الحق فى التعليم أكدت عليه كل الدساتير، كما أشار إليه نص المادة 19 من الدستور المصرى الجديد التى كفلت حق التعليم لكل مواطن، كما أكدت على الزامية التعليم حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، كما أن المادة 21 من الدستور المصرى الجديد 2014 أكدت على التزام الدولة بتوفير التعليم الجامعى وفقا لمعايير الجودة العالمية.
"الولاية التعليمية" تعنى حق تمثيل الطفل وإدارة شؤونه التعليمية مثل تقديم أو سحب ملفه من مدرسته قبل بلوغه سن 15 سنة وهذه الولاية تثبت للولي الطبيعي وهو الأب عند عدم وجود خلافات زوجية، لكنها تؤول إلى الحاضنة بقوة القانون بموجب المادة 54 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدلة بالقانون 126 لسنة 2008، والتي تم تحصينها بعد الطعن بعدم دستوريتها أمام المحكمة الدستورية العليا.
من له حق الولاية التعليمية على الأبناء؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بالأإجابة على السؤال.. من له حق الولاية التعليمية على الأبناء؟ فوفقا للقانون فإن الملزم بتعليم الأبناء كما ذكرنا من قبل هو "الأب"، والأساس الذى بنى عليه هذا الوجوب هو أن "الأب" واجب عليه أن يعد أولاده الصغار منذ نشأتهم بتعليم ما يجب تعليمه، وبما يتناسب مع التطور الذى نعيشه فى هذا الزمان، وأن من ألزم الواجبات على "الأب" هو الإلتزام بمصاريف التعليم للأبناء – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض المتخصص في الشأن الأسرى محمد رضا.
في البداية - الإلتزام بمصاريف التعليم للأبناء يعد أمرا هاما وحيويا لتكوين الأبناء واعدادهم للقيام بأعباء الحياة الى أن يبلغوا حد الكسب، بما يتلاءم مع التطورات الإجتماعية والإقتصادية خصوصا فى هذا العصر الذى يعتبر فيه التعليم أمر هام وجوهرى وحيوى لبناء الإبن الصالح لنفسه ولأهله ولوطنه، كما أن قانون الطفل يرتب الجزاء على الشخص الملزم قانونا بتعليم الأبناء فى حال تقاعسه عن ذلك، حيث تنص المادة 96 من قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 على أنه: "يعد الطفل معرضا للخطر، إذا وجد فى حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له، وذلك فى الأحوال الأتية: الفقرة الخامسة - إذا حرم من التعليم الاساسى أو تعرض مستقبله التعليمى للخطر" – وفقا لـ"رضا".
الأصل أن الولاية التعليمة للأبناء للأب وحده
وأيضا رتب قانون الطفل المشار إليه الجزاء على من يعرض مستقبل الأبناء التعليمى للخطر حيث ورد فى الفقرة الأخيرة من المادة سالفة الإيضاح: "يعاقب كل من عرض طفلا لأحد حالات الخطر بالحبس مده لا تقل عن 6 أشهر وبغرامه لا تقل عن 2000 جنيه ولا تجاوز 5 الاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين"، بما يتبين معه أن القانون يرتب المسئولية الجنائية والجزاء على من يتقاعس عامدا فى منح الأبناء حق التعليم الجيد، وكذلك كل من حرم الأبناء من التعليم سوءا كان الأب - أو من يتم تعيينه كولى أو وصى على الأبناء القصر ليحل محل الأب فى حالة وفاته – الكلام لـ"رضا".
وبالتالى فالأصل أن حق الولاية التعليمية للأب، إلا أنه فى حال تقاعس الأب عن القيام بواجبة المتمثل فى توفير التعليم الجيد لأبنائه والإنفاق على مصروفات تعليمهم، بحيث إذا أصبح غير أمين على المستقبل التعليمى لابنائه، فقد أجاز قانون الطفل للأم أن ترفع الأمر إلى القضاء لمنحها الولاية التعليمية على الأبناء، حيث ورد بنص المادة 54 الفقرة الثانية من قانون الطفل المشار اليه ما يلى: "وتكون الولاية التعليمية على الطفل للحاضن، وعند الخلاف على ما يحقق مصلحة الطفل الفضلى يرفع أى من ذوى الشأن الأمر الى رئيس محكمة الأسرة بصفته قاضيا للأمور الوقتية ليصدر قراره بأمر على عريضه ...." – هكذا يقول "رضا".
المشرع أجاز أن تؤول لـ"الأم" بطلب قضائى
بالتالى فقد أجاز النص سالف البيان للأم التقدم بطلب قضائى لمنحها حق الولاية التعليمية على أبنائها، وذلك فى حال تقاعس الأب عن التزامه بتعليم الأبناء أو نشوب نزاع جدى بين الأب والأم حول مستقبل الأبناء التعليمى، ففى هذه الحالة يرفع الأمر للسيد رئيس محكمة الأسرة بصفته قاضيا للأمورالوقتية، وعند عرض النزاع على القاضى، تكون مهمته الموازنة بين الطرفين بعد سماع أقوالهما، ويحكم فى هذا الأمر بما يراه الأصلح والأفضل بالنسبة للأبناء تعليميا، فإذا رأى القاضى أن هناك نزاع جدى قائم بين الأب والأم حول مسألة الولاية التعليمية للصغر، ورأى القاضى وفقا لسلطته التقديرية أن مصلحة الأبناء التعليمية مع الأم، فلا يتوانى فى منح الأم الولاية التعليمية على ابنائها .
هذا وقد كفل القانون حق التظلم من أمر منح الولاية التعليمية الصادر من قاضى الأمور الوقتية بمحكمة الأسرة حيث أشارت المادة 197 من قانون المرافعات على الطرق القانونية للتظلم من هذا الأمر سواء صدر هذا الأمر بالقبول أو بالرفض، كل ما سلف يتبين منه بوضوح ما كفله الدستور والقانون من حق الأبناء فى التعليم الجيد وترتيب المسئولية والجزاء على عاتق المسئول قانونا عن تعليم الأبناء فى حال حرمانهم من التعليم الجيد واللازم لهم.
القرار تقديرى لقاضي الأمورالوقتية
أما بعد فبمزيد من التعمق نجد أن قاضى الأمور الوقتية له بموجب النص آنف البيان سلطة منح الولاية التعليمة للأم وهذا منتقد، وذلك لأن قاضى الأمور الوقتى يصدر آمره فى أمر وقتى بمعنى أنه يفصل فى مسالة سريعة يتحتم الفصل فيها، فى حين أن مسالة منح الولاية التعليمة هى مسالة موضوعية محضة، فكيف يتصور قانونا أن يفصل فيها قاضى الأمور الوقتية بأمر على عريضة، فحتى وإن كانت مسألة لا تحتمل التأخير فهى مسالة موضوعية حتى وإن كان له شق مستعجل، لذا وجب تعديل الفقرة الثانية من المادة 54 من قانون الطفل.
والنص صراحة على مسالة منح الولاية التعليمة على حدا وكيفية الفصل فى المسائل المتعلقة بما يثور من منازعات وقتية خاصة بالمشكلات التى تثور بين الأب والأم حول مسالة تعليم الصغار وأما الإبقاء على اختصاص قاضى الأمور الوقتية بالفصل فيها، إلا أن هذا الأمر له مثالبه، وذلك لأن التظلم من الأمر الوقتى وفقا لنص المادتين 197 و 199 مرافعات يستغرق شوطا طويلا قد يمتد لعام قضائى، وذلك لأن التظلم من الأمر الوقتى يأخذ حكم الدعاوى الموضوعية، ويسرى عليه ذات القواعد الموضوعية الخاصة بسبل نظر الدعاوى الموضوعية، والطعن عليها أمام محكمة الأسرة.
التظلم على القرار
لذا نرى إما أن تكون مسالة الولاية التعليمية برفع دعوى موضوعية بشق مستعجل أو وأن يكون لقاضى الموضوع إصدار أمر وقتى إلى حين الفصل فى مسالة الولاية بحكم نهائي، وذلك على غرار اصدار االقاضى أمر بمنح نفقة مؤقتة هذه فكرة، والفكرة الثانية تكمن فى انشاء قضاء مستعجل بمحكمة الأسرة للفصل فى المنازعات حول مستقبل الصغار التعليمى على أن يكون هناك مكنة لأى من الخصوم بتقديم طلب لحسم نزاع سريع الى حين الفصل فى مسالة منح الولاية التعليمية، ويمكن القياس على ذلك بالتظلم من قرار التمكين من مسكن الزوجية التى يناط للقضاء المستعجل الفصل فيه وفيه مكنة تقديم طلب سريع لقاضى الموضوع للفصل فيه.
مقترح بإنشاء قضاء مستعجل للفصل في النزاع
وبالتالى فإن اعتبارات الموائمة تحتم انشاء قضاء مستعجل بمحكمة الأسرة، وذلك حرصا على صالح الأسرة المصرية والمجتمع على أن تدخل مسالة حسم الولاية التعليمة فى بوتقة الإختصاص النوعى للقضاء المستعجل بمحكمة الأسرة، ونرى أن يكون التعديل كالآتى:
"تكون الولاية التعليمية للأب وعند الخلاف على ما يحقق مصلحة الطفل الفضلى أو نشوب نزاع فى أى مسالة تتعلق بتعليم الطفل فيرفع أى من ذوى الشأن الأمر لقاضى الأمور المستعجلة بمحكمة الأسرة بدعوى مستعجلة للفصل فى مسالة سلب الولاية التعليمية من الأب ومنحها للأم أو لمن تحل محلها فى حضانة الصغار، ويجوز أن تشتمل الدعوى على طلب مستعجل لقاضى الأمور المستعجلة للفصل فى نزاع قائم متعلق بمصلحة الصغار التعليمى، وللقاضى إصدار آمره فى الطلب المقدم بما يحقق مصلحة الطفل الفضلى على وجه السرعة، الى حين الفصل فى مسالة الولاية التعليمية بحكم نهائى".