كتبت - آمال رسلان
أسقطت الحرب على غزة الأقنعة عن كل من نصب نفسه مدافعا عن الحريات وحقوق الإنسان، وأبرزت الوجه الأخر للمؤسسات الدولية والغرب الذى يكيل بمكيالين، ليس فقط فى دعمه للجانى وتجاهل ألاف المدنيين الأبرياء المجنى عليهم، بل إن الغرب يحاول بكل قوة فى إسكات أى صوت تعاطف مع القضية الفلسطينية.
وداخل البرلمان الأوروبى المدافع الأول عن حقوق الإنسان، تم إسكات كل الأصوات التى تمتعض من جرائم إسرائيل فى قطاع غزة، والتضييق على النواب اليساريين المساندين للقضية من التعبير عن رأيهم بحرية.
واندلعت الفوضى في البرلمان الأوروبي، حيث مُنع عضو البرلمان الأوروبي الإسباني من اليسار المتحد مانو بينيدا من ارتداء الكوفية الفلسطينية خلال جلسة البرلمان، التى عُقدت مساء الأربعاء لبحث الأوضاع فى غزة بعد قصف مستشفى المعمداني.
وهاجم عضو البرلمان الأوروبي مانو بينيدا رئاسة البرلمان لعدم السماح له بارتداء غطاء الرأس أثناء خطابه حول الحرب بين إسرائيل وحماس. ووفقاً لبينيدا، كان ذلك عملاً من أعمال "الرقابة" و"الاعتداء على حرية التعبير".
وأضاف بالنسبة لليساريين "الكوفية هي رمز ثقافي فلسطيني. إنها ليست دعاية، ولا تحمل أي علم"، وشدد بينيدا على أنه "لا يوجد سبب أو قاعدة" تمنع عرض هذا الرمز.
واستنكر بينيدا، الذي يرأس وفد البرلمان الأوروبي للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وفلسطين، أن "اللوبي الصهيوني ومخالبه يحاولون إسكات التضامن مع فلسطين، لكنهم لن ينجحوا".
وهاجم بينيدا وسائل التواصل الاجتماعي التى تفرض رقابة على المحتوى الداعم لفلسطين قائلا : "الرقابة لا تقتصر على البرلمان الأوروبي فحسب. لقد حذف تويتر للتو اثنين من مقاطع الفيديو الخاصة بي، بما في ذلك المقطع الذي منعوا فيه من التدخل في البرلمان الأوروبي، وبقية فيديوهاتي موجودة على قناتي على التلغرام"، ودعا متابعيه لتحميل تلك الفيديوهات ومشاركتها حتى لا تمر مرور الكرام.
واقعة بينيدا كانت كاشفة للانقسام الحاد داخل البرلمان الأوروبى، حيث قالت DW إنه بالرغم من أن الاتحاد الأوروبي أدان بالإجماع هجمات 7 أكتوبر التي شنتها حماس، إلا أن الكتلة منقسمة بشأن ضربات الجيش الإسرائيلي على غزة. حيث يرغب بعض أعضاء البرلمان الأوروبي فى تقليل كلمات التضامن مع إسرائيل من خلال التوبيخ.
وأضاف التقرير، أن دول الاتحاد الأوروبي تتخذ قراراً جماعياً بشأن مواقفها الجماعية في مجال السياسة الخارجية، ولكن الدول الأعضاء منفردة لا تتفق دائماً في الصراع الذي طال أمده. ويميل البعض إلى الوقوف إلى جانب الفلسطينيين (مثل أيرلندا وإسبانيا ولوكسمبورغ) بينما يميل البعض الآخر إلى دعم إسرائيل (المجر والنمسا وألمانيا).
فالأعضاء ذوو الميول اليسارية في البرلمان الأوروبي أكثر انتقاداً للسلطات الإسرائيلية، في حين يؤكد نظرائهم من مختلف الأحزاب على حق البلاد في الدفاع عن النفس في مواجهة التهديد الذي تفرضه حماس.
واتخذ كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، موقفًا أكثر صرامة تجاه إسرائيل، وهو إسباني من يسار الوسط، قائلا : "نعم، نحن ندين هجمات حماس، لكن أعتقد أنه يتعين علينا أيضًا أن ندين حقيقة سقوط ضحايا من المدنيين".
وقال بوريل: "من الواضح أن حرمان مجتمع بشري تحت الحصار من إمدادات المياه الأساسية يتعارض مع القانون الدولي في أوكرانيا وغزة". "إذا لم نتمكن من قول ذلك، ففي كلا المكانين، فإننا نفتقر إلى السلطة الأخلاقية اللازمة لإسماع صوتنا".
وقال إيراتكس جارسيا، زعيم المجموعة الاشتراكية من يسار الوسط، أنه "يجب أن نذكر السيد نتنياهو بأنه لا يمكن مكافحة الجرائم بجرائم أخرى". وقال جارسيا إن دعوة الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي لنحو 1.1 مليون شخص - أي ما يقرب من نصف سكان غزة - لمغادرة منازلهم في غضون ساعات قليلة كانت "غير مقبولة على الإطلاق".
وقال جارسيا إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي الدعوة إلى وساطة دولية ووقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين وفتح ممر إنساني عبر مصر المجاورة.
وهاجمت مانون أوبري، الممثلة الفرنسية عن مجموعة اليسار الاشتراكية الديمقراطية في البرلمان الأوروبي، المفوضية الأوروبية فون دير لاين لتقديمها "الدعم غير المشروط" لنتنياهو، وتحدثت عن ملايين المدنيين المحاصرين بالقنابل والحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة. وقال أوبري: "لقد قُتل ثلاثة آلاف، ثلثهم من الأطفال"، داعياً الاتحاد الأوروبي إلى الضغط من أجل وقف إطلاق النار.. كل تلك الأصوات الداعمة لفلسطين داخل البرلمان الأوروبي لاتجد صدى لها، بل إن الحرب لإسكاتها ضارية.