصل الحديثة وهي وسيلة مدمرة للأطفال خاصة والمراهقين، وتكمن خطورته للأطفال والمراهقين وغيرهم في الدخول على البرنامج بدون التسجيل ومشاهدة كل البرامج المليئة بالمشاهد اللا أخلاقية، فتطبيق "التيك توك" يستعمل صور السيلفي والموسيقى ومقاطع الفيديو التي يغلب عليها نشر صور مخلة بالآداب لتكوين شخصية منحرفة أو قابلة للانحراف ، ليس الانحراف الأخلاقي فقط، بل الانحراف الفكري والسلوكي الذي يبذر في الأطفال والمراهقين خاصة بذرة الاستعداد للتطرف والانحراف وبث روح العداوة والكراهية، وهو بهذا كله يحارب التوجهات الأخلاقية الدينية الإسلامية لتربية الأطفال خاصة والمراهقين بشكل وطرق غير مباشرة.
من أخطر ما يتعرض له مستخدموا هذا التطبيق هو التدخل في خصوصيات المستخدمين، إذ يمكن الاطلاع على كل ما يتعلق بالأشخاص من صور ومعلومات ولخطورته على الخصوصيات منعته العديد من الدول مثل الهند وباكستان وأميركا وغيرها، فمحتوي "التيك توك" عبارة عن مقاطع مصوّرة لشباب وشابات يرقصن على أغاني مختلفة بلباس مثير وحركات ساخرة ولا أخلاقية، واغلب هذه المقاطع صادمة لبعض الفتيات يرقصن ويتمايلن في الشارع وزوجات رفقة شريك حياتهنّ داخل غرف النوم، وهو ما لم تتعوّد عليه المجتمعات العربية، فطالما إعتبر الرقص والعري الفاضح أحد الفواحش والمحرمات، إذ بقي هذا النوع من الممارسات لسنوات لصيقا بأماكن الدعارة والملاهي الليلية، الشيء الذي تم تجاوزه مع انتشار مثل هذا النوع من التطبيقات – بحسب "الدعوى".
دعوى قضائية جديدة تطالب بغلقه وحظره أسوة بأمريكا والجزائر والهند
كل هذا دفع الشغف الغالبية لتجربة هذا التطبيق من مراهقات محجبات ومتبرجات كلهن رحن يتفنّن في استظهار مواهبهن في الرقص الشعبي والغربي وخوض تحديات مختلفة داخل غرفهن أو حتى في الشوارع والطرقات، ومما يثير الانتباه أن الفتيات اللواتي ينشرن هذه المقاطع، معظمهم من أسر محافظة، ما يثبت فشل العملية التربوية التقليدية وانهيار القيم الأسرية ذات الطابع الديني والأخلاقي، وقد ساهم هذا التطبيق في كسر حرمة البيوت بشكل لا يُصدق لدرجة أن الفتيات ينشرن رقصهن وميوعتهن داخل بيوتهن بملابس غير محتشمة وبغناء أغلبه من أغاني الملاهي الليلية وحتي في حضرة أبائهن أو أمهاتهن أحيانا، خصوصا وأنه من المفترض على الآباء الإشراف على أبنائهم ونهر بناتهم وردعهن على مثل هذه التصرفات غير المقبولة والتي تسيء لهن ولسمعتهن بدلا من مشاركتهن الرقص – وفقا لـ"الدعوى".
وانتشار "حُمّى الشُّهرة" علي تطبيق "التيك توك"، فكل الفتياة علي التطبيق إلا ما رحم ربي أصبحن يبحثن عن الشهرة بأي ثمن، فإما أن تكون الفتاة محظوظة، فتلقى مقاطعها المصورة إقبالاً وإنتشاراً كبيرين في التطبيق وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وإلا فإن الوصفة السحرية والسريعة التي تتبعها الكثير من الفتيات لزيادة عدد المعجبين وهن لا يمتلكن الموهبة ولا القبول اللازمين هي التصوير بـ"الفلترات" للحصول على "الجمال" وتخفيف الملابس أو إرتداؤها مكشوفة وضيقة، ولكن ما يحصدنه في النهاية هو مشاهدات من ذوي النفوس الضعيفة الذين لا يهمهم شيء سوى النظر إلى الأجساد المثيرة، وتعليقات خارجة تسيء إليهن قبل أي شيء آخر – الكلام لـ"الدعوى".
والسبب "انتهاكات المحتوى"
ونظراً لخطورة هذا النوع من التطبيقات فقد تدخلت العديد من الجهات الرسمية في دول العالم للتصدي لهذا التطبيق، فعلي سبيل المثال قامت وزارة التربية الوطنية في الجزائر بمنع تطبيق "تيك توك" رسمياً، وذلك نظرا للمخاطر التي يحملها لفئة القاصرين، حيث أنه ينشر مواد غير أخلاقية قد تعرض القصّر والشباب للابتزاز والاستغلال من المنحرفين، ورغم اختلاف أسباب منع التطبيق أصبح الجميع يرى فيه تهديداً للخصوصية وخطراً على الأمن القومي خاصة وأن الشكوك تدور حوله باعتباره مملوكا للحكومة الصينية ويخضع لسيطرتها، ولذا واجه التطبيق مشكلات قانونية في الولايات المتحدة، حيث وقع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يحظر التعامل مع الشركة الأم لتطبيق "تيك توك" من قبل المواطنين الأميركيين، وذلك بحجة أن التطبيق يمثل تهديداً للأمن القومي الأميركي بجمعه التلقائي لبيانات المستخدمين .
فهذا التطبيق المسمى "تيك توك" قد غلب عليه نشر وإشاعة الأفكار والصور المخلة بالآداب وثبتت أضراره الأخلاقية والنفسية والاجتماعية من خلال تقارير العديد من علماء الاجتماع وعلماء النفس، كما أن استخدام هذا التطبيق نتجت عنه المواد السلبية المتعلقة بالأطفال، والتنمر الإلكتروني وضعف الارتباط الأبوي بالأبناء والعزلة الاجتماعية ومضيعة للوقت والطاقة ويستنزف الكثير من الوقت والمال بلا نتيجة ومصدر للتحرش والنرجسية، فمعظم مستخدمي التطبيق مهوسون بأنفسهم وأيضاً ينشر الالم وتعذيب النفس فمستخدمو "تيك توك" تجاوزوا حد إيذاء النفس، فأصبحت مقاطع الفيديو خطرة كالرقص أمام القطارات أو السيارات والتعذيب لإظهار النفس وزيادة المتابعين.
والأطفال والفتيات المراهقات أبرز المتضررين
واستندت "الدعوى" في مطالبتها بوقف وحظر وحجب موقع "تيك توك" عن شبكة الإنترنت داخل مصر مخالف للدستور وللقانون، فقد نصت الماده الثانية من دستور جمهورية مصر العربيه علي أن: "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، كما نصت الماده 10 من دستور جمهورية مصر العربية على أن: "الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها"، وأيضا على نص المادة الثالثة من الإعلان العلمى لحقوق الإنسان: "الأسرة هى الوحدة الطبيعية والأساسية للمجتمع وتستوجب حماية المجتمع والدولة"، ويتكرر هذا النص فى المادة السابعة عشرة فى الميثاق الأمريكى لحقوق الإنسان، كما ينص الميثاق الأفريقى لحقوق الإنسان الصادر سنة 1987 أن: "الأسرة هى الوحدة الأساسية والطبيعية للمجتمع التى ترعى الصحة البدنية والنفسية للمجتمع وعلى الدولة حمايتها وهى الأمينة على القيم الأخلاقية والتاريخية للمجتمع".
المحكمة تؤجل لورود تقرير شيخ الأزهر
وفى النهاية – صرحت المحكمة لشيخ الأزهر ومفتي الجمهورية وكلية التربية ووزارة الاتصالات وكلية الدراسات الاسلامية ومباحث الانترنت وكلية الطب، بإبداء الرأي حول برنامج "التيك توك"، وكذا صرحت بإفادة من كلية الطب عن خطورة "التيك توك"، والتأجيل لجلسة 27 يناير لورود تقرير شيخ الأزهر.
رفض دعوى سابقة لإنتفاء شرط المصلحة
يشار إلى أن هذه الدعوى هي الثانية على مستوى الجمهورية، فقد سبق بتاريخ 23 مارس 2021 وأن قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، بعدم قبول الدعوى المقامة من الدكتور سمير صبري المحامي بالنقض والإدارية، المطالبة بغلق مواقع الـ"التيك توك"، لإنتفاء شرط المصلحة، واختصمت الدعوي التي حملت رقم 42131 لسنة 74 قضائية، كلًا من رئيس مجلس الوزراء ووزيري الإعلام والاتصالات.