أصدرت الدائرة المدنية والتجارية – بمحكمة النقض – حكما يهم ملايين الملاك والمستأجرين، رسخت فيه لمبدأ قضائى فى غاية الأهمية حول مدى جواز امتداد عقد الإيجار للحفيد من عدمه، قالت فيه: "أحقية الحفيد فى امتداد عقد الإيجار إليه من والده أو والدته - ابن أو ابنة المستاجر الأصلى - إذا كانت وفاة الأخير قبل صدور حكم المحكمة الدستورية فى الطعن رقم 70 لسنة 18 قضائية ونشره بتاريخ 15 نوفمبر 2002"، أى منذ 19 سنة.
صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 19105 لسنة 83 قضائية، لصالح المحامى بالنقض يحيى جاد الرب سعد، برئاسة المستشار خالد يحيى، وعضوية المستشارين نبيل عثمان، وعمرو الشوربجى، وأشرف القبانى، ومحمد على، وبحضور كل من رئيس النيابة لدى محكمة النقض عمرو القاضى، وأمانة سر محمد فرج.
الوقائع.. الملاك يحصلون على حكم بطرد "الحفيد"تتحصل وقائع النزاع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – فى أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى 734 لسنة 2011 جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن "الحفيد"، بطلب الحكم بطرده من الشقة المبينة بالأوراق، وذلك لإنتهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر الأصلى ومن بعده زوجته، فقضت محكمة أول درجة بالطلبات المتمثلة فى طرد "الحفيد"، ثم استأنف الطاعن – الحفيد – على هذا الحكم بالاستئناف رقم 5152 لسنة 129 قضائية لدى محكمة استئناف القاهرة التى قضت بتاريخ 6 نوفمبر 2015 بالتأييد، ثم طعن الطاعن – الحفيد – فى هذا الحكم بطريق النقض لإلغاء حكم الطرد.
"الحفيد" يطعن على الحكم أمام محكمة النقض لإلغائه
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث ذكرت إن مما ينعاه الطاعن – الحفيد – على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بامتداد العلاقة الإيجارية إليه لإقامته مع والدته ابنة المستأجر الأصلى حتى وفاتها عام 1994 والتى امتد إليها العقد عن والدها "جده" لإقامتها معه حتى وفاته عام 1987 وأصبحت مستأجرة أصلية وطلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ذلك، فإن الحكم المطعون فيه، إذ أقام قضاءه بالطرد على سند من أن الطاعن حفيد لزوجة المستأجر الأصلى ولا يمتد إليه العقد مباشرة منها دون أن يعوض لدفاعه أو يمكنه من إثباته رغم جوهريته يكون معيبا مما يستوجب نقضه.
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت إن هذا النعى فى محله – ذلك أنه لما كان المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن النص فى المادة 29 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 على أنه "لا ينتهى عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أى من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك" قد جاء عامًا غير مقيد بجيل واحد من المستأجرين ومن ثم فإن هذه القاعدة الواردة به يطرد تطبيقها سواء كان المستأجر المتوفى أو التارك هو من أبرم عقد الإيجار ابتداءً مع المالك أو من انتقل العقد قانوناً لصالحه بعد وفاة المستأجر الأصلى أو تركه العين، وأن طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفى دفاع جوهرى بوسيلة الإثبات الجائزة قانوناً هو حق له يتعين على محكمة الموضوع إجابته إليه متى كانت هذه الوسيلة منتجة فى النزاع ولم يكن فى أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها".
النقض تقرر: أحقية الحفيد فى امتداد عقد الإيجار إليه من والده أو والدته
لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق تمسك الطاعن بدفاعه الوارد بالنعى ومؤداه أنه بوفاة المستأجر الأصلى عام 1987 امتد العقد للمقيمين معه ابنته وزوجته "والدة وجدة الطاعن"، وأنه كان مقيماً معهما حتى وفاة والدته عام 1994 فيمتد العقد إليه قانوناً وطلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ذلك، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بطرد الطاعن من عين النزاع على سند من أنه حفيد لزوجة المستأجر الأصلى ولا ينتقل العقد إليه مباشرة منها دون أن يعرض لهذا الدفاع ويمكنه من إثباته، رغم أن من شأنه - إن صح - أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى.
وبحسب "المحكمة": وفى حين أن عدم استفادة الطاعن من الامتداد القانونى للعقد عن جدته لا يحول دون حقه فى الاستفادة من امتداد هذا العقد إليه عن والدته إذا توافرت شروطه، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون، وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث وتحقيق دفاعه بشأن مدى توافر شروط امتداد العقد من المستأجر الأصلى لابنته - والدة الطاعن - ثم إليه بما يعيبه أيضاً بالإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
تحركات برلمانية لتعديل قانون الإيجار القديم
يشار إلى أنه من المتوقع قريباً أن يستكمل المشرع ما ابتدئه من صدور القانون رقم 10 لسنة 2022 الخاص بتعديل قانون الإيجارات القديمة للأشخاص الاعتبارية وأن يتفرغ إلى الأمر الأكثر تعقيداً وهو الجانب الخاص بالأشخاص الطبيعية، ولعل من أبرز ما تم مناقشته مؤخراً حول هذه الأزمة داخل أروقة مجلس النواب الفترة الماضية والتى نتابعها عن كثب مسألة "عقد الإيجار".
ويشهد ملف الإيجار القديم تطورات جديدة وهامة، بعد إعلان الحكومة تشكيل لجنة مشتركة تمثل الملاك والمستأجرين بهدف العمل على صياغة مشروع قانون، يتم طرحه أولا على الرأى العام، بهدف إجراء حوار مجتمعى بشأنه، قبل إقراره من البرلمان، وأيضا بهدف الوصول إلى صيغة تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، وفى الوقت نفسه مراعاة البعد الاجتماعى، باعتباره أحد أهم القضايا التاريخية المعقدة، وهو ملف الإيجارات القديمة، حيث تعتبر أزمة الإيجار القديم من الأمور التى ستظل تشغل بال الملايين بين المالك – المؤجر – والمستأجر فى الوقت الذى لا تزال تتوالى ردود الأفعال حول مشروع القانون.