تشهد الرياضة في الملاعب في معظم أنحاء العالم وعلى وجه الخصوص في البلاد العربية تحولا خطيراً بفعل التعصب الأعمى فقد تحولت الرياضة من كونها وسيلة تقارب وتواصل بين الشعوب ونشر المبادئ السمحة، إلى وسيلة تناحر وتنافر، بل وازدادت مساحة الفجوة بسبب قيام بعض الرياضيين وإداريي الأندية وبعض الصحافيين، وبعض القنوات إلى أبواق تنثر التعصب وهذا ينمي الحقد والكراهية، وتلك المشاهد المؤسفة شوهت جمال الرياضة، ويجب ايقاظ صوت العقل حفاظاً على سلامة المجتمع.
باب التى وصلت بحالة الرياضة فى مصر إلى هذه الدرجة من الفوضى والارتباك، فمازالت الخلافات والصراعات تدور بين المؤسسات الرياضية والسبب فى ذلك أن الأوضاع التي أصبحنا عليها، فهناك صراعات تدور بين النوادى وخلفها أطراف خارجية لا أحد يعلم كيف تسللت للساحة الرياضية خاصة كرة القدم وظهرت حساسيات بين الأندية وظهرت أموال وتبرعات لا أحد يعرف من أين جاءت، وللأسف الشديد هناك تراجعا في الدور الثقافي الإعلامي للصحافة الرياضية، وافتقار الإعلام الرياضي في الأغلب إلى أطر إعلامية مؤهلة ومتخصصة رياضياً وإعلامياً.
الجامع لعقوبات جرائم فوضى التصريحات الرياضية المسيئة
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكاليات الرياضة وكيفية تصدى القانون لتلك التجاوزات في عالم الرياضة ومن ضمنها الصحافة الرياضية، فدورها يتميز في بعض الأحيان بـالانحياز والمبالغة، وبعضهم غير محايدين ينتمون لأندية على حساب الأندية الأخرى، وبعض الإعلام غير قائم على مرتكزات وأسس موضوعية ويفتقد للشفافية والمصداقية، وبالتالي تحولوا إلى أبواق للأندية التي ينتمون إليها ومن الطبيعي أن تستقر في الأذهان ظاهرة العداء المضاد من قبل الجماهير، حيث أن ازدياد ظاهرة التعصب لم يكن وليد الصدفة فقد نمت وترعرعت بفعل عدة عوامل ترتبط بثقافة الجماهير ووعي الصحافي وفكر الأجهزة الإدارية والفنية ومسؤولي مجالس إدارة الأندية – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى.
في البداية - ويتحمل الإعلام الرياضي والرياضيين ومسؤولي الأندية مسؤولية كبرى في توجيه الجمهور وتوعيته بالفهم العلمي الصحيح لمبادئ الرياضة، ومن مهامهم الأساسية قتل التعصب والتعامل بعقلانية أكثر حتى في أحلك الظروف، وليس إذكاء التعصب، وما نراه اليوم من وسائل إعلامية موجهة لجماهير المتلقين يندى لها الجبين حيث الجري والهرولة وراء الإثارة المفتعلة ومحاولات صناعة الصراعات لاعتبارات ومصالح شخصية ضيقة – وفقا لـ"صبرى".
الوضع في المجال الرياضي يحتاج إلى وقفة جادة للحساب
وندق ناقوس الخطر أن الوضع في المجال الرياضي يحتاج إلى وقفة جادة للحساب وتقييم لمفرداته كافة ويحتاج إلى تدخل من الجهات المعنية لتوضيح الأهداف والرؤى، ويحتاج من هذه الجهات أيضا إلى الرقابة والتدخل حينما تحيد الرسالة الإعلامية والرياضيين عن أهدافهم، والوضع يزداد خطورة والذي بات حالياً فوق فوهة بركان، لذلك يجب على التعامل بكل حزم وفقاً للقانون مع جميع مفردات المنظومة الرياضية لضبطها واتخاذ إجراءات قانونية رداعة لمنع كل ما تسول له نفسه التجاوز في حق الآخرين والافتئات على حقوقهم، ويجب عدم الأضرار بكافة مسارات المنظومة الرياضية – الكلام لـ"صبرى".
قانون العقوبات يتصدى لجرائم السب والقذف
هناك تجاوزات عديدة من المنتمين للوسط الرياضي ومنهم من أرباب المسئوليات الإدارية أو الفنية ومجالس إدارات الإندية، وبعضهم من خارج الوسط، تلك الأفعال وصلت لحد ارتكاب جرائم السب والقذف، فضلاً عن التعدي على قيم المجتمع، وقيام آخرين بترويج الشائعات لإثارة الجماهير على غير الحقيقة، وذلك من خلال منصات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ومن خلال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، وتلك الأفعال تشكل جرائم جنائية ومعاقب عليها بعدة قوانين منها على سبيل المثال لا الحصر ما نص عليه قانون العقوبات فى مواده أرقام : المادة 102 مكرر / فقرة 1، 171، 184، 185، 188، 302، 303، 305 ، 306، 307، 308، 308 مكرر، 309 مكرر، 309 مكرر أ ، 309 مكرر ب – هكذا يقول الخبير القانوني.
ونصت المادة 302 / 1 من قانون العقوبات على تعريف جريمة القذف بأنه: "يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه"، كما عاقبت المادة 303/1 على عقوبة جريمة القذف بالنص على: "يعاقب على القذف بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه"، وبخصوص جريمة السب فقد نصت المادة 306 على تعريف جريمة السب والعقوبة المقرر له: "كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن خدشا للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه فى الأحوال المبينة بالمادة 171 غرامة لا تقل عن ألفى جنيه ولا تزيد عن 10 آلاف جنيه" – طبقا لـ"صبرى".
عقوبة الإهانة وخدش الحياء وسمعة العائلات
وبينت المادة 308 من ذات القانون الحالات التى يحكم فيها بعقوبة مشددة على المتهم فى جريمتى السب أو القذف بالنص على: "إذا تضمن العيب أو الإهانة أو القذف أو السب الذى ارتكب بإحدى الطرق المبينة فى المادة "171" طعنا فى عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات تكون العقوبة الحبس والغرامة معا فى الحدود المبينة فى المواد 179 و181 و182 و303 و306 و307 على ألا تقل الغرامة فى حالة النشر فى إحدى الجرائد أو المطبوعات عن نصف الحد الأقصى وألا يقل الحبس عن 6 شهور".
قانون الرياضة يقف بالمرصاد
وكذلك ما نص عليه قانون الرياضة رقم 71 لسنة 2017 فى المادة رقم 84 منه والتى تنص على يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن آلف جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من سب أو قذف أو أهان بالقول أو الصياح أو الإشارة شخصا طبيعيا أو اعتباريا أو حض على الكراهية أو التمييز العنصرى بأى وسيلة من وسائل الجهر والعلانية فى أثناء أو بمناسبة النشاط الرياضى، وتضاعف العقوبة إذا وقعت الأفعال السابقة على إحدى الجهات أو الهيئات المشاركة فى تأمين النشاط الرياضى أو أحد العاملين به.
كما تنص المادة 88 من ذات القانون: على إنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل على 50 ألف جنيه ولا تزيد عن 100 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع ضد لاعب أو حكم أو أحد أعضاء الأجهزة الفنية أو الإدراية للفرق الرياضية أو احد أعضاء مجالس إدراة الهيئات الرياضية لحمة على الامتناع عن المشاركة فى النشاط الرياضي أو بغرض التأثر على نتيجته لصالح طرف دون آخر.
عقوبات تطال أعضاء مجلس الإدارة وعزلهم وحرمانهم من مناصبهم
وكذا المادة 94: من نفس القانون: والتى تنص على أن كل حكم بعقوبة من العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون يستلزم حتما حرمان المحكوم عليه من صلاحيته لعضوية مجلس إدارة أي من الهيئات الرياضية لمدة خمس سنوات، وينص أيضاً قانون تنظيم الهيئات الشبابية رقم 218 لسنة 2017 فى المادة "45" منه على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام قبل المباريات أو الأنشطة الشبابية أو الرياضية في الهيئات الشبابية أو أثناها أو بعدها، بأي من الأفعال الآتية :
1- الإخلال بالأمن أو حسن الآداب، أو حمل أو ألقى مواد صلبة أو متفجرة أو قام بإشعال مواد ملتهبة أو حارقة.
2- تعطيل سير المباريات أو الأنشطة الشبابية أو الرياضية، أو الاعتداء بالقول أو الفعل على الفرق الرياضية أو أحد أفرادها أو الحكام أو معاونيهم. أو المدربين أو الإداريين، أو منفذى الأنشطة الشبابية، أو العاملين بالهيئة أو قوات الأمن.
3- إتلاف الأموال الثابتة أو المنقولة في الهيئة الشبابية.
عقوبات تجرم الرياضين من التعدى على قيم المجتمع
وكذا المادة "47" من ذات القانون التي تنص على أن كل حكم بعقوبة من العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون يستلزم حتماً حرمان المحكوم عليه من صلاحيته لعضوية مجلس إدارة أى من الهيئات الشبابية لمدة 5 سنوات، كما تضمن قانون رقم 175 لسنة 2018 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات فى مواده أرقام 25 ، 26 ، 27، 29، 34 ، 36، وعقوبات تجرم التعدي على قيم المجتمع، وتنص المادة 25 منه يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن ستة أشهر، وبغرامة لاتقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو باحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الاسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياه الخاصة أو ارسل بكثافة العديد من الرسائل الاليكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع اليكترونى لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو باحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو اخبار أو صور وما فى حكمها، تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة ام غير صحيحة.
الجرائم الإلكترونية في مجال الرياضة
وتنص المادة 26 من ذات القانون على عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه لا تجاوز 300 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوي مناف للأداب العامة أو لاظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه، وكذا قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 فى مواده أرقام 70 ، 76 حيث تنص المادة 76 فقرة 2 من قانون تنظيم الاتصالات 10 لسنة 2003 على أنه:
"مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تتجاوز 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، وهذا مؤداه إن القانون جرم فعل الإزعاج أو المضايقة المتعمدة، فأي إزعاج أو مضايقة تتم عبر جميع أجهزة الاتصالات يشكل جريمة طبقاً للمادة سالفة الذكر فمن يقوم بإرسال رسائل عبر شبكة الانترنت أو علي التليفون المحمول تتضمن إزعاجاً أو مضايقة لمستقبلها يكون مرتكبا لهذه الجريمة، ويجب ثبوت الاتهامات المنسوب صدورها إلى المتهم من قيامه بسب المجني عليه عن طريق الهاتف وتعمده مضايقة وإزعاج المجني عليه بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات التي تنطوي على توافر ركني تلك الجرائم في حق المتهم وهما:
1- الركن المادي والمتمثل في قيامه بإرسال رسائل إلى المجني عليه تشكل جريمة فضلاً عما سببته من إزعاج ومضايقة المجني عليه.
2- الركن المعنوي وهو علمه بمباشرته نشاطه الإجرامي محل الركن المادي لتلك الجرائم واتجاه إرداته إلى تحقيق ذلك.
علاقة قانون تنظيم الصحافة والإعلام بمواجهة الجرائم الرياضية
وقانون 180 لسنة 2018 تنظيم الصحافة والإعلام فى مواده أرقام 4 ، 5 ، 19 ، 29.
مادة (19) من هذا القانون يحظر على الصحيفة أو الوسيلة الإعلاميـة أو الموقع الإلكترونى، نشرأو بث أخبارً كاذبة أو ما يدعـــو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوى على تمييز بين المواطنين أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب أو يتضمن طعنًا فى أعراض الأفراد أو سبًا أو قذفًا لهم أو إمتهانا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية، وتنص مادة (20) من ذات القانون يحظر فى أية وسيلة من وسائل النشر أو البث، التعرض للحياة الخاصة للمواطنين أو المشتغلين بالعمل العام، أو ذوى الصفة النيابية العامة، أو المكلفين بخدمة عامة، إلا فيما هو وثيق الصلة بأعمالهم وأن يكون التعرض مستهدفا المصلحة العامة.
بناء عليه نطالب الجهات المعنية التعامل بكل حزم وفقاً للقانون مع جميع مفردات المنظومة الرياضية لضبطها، لمنع كل من تسول له نفسه مخالفة القانون، وتحقيق الغاية من ممارسة الرياضة وهي بناء أجيال تتحلي بالخلق القويم والسلوك المستقيم، وتعزيز روح العمل الجماعي، وتنمية العمل بروح الفريق، واكتساب الأخلاق الرياضية العالية، مما يعزز ثقافة الحوار والتسامح واحترام الآخرين، ونبذ التعصب وإذكاء المنافسة الشريفة، مما يكون له أكبر الأثر في تقوية العلاقات الاجتماعية، توثيق الروابط والمحافظة على قيم المجتمع، بالإضافة إلى ضرورة تغليظ العقوبة وتنفيذها بشكل صارم وحاسم لعودة الروح الرياضية لما كانت عليه من قبل فوضى التصريحات الرياضية المسيئة.