أصدرت الدائرة السابعة بمحكمة جنايات طنطا – حكما في غاية الأهمية يهم أصحاب الشركات ورجال الأعمال الذين يتم استخدام الهواتف المحمولة بأسمائهم ثم يتم ارتكاب الجرائم بها من خلال العاملين بالمؤسسة، حيث قضت ببراءة رجل أعمال من تهمة التهديد والابتزاز الالكتروني الملفقة من موظفة بأحد شركاته، والتي استغلت مهام عملها في الرد علي عملاء الشركة عبر تطبيق "الواتس آب" لترسل لنفسها رسائل تهديد ويحال إلي محكمة الجنايات ويصدر ضده حكما غيابيا بالسجن المشدد خمسة سنوات، ثم يقوم بعمل إعادة إجراءات لإعادة محاكمته حضوريا، وتقضى المحكمة ببرائته، ورفض الدعوي المدنية وإلزام رافعتها بالمصروفات.
صدر الحكم في القضية المقيدة برقم 15716 لسنة 2022 جنايات أول طنطا، لصالح المحامى الدكتور عصـام أحمـد الحمــوري، برئاسة المستشار عبدالحى عبدالله، وعضوية المستشارين شريف محمد، ومحمد عبد الشافى، وبحضور كل من وكيل النيابة أحمد عبد المحسن، وأمانة سر أشرف المحمدى.
الوقائع.. موظفة تتهم صاحب الشركة بتهديدها وابتزازها للزواج منها
اتهمت النيابة العامة المتهم "ل. م" المذكور لأنه في غضون شهر يناير لعام 2021 بدائرة قسم أول طنطا - محافظة الغربية - هدد المجنى عليها كتابة بإفشاء عدد من الصور المتحصل عليها من الجريمة - موضوع الاتهام اللاحق - وذلك لحملها على القيام بعمل وهو الامتثال لأوامره لإقامة علاقة جنسية معه على النحو المبين بالتحقيقات، واعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمجنى عليها سالفة الذكر بأن تحصل على صور خاصة بها من هاتفها المحمول دون رضاها وإرسال عده رسائل مخدشه للشرف عبر تطبيق موقع التواصل الاجتماعي "واتس اب" على النحو المبين بالتحقيقات، فضلا عن أنه اعتدى على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصرى وانتهك حرمة الحياة الخاصة للمجنى عليها سالفة الذكر بأن تحصل خلسة على صور خاصة بها من هاتفها المحمول وإرسال عدة رسائل مخدشه للشرف عبر تطبيق موقع التواصل الاجتماعى "واتس آب" على النحو المبين بالتحقيقات، وتعمد إزعاج المجنى عليها سالفة الذكر، وذلك بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات.
النيابة تحيل المتهم للمحاكمة العاجلة
وفى تلك الأثناء – أحالته النيابة العامة لمحكمة الجنايات، وطلبت عقابه بالمواد 166 مكرر، 309 مكرر/1 (بند ب)، 309 مكرر (أ) 1-2، 327/1 من قانون العقوبات، والمادة 76/2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 والمادة 25 من القانون 175 لسنة 2018 بشأن تقنية المعلومات، وذلك على سند من شهادة المجنى عليها، والعقد "اكرامى. ع"، وما ثبت من تقرير الإدارة العامة للمساعدات الفنية قطاع نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية، فقد شهدت الشاهدة الأولى "ليلى. ع"، المجنى عليها – بتحقيقات النيابة العامة بأنها على إثر عملها لدى المتهم طلب منها الزواج، فرفضت، وتركت العمل لديه وأنه تحصل على صور خاصة بها من هاتفها المحمول وأرسلها لها عبر تطبيق "واتس آب" تتضمن عبارات خادشة للحياء وتهديد بنشر تلك الصور نظير إقامة علاقة جنسية معها.
تقرير نظم الاتصالات والمعلومات وشهادة الشهود يثبتان صحة الواقعة
وشهد الشاهد الثانى العقد "اكرامى. ع"، رئيس فرع وسط الدلتا بالإدارة العامة للتكنولوجيا والمعلومات أن تحرياته أسفرت عن صحة ارتكاب المتهم للواقعة بأنه على إثر علاقة عمل كانت تجمعه بالمجنى عليها تحصل على صور خاصة بها من هاتفها المحمول وأرسلها لها عبر تطبيق "واتس آب" تتضمن عبارات خادشة للحياء وتهديد بنشر تلك الصور نظير إقامة علاقة جنسية معها.
وثبت من تقرير الإدارة العامة للمساعدات الفنية قطاع نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لوزارة الداخلية أنه بفحص الهاتف المحمول الخاص بالمجنى عليها - الشاهدة الأولى - وبالدخول على تطبيق "واتس آب" تبين وجود حساب منشأ على ذات التطبيق بالشريحة رقم "........"، وبفحص الرسائل الخاصة بذلك التطبيق تبين قيام مستخدم الهاتف المحمول الذى يحمل شريحة رقم "......." بإرسال رسائل لها تتضمن فحواها مضمون ما جاء بالصور المرفقة بتقرير الفحص الفني، بإجراء التحريات الفنية تبين أن الشريحة رقم "- ----" خاصة بالمتهم، ومرفق بتقرير الفحص الرسائل المرسلة من المتهم للمجنى عليها - الشاهدة الأولى - تتضمن العبارات محل الواقعة بأن وجهه إليها عبارات: "هاعمل الصور سبونسر علشان يشوفها نفر نفر، ها طبع من الصور 20 ألف نسخه ألوان توزع مجانا على أهالى الحى، وهخلى الملف يلف العالم، وملف صور ممكن ينزل على كل مواقع النت".
محامى المتهم يدفع ببطلان الدليل الفنى لعدم انطباق الاشتراطات والضوابط الفنية
وبجلسة المحاكمة مثل المتهم وحضر معه محام، ومثل وكيل المجنى عليها، وادعى مدنيا بمبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت، وانضم للنيابة العامة في طلباتها والدفاع الحاضر مع المتهم دفع ببطلان الدليل الفنى لعدم انطباق الاشتراطات والضوابط الفنية التي يجب أن تتبع في الدليل الرقمي كي يعد دليلا في الإثبات الجنائي وانعدام الكفاية الفنية للتقرير الفنى وتحريات الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات، وخلو الأوراق من استعلام من شركة الاتصالات وتحريات مباحث التليفونات يؤكدان أن الخط ملك للمتهم بشخصه، أن الهاتف رقم "....." خاص بالشركة ويستخدمه كافة الموظفين بالشركة، وكذا مكتبية التحريات وعدم جديتها، وخلو الأوراق من دليل يقينى يقطع بثبوت الاتهام قبل المتهم، وشرح ظروف الدعوى وتداولها بالتشكيك وعدم المعقولية وانتهى لطلب القضاء بالبراءة.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت في حيثيات الحكم وأسبابه: وحيث أن المحكمة بعد أن محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ترى أن الأدلة التي ركنت إليها النيابة العامة للتدليل على صحة الاتهام وسلامة إسناده للمتهم وصولا للقضاء بإدانته قد جاءت قاصرة عن بلوغ حد الكتابة لإدراك هذا القصد وآية ذلك: أولاً: أن المحكمة لا تطمئن لأقوال المجنى عليها شاهدة الإثبات الأولى إذ ليس من المتصورعقلا أن يقوم المتهم بالتحرش بها وتهديدها كتابة بإفشاء عدد من الصور المتحصل عليها من جريمته في عضون شهر يناير لسنة 2022 ولا تتوجه للإبلاغ عن الواقعة إلا بتاريخ 2 فبراير 2022 الساعة 11.45 صباحا رغم علمها بشخص المتهم وجميع بياناته أى أنها تراخت في الإبلاغ عن تلك الواقعة، كما أنه لا يعقل أن يقوم المتهم بالتحرش بالمجني عليها باللمس والألفاظ، ولم تقم بالإبلاغ عن تلك الجريمة ولم تصمم عليها بالتحقيقات الأمر الذى ترى معه المحكمة أن للواقعة صورة أخرى لم تكشف عنها الأوراق والتحقيقات.
المحكمة تفند الوقاعة في حيثيات الحكم وتؤكد عدم تصورها عقلا لهذه الأسباب
ثانيا: أن المحكمة تتشكك في اقوال المجنى عليها إذ جاءت متناقضة مع بعضها بمحضر جمع الاستدلالات والتحقيقات إذ نجد محاميها يقدم مذكرة قى صدر البلاغ أن المتهم تحرش بالمجنى عليها محاولا إقناعها بإنشاء علاقة محرمه وعندما امتنعت وقررت ترك العمل، قام بإرسال رسائل يوجد بها عبارات تحرش وصور خادشة للحياء وتهديدها بفضح أمرها، ونجد المجنى عليها تقرر استدلالا أن المتهم عرض عليها الزواج عرفيا، ولكنها رفضت وتركت العمل وأعطاها راتبها غير كامل، وعندما طالبته بباقى راتبها فوجئت بنشر صورها وإرسال رسائل لها وأنه تحصل على صورها من هاتفها الذى طلبه منها لإجراء مكالمة وتركته له ثم أرسله لها ثم عادت بالتحقيقات، وقررت أنها رفضت زواجها من المتهم لكبر سنه وأنها لظروفها عادنت مرة أخرى للعمل لديه، ثم تركته عندما تحرش بها مرة أخرى، وعندما طالبته بباقى راتبها قام بتهديدها بالرسائل سالف الذكر، وأن المتهم كان يأخذ هاتفها لعمل مكالمات لساعات مما تتشكك المحكمة في أقوال المجنى عليها.
المحكمة تقضى بالبراءة لعدم انطباق الاشتراطات والضوابط الفنية
ثالثا: أن المحكمة لا تطمئن إلى التحريات التي أجراها شاهد الإثبات الثانى المثبتة لدى سؤاله بتحقيقات النيابة العامة بتاريخ 11 مايو 2022 والتي جاءت متناقضة مع أثبته النقيب "أحمد. أ" بالإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات إدارة مكافحة جرائم تقنية المعلومات فرع وسط الدلتا بمحضر تحرياته المؤرخ 24 فبراير 2022 إذ قرر الشاهد الثانى أن تحرياته السرية باستخدام البرامج والتقنيات الحديثة تبين أن المستخدم الفعلى للهاتف محل الواقعة هو المتهم، بينما قرر النقيب "أحمد. أ" أن تحرياته السرية باستخدام البرامج والتقنيات الحديثة لم يتمكن الفحص الفني من تحديد المستخدم الفعلى لرقم الهاتف مرسل الرسائل.
رابعا: أن ما ثبت بتقرير الفحص الفني بأن الهاتف رقم "........." هو مرسل الرسائل محل الواقعة ليس دليل أن المتهم هو القائم بذلك الفعل، كما أن المحكمة تتشكك في خصوصية المتهم، لهذا الهاتف بمفرده كما لا تطمئن لما أثبته محرر تقرير الفحص الفني من أن تحرياته الفنية تبين أن الهاتف خاص بالمتهم ولم يثبت أنه الوحيد المختص به فقط من عدمه.
لما كان ذلك - وكان القضاء الجنائى يبنى على الجزم واليقين وليس على الشك والتخمين وكان الدليل القائم في الأوراق قبل المتهم عماده أقوال المجنى عليها والتي أحاط بها الشك من كل جانب ولا تطمئن إليها المحكمة وتعتد بإنكار المتهم ودفاعه الأمر الذى يتعين معه وعملا بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية القضاء ببراءة المتهم مما اسند إليه.