قال الرئيس عبد الفتاح السيسى، إنه ليس خافيًا على أحد، خطورة الأزمة الراهنة، التى يواجهها السودان الشقيق وتداعيات الاقتتال الدائر، منذ ما يزيد على ثلاثة أشهر، والذى نتج عنه إزهاق أرواح المئات من المدنيين ونزوح الملايين من السكان إلى مناطق أكثر أمانًا داخل السودان، أو اللجوء إلى دول الجوار فضلًا عن الخسائر المادية الجسيمة التى تعرضت لها الممتلكات العامة والخاصة وتدمير العديد من المرافق الحيوية فى البلاد.
جاء ذلك خلال كلمة الرئيس السيسى فى الجلسة الافتتاحية لقمة دول جوار السودان التى تستضيفها القاهرة.
وتابع الرئيس السيسى: "ويضاف إلى ذلك، العقبات التى تواجه الموسم الزراعى، مما ترتب عليه نقص حاد فى الأغذية كما أدى الصراع وتداعياته السلبية، إلى تدهور المؤسسات الصحية، ونقص فى الأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية وهو الأمر الذى كانت له تداعيات كارثية، على مجمل الوضع الإنسانى".
واستهل الرئيس السيسى كلمته بقوله: "اسمحوا لى بداية، أن أرحب بكم جميعًا فى مصر وأشكركم على تلبية الدعوة، لحضور هذه القمة المهمة، التى تنعقد فى لحظة تاريخية فارقة من عمر السودان الشـقيق يمر خلالها هذا البلد الجار العزيز على قلوبنا بأزمة عميقة لها تداعياتها السلبية على الأمن والاستقرار فى المنطقة والعالم، وعلى دول جوار السودان بشكل خاص، باعتبارها الأشد تأثرًا بالأزمة، والأكثر فهمًا ودراية بتعقيداتها مما يتعين معه على دولنا توحيد رؤيتها ومواقفها تجاه الأزمة، واتخاذ قرارات متناسقة وموحدة تسهم فى حل الأزمة، بالتشاور مع أطروحات المؤسسات الإقليمية الفعالة، وعلى رأسها الاتحاد الأفريقى وجامعة الدول العربية حفاظًا على مصالح ومقدرات شعوب دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة ككل".
وأكد الرئيس السيسى، أن هذا التدهور الحاد للوضع الإنسانى، وتلك التداعيات الكارثية للأزمة تتطلب الوقف الفورى والمستدام للعمليات العسكرية، حفاظًا على مقدرات الشعب السودانى الشقيق، وعلى مؤسسات الدولة، لتتمكن من الاضطلاع بمسئوليتها تجاه المواطنين، وهو ما يتيح الاستجابة الإنسانية الجادة والمنسقة والسريعة، من كافة أطراف المجتمع الدولى بما يرتقى لفداحة هذه الأزمة الخطيرة التى تتطلب معالجة جذورها، عبر التوصل إلى حل سياسى شامل، يستجيب لآمال وتطلعات الشعب السودانى.
وأشاد الرئيس السيسى، بالجهد الكبير والموقف النبيل الذى اتخذته دول جوار السودان التى استقبلت مئات الآلاف من النازحين، وشاركت مواردها المحدودة فى ظل وضع اقتصادى عالمى بالغ الصعوبة.
وطالب الرئيس السيسى، كافة أطراف المجتمع الدولى بالوفاء بتعهداتها التى تم الإعلان عنها، فى المؤتمر الإغاثى لدعم السودان، الذى عقد خلال شهر يونيو 2023، من خلال دعم دول جوار السودان الأكثر تضررًا، من التبعات السلبية للأزمة بما يعزز قدرتها على الصمود، ويرفع المعاناة، عن كاهل الفارين من النزاع إلى دول الجوار.
ونوه الرئيس السيسى، إلى أنه فور اندلاع الأزمة فى السودان، بادرت مصر باستقبال مئات الآلاف من الأشقاء السودانيين الذين انضموا إلى ما يقرب من خمسة ملايين مواطن سودانى يعيشون فوق الأراضى المصرية منذ سنين عدة، كما قدمت الحكومة المصرية، مساعدات إغاثية عاجلة تضمنت مواد غذائية وإعاشية، ومستلزمات طبية للأشقاء السودانيين المتضررين من النزاع داخل الأراضى السودانية.
وأكد الرئيس السيسى، أن مصر ستبذل كل ما فى وسعها بالتعاون مع كافة الأطراف لوقف نزيف الدم السودانى الغالى، والمحافظة على مكتسبات شعب السودان العظيم، والمساعدة فى تحقيق تطلعات شعبه التى عبرت عنها الملايين من أبنائه، خلال ثورته المجيدة، فى العيش فى وطنه بأمن وحرية وسلام وعدالة، كما ستعمل مصر على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية، المقدمة من الدول المانحة للسودان عبر الأراضى المصرية وذلك بالتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية.
وطرح الرئيس السيسى تصور مصر لخروج السودان من مأزقه الراهن الذى يرتكز على العناصر التالية:
أولًا - مطالبة الأطراف المتحاربة بوقف التصعيد، والبدء دون إبطاء، فى مفاوضات جادة تهدف للتوصل لوقف فورى ومستدام، لإطلاق النار.
ثانيًا - مطالبة كافة الأطراف السودانية، بتسهيل كافة المساعدات الإنسانية، وإقامة ممرات آمنة، لتوصيل تلك المساعدات، للمناطق الأكثر احتياجا داخل السودان ووضع آليات، تكفل توفير الحماية اللازمة لقوافل المساعدات الإنسانية، ولموظفى الإغاثة الدولية لتمكينهم من أداء عملهم.
ثالثًا - إطلاق حوار جامع للأطراف السودانية، بمشاركة القوى السياسية والمدنية، وممثلى المرأة والشباب يهدف لبدء عملية سياسية شاملة، تلبى طموحات وتطلعات الشعب السودانى فى الأمن والرخاء والاستقرار والديمقراطية.
رابعًا - تشكيل آلية اتصال منبثقة عن هذا المؤتمر، لوضع خطة عمل تنفيذية للتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية على أن تضطلع الآلية بالتواصل المباشر مع أطراف الأزمة والتنسيق مع الآليات والأطر القائمة.
وتوجه الرئيس السيسى بكلمة للشعب السودانى الشقيق والعزيز، قائلاً: "إن مشاهد الخراب والدمار والقتل التى نطالعها، تدمى قلوب كل المصريين.. نشعر بمعاناة أشقائنا فى السودان، ونتألم لآلامهم.. وندعو الله العلى القدير أن يزيل هذه المحنة فى أسرع وقت ".
ومن هذا المنطلق، أكد الرئيس السيسى ضرورة إعلاء كافة الأشقاء فى السودان للمصلحة العليا، والعمل على الحفاظ على سيادة ووحدة السودان، بعيدًا عن التدخلات الخارجية التى تسعى لتحقيق مصالح ضيقة، لا تخدم استقرار أو أمن السودان، بل والمنطقة وأشدد مرة أخرى على أن مصر لن تدخر جهدًا، للمساعدة فى استعادة الأمن والاستقرار والسلام فى ربوع هذا البلد الشقيق، بالتعاون مع كل الأطراف الجارة والصديقة.
واختتم الرئيس السيسى كلمته بقوله: "وأود مرة أخرى، أن أكرر شكرى للقادة المشاركين، على تلبية الدعوة لحضور هذه القمة التى نأمل أن تنجح فيها مهمتنا النبيلة فى مساعدة جار عزيز ودعم شعب شقيق، فى تجاوز محنته الحالية فى أسرع وقت".