الواقع يؤكد أن الرسوم والنماذج الصناعية تتميز بطبيعة خاصة تجعلها تتصل على حد سواء بالملكية الصناعية بكونها تعتبر ابتكارات ذات طابع صناعي، وبالملكية الأدبية والفنية والفكرية، لأنها تقوم على الإبداع وهذه الطبيعة الخاصة جعلتها تقع في مركز وسط بين الفن المجرد وبين الفن الصناعي، ونظرا لذلك ثار جدل فقهي حول اخضاع الرسوم والنماذج الصناعية للحماية بواسطة حق المؤلف من عدمه، فكل ما يتطلب لاعتبار طلب التصميم أو النموذج جديداً هو أن يُشكل في مجموعه شكلاً متميزاً ولو كانت أجزاء تكوينه ينقصها الجدة، والجدة هنا – أي يكون الإختراع جديدا.
وهي جدة شبيهة بالجدة في براءة الاختراع في اجتماع مجموعة عناصر ومكونات تمثل في مجموعها شيئاً جديداً حتى لو تم النظر لكل عنصر على حدى أنه غير جديد بشكل منفصل - فعلى سبيل المثال لا الحصر - نرى أن شكل زجاجات المياه المعدنية تتشابه في بعض العناصر ولكن نرى عناصر أخرى مختلفة كتعرجات الزجاجة وحجم ومساحة الشكل والخطوط المكونة للشكل.. إلخ، فعند فحص التصميم أو النموذج الصناعي بالمقارنة بتصميمات أخرى، تكون المقارنة بالنظر الى التصميمات ككل وليس إلى الأجزاء المكونة لتصميم كل منهم، فمن الممكن أن يشتركان في بعض المكونات المتماثلة ومع ذلك يكون كل تصميم مختلف عن الأخر، ففي هذه اللحظة يكون التصميم جديداً، فالعبرة بالذاتية والتميز الخاص بالتصميم الصناعي.
حماية التصميمات والنماذج الصناعية لحقوق الملكية الفكرية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية حماية التصميمات والنماذج الصناعية لحقوق الملكية الفكرية من حيث التعريف، وتقليد التصميمات والنماذج الصناعية، ورأى محكمة النقض في الأزمة، والحديث عن الجدة في القانون المصرى وهي جدة مُطلقة - أي أن الفاحص الفني في إدارة تسجيل التصميمات الصناعية يقوم بالبحث في قواعد البيانات المحلية والعالمية لتحديد التصميمات المشابهة أو المطابقة - الدكتور فرج الخلفاوى، أستاذ القانون، ووكيل تسجيل حقوق الملكية الفكرية.
في البداية – لابد من التطرق للشرط الثانى بعد "الجدة" ووهو شرط أن يستخدم التصميم الصناعي في المجال الصناعي، أي أن التصميم أو النموذج الصناعي يُخصص لتمييز المنتجات الصناعية والمستخدمة في المجال الصناعي، والمتعلقة بشكل المنتج ذاته أو الشكل الخارجي للمنتج الصناعي مثل "صب التماثيل ونموذج لعب أطفال أو طريقة تفصيل للملابس ..إلخ"، وبناء عليه لا تعتبر التصميمات والنماذج المطبوعة في كتالوجات أو إعلانات توزع على الجمهور من قبيل التصميمات الصناعية – وفقا لـ"الخلفاوى".
تقليد التصميمات والنماذج الصناعية:
هذا وقد عرف المشرع المصري في المادة 119 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 التصميمات والنماذج الصناعية: بأنه يعتبر تصميما أو نموذجا صناعيًّا كل ترتيب للخطوط وكل شكل مجسم بألوان أو بغير ألوان إذا اتخذ مظهرًا مميزا يتسم بالجدة وكان قابلا للتطبيق الصناعي، ونصت المادة "134 الفقرة 1" من القانون رقم 82 لسنة 200 على جريمة تقليد التصميمات والنماذج الصناعية، حيث نصت على أنه: "يعاقب … كل من قلد تصميما أو نموذجا صناعيًّا محميا تم تسجيله وفقًا لأحكام هذا القانون" – الكلام لـ"الخلفاوى".
العقوبات المقررة حال التعدى على حقوق الملكية الفكرية
وتضمن قانون حماية حقوق الملكية الفكرية، عقوبات حال تقليد تصميم دون وجه حق، وكل من صنع أو باع أو عرض للبيع أو حاز بقصد الإتجار أو التداول منتجات تتخذ تصميماً أو نموذجاً صناعياً مقلداً مع علمه بذلك - ووفقا للقانون - مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر يعاقب بغرامة لا تقل عن 4 آلاف جنيه ولا تجاوز 10 آلاف جنيه:
1- كل من قلد تصميماً أو نموذجاً صناعياً محمياً تم تسجيله وفقاً لأحكام هذا القانون.
2- كل من صنع أو باع أو عرض للبيع أو حاز بقصد الإتجار أو التداول منتجات تتخذ تصميماً أو نموذجاً صناعياً مقلداً مع علمه بذلك.
3- كل من وضع بغير حق على منتجات أو إعلانات أو علامات تجارية أو أدوات معينة أو غيرها بيانات تؤدي إلى الاعتقاد بتسجيله تصميماً أو نموذجاً صناعياً.
ما هي العقوبة حال تكرارها؟
أما في حالة العود تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 30 يوما (شهر) والغرامة التي لا تقل عن 8 آلاف جنيه ولا تجاوز 20 ألف جنيه.
وماذا عن مصادرة المنتجات المقلدة أو غيرها؟
وفي جميع الأحوال تقضي المحكمة بمصادرة التصميم أو النموذج الصناعي المضبوط والمنتجات محل الجريمة والأدوات التي استخدمت في ارتكابها وينشر الحكم الصادر بالإدانة في جريدة واحدة أو أكثر على نفقة المحكوم عليه، ولرئيس المحكمة المختصة بأصل النزاع وبناءً على طلب ذي شأن، وبمقتضى أمر يصدر على عريضة، أن يأمر بإجراء أو أكثر من الإجراءات التحفظية المناسبة، وعلى وجه الخصوص:
1- إثبات واقعة الاعتداء على الحق محل الحماية.
2- إجراء حصر ووصف تفصيلي للمنتجات المخالفة والأدوات التي استخدمت أو تستخدم في ارتكاب الجريمة.
3- توقيع الحجز على الأشياء المذكورة في البند.
ولرئيس المحكمة في جميع الأحوال أن يأمر بندب خبير أو أكثر لمعاونة المحضر المكلف بالتنفيذ، وأن يفرض على الطالب إيداع كفالة مناسبة، ويجب أن يرفع الطالب أصل النزاع إلى المحكمة المختصة خلال 15 يوماً من تاريخ صدور الأمر وإلا زال كل أثر له.
شروط "الجدة والتميز والقابلية للاستخدام الصناعي"
ويشترك "التصميم" و"النموذج الصناعي" في أن كلا منهما شكل جميل للسلعة يزيد من إقبال الجمهور عليها ويميزها عن غيرها من السلع، لذلك أوجب المشرع المصري حمايتها، ولابد من توافر شروط في التصميم أو النموذج الصناعي ليتمتع بالحماية وإمكان تسجيله، وهي (الجدة والتميز والقابلية للاستخدام الصناعي) مع العلم أنه لا يتم حماية التصميمات أو النماذج الصناعية التي تمليها الاعتبارات الفنية للمنتج، أي الضرورية لإخراج المنتج وقيامه بوظيفته، واشترط المشرع المصري لقيام جريمة التَّقليد أن يكون التصميم أو النموذج الصناعي المعتدى عليه مسجلا – هكذا يقول "الخلفاوى".
ويقصد بالتقليد: "أن يستدعي التصميم أو النموذج المقلد صورة التصميم أو النموذج الأصلي إلى الذهن"، ويخضع تقليد التصميمات والنماذج الصناعية لنفس القاعدة التي يخضع لها التقليد عموما، وهي أن العبرة بأوجه الشبه وليس بأوجه الاختلاف .
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في الطعن المقيد برقم 2244 لسنة 50 قضائية بشأن تزوير العلامات التجارية جاء فيه: لما كانت المادة 48 من القانون آنف البيان تعاقب كل من قلد موضوع رسم أو نموذج صناعى تم تسجيله وفقاً لهذا القانون بالعقوبات المنصوص عليها فى صدر هذه المادة، وكان يكفى لتحقيق أركان جريمة تقليد الرسم الصناعى المنصوص عليها فى هذه المادة و التى قصد بها حماية الرسوم و النماذج الصناعية أن يوجد تشابه فى الرسم و النموذج من شأنه أن يخدع المتعاملين بالسلعة التى قلد رسمها أو نموذجها و ذلك بصرف النظر عما يكون قد أثبت فيها من بيانات تجارية نص عليها القانون 57 لسنة 1939 الخاص بالبيانات و العلامات التجارية.
وتابع: وهى التى عرفتها المادة 26 من القانون بأنها كل إيضاح يتعلق بعدد البضائع أو مقدارها أو مقاسها و بالجهة التى صنعت فيها و طريقة صنعها و العناصر الداخلة فى تركيبها و إسم المنتج أو الصانع لها ووجود براءات إختراع أو غيرها من حقوق الملكية الصناعية و الإسم أو الشكل الذى تعرف به، وأوجبت المادة 37 منه أن تكون هذه البيانات مطابقة للحقيقة و ذلك بقصد حماية جمهور المستهلكين من كل تضليل فى شأن حقيقة ما تعرض عليه من منتجات.
واستطردت: لما كان ذلك وكان محل تطبيق كل من القوانين يختلف عن الآخر ولكل منهما أحكام متميزة، وكان الحكم المطعون فيه قد إستند فى قضائه بالبراءة إلى إختلاف البيانات التجارية فى كل من الرسمين، فإنه يكون قد تردى فى خطأ قانونى آخر بالخلط بين أحكام قانون الرسوم و البيانات الصناعية وبين أحكام قانون العلامات و البيانات التجارية، مع أن هذا الشارع أماز هذه عن تلك، لما كان ذلك وكان خطأ الحكم فى تطبيق القانون قد حجب المحكمة عن بحث عناصر تقليد النموذج الصناعى التى أقامها الطاعن ضده، فإنه يتعين نقض الحكم.
وتوسع المشرع المصري في حماية التصميم والنموذج الصناعي
ولا يشترط تماثل المنتجات الموضوع عليها التصميم أو النموذج الصناعي المقلد مع المنتجات الموضوع عليها التصميم أو النموذج الصناعي الأصلي، وكذلك يقع الفعل المؤثم سواء أدى إلى خداع الجمهور والإضرار بصاحب النموذج أو التصميم الأصلي من عدمه، وتوسع المشرع المصري في حماية التصميم والنموذج الصناعي، فنص في المادة (134 فقرة 2) من القانون رقم 82 لسنة 2002 على تجريم التعامل في منتجات تتخذ تصميما أو نموذجا صناعيًّا مقلدا؛ حيث نصت المادة ( 134 فقرة 2) على أنه: "يعاقب…. كل من صنع أو باع أو عرض للبيع أو حاز بقصد الاتجار أو التداول منتجات تتخذ تصميما أو نموذجا صناعيًّا مقلدا مع علمه بذلك"، والجديد في هذه الجريمة هو استخدام المشرع لفظ التصنيع، والمقصود به هنا هو إنتاج منتجات تتخذ تصميما أو نموذجا صناعيًّا مقلدا.