سلطت دراسة حديثة نشرها المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الضوء على القمة الخامسة عشرة لدول "بريكس" والتى عقدت منذ أيتام قليلة فى جوهانسبرج بجنوب أفريقيا .
وأوضحت الدراسة، التى أعدتها الباحثة أسماء رفعت، أن مصر تجنى جراء انضمام مصر إلى تجمع بريكس عدد من المنافع؛ فمن جهة يلاحظ ارتفاع معدلات التبادل التجارى بين مصر ودول مجموعة "بريكس" والتى سجلت ما يزيد على 31 مليار دولار بما يقدر بنحو 21% من قيمة تجارة مصر الخارجية خلال عام 2022، وقد استحوذت الصين على النصيب الأكبر بين دول المجموعة فى حجم التبادل التجارى مع مصر مسجلة نحو 16.2 مليار دولار، تليها الهند بقيمة 6 مليارات دولار، ثم روسيا بقيمة 4.7 مليارات دولار، ثم البرازيل بقيمة مليار دولار، وأخيرًا جنوب أفريقيا بقيمة 300 مليون دولار فى عام 2022 وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وتعكس تلك المؤشرات إمكانيات دعم وتعزيز التبادل التجارى بين مصر ودول المجموعة، خاصة بعد توسيع العضوية لتشمل 11 دولة، وتجدر الإشارة إلى تزايد فرص دعم تنافسية الصادرات المصرية فى ظل تراجع قيمة العملة المحلية، بشرط تنوعها وارتفاع جودتها والحرص على تصدير منتجات وسلع أساسية.
وعلى الرغم من تعدد المنافع والفرص المتوقعة من انضمام مصر للمجموعة، فإنه ينبغى التأكيد على ضرورة أن تظل العلاقات المصرية متوازنة مع مختلف دول العالم خاصة شركائها التجاريين من دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، مع أهمية استمرار الدولة فى تسوية ديونها الأجنبية؛ إذ إن آليات التمويل التى يقدمها "بريكس" لا تقدم حلولًا للديون السابقة بالدولار الأمريكى هذا بالإضافة إلى أهمية تركيز الدولة على تعزيز التعاون مع دول المجموعة من خلال نهج الشراكة والتكامل مع المنتجين والمستثمرين المحليين؛ بهدف نقل التكنولوجيا الأجنبية، مع التركيز على القطاعات الاقتصادية ذات الأولية ضمن خطة التنمية التى تتبعها الدولة.
وفى إطار سعى دول بريكس إلى إيجاد آليات تمويلية متنوعة لتمويل خطط الإصلاح الاقتصادى بالاقتصاديات الناشئة، نجد أن انضمام مصر إلى بنك التنمية الجديد التابع لبريكس يعزز فرص تنويع مصادر التمويل وإيجاد آليات بديلة عن الاقتراض التى تزيد من مخاطر تراكم الديون الأجنبية، بما يقلل الضغط المتزايد على الدولار، لاسيّما مع وصول مشاركة مصر بالبنك للحد الأقصى بما يعزز من قوتها التصويتية.
وتأتى أهمية تلك العضوية فى ظل سعى الدولة لتعزيز فرص جذب الاستثمار وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص المحلى والأجنبى لدعم فرص النمو والتنمية. وفى ظل عضوية مصر فى بريكس تتزايد فرص جذب الاستثمارات من دول المجموعة، لا سيّما فى ظل حرص دول التجمع على تعزيز فرص الشراكة مع القارة الأفريقية، وبناء قواعد صناعية ولوجستية فى مصر لتسهيل المرور إلى القارة الأفريقية.
واختتمت القمة أعمالها بإعلان سيريل رامافوزا رئيس جنوب أفريقيا قرار المجموعة بتوسيع عضويتها، ودعوة كل من: مصر، والسعودية، والإمارات، والأرجنتين، وإيران، وإثيوبيا، إلى الانضمام، على أن تدخل العضوية حيز التنفيذ بدءًا من يناير القادم عام 2024. وفى هذا السياق يلقى المقال الضوء على أهمية تجمع "بريكس" بالنسبة للاقتصاد العالمى والاقتصادات الناشئة، مع إلقاء الضوء على أبرز المنافع والفرص المتوقع أن تعود على مصر جراء الانضمام للمجموعة.
وذكرت الدراسة أن تجمع بريكس أُنشئ عام 2009 وضم فى عضويته البرازيل وروسيا والهند والصين، ثم انضمت إليه جنوب أفريقيا عام 2010، ويُعد بمثابة منظمة دولية مستقلة تعمل على تشجيع التعاون التجارى والسياسى والثقافى بين الدول المنضوية تحته، ويمثل أحد أهم التجمعات الاقتصادية عالميا؛ إذ يسهم أعضاؤه بنحو 25.6% من حجم الاقتصاد العالمى بنهاية عام 2022، ويبلغ حجم اقتصادات دول المجموعة 25.9 تريليون دولار حتى عام 2022، ويسيطر أعضاؤه على 20% من حجم التجارة العالمية، ويشغل ما يقرب من 27% من مساحة العالم، وتقدر نسبة سكان التحالف بنحو 41% من سكان العالم. وتعكس تلك المؤشرات أهمية التجمع بالنسبة للاقتصاد العالمى ومدى إسهامه فى سلاسل الإمداد العالمية، فضلًا عمّا يمثله من سوق استهلاكية كبيرة تعمل على جذب الاستثمارات.
وبرزت أهمية توسيع عضوية مجموعة "بريكس" فى ظل الظروف الاقتصادية العالمية الراهنة، والتى تلقى بظلالها على الاقتصاديات الناشئة بشكل خاص، وفى هذا الصدد، تعتزم دول المجموعة -من خلال زيادة أعضاء التجمع- إلى إعادة التوازن العالمى ودعم آليات التمويل ومواجهة قضايا تفاقم الديون؛ فمن جهة يعمل التكتل بتشكيله الجديد على تعزيز قدرات وإمكانيات أعضائه مستهدفًا إحداث التوازن بالاقتصاد العالمى فى مقابل مجموعة السبع، خاصة فى ظل الظروف والتطورات الجيوسياسية بين المعسكر الشرقى والمعسكر الغربي.
ومن جهة أخرى، تهدف دول المجموعة إلى إيجاد عملة موحدة "للبريكس" -استكمالًا لمراحل تطور التكتل الاقتصادي- يمكن استخدامها فى تسوية المعاملات الدولية، فى الوقت الذى يواجه فيه عدد كبير من الاقتصادات الناشئة أزمات اقتصادية حادة فيما يتعلق بقضايا الديون وتوفر الدولار. ومن جهة ثالثة، يقدم بنك التنمية التابع للمجموعة آليات تمويل مختلفة للمشروعات الاستثمارية، يمكنها أن تحفز مناخ الاستثمار بالاقتصادات الناشئة، وذلك فى مقابل برامج الإصلاح المشروطة التى تقدمها مؤسسات التمويل الدولية.
ورابعًا، يشار إلى أهمية وجود مصر ضمن تكتل يدعم المصالح السياسية والاقتصادية للدول الأعضاء، بما يؤدى إلى تعزيز التعاون والتقارب بين دول المجموعة، ويفتح آفاقًا جديدة لمناقشة القضايا العالقة بين دول المجموعة الجدد والقدامى، والتى يأتى من بينها قضية المياه.