ألقى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، كلمة خلال الجلسة العامة "أجندة المناخ الدولي" لقمة أفريقيا للمناخ، التى يشارك فيها نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسى، وتستضيفها العاصمة الكينية نيروبى على مدار يومى 5 و6 سبتمبر الجارى تحت عنوان "تحفيز النمو الأخضر وحلول تمويل المناخ لأفريقيا والعالم".
واستهل رئيس الوزراء كلمته بتحية بالترحيب بالرئيس ويليام روتو، رئيس جمهورية كينيا ورؤساء الدول والحكومات الحاضرين للقمة.
وقال: "أَودُ فى البداية أن أنقلَ لكم تحيات الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس جمهورية مصر العربية، وإنه لمن دواعى سرورى وفخرى أن أُشاركَ باسم مصر فى هذا الاجتماع رفيعِ المُستوى".
وتابع: "أتقدّمُ بخالص التهنئة والشكر للرئيس "رُوتو" ودولة كينيا الشقيقة على استضافة الاجتماع، لاسيما وأنه يأتى بعد أشهر قليلة من نجاح مصر وقارتِنا الأفريقية فى استضافة أكبر مؤتمر للأمم المُتحدة لتغير المناخ، بل وفى تاريخ العمل مُتعدد الأطراف حتى الآن".
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولى أن القمة تأتى فى الوقت الذى يشهدُ فيه عالمُنا، وبصفة خاصة قارتُنا الأفريقية زيادة فى وتيرة وَحِدَّة التبعات السلبية المُقترنة بالتغيرات المُناخية من موجات جفاف بالقرن الإفريقى ومنطقة الساحل، إلى حرائق غابات بالمغرب العربى، ومن أعاصير قاتلة بالجنوب الأفريقى، إلى زيادة فى درجة حرارة المحيطات وارتفاع سطح البحر بشواطئ مصر والدول الأفريقية المُتوسطية، وكلها تُؤَثِّر بصورة مُباشرة فى استدامة المعيشة وتُمثل ضُغوطًا جديدة ومُتزايدة على مجتمعاتنا وعلى بلداننا الإفريقية.
واستطرد: لذلك فإن مصرَ ومِنْ مُنطلق التزامها بالمساهمة الفعّالة فى الجهد الدولى لمواجهة والتعامل مع التغيرات المناخية، عملت بشكل حثيث على الخروج بنتائج ملموسة فى مؤتمر شرم الشيخ تُسهم فى الانتقال إلى مرحلة التنفيذ الفعلية عبر تسريع وتيرة تنفيذ الإجراءات والمشروعات على أرض الواقع، وتتعاملُ مع مطالب الدول النامية بتحقيق العدالة المناخية وتعزيز الجهد الدولى للتحول العادل والسريع للاقتصاد مُنخفض الانبعاثات والقادر على التعامل مع آثار تغير المناخ.
وقال رئيس الوزراء: حرصت مصر كرئيس للمُؤتمر على أن تكون شرم الشيخ محطة هامة لتسليط الضوء على خُصوصية الاحتياجات والظروف الأفريقية فى سياق الاستجابة للخطر الوجودى لتغير المُناخ.
وأضاف: فى ذات السياق، يأتى مؤتمرنا اليوم ليؤكد التزام قارتنا الأفريقية بتحقيق التحول العادل للاقتصاد الأخضر، ويدعم المطالب المشروعة بالحصول على نصيب عادل من الدعم المالى والتقنى، ومن تدفقات الاستثمارات الدولية بما يسمح بالاستفادة من الإمكانات الهائلة والموارد المتميزة فى قارتنا الأفريقية، ليس فقط لتمويل مشروعات خفض الانبعاثات ولكن أيضًا لمشروعات التكيف وبناء القدرة على الصمود، بالإضافة إلى توفير دعم الدول النامية لمواجهة الخسائر والأضرار المرتبطة بالمناخ، وأؤكد فى هذا الصدد على الدور الهام والمحورى الذى تقوم به لجنة رؤساء الدول والحُكومات الأفارقة، ومجلس وزراء البيئة الأفارقة، ومجموعة المُفاوضين الأفارقة فى تسليط الضوء على أولوياتنا الأفريقية فى مُواجهة تغير المُناخ وتبعاته.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن محور التوسع فى الطاقة النظيفة ومصادر الطاقة الجديدة والمُتجددة يقع فى قلب النموذج التنموى الجديد، وهو ما رحّبَتْ به دول القارة وتَرْجَمَتْهُ فى تعهداتها الوطنية بالتوسع فى الطاقة المتجددة، وتحفلُ قارتُنا بالأمثلة المُبِشِّرة والمُلهِمة، بما فى ذلك فى مصر التى وصلت لنحو 20% من إنتاج الطاقة من المصادر المُتجددة ساعية للوصول إلى 42% بحلول عام 2030.
وتابع: فى هذا الإطار أَودُ الإشادة بالرؤية التى طرحتَها الرئاسة الإماراتية لمؤتمر COP28 من خلال الدكتور سلطان الجابر حول مستقبل الانتقال للطاقة المتجددة، وهى رؤية تعكس بوضوح الطموح المطلوب وسيكون لها دور بالتأكيد فى إنجاح مخرجات مؤتمر COP28 وتلبيته توقعات أفريقيا والعالم النامي.
وأكد أن النفاذُ للتمويل يظل هو عُنق الزجاجة الذى يُواجه أفريقيا والدول النامية من أجل تحويل خططها وأحلامها إلى واقع مُعاش يُسهم فى مُعالجة الأزمة المُناخية وفى نفس الوقت لا يَمَسُّ بمسيرتها التنموية أو يُثقِل من ديونها.
وقال أن اجتماعنا اليوم يمثل فرصة ممتازة لتناول موضوعات تمويل المناخ، وتتمحور رؤية مصر فى هذا الصدد حول عدد من النقاط تتمثل فى ضرورة إعادة النظر فى أدوات التمويل المُتاحة حاليًا والتحول إلى التمويل المُيَسَّر والمِنح لتسريع وتيرة التحول المطلوب وأهمية مراجعة معايير تدفُق الاستثمارات لضمان حصول القارة الأفريقية على نصيبها العادل من التمويل والتأكيد على أن تمويل المناخ وهو تمويل جديد وإضافى وليس سحبًا من مُخصصات الدعم التنموى، وضرورة العمل على تفعيل آلية واحدة وفعّالة ومناسبة لإعادة استخدام الديون الحالية من خلال آلية فعّالة لتحويل الديون إلى تمويل المناخ.
وأضاف: فى هذا السياق، نتطلعُ لأن يُمثل مؤتمر دُبى المُقبل اختراقًا فى تنفيذ تعهد الدول المتقدمة بتوفير 100 مليار دولار سنويًا لتمويل المناخ الذى لم يتم إدراكه رغم كونه ليس أكثر من التزام رمزى بالمسئولية التاريخية والمُشتركة ومُتباينة الآعباء.
وفى ختام كلمته، قال رئيس الوزراء: أَودُ إعادة التأكيد على أن طبيعة قضية تغير المناخ، والتعامل معها، لا يكون إلا من خلال منظور تعاونى قائم على تعزيز النظام مُتعدد الأطراف، يُؤسَّس على الإنصاف والعدالة ومراعاة الظروف الوطنية للدول.
وأضاف: انتهزُ هذه الفُرصة للثناء على ما طرحته جمهورية كينيا الشقيقة من عناصر ورؤية لصياغة نقاشاتنا فى الأيام القادمة، ولأُجدد التأكيد على دعم جُمهورية مصر العربية الكامل بصفتها الوطنية وكرئيس للدورة الحالية لمُؤتمر الأمم المُتحدة للمناخ، للنسخة المُقبلة بدُبى تحت رئاستها الإماراتية التى نثق تمامًا فى قدرتها والتزامها بالبناء على نتائج شرم الشيخ وإدراك المزيد من النتائج الإيجابية.