يواصل الحوار الوطني انعقاد جلساته في الأسبوع الرابع، بمشاركة واسعة من مختلف القوى السياسية والمجتمعية لإيجاد مزيد من المساحات المشتركة في القضايا المطروحة.
وينعقد الثلاثاء المحور الاقتصادي، جلستين لمناقشة إصلاح إدارة المالية العامة (2 جلسة متتالية)، فيما يخص شمولية الموازنة، ترشيد الإنفاق، تعزيز الإيرادات، بينما يبحث السياسات الصناعية (جلسة مشتركة بين لجنتي الصناعة والاستثمار الخاص (2 جلسة متتالية)، فيما يتعلق بسياسات توطين وتعميق الصناعة، وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
وتتمثل محاور عمل لجنة الإصلاح المالي في الوضع الحالي للسياسة المالية والمشكلات الراهنة، آليات الإصلاح من خلال النمو الشامل وتجنب عدم المساواة في توزيع الدخول الذي يعيق عملية التنمية ويضعف التماسك الاجتماعي، وهو ما يتطلب استخدام الأدوات المالية بطريقة سليمة، الإصلاح الضريبي الشامل عبر الاتجاه نحو الضرائب التصاعدية والمزيد من الضرائب المباشرة، مع تبسيط الإجراءات وإلغاء الاعفاءات، وتعزیز مفهوم شمولية الموازنة.
كما تتضمن إصلاح الإنفاق العام وخفض الإنفاق غير الضروري والمظهري، والحفاظ على الاستثمارات العامة الدافعة للنمو وتحسين كفاءتها وتحسين جودة الخدمات العامة كالصحة والتعليم، فزيادة الاستثمار العام لتحسين البنية الأساسية المادية لتسهيل الاستثمار الجاد والمنتج، قد تؤدى إلى ارتفاع نسبة العائد على رأس المال، العمل علي بناء حيز مالي عن طريق توليد المزيد من الموارد العامة، خاصة من الأصول المملوكة للدولة وغير المستغلة، ما يمكن أن يولد عائدات كبيرة للخزانة العامة.
ويؤكد المهندس بهاء ديمتري، مقرر لجنة الصناعة بالحوار الوطني وممثل الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أن الحوار الوطني أصبح حالة عامة في المجتمع وليس مجرد حدث عادي، مشيرا إلى أن الرؤى التقت على أهمية عقد لجان مشتركة في قضايا ذات اهتمام واحد ولها ارتباط ببعضها وهو ما تقدم به كمقترح لأهمية انعقاد تلك اللجان لرسم خارطة طريق واضحة في بعض القضايا المتشابكة ومنها تحفيز الاستثمار الصناعي سواء مستوى المشروعات الكبيرة أو الصغيرة والمتوسطة.
وأضاف أن اللجنة تستهدف وضع خطة عمل للفترة القادمة ومناقشة الأوضاع الحالية والمعوقات التي تهدد نمو القطاع، بالعمل على إصلاح الوضع العام المتعلق بالسياسات الصناعي سواء على المستوى الفني والتنفيذي أو التشريعي، معتبرا أن هناك ضرورة لمراجعة معايير الائتمان والتمويل بحيث إنها لا يمكن أن تكون كما هى المطبقة على الشركات المتوسطة وأيضا على الصغيرة وتسهيل أمور التمويل بضمانات بسيطة.
ولفت إلى أن الدولة قامت بجهود جادة فى دعم الصناعة لأن الصناعة تحملت كثيرا وفى وقت الأزمات، والدولة تقدم مبادرات عدة لكن ليس لها هدف رئيسي محدد، وهو ما نحتاجه بجدية لوضع أهداف محددة للمبادرات، وتحديد المطلوب من الحكومة والبنك المركزي لتنشيط الاستثمار الصناعي، ونهدف في ذلك مخاطبة القطاع الصناعى بكل فئاته.
من جانبه يشير المقرر المساعد للجنة الاستثمار الخاص بالحوار الوطني وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، باسم لطفي، أن هناك ارتباط بين الاستثمار الخاص وبين التعليم والزراعة والصناعة والسياحة وغيرها من الملفات التي لها بالصلة بالاستثمارات، ولذلك طالبنا بعقد جلسات مشتركة لمناقشتها، موضحا أن مشاكل الصناعة والاستثمار وجهان لعملة واحدة فالصناعة هي قاطرة الاقتصاد العالمية وبالرغم من أن مصر من أوائل الدول الصناعية في المنطقة إلا أن ملف الصناعة لازال عاجز عن تحقيق الحد الأدنى من مساهمته في التنمية الاقتصادية والمجتمعية.
وأضاف أن الصناعة توفر فرص عمل وعملة صعبة ومنتجات المستهلك المحلي بتكلفة أفل وغيرها من العوائد الإيجابية التي تجلبها، وحتى ننهض بالصناعة فلابد من مراعاة مناخ الاستثمار والعوامل التي تنشأ عليها صناعة، منها موارد طبيعية ورأس المال والنقل والمواصلات والسوق المستهدف والأراضي والتراخيص والتكنولوجيا وغيرها، وعلى الرغم من توفير جزء من هذه العوامل إلا أن مصر لم تصل بعد إلى هدفها لذلك يجب تحليل معوقات المستثمرين والمصنعين مما سوف يعود إيجابيا على الدولة من خلال ضخ مزيد من الاستثمارات المحلية والدولية وسد عجز الموازنة بالميزان التجاري.
وأشار "لطفي" إلى أن الإشكاليات ترتبط ببعض الاجراءات بالمجمعات الصناعية بالمحافظات وصعوبات اجراءات الحصول على الأراضي الصناعية وارتفاع اسعارها وندرة في الأراضي الصناعية المرفقة وطول فترات التراخيص وتعدد الجهات المسئولة دون أي مبرر وهو ما يسبب عائق أمام المستثمرين، موضحا أن من أهم التحديات هي غياب العمالة الحرفية والفنية المؤهلة للعمل على التكنولوجيا الصناعية الحديثة أو في المجال الصناعي بشكل عام ومن ثم فإننا نستهدف كيفية الاستثمار في العمالة الفنية.
وأكد أن هناك تحديات آخرى ترتبط بمشاكل التمويل في ظل التحديات العالمية الحالية وما يتعلق بالتنافسية في السوق المصرية، موضحا أن يمكن التعاون بين مبادرة "ابدأ" وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة للوصول إلى التمويل اللازم وتوفير التعليم والتدريب، مع الحد من البيروقراطية للتغلب على التحديات الحاسمة، مطالبا بضرورة تعزيز ثقافة ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتحفيز التواصل بين رواد الأعمال مع تقديم الدعم القانوني والفني لهم.
ويقول الدكتور سمير صبري، مقرر لجنة الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي بالحوار الوطني، إن الجلسة مشتركة بين لجنتي الصناعة والاستثمار الخاص الأسبوع القادم، تهدف لوضع السياسات المحفزة للاستثمار الصناعي في مصر، ولتوطين بعض الصناعات الاستراتيجية مثل صناعة السيارات وبالأخص الكهربائية، كما ستسعى اللجنة لوضع قانون موحد في شأن ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بكل ما يتعلق بالاعفاءات الضريبية والحوافز وغيرها.
وأشاد "صبري" بموقف الرئيس السيسي من الحوار الوطني ومخرجاته، مؤكدا أن الرئيس وجه ضربة قاضية للمشككين في أهمية وجدوى الحوار الوطني، من خلال إعلانه التصديق على كافة مخرجات الحوار الوطنى دون قيد أو شرط وفقا للصلاحيات الدستورية والقانونية، بعدما أكد على تبنى الرئاسة ذاتها العمل على تنفيذ المخرجات التى تدخل ضمن صلاحياتها وفقا للدستور، بل وأيضا وجه الحكومة للتحرك فيما يدخل ضمن اختصاصاتها، وباقي الملفات تحال للبرلمان لاتخاذ اللازم بشأنها.
وأكد سمير صبري أن ذلك يكشف بما لا يضع مجالًا للشك أن هدف الحوار الوطنى قائم على الوصول لأرضية مشتركة تجمع الجميع بمختلف توجهاتهم لرسم خارطة طريق للجمهورية الجديدة، وأن جميع الجلسات والمناقشات كانت لخدمة هذا الهدف الذي وضعه بالأساس الرئيس السيسي وتبناه فى مختلف مراحله ليستكمل ما بدأ لضمان إيصال مصر لمستوى الدول المتقدمة.
وشدد أن رسالة الرئيس السيسي تؤكد أنه على الوعد، وأن مخرجات الحوار التى سيجتمع عليها ممثلي مختلف التيارات والجهات ستنفذ وسوف تمضي هذه المرحلة بيد الجميع يدا واحدة لخدمة وطننا مصر، قائلا" وهو أمر لم نراه من قبل، فلم نعهد أن نتشارك جميعا فى المسئولية واتخاذ القرار".
وكان قد أعلن ضياء رشوان المنسق العام للحوار الوطنى، أن مجلس أمناء الحوار يعرب عن بالغ سعادته وخالص شكره للرئيس عبدالفتاح السيسي، على ما أعلنه أمس في الموتمر الوطني للشباب (2023)، من التزامه دون قيد أو شرط بتنفيذ ما يدخل ضمن اختصاصاته الدستورية، من مخرجات الحوار الوطني المتوافق حولها، مع إحالة ما هو تشريعي منها إلى البرلمان للنظر فيه، وأكد رشوان، أن مجلس الأمناء يرى في تأكيدات الرئيس السيسي دافعًا إضافيًا قويًا، لكي يسعى الحوار إلى مزيد من التوافق بين أطرافه حول مختلف القضايا والموضوعات التي تهم الشعب المصري، وتمثل أولويات العمل الوطني في المرحلة الراهنة.