المعروف أو المتعارف عليه من الناحية القانونية أن المؤجر من حقه إقامة "دعوى طرد للغصب" ضد المستأجر بإعتباره المالك الفعلى للعين سواء كان شقة أو محل، ولكن هل يجوز للمستأجر أن يقيم ذات الدعوى – طرد للغصب – ضد المالك؟ حيث أن هناك العديد من الأزمات التي تنشأ في سوق العقارات بين المؤجرين والمستأجرين، بشأن اشكاليات دعوى "الطرد للغصب" والتي يطلق عليها من الناحية القانونية "دعوى منع التعرض" وهى دعوى مكّن المشرع بها الحائز من درء التعرض لحيازته دون النظر إلى ملكيته فهى حق للحائز ولكن ليس الحائز بغير حق، وتكون خاصة بالحقوق العينية العقارية الجائز التعامل عليها والقابلة للحيازة والتملك.
وأما عن دعوى "الطرد للغصب" فللمستأجر الحق فى إقامة دعوى إخلاء للغصب متخذاً من عقد الإيجار دليلاً على حقه، وتلك الدعوى تتعلق بأصل الحق وعدم قصرها على المؤجر أو المالك، ودعوى "الطرد للغصب" لابد من رفعها خلال سنة من فقد الحيازة والحيازة فقط ولو كانت بسوء نية، مع ملاحظة أن مدة السنة المعينة لرفع دعوى الحيازة هى مدة تقادم، وهو أمر يتعلق بوقف وانقطاع مدة التقادم المسقط عليها.
هل يجوز للمستأجر إقامة دعوى طرد للغصب ضد المالك؟
في التقرير التالى، رصد "برلماني" أزمة تهم ملايين الملاك والمستأجرين تتعلق بدعوى "الطرد للغصب" أو ما يُطلق عليه "دعوى منع التعرض"، ولكن هذه المرة من جهة في منتهى الخطورة قلما تطرق لها القانونيون أو بمعنى أصح قلما صدرت فيها أحكام قضائية لمثل هذه الأزمات حيث أنه من المعلوم إقامة دعوى الطرد للغصب من المالك ضد المستأجر ولكن الإشكالية هنا هل يجوز للمستأجر إقامة دعوى طرد للغصب؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامي سامى البوادى.
فى البداية – يجب أن نعلم أنه من الثابت قانونا ومستقر عليه حكما أنه لا تقبل أى دعوى كما لا يقبل أى طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون، ومع ذلك تكفى المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه، والمحكمة تقضى من تلقاء نفسها، فى أى حالة تكون عليها الدعوى، بعدم القبول في حالة عدم توافر الشروط ويجوز للمحكمة عند الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة أن تحكم على المدعى بغرامة إذا تبينت أن المدعى قد أساء استعمال حقه في التقاضى، ولكن توافر المصلحة فى الدعوى لا تهدف إلى حماية الحق واقتضائه فقط فلا يلزم أن يثبت الحق له حتى تقبل دعواه بل يكفى أن تكون للشخص شبهة حق حتى تكون دعواه جديرة بالعرض أمام القضاء – وفقا لـ"البوادى".
المشرع أجازها تحت مسمى "دعوى منع التعرض"
ودعوى - الإخلاء للغصب – في حقيقة الأمر من دعاوى أصل الحق يستهدف بها رافعها أن يحمى حقه فى استعمال الشيء واستغلاله فيسترده ممن يضع اليد عليه بغير حق، سواء أكان وضع اليد عليه ابتداء بغير سند، أو كان وضع اليد عليه بسبب قانونى يسمح له بذلك ثم زال هذا السبب واستمر واضعا اليد، وبالتالى فإن دعوى الطرد للغصب ليست دعوى حيازة، وإنما هى دعوى موضوعية تكون فيها مهمة المحكمة بعد ثبوت حق رافع الدعوى فى استعمال الشيء واستغلاله أن تبحث سند واضع اليد، وهى لا تستطيع البت باعتبار واضع اليد غاصباً أو غير غاصب إلا بعد تكييف السبب القانوني الذى يستند إليه في وضع اليد وبحث توافر أركانه وشروط صحته ومداه في ضوء الأحكام القانونية بكل سبب من أسباب اكتساب الحقوق – الكلام لـ"البوادى".
تصدى محكمة النقض للأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأأزمات فى الطعن المُقيد برقم 1001 لسنة 55 قضائية حيث أكدت في حيثيات حكمها: أنه من المقرر أن الأصل خلوص المكان لمالكه فيكفي الأخير إثباتاً لواقعة الغصب التي يقيم عليها دعواه أن يقيم الدليل على وجود الغير بالعين لينقل بذلك عبء الإثبات على الأخير ليثبت أن وجوده بالعين يستند إلى سبب قانوني يبرر ذلك، وكان من المقرر كذلك أن شغل المكان بطريق الغصب مهما استطالت مدته لا يكسب الحق في البقاء.
ومقصود الغصب لدى محكمة النقض هو انعدام سند الحيازة وهو لا يعتبر كذلك إلا إذا تجرد وضع اليد من الاستناد إلى سند قانونى له شأنه من تبرير يد الحائز على العقار المثار بشأنه النزاع، وبالإضافة إلى ما تقدم بالنظر إلى عقد الإيجار نجده عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم أى أنه ينشئ للمستأجر فى الانتفاع بالعين المؤجرة ويشمل اتصالا وثيقا بهذه العين.
المشرع اشترط رفعها خلال سنة من فقد الحيازة
وتضيف المحكمة في حيثيات حكمها: ولما كان لكل حق دعوى تحميه عند التعرض لصاحب الحق هذا فى استعمال حقه، فإن ذلك يقتضى امتداد آثر حق المستأجر فى الانتفاع بالعين إلى الغير الذى يتعرض له فى الانتفاع بها فيحق للمستأجر أن يطلب إخلاء العين المؤجرة له من أى غاصب أو واضع يد بغير حق عليها وله كذلك طلب التمكين من العين المؤجرة له فما التمكين إلا مرادف لطلب التسليم وبعد اثر طبيعى من اثار دعوى الاخلاء الموضوعية.
وبالتالى يمكننا أن نقول أن دعوى الاخلاء للغصب من دعاوى أصل الحق يستهدف بها رافعها أن يحمى حقه فى استعمال الشىء واستغلاله فيسترده ممن ينازعه سواء أكان هذا المنازع من الغير قد وضع اليد بسبب قانونى ثم زال هذا السبب أو لم يكن صاحب حق الذى يدعيه واستمر واضعا اليد، وكان المستأجر هو صاحب الحق والمصلحة فى استعمال والانتفاع بالشئ المؤجر له طوال فترة سريان عقد ايجاره فبالتالى يحق له كما المالك أن يرفع دعوى الاخلاء ويطلب التسليم والتمكين على الغير المغتصب وواضع اليد بغير سند على العين المؤجرة للمستأجر.