لا تقتصر موازنات الدول على البنود الأساسية فقط كبند المصروفات والإيرادات وبنود الأجور والخدمات والدعم وشراء السلع، وإنما تشتمل أيضًا على بنود أخرى قد توصف بـ"النثريات" أو بنود فرعية، خاصة أنه من قواعد إعداد الموازنات أن تحتوى على بيان تفصيلى لكل نفقات الدولة المتوقعة خلال سنة مالية قادمة وكذلك الإيرادات المتوقع تحصيلها.
وبالرغم من أنه يجب على الحكومة وضع بيان تفصيلى لكافة نفقاتها المتوقعة خلال العام المالى بما فيها "النثريات" والبنود الفرعية إلا أنها مطالبة أيضًا بمحاولة خفض نفقات تلك "النثريات" قدر الإمكان وتوجيه ما يتوافر منها لبنود وأغراض أخرى أكثر أهمية بالموازنة، وبالفعل هو ما تحاول الحكومة تنفيذه حاليًا بدءً من موازنة العام المالى الحالى 23/2024.
الدعاية والإعلان
ووفقاً للتقرير الصادر عن لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب حول الخطة العامة للدولة ومشروع موازنتها للسنة المالية 23/2024، تمثلت "نثريات" الحكومة بموازنة هذا العام، أولًا فى نفقات لبند "النشر والإعلانات والدعاية"، حيث خصصت نحو 989.1 مليون جنيه لهذا البند، مقابل 599.7 مليون جنيه فى العام المالى المنتهى 22/2023.
وتعليقًا على نفقات هذا البند والتي شهدت ارتفاعًا كبيرًا في الموازنة الحالية، ترى لجنة الخطة والموازنة أن ارتفاع معدل زيادة هذا النوع من النفقات للسنة المالية الحالية 23/24 عن السنة المالية المنتهية 22/23 يعد مؤشرًا سلبيًا، مطالبًة الحكومة بخفض معدل الزيادة فى مثل هذه البنود "الإعلانات والدعايا" خلال موازنات السنوات المالية القادمة، فضلاً عن توجيه تلك المخصصات أو ما يتوفر منها إلى أغراض أخرى فى إطار يحقق أهداف الجهات الداخلة فى الموازنة العامة للدولة وبما ورد فى القوانين والقرارات المنظمة.
أيضاً، اشتملت "نثريات" أو البنود الفرعية للحكومة فى موازنة العام المالى الحالى 23/2024، على مخصصات لنفقات تنفيذ الأحكام القضائية المتوقع صدورها ضد الجهات الداخلة فى الموازنة العامة للدولة للسنة المالية الحالية، حيث خصصت الحكومة لهذا البند نحو مليار و 23 مليون جنيه، مقابل 940.9 مليون جنيه فى العام المالى المنتهى 22/2023، بزيادة بلغت 82.4 مليون جنيه بنسبة ارتفاع 8.7%.
وبمقارنة مخصصات هذا البند على مدار الأعوام المالية السابقة، تبين أن هناك ارتفاع فى تلك المخصصات فى كل عام عن العام السابق له، حيث بلغت تلك المخصصات 334.1 مليون جنيه فى العام المالى 19/2020، مرتفعة إلى 562.8 مليون جنيه فى العام التالى 20/2021، وواصلت الارتفاع إلى 789.7 مليون جنيه فى العام المالى 21/2022، وكذلك فى العام المالى المنتهى 22/2023 بمخصصات 940.9 مليون جنيه، حتى تجاوزت المليار جنيه في العام المالى الحالي 23/2024.
وفى ضوء تلك المخصصات المرتفعة، طالب البرلمان الحكومة بمزيد من ترشيد الإنفاق فى هذا البند، وضرورة البحث الجدى فى الأسباب التى أدت إلى صدور أحكام قضائية ضدها فى السنوات المالية الأخيرة وهو الأمر الذى أدى إلى تحملها نفقات خصمًا من الخزانة العامة على النحو المشار إليه.
كما اشتملت البنود الفرعية للموازنة العامة للدولة هذا العام ، على مخصصات لبند "الصيانة"، حيث خصصت الحكومة نفقات بنحو 16.1 مليار جنيه لصيانة أصول وممتلكات الجهات الداخلة فى الموازنة العامة للسنة المالية 23/2024، وذلك مقابل نفقات خصصت لهذا الغرض فى السنة المالية السابقة 22/2023 بقيمة 15.1 مليار جنيه، بزيادة بلغت نحو مليار جنيه وبنسبة ارتفاع 6.7%.
ومن الجدير بالذكر، أن قيمة المقدر من النفقات المخصصة للصيانة للسنة المالية الحالية تعادل نحو 30.2% من قيمة المقدر من النفقات المخصصة لمجموعة الخدمات، مقابل 31.3% للمقدر من قيمتها مقارنة بالنفقات المخصصة لمجموعة الخدمات في السنة المالية 22/2023، وهو ما راته اللجنة أمرًا سلبيًا، بعد انخفاض قيمة المستحوذ لبند الصيانة من بند الخدمات، وذلك لاعتبار الصيانة هي المدخل الأساسى للحفاظ على أصول الحكومة ورفع كفاءة تشغيلها.
حيث ترى اللجنة أن هناك بنود من البنود الفرعية انخفاض النفقات بها يضر، والعكس صحيح في بنود أخرى، ارتفاع النفقات بها هو الذى يضر، مثلما الحال في البنود المذكورة سابقًا، فارتفاع نفقات بندى الإعلانات والأحكام القضائية كان أمرًا سلبيًا ويجب ترشيده، ولكن، الأمر مختلف تمامًا في بند مثل بند الصيانة، يحتاج لرفع النفقات المخصصة له باستمرار وعدم خفضها، لأن تخفيضها يضر بأصول وممتلكات الدولة.
بند آخر من البنود الفرعية للموازنة، هو بند الطباعة وحقوق التأليف، والذى يتصدره دائمًا طباعة الكتاب المدرسى الذى تمثل نفقاته أكثر من 72% من النفقات الإجمالية لهذا البند، وبحسب تقرير لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، خصصت الحكومة في الموازنة الحالية 23/2024 لهذا البند أكثر من 5.5 مليار جنيه، مقابل 4.2 مليار جنيه في العام المالى المنتهى 22/2023، بزيادة بلغت قيمتها نحو 1.2 مليار جنيه.
أما نفقات طباعة الكتاب المدرسى، فمخصص لها نحو 4 مليارت و 18 مليون جنيه هذا العام، وهو الاعتماد الذى رأت اللجنة أنه يزيد من عام إلى عام مما يتطلب معه البحث عن طرق بديلة للسيطرة على تكلفة هذا الاعتماد، والتي من بينها استخدام الكتاب المدرسى أكثر من عام بنظام التداول بين التلاميذ بالسنوات المختلفة أسوة بالمتبع في بعض الدول مع منح حافز مادى للتلميذ الذى يقوم بتسليم الكتاب المدرسى في نهاية العام الدراسى بحالة جديدة صالحة للاستعمال.