تتمثل الرؤية المستقبلية لقطاع الصناعة في أن تكون التنمية الصناعية هي قاطرة التنمية الاقتصادية الاحتوائية والمستدامة في مصر، والتي تلبي الطلب المحلي وتُدعم نمو الصادرات لتصبح مصر لاعبًا فاعلًا في الاقتصاد العالمي وقادرة على التكيف مع المتغيرات العالمية، وذلك وفقا لاستراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030.
وتتطلب هذه الرؤية التنموية توفير المُناخ الملائم للنمو الصناعي المستدام القائم على تعزيز تنافسية المنتج المصري وتنمية المعرفة والابتكار وتوسيع الطاقة الاستيعابية للقطاع لإتاحة فرص العمل اللائق، مع تكثيف الاستثمارات الصناعية، وبخاصة في المجالات التي تحظى فيها مصر بميزة نسبية وتنافسية وقادرة على التكيف مع مُستجدّات الثورة الصناعية الرابعة.
وفي هذا الصدد، تأتي خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي الجاري 2022/2023 لتؤكد استهداف وزارة التجارة والصناعة 4 برامج رئيسية ممثلة في "تحفيز الاستثمار الصناعي وتعميق المنتج المصري"، " تحسين تنافسية القطاع الصناعي"، "تنمية الصادرات"، "تنمية مهارات العاملين بالقطاع".
وعلاوة على البرامج سالفة الذكر، تتضمن الخطة عدد من السياسات والإجراءات الهامة والتي تستهدف، مواصلة تقديم المبادرات المالية والضريبية الداعمة للنشاط الصناعي، وخاصة تلك المتضرّرة بصورة مباشرة من الأزمات الدولية، وعلى غرار مبادرات البنك المركزي والتيسيرات المالية والضريبية تعزيز الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص لإقامة مشروعات صناعية للإحلال محل الواردات، مع مراعاة البدء بالصناعات المغذية.
كما تسعي الخطة إلي مواصلة تحسين مناخ الاستثمار لجذب الصناعات عالية التقنية لرفع القيمة المضافة للمنتجات الوطنية، وزيادة تنافسيتها في الأسواق الدولية، مع تحفيز الاستثمارات الأجنبية على إقامة مراكز للبحث والتطوير للمعاونة في نقل المعرفة والتقنيات الحديثة.
وتعمل الحكومة أيضا خلال العام المالي الجاري على التوسع في إنشاء المدارس والمعاهد التكنولوجيّة، مع ملاحظة عمليات التدريب والتأهيل بمتطلبات المصانع المصرية القائمة، مع مراعاة حجم الأعباء على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتخصيص جهة شراء موحدة لتوفير احتياجاتها، مع توثيق الروابط بينها وبين المشروعات كبيرة الحجم.
يأتي ذلك إلى جانب مواصلة توفير الحوافز لضم القطاع غير الرسمي للقطاع الرسمي مع تيسير إجراءات التصالح وإتاحتها للقطاع الصناعي، وكذا مواصلة تفعيل دور الأجهزة الرقابية والتقنية للنشاط الصناعي، مثل دور جهاز مكافحة الإغراق التابع لوزارة التجارة والصناعة، وجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وجهاز حماية المستهلك، وتفعيل برنامج الطروحات الحكومية في البورصة المصرية، وذلك لتنشيط سوق الأوراق المالية وزيادة حجم التداولات ورأس المال السوقي.
أيضا تعمل الحكومة على التوسع في الإنتاج المدني للمصانع الحربية، بما يكفل استغلال الطاقات الإنتاجية القائمة والتوسع في تلبية احتياجات السوق المحلي من بعض السلع كبديل للعمليات الاستيراد، تسريع وتيرة الاستثمار الصناعي في سيناء من خلال التوسع في إقامة المجمعات الصناعية الجاهزة وتفعيل مشروع إقامة منطقة صناعية جديدة بوسط للمصانع المخالفة لتوثيق، وكذا تعزيز التوجه الصناعي للأنشطة صديقة البيئة والتوسع في إنتاج مصادر الطاقة النظيفة 78 ألف فدان.
يشار إلى أن القطاع الصناعي يتميز بخاصيتي الديناميكية والتنوع، مما يجعله قادرًا على التكيف السريع مع التطورات التقنية في مجالات الإنتاج، ومع المُستجد مستجدات في نطاق سلاسل الإمداد الدولية والمعاملات التجارية، بالإضافة إلى ارتفاع إنتاجيته وتحقيقه لمعدلات نمو عالية على نحو مطرد، فضلًا عن قوة علاقاته الارتباطية والتشابكية مع سائر القطاعات الاقتصادية الأخرى.
ويحتل القطاع الصناعي المرتبة الأولى من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بحصة لا تقل عن 16%، علاوة على توظيفه نسبة يُعتد بها من القوى العاملة تربو على 15% من الإجمالي، وكذلك تتعاظم مُساهمة القطاع في النشاط التصديري بنسبة تصل إلى 85% من إجمالي الصادرات السلعية غير البترولية، مما يُؤهله لتبادل المركز الأول مع تحويلات المصريين العاملين بالخارج في قائمة المصادر الرئيسة المُولّدة للنقد الأجنبي، ومن ثم تعزيز دوره في التخفيف من حدة اختلالات ميزان المعاملات الجارية.