فى ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التى تعانى منها دول العالم، بدأت بعض الحكومات فى ظل الامكانيات المحدودة أن تبحث عن حلولا تأتى بدخل اقتصادى يعوض الآثار السلبية للأزمة العالمية، ووجد بعض المسئولين فى نبتة القنب الهندى "الحشيش" ملاذا أمنا وفير الدخل.
وأحدث الدول التى اتجهت للاعتماد على هذا النبات المخدر للحصول على دخلا وطنية هى غانا، بعد أن صادق البرلمان الغاني، مؤخرا، على مشروع قانون يجيز إنتاج القنب الهندي للأغراض الطبية والصناعية.
ويجيز هذا النص تصنيع الأدوية ومنتجات كالفحم والخرسانة والمنسوجات من نبات القنب الهندي، كما سيتيح القانون لغانا الحصول على نصيب مهم من السوق العالمية لانتاج القنب الهندي والتي تقدر بمليارات الدولارات، ويتعلق القانون الجديد، حصريا بالمحاصيل المستخدمة للأغراض الصناعية والطبية.
ويمنح القانون وزارة الداخلية الغانية سلطة إصدار تراخيص لزراعة القنب الهندي، مما سيضمن استخدام هذا النبات لأغراض مفيدة.
وتوقع وزير الداخلية الغاني، أمبروز ديري، أن تكون للقانون آثار اقتصادية أيضا، مضيفا أن إنتاج القنب الهندي لتلبية الاحتياجات الطبية والصناعية يمكن أن يعود على غانا بموارد مهمة.
وأضاف المصدر نفسه، أنه لو كانت الدولة قد اتخذت هذا الإجراء في وقت مبكر، لما احتاجت إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي وتحمل عبء ديون تصل إلى 3 مليارات دولار.
وقبل غانا خطت سريلانكا نفس الخطوة تلك الدولة الآسيوية التى تعانى أزمة اقتصادية خانقة، حيث أعلنت سريلانكا عن إنشاء اللجنة البرلمانية بتوجيه من الرئيس رانيل ويكرمسينج لإضفاء الشرعية على الحشيش كمنتج للتصدير.
وتضم اللجنة الرفيعة المستوى وزير العدل، ووزير الدفاع، ووزير الزراعة، ووزير الدولة للسياحة، ووزيرة الدولة لطب السكان الأصليين، ومستشار الرئيس للشؤون البرلمانية، و تجتمع اللجنة كل أسبوعين لتقديم التوصيات اللازمة إلى البرلمان.
وقالت وزيرة الدولة للسياحة، ديانا جاماج، التى اقترحت هذه المبادرة لأول مرة :"إن سريلانكا المتعطشة للدولار تستعد لإلغاء حظر راسخ بشأن السماح بالزراعة التجارية للقنب الطبي"، وأشاد مجتمع التصدير والدوائر بالخطوة التى اتخذتها الحكومة لتقديم مشروع قانون لإضفاء الشرعية على تصدير القنب الطبى حيث تم تحديده كمصدر رئيسى للإيرادات الأجنبية.
وقالت: "إن زراعة الحشيش وتصديره ليس بالأمر الجديد حيث أن أكثر من 30 دولة تزرعة وتصدره لأغراض مختلفة. وقالت: "مع النمو المنتظم للقنب، يمكن لسريلانكا أن تتوقع دخلًا يزيد عن 2.5 مليون دولار أمريكى سنويًا".
غانا وسريلانكا اتجهتا لهذا المسار بعد أن شرعت له الأمم المتحدة منذ سنوات قليلة عندما اتخذت قرارا برفع نبتتى الحشيش والقنب من فئة أكثر المخدرات خطورة، تماشياً مع توصية منظمة الصحة العالمية بإزالتهما من الجدول الرابع لاتفاقية 1961 فى شأن المخدرات، حين كانا مدرجين مع مادة الهيروين وكثير من المواد الأفيونية الخطرة.
ووجدت المنظمة أن القنب "لا يحمل" مخاطر كبيرة تؤدى إلى الوفاة، وقد أظهر إمكانية علاج الألم وبعض الحالات المرضية مثل الصرع، وهذا ما يجعله بديلاً أفضل عن الأدوية المصنعة.
قرارات الأمم المتحدة كانت بمثابة إعتماد "براءة" للحشيش والذى بدأت بعض الدول فى التعامل معه بشرعية، ووضع ترسانة تشريعية تٌنظم استخدامه وزراعته وتصديره، خاصة بعد تبينت العائدات الضريبية الكبيرة لهذا القطاع ودورها فى خلق فرص عمل، وتركيز المزارعين فى مناطقهم وتحسين معيشتهم، كما اعتبرتها بعض الدول طريقة لمنع التهريب والتجارة غير الشرعية التى تشكل سوقاً سوداء موازية لا تستفيد منها خزانة الدولة بشكل مباشر.
وتوجه الدول الفقيرة والتى تعانى أزمات اقتصادية جاء بعد أن سيطرت دولا كبرى على هذا السوق، حيث تحتل الصين المرتبة الأولى عالمياً فى هذا القطاع بإيرادات بلغت 1.4 مليار دولار أمريكى، حيث استحوذت على 39.5% من صادرات زيوت القنب عالميا.
وسمحت الحكومة الصينية خلال السنوات الأخيرة لمقاطعتين بزراعة نبات القنب الهندى بغرض الاستخدام الصناعى، ومنذ يناير 2010، كانت مقاطعة يونان السباقة إلى إصدار أحكام خاصة للترخيص لزراعة القنب الصناعى ومعالجته وبيعه.
ووفقًا للبيانات التى قدمها مكتب مكافحة المخدرات التابع لمكتب الأمن العام لمقاطعة يونان، منذ عام 2010، فقد وافقت الحكومة المحلية على زراعة أكثر من 15 ألف هكتار من القنب الصناعى فى 13 مدينة و38 قرية.
وبعد نجاح هذه التجربة، وعام 2017، تم السماح لمقاطعة لونغجيانغ شمال الصين بمراجعة “لوائح حظر المخدرات” للسماح بزراعة القنب الصناعى واعتماد إدارة خاصة لزراعته ومعالجته وبيعه. ونظرا للطلب الهائل من طرف مصانع الأدوية الصينية التقليدية، التى تعتمد بالأساس على الأعشاب الطبية، قررت حكومة لونغجيانغ وضع برنامج لتطوير أكبر محطة عالميا لمعالجة محاصيل التعاونيات المحلية عام 2021، بقدرة إنتاجية تبلغ 70 ألف طن من أجسام القنب، 10 ألاف طن من بذور القنب، و10 آلاف طن من المعالجة العميقة لزهور الأوراق، و300 ألف طن من الاستخدام الشامل للسيقان، ما سيمكن من خلق سلسلة صناعية متكاملة عموديا من الزراعة إلى المعالجة ثم التسويق فالبيع.
وتلى الصين فى قائمة الدول التى تعتمد على تصدير الحشيش فى دخلها القومى الهند، والتى بلغت قيمة صادراتها 392.2 مليون دولار أمريكى سنويًا.
ومن بين المصدرين الرئيسيين الآخرين للقنب الولايات المتحدة بقيمة 287 مليون دولار أمريكى، وبينما أبقت الولايات المتحدة الحظر على بيع واستهلاك القنب على المستوى الفيدرالى، إلا أن 29 ولاية أمريكية رخصت استخدامه لدواعٍ طبية و8 ولايات شرعت تدخينه، ففى كاليفورنيا ونيفادا وآلاسكا وكولورادو يمكن شراء وتعاطى الحشيش بكل حرية، لكن فى إطار الكميات المسموح بها.
وحقق قطاع القنب الهندى والماريجوانا فى ولاية كاليفورنيا، أرباحاً مالية كبيرة وعائدات ضريبية هائلة، ويرى كل المستثمرين أن هذه السوق ستنمو بشكل كبير خلال السنوات المقبلة، وها هى تجذب عشرات مليارات الدولارات حول العالم على شكل استثمارات فى هذا القطاع.
وتشمل قائمة أكبر المصدرين لنبات القنب الهندى أيضا، إسبانيا 238.1 مليون دولار أمريكى، وألمانيا 233.7 مليون دولار أمريكى، وإيطاليا 126.4 مليون دولار أمريكى.