يُعد القطاع الزراعى من القطاعات الرئيسة ذات الأولوية فى إطار البرنامج الوطنى للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى فى مرحلته الثانية، والتى تُركّز على الاقتصاد "الحقيقى" وإجراء إصلاحات هيكلية فى البنيان.
وتبرز أهميّة تنمية القطاع الزراعى نظرًا لتنامى الاحتياجات الغذائية للمواطنين فى ظل النمو السكانى المتسارع، مع تجاوز تعداد السكان 105 مليون نسمة، فضلًا عن دور الزراعة الفاعل فى توفير مستلزمات النهضة الصناعية من الخامات الأولية والمستلزمات الوسيطة، حسبما تشير وثيقة خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسنة المالية 2023/2024 المقدمة من وزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد ووافق عليها البرلمان بغرفتيه ( النواب، الشيوخ).
وتشير الوثيقة إلى أنه من منظور التنمية المستدامة تلعب الزراعة دورًا رئيسًا فى تفعيل أبعادها الثلاثة (الاقتصادية، والاجتماعية والبيئية) فمن الناحية الاقتصادية تعتبر الزراعة المصدر الرئيسى للتشغيل، حيث مراجعة من خطة 2024/32 تستوعب وحدها نحو 20% من جملة المُشتغلين بالأنشطة الاقتصادية، كما تُسهم بنحو 12% من الناتج المحلى الإجمالى، فضلًا عن إسهاماتها فى النشاط التصديرى للدولة، بنسبة مشاركة لا تقل عن 15% فى جملة الصادرات السلعية غير البترولية.
ومن الناحية الاجتماعية تنبع أهمية الزراعة من مُساهمتها فى توفير الأمن الغذائى لجموع المواطنين. ومن اتساع رقعتها الجُغرافيّة بما يسمح بتوطين نحو 55% من التعداد السكانى فى المناطق الريفية، وتوفير الإنتاجى للدولة مصدر دخل للأسر المقيمة بهذه المناطق، الأمر الذى يُسهم بدوره فى الحد من مشكلة الفقر وفى تقليل التفاوتات فى نمط توزيع الدخول بين الحضر والريف. أما من حيث البعد البيئى، فتلعب التنمية الزراعية دورًا مُهمًا فى زيادة المساحات الخضراء وحفظ التنوّع البيولوجى ومكافحة التصحر وكافة مظاهر التلوّث، سواء الأرضى أو المائى أو الجوّى.
وألقت خطة التنمية الضوء على أهم التوجهات فى القطاع الزراعى خلال العام الجديد فى مقدمتها، زيادة الاستثمارات الموجهة لبرامج التوسع الأفقى والرأسى لتأمين احتياجات المواطنين من السلع الاستراتيجية الرئيسة، مما يُسهم فى رفع نسب الاكتفاء الذاتى، وتقليل الاعتماد الكبير على الواردات، وتحسين مستويات الإنتاجية ورفع كفاءة استخدام الموارد الأرضيّة من خلال تطبيق التقنيات الحديثة البديلة فى الزراعة والرى واستنباط سُلالات جديدة ومتطوّرة، والاختيار الدقيق للتركيب المحصولى الذى يُلبى مستهدفات التنمية الزراعية المستدامة.
وتتضمن التوجهات، الترشيد المستمر فى استخدامات المياه من خلال التوسع فى مشروعات الرى الحقلى الحديث وتبطين وتأهيل الترع وتطوير المساقى وتطهير وتغطية المصارف، بما يُعظم من عائد وحدة المياه المستخدمة فى الزراعة، ويُؤدّى إلى زيادة القيمة المضافة، والنهوض بالطاقات الإنتاجية للقطاعات المُساندة والمتداخلة مع النشاط الزراعى، وتشمل قطاعات الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية، وذلك من خلال التصدّى للاختناقات والتحديات التى تواجه تنمية هذه الأنشطة الفرعية، وتفعيل البرامج المُستهدفة لتسريع معدلات نموها.
يأتى ذلك إلى جانب مواصلة الجهود الرامية لتحسين كفاءة القطاعات الخدمية ذات الصلة بالقطاع الزراعى، كالنقل والتخزين والخدمات اللوجيستية والتجاريّة والتسويقيّة، ما يُسهم فى تقليل الفاقد الزراعى، وتيسير النفاذ للأسواق الداخلية والخارجيّة، وتحقيق عائد مُجزٍ للمزارعين، والتوجه نحو تكثيف الزراعات العضويّة صديقة البيئة والاستخدام الآمن للمبيدات لتحسين نوعية المنتجات الزراعيّة وضمان سلامة الغذاء وفتح منافذ عديدة للتسويق.