استعرضت للدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، اليوم الأحد؛ الملامح الأساسيّة لوثيقة خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعامِ المالى 23/2024، وهو العامُ الثانى من الخِطة مُتوسّطة المدى للتنميةِ المُستدامةِ (22/2023 – 25/2026)، أمام الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، برئاسة المُستشار عبد الوهاب عبد الرازق رئيس مجلس الشيوخ.
وخلال كلمتها أوضحت السعيد، أن التطوّرات المتلاحقة على الساحة الدولية تسببت فى نقص السيولةِ الدوليّة، وزيادة المديونيّات العالمية لمُستويات قياسيّة بلغت نحو 300 تريليون دولار عام 2022، وتراجُع الاحتياطيّات الدوليّة من النقد الأجنبى، فضلًا عن ارتباك أسواق الصرف فى ظل محدوديّة الحيّز المالى لمُواجهة الأزمات.
واستعرضت السعيد أهم المُرتكزات التى استندت إليها خِطة عام 23/2024، موضحة أنها تتمثل فى الالتزام الكامل بأهداف محاور الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، تأكيدًا للحق فى التنمية الذى توليه الدولة المصرية أهمية قصوى فى توجهها التنموى، إلى جانب الاتساق والتوافق مع مُستهدفات الأجندة الوطنية لتحقيق التنمية المُستدامة فى إطار رؤية مصر "2030"، فضلًا عن التطبيق الدقيق لأحكام قانون التخطيط العام للدولة باعتباره الإطار التشريعى لمنظومة التخطيط.
وقالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إنه اتفاقًا والتوجّه المُتحفّظ لخطة التنمية لعام 23/ 2024، فقد قدّرت الخطة مُعدّل النمو الاقتصادى بنحو 4,1% فى عام 23/ 2024 مُقابل مُعدّل نمو مُتوقّع 4,2% فى عام 22/2023، موضحة أن تلك التقديرات جاءت مُتشابهة مع تقديرات جميع المؤسسات الدولية، والتى تشير إلى توقّع تحقيق مصر مُعدّل نمو يتراوح بين 4% - 4,3% عامى 22/ 2023، 23/ 2024.
وتابعت السعيد، أنه وعلى الرغم من أن مُعدّل النمو المُقدّر بالخطة والذى يبلغ 4,1%، وهو أقل مما كان مُستهدفًا من قبل فى ظل الظروف العادية والذى قدر حينها بـ5% - 5,5% إلا أنه أعلى من مُعدّلات النمو المُتوقّعة فى غالبية الدول، وأعلى من المتوسط العام المُحقّق على مستوى الاقتصاد العالمى فى عامى 2022، 2023، وهما 3,4% و2,8% على التوالى.
وأضافت السعيد، أنه من المُقدّر أن يصل الناتج المحلى الإجمالى فى عام الخطة إلى نحو 11,84 تريليون جنيه بالأسعار الجارية مقارنة بـ9,8 تريليون جنيه قيمة الناتج المُتوقّع للعام السابق (22/2023)، مُسجّلًا نسبة نمو 4,1% بالأسعار الثابتة.
وحول المُؤشّرات القطاعية أشارت السعيد إلى توقّع تحقيق مُعدّلات نمو مرتفعة فى ناتج خمسة قطاعات تتمثل فى الاتصالات بنسبة 16,8%، والسياحة بنسبة 12%، وقناة السويس بنسبة 11,9%، والتشييد والبناء بحوالى 6%، والخدمات الصحية بنسبة 5,2%، وخدمات التعليم بنسبة 5,1%، والزراعة بنسبة 4,1%.
متابعة، أنه لتحقيق مُعدّل النمو الاقتصادى المنشود، فإن الخطة تستهدف زيادة الاستثمارات الكليّة لتصل إلى 1,8 تريليون جنيه شاملة التغير فى المخزون مُقابل استثمارات قدرُها 1,32 تريليون جنيه فى العام السابق 21/2022، بنسبة نمو تصل إلى 36%.
وأرجعت السعيد، الطفرة الاستثمارية المُقدّرة خلال عام الخطة إلى عدد من الاعتبارات مع الأخذ فى الاعتبار التغيّرات السعرية المُتوقّعة خلال العام والمُؤثّرة على القيمة الحقيقية للاستثمارات الإسمية المُنفّذة، والتى تتضمن كِبَر حجم الاستثمارات المُوجّهة للتنمية البشرية من خدمات التعليم المدرسى والتعليم الجامعى والبحث العلمى والخدمات الصحية، التزامًا بالاستحقاقات الدستورية، فضلًا عن التوسّع المُطرد فى الاستثمارات المُخصّصة لأغراض الحماية الاجتماعية وتحسين الأحوال المعيشية للطبقات محدودة الدخل، بالإضافة إلى ضخامة الاستثمارات المُوجّهة لمشروعات البنية الأساسية اللازمة لتحفيز مشروعات الإنتاج المُباشر وفقاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى لتحسين مُناخ الاستثمار، وكذلك التزايد المُتوقّع فى استثمارات القطاع الخاص فى ظل توجّه الدولة لتعزيز مجالات النشاط للاستثمارات الخاصة اتفاقًا ووثيقة سياسة ملكية الدولة، وتبنيها لمُبادرات داعمة لبيئة الأعمال.
وأوضحت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أن مُعدّل الاستثمار المُتوقّع لعام 23/2024 يبلغ 15,2%، مشيرة إلى أن الخطة متوسطة المدى تستهدف رفع مُعدّل الاستثمار بصفة مُطردة ليناهز 20% بنهاية الخطة عام 25/2026، وتناولت الحديث حول التوجّهات الاستثمارية للخطة، مشيرة إلى التركيز على القطاعات ذات الأولويّة اتفاقًا وبرنامج الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى الهيكلى، مُمثّلة فى الزراعة والصناعة التحويلية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إضافة إلى تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة لتوسيع الطاقة الاستيعابية لسوق العمل لتوفير ما يزيد عن 900 ألف فرصة عمل، بما يُسهم فى الإبقاء على مُعدّلات البطالة عند مُستوياتها المنخفضة حول 7,3% - 7,5%.
وحول مشاركة القطاع الخاص أكدت السعيد، أن الدولة تُعوّل على القطاع الخاص فى تسريع عجلة النمو الاقتصادى وتنشيط الأسواق، مشيرة إلى تبنى الخِطة مُستهدفات طموحة للاستثمارات الخاصة لتصل إلى نحو 600 مليار جنيه عام 23/2024، بنسبة تُناهز 36% من الاستثمارات الكليّة المُستهدفة مُقابل نسبة مُتوقّعة عام 22/ 2023 فى حدود 31%، ونسبة فعليّة 29% عام 21/ 2022، مضيفة أن الاستثمارات العامة الثابتة، فتقدّر بنحو 1050 مليار جنيه، بنسبة 64% من الاستثمارات الكليّة يخُص الجهاز الحكومى نحو 587 مليار جنيه بنسبة 56%، والهيئات الاقتصادية 384 مليار جنيه بنسبة 37%، والشركات العامة 79 مليار جنيه بنسبة 7%.
وأكدت السعيد، فى كلمتها أن القطاعات الإنتاجيّة ذات الأولويّة فى البرنامج الحكومى للإصلاح الهيكلى تشمل " الزراعة والصناعة والاتصالات"، حيث تسهم هذه القطاعات الثلاثة فى مجموعها بنحو 35% من الإنتاج الإجمالى، وتستوعِب ما يقرُب من 40% من جُملة القوّة العاملة.
وفيما يتعلق بالقطاع الزراعى، أعلنت هالة السعيد، تخصيص استثمارات خلال العام الجديد قدرها 116,6 مليار جنيه بنسبة زيادة 71% عن الاستثمارات الـمُتوقّعة لعام 22/2023 والبالغة 68 مليار جنيه، وتُقدّر إسهامات القطاع فى الناتج الـمحلى الإجمالى بنحو 12% فى عام الخطة.
وقالت السعيد، إن جهود التنمية الزراعيّة تستهدف التوسّع فى مساحات الأراضى الـمُستصلحة بإضافة نحو 750 ألف فدّان فى إطار مشروعات التوسّع الأفقى بالدلتا الجديدة (2.2 مليون فدّان)، والتى تضم مشاريع مُستقبل مصر وجنة مصر، وجنوب محور الضبعة، وكذا مشروع تنمية شمال ووسط سيناء (460 ألف فدان)، ومشروع تنمية جنوب الوادى "توشكى الخير" (1.1 مليون فدان)، ومشروع تنمية الريف المصرى (1.5 مليون فدان) لترتفع بذلك المساحة المُنزرعة إلى ما يقرُب من 10 مليون فدان.
وأضافت السعيد، أن خطة عام 23/2024 تستهدف الوصول بإجمالى المساحة المحصوليّة إلى نحو 18 مليون فدان على أساس كثافة محصوليّة فى حدود 1.8 للفدان، ومنها التوسّع فى المساحات المُخصّصة لزراعات القمح لتصل إلى 3.43 مليون فدان، ولزراعات الذُرة إلى 2.8 مليون فدان، ولزراعات الفول البلدى إلى 220 ألف فدان.
وتابعت السعيد، أنه فى إطار خطة 23/2024، من المُستهدف زيادة نسبة الاكتفاء الذاتى من القمح والذرة إلى 49%، ومن الفول إلى 30%، ومن اللحوم الحمراء إلى 70%، ومن الأسماك إلى 98%، مع تحقيق فائض تصديرى لأصناف عديدة من محاصيل الخُضَر والفاكهة.
وحول المُستهدفات الكميّة للبرامج الداعمة للتنمية الزراعيّة، أشارت السعيد، أنها تتمثل فى التوسّع فى تطبيق منظومة الزراعة التعاقُديّة لتشمل محاصيل أساسية عديدة، ليصل ناتج المنظومة إلى 3.4 مليون طن فى عام الخطة، مُقابل 1,2 مليون طن عام 2014، وكذا التوسّع فى نظام الزراعة المحميّة فى إطار المشروع القومى لإنشاء 100 ألف صوبة، بإضافة 900 صوبة فى عام الخطة لنشر التقنيّات الحديثة وتحقيق وفر مائى، وأيضًا التوسّع فى إنتاج التقاوى المُنتقاة للمحاصيل الاستراتيجيّة كالقمح والذرة الشاميّة والقُطن وفول الصويا وعبّاد الشمس لمُضاعفة نِسَب التغطية من 35% إلى 70% فى موسم 2024 حيث تُقدّر الاحتياجات من التقاوى بنحو 220 ألف طن لعشرة محاصيل أساسية، بالإضافة إلى زيادة السعات التخزينيّة للصوامع لتصل إلى نحو 5.5 مليون طن، بإضافة 50 صومعة جديدة، وزيادة الحقول الإرشاديّة لتربو على سبعة آلاف حقل لتحسين مُعاملات الإنتاجيّة الزراعيّة لمحصول القمح، فضلًا عن إنشاء قاعدة بيانات لقياس خصوبة التربة لتقدير المُعدّلات السماديّة المُناسبة، والتوسّع فى تطبيق نظام البطاقة الذكيّة للمُزارع، بإضافة نحو 400 ألف بطاقة جديدة.
وأوضحت السعيد، أنه فيما يتعلق ببرامج التوسّع الرأسى تهدف الخطة إلى تحسين إنتاجيّة الفدان من الحاصلات الزراعيّة بنِسَب تتراوح من 5% و10%، وذلك بالعمل على رفع كفاءة استخدام وحدتى الأرض والمياه بتطوير نُظُم الرى الحقلى وأساليب الصرف الزراعى، وإعطاء أولويّة لاستنباط أصناف من المحاصيل عالية الإنتاجيّة وأصناف مُبكّرة النُضج وقليلة الاحتياج المائى وأكثر مُقاومة للإجهادات الحيويّة والبيئيّة، بجانب تطبيق المُمارسات الزراعيّة الحديثة والمُتطوّرة المُوفّرة لمياه الرى، مع العمل على تطوير الميكنة الزراعيّة وتفعيل دور التعاونيّات الزراعيّة.
ونوهت السعيد، أنه تعزيزًا لجهود توفير الأمن الغذائى تستهدف الخطة زيادة المناطق اللوجستية والسلاسل التجارية والمستودعات الإقليمية، والأسواق المركزية والمعارض الدائمة والمناطق المُتحركة لتوسيع نطاق شبكات التوزيع، بالإضافة إلى رفع كفاءة أداء الأجهزة الرقابية وتطوير مكاتب السجل التجارى واستحداث مكاتب جديدة، وفتح فروع لجهاز حماية المستهلك بمختلف المحافظات.
وفى إطار تنمية الثروة الحيوانيّة، أكدت السعيد، أن الخطة تُولى اهتمامًا باستكمال تنفيذ المشروع القومى لإحياء البتلو، والمشروع القومى لمراكز تجميع الألبان والبالغة 130 مركزًا فى عام 2023، منها 46 مركزًا للتجميع يجرى نهوها فى نطاق المرحلة الأولى لمُبادرة حياة كريمة، وكذلك التوسّع فى إنشاء المجازر النموذجيّة لتَصِل إلى ثلاثة آلاف مجزر، واستكمال نظام ترقيم وتسجيل الحيوانات، وتفعيل دور صندوق التأمين على الماشية، وكذلك من المُستهدف – فى إطار خطة عام 23/2024 – زيادة الصادرات الزراعية لتصل إلى 5,7 مليار دولار مُقابل صادرات مُتوقّعة 5,4 مليار دولار عام 22/2023، مما يرفع نسبة مُساهمة الزراعة فى إجمالى الصادرات السلعيّة غير البتروليّة إلى أكثر من 15%. ويتأتى ذلك النمو من خلال التوسّع فى تصدير المحاصيل ذات الفائض التصديرى، وعلى رأسها الخُضَر والفاكهة، والترويج المُكثّف فى الأسواق التقليديّة فى غرب أوروبا التى تنامى طلبها على المُنتجات الزراعية المصرية بدرجة كبيرة خلال الأزمة الراهنة، مع التوجّه نحو أسواق جديدة واعدة فى أفريقيا ومنطقة شرق وجنوب آسيا، وبعض دول أمريكا اللاتينيّة، وبخاصة بعد التوسّع فى الزراعات العضويّة فى إطار الحفاظ على سلامة المنظومة البيئيّة ومُتطلّبات التنمية المُستدامة.
وفيما يخُص قطاع الموارد المائيّة والرى، أوضحت السعيد، أن الخطة استهدفت تنفيذ عددٍ من المشروعات ذات الأولويّة، فى مُقدّمتها مشروع استكمال تأهيل وتبطين التُرع بأطوال 2400 كم فى نطاق أعمال المرحلتين الأولى والثانية لمُبادرة حياة كريمة، وكذلك مشروع منظومة الرى الحقلى الحديث ليصل إجمالى المساحة الإضافية المُغطاه بالرى الحديث إلى 120 ألف فدان، ومن المشروعات الأخرى نذكر استغلال 3 مليار متر مُكعّب/سنة من المياه الجوفيّة العميقة والسطحيّة، وإحلال وتجديد 51 محطة رفع، و28 بئرًا جوفيًا. ولا يفوتنا توكيد أهميّة قطاع الموارد المائيّة والرى فى توفير البنية الأساسيّة المائيّة اللازمة للوفاء بطموحات خطة التوسّع الأفقى، حيث من مُستهدفات الخطة فى هذا الشأن استكمال إنشاء مسار نقل المياه لمشروع مُستقبل مصر بطاقة 8 مليون م3/يوم، إلى جانب استكمال إنشاء محطة مُعالجة بطاقة 7.5 مليون م3/ يوم، ومسار نقل المياه لاستصلاح الأراضى فى مناطق جنوب محور الضبعة، واستكمال مشروع نقل المياه بطاقة 5 مليون م3/ يوم من مصرف بحر البقر إلى شرق قناة السويس، وكذا أعمال البنية الأساسية لتطوير ترعة الشباب بطول 53 كم بمنطقة توشكى، وإنشاء (5) محطات فى إطار مشروع تنمية الريف المصرى، هذا بخلاف تجهيز 52 بئرًا بالطاقة الشمسية، وإقامة 30 منشأة للحماية من أخطار السيول وحصاد مياه الأمطار، وإحلال وتجديد شبكات الصرف العام والمُغطى فى زمام 60 ألف فدان، وغيرها من الأعمال التى تحرص الدولة على تنفيذها مُراعاة لمعايير واعتبارات الاستدامة البيئية.