كان البعض يظن أن حل مجلس الأمة الكويتى وانتخاب مجلس جديد سيقلل من المواجهات المتتالية بين المجلس التشريعى والحكومة، ولكن لم تتمكن الحكومة الكويتية الجديدة من الصمود أمام البرلمان سوى 100 يوما فقط، تقدمت بعدها باستقالتها بعد أن حاصر النواب الوزراء بالاستجوابات تحت القبة.
وبذلك تعد هذه الحكومة هى السادسة بالكويت التى تستقيل بالكامل على مدار الثلاث سنوات الآخيرة، بسبب الخلافات السياسية بين الحكومات المتعاقبة ومجلس الأمة الكويتى، فلم تتمكن أى من الحكومات من الصمود فى عملها، حتى أصبح نهج الاستقالة أمرا اعتيادا يتوقعه المراقبون وحتى المواطن العادى فى الشارع الكويتى.
وأصدر أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، مرسوم أميرى الخميس الماضى، بقبول استقالة الحكومة برئاسة الشيخ أحمد نواف الصباح وتكليف كل منهم بتصريف العاجل من شؤون منصبه، لحين تشكيل الوزارة الجديدة.
وقالت الحكومة الكويتية، إنها رفعت استقالتها فى أعقاب الأزمة الأخيرة مع مجلس الأمة، بجانب تقدم أعضاء المجلس باستجوابين ضد وزيرى المالية والدولة لشؤون مجلس الوزراء.
وأوضحت الحكومة، أنها حاولت تنفيذ برنامج عملها المقدم لمجلس الأمة بعنوان وطن آمن ورفاهية مستدامة، ويتضمن جميع الأدوات التشريعية والمزايا المالية لاستمرارية المعيشة لجميع فئات المواطنين من الموظفين والمتقاعدين وأصحاب المساعدات الاجتماعية، بجانب الرعاية السكنية والتعليمية والصحية، وغيرها من المزايا المبرمجة ضمن برنامج زمنى بعضه محدد باليوم والأشهر، والآخر مقسم على السنوات الأربع لعمر البرنامج.
و يتوقع مراقبون للمشهد السياسى الكويتى إعادة تكليف الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح بتشكيل الحكومة الجديدة، والتى من المستبعد أن تشهد تغييرات كبيرة باستثناء استبعاد وزير أو أكثر، مع إعادة تدويرٍ لبعض الحقائب الوزارية، ولكن التعديل الوزراى لن يفتح بابا لحل الأزمات المتكررة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بل إن العلاقات ستظل متأزمة مما دفع البعض للمطالبة بإجراء تعديلات دستورية جوهرية تحدد شكل العلاقة بين السلطتين.
وبدأت الأزمة هذه المرة حين انسحبت الحكومة الكويتية ممثلة بوزيرى النفط بدر الملا وشؤون مجلس الأمة عمار العجمى من جلسة مجلس الأمة، اعتراضا على مناقشة تقرير اللجنة المالية بشأن شراء القروض وإسقاط فوائدها من على المواطنين، ما تسبب بحالة سخط نيابى، وبالتالى رفع الجلسة، وتبع ذلك غياب الحكومة عن حضور جلسات مجلس الأمة، وعقدها اجتماع استثنائى "لتدارس الخيارات المتاحة" والتى من ضمنها الاستقالة.
وقال رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية، شعيب المويزرى، عن الخلاف الأخير، إن بعض الوزراء فى الحكومة اتجهوا لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعى للإساءة الى بعض المقترحات النيابية ومجلس الامة وتصوير موضوع اسقاط الفوائد عن القروض بأنه اسقاط أو شراء قروض.
وقال: "هناك اطراف تسببت فى المشاكل التى يعانى منها الشعب الكويتى، والوضع الحالى ما بين الحكومة والمجلس بسبب بدء المجلس بفتح ملفات سابقة بها هدر مالى وشبهات ومخالفات وتجاوزات مثل الكاراكال واليورفايتر وغيرها من المشاريع".
وشدد الموزيرى: "سنتعامل مع الحكومة وفقا للائحة والدستور لأن القضية ليست عنادا، بل قضية شعب"، واعتبر ان بعض الاطراف تحاول عرقلة جهود المجلس لمحاسبة من أوصل الشعب الكويتى والدولة الى هذا الوضع، من خلال سعيهم لتشويه صورة أعضاء مجلس الأمة.
وأكد، ضرورة أن يعى الشعب الكويتى أن بعض الأطراف يسعون لتمزيق النواب ولخلق جبهات متضاربة داخل مجلس الأمة حتى يكره الشعب الكويتى المجلس ويتطلع الى تعليقه.
فى حين قال وزير شؤون مجلس الأمة عمار العجمى: "قدمت الحكومة برنامجا محددا فى محاوره ومنضبطا بمدده الزمنية ومحددا بكلفة مالية وكان يحدوها أمل أن يتم الاحتكام إلى هذا البرنامج تحقيقا للصالح العام إلا أنه قد اختلفت المنطلقات وتلاحقت طلبات النواب من خلال استعجال تقارير اللجان المختصة دون تمكين الحكومة من تدارسها".
ولفت إلى أنه "لم تعط الحكومة الفرصة الكاملة لاستكمال إبداء آرائها بشأن اقتراحات القوانين النيابية.. وعلى سبيل قانون شراء القروض وتبلغ 14 مليار دينار كويتى من القروض الاستهلاكية والمقسطة فهذا يخل بمبدأ العدالة".
وأشارت الصحف المحلية الكويتية إلى أن استمرار الأزمة بين السلطة التشريعية والتنفيذية ستظل قائمة ولن يحلها استقالة حكومة أو حل للبرلمان، فبعد إعادة تشكيل حكومة جديدة سيعود نواب الأمة لطرح الملفات العالقة مع الحكومة الجديدة، ومحاصرتها بالاستجوابات.
فرغم اختلاف الأفراد فى التشكيلة الوزارية والبرلمان إلا أن الأداء يعيد نفسه فى كل مجلس أمة، والحكومة تعود وتتخذ نفس المواقف بعدم حضور الجلسات، ثم الاستقالة، الأمر الذى أصبح فيه تنظيم الحياة السياسية بين السلطتين أمرًا حتميًا.