أصدرت الدائرة "3" الجنائية – طعون نقض الجنح – حكما نهائيا باتا بالإدانة يهم ملايين الورثة، بتغريم المتهمين الأشقاء الستة 20 ألف جنيه لكل متهم عن جريمة الامتناع عن تسليم حصة ميراثية بعد حكم الدستورية العليا الشهير الذى لم يشترط فرز وتجنيب التركة، وفقا للمادة 49 من القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث المعدل بالقانون رقم 219 لسنة 2017، وهى الثغرة التي كانت تؤدى لصدور أحكام بالبراءة في جرائم عدم تسليم الميراث.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 3221 لسنة 14 قضائية، لصالح المحامى بالنقض حسام حسن الجعفرى، برئاسة المستشار حسنى عواد، وعضوية المستشارين حمدى الحمصى، وعمر عمر، وبحضور كل من وكيل النيابة محمد مصطفى، وأمانة سر محمد حسن.
الوقائع.. نزاع بين الاشقاء حول تسليم الميراث
الوقائع تتحصل في صدور حكم أول درجة من محكمة جنح أبو حماد الجزئية بتغريم كل متهم من الأشقاء الستة 100 ألف جنيه، وإحالة الدعوي المدنية للمحكمة المختصة، وأيدت محكمة جنح مستأنف بلبيس الحكم، والقاضي منطوقة "بتأييد حكم أول درجة بتغريم كل متهم 100 ألف جنيه وإحالة الدعوي المدنية للمحكمة المختصة"، وعدلت محكمة النقض الحكم ليصبح تغريم كل متهم 20 ألف جنيه والتأييد فيما عدا ذلك.
وجاء تأسيس الحكم بناء علي حكم المحكمة الدستورية الذي تضمن عدم اشتراط فرز وتجنيب التركة، فجرم المشرع المصري واقعة الامتناع عن تسليم الورثة حصتهم القانونية من الميراث إلا أنه حدد لهذه الجريمة عدة أركان يجب توافرها أهم هذه الشروط هي: وجود تركة مملوكة للموروث "ميراث"، وأن تكون التركة "الميراث" تحت يد أحد الورثة "فى حيازته"، والإمتناع حائز الميراث عن التسليم لمن له حق الإرث، كما أن إثبات امتناع حائز التركة عن إعطاء الميراث للمستحقين من الورثة يثبت عن طريق إنذار المتضرر لواضع اليد على التركة وهو غير وجوبى، ويجب أن توضح الحصة الميراثية المطالب بها على وجه التحديد في الإنذار وعريضة الجنحة المباشرة.
محكمة أول وثانى درجة تقضيان بتغريم الأشقاء 100 ألف جنيه لكل متهم
وبحسب حيثيات الحكم: وفقا المادة 49 من القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث المعدل بالقانون رقم 219 لسنة 2017 والمنشور بالجريدة الرسمية يوم 30 ديسمبر 2017 العدد 52 مكرر: "مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث رضاءً أو قضاءً نهائيا.
محكمة النقض تنزل بالإدانة لـ 20 ألف جنيه لكل متهم
ويعاقب بذات العقوبة كل من حجب سندًا يؤكد نصيبًا للوارث أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أي من الورثة الشرعيين أو أي جهة مختصة وفى حالة العودة لأي من الأفعال السابقة تكون العقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن سنة، وللمجنى عليه أو وكيله الخاص أو لورثته أو وكيلهم الخاص، إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال وذلك في الجنح المنصوص عليها في هذه المادة، ويجوز للمتهم أو وكيله الخاص إثبات الصلح المشار إليه في الفقرة السابقة".
ما هو موقف المحكمة الدستورية العليا من هذا القانون؟
قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم قبول الدعوى رقم 31 لسنة 42 قضائية "دستورية"، المحالة من محكمة الجنح المستأنفة للفصل في دستورية المادة (49) من قانون المواريث، المضافة بالقانون رقم 219 لسنة 2017، فيما لم تتضمنه من لزوم وجود قسمة نهائية رضًا أو قضاءً لقيام جريمة الامتناع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث، وقررت المحكمة الدستورية العليا أن جرم فعل الامتناع عن تسليم النصيب الشرعى من الميراث فى عبارة عامة مطلقة تشمل جميع صور الامتناع، سواء وقع على الحصة الشائعة أو النصيب المفرز، ذلك أن كليهما يصح أن يكون محلاً للتسليم، بحكم صلاحية كل منهما لأن يحوزه حائز على وجه التخصيص والانفراد، ولا فارق بين الاثنين إلا فى أن حائز النصيب المفرز تكون يده بريئة من المخالطة، أما حائز الحصة الشائعة فيده بحكم الشيوع تخالط غيره من المشتاعين، إلا أن ذلك لا يحول دون قابليتها للتسليم والحيازة.
فملكية الحصة الشائعة بصريح نص المادة (826) من القانون المدنى ملكية تامة، يجمع مالكها فى يده جميع عناصر الملكية من استعمال واستغلال وتصرف، وينصب حقه مباشرة على حصته فى المال الشائع، وبذلك يُعد الامتناع عن تسليمها أحد صور الامتناع المؤثم بموجب النص المطعون فيه، وذلك إلى جانب الصور الأخرى التى يكون محلها الامتناع عن تسليم النصيب المفرز، سواء كان ذلك بموجب قسمة رضائية أو قضائية طبقاً لأحكام القانون المدنى أو غيرها، التى تمثل أحكام المواريث، وتصفية التركة وقيمتها جميعها، أياً كان موضعها، التنظيم القانونى الحاكم لتحديدها، باعتبارها أحد عناصر الركن المادى لتلك الجريمة، المنوط بالمحكمة المختصة تحريه، وتفنيد الأدلة المثبتة له، وتكونّ من خلالها عقيدتها.
وهو ما يكون ما أُثير من مطاعن على النص مرده الخطأ فى تأويل هذا النص، وفهمه على غير معناه الحقيقى، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، فوق كونه يمثل خوضاً فى بواعث التشريع وملاءمته، ومناقشة لدوافعه، وتدخلاً فى السياسة التشريعية التى ينتهجها المشرع لتنظيم أوضاع بعينها، والتى لا شأن للمحكمة الدستورية العليا بها، كلما كان تنفيذها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من خلال النصوص القانونية، لا يناقض أحكام الدستور، مما لا محل معه لاستنهاض الولاية المقررة للسلطة التشريعية بمقتضى نص المادة (101) من الدستور، لتعديل النص المطعون فيه، بإضافة الحكم المشار إليه، ليضحى الدفع بعدم الاختصاص المبدى من هيئة قضايا الدولة، فى غير محله، وغير قائم على أساس سليم، مستعيناً رفضه، فضلاً عن ما يستتبعه ذلك من نفى مظنة الإغفال عن هذا النص، ويتعين معه القضاء بعدم قبولها.