الجمعة، 22 نوفمبر 2024 07:28 م

فاتورة «الدم الفلسطينى» الأعلى فى حروب الألفية الجديدة.. العدوان على غزة الأقصر زمنيا والأعلى فى التكلفة البشرية من حروب العراق وأفغانستان.. وعدد شهداء 60 يوما فاق قتلى عامين فى أوكرانيا

فاتورة «الدم الفلسطينى» الأعلى فى حروب الألفية الجديدة.. العدوان على غزة الأقصر زمنيا والأعلى فى التكلفة البشرية من حروب العراق وأفغانستان.. وعدد شهداء 60 يوما فاق قتلى عامين فى أوكرانيا العدوان على غزة - صورة أرشيفية
الجمعة، 08 ديسمبر 2023 08:00 م
كتبت - آمال رسلان
«المبانى تخبز السُكَّانَ، فاختبئى بأُغنيتى الأخيرةِ، أو بطلقتى الأخيرةِ، يا ابنتى، وتوسّدينى كنتُ فحما أَم نخيلا». 
 
تلك الكلمات من قصيدة «مديح الظل العالى» للشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش، تزامنت مع خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان إلى تونس 1982، لكنها ما زالت قادرة على كشف جانب من صورة الحرب فى غزة 2023، والتى تمت فيها تسوية أحياء سكنية كاملة بالأرض. 
 
ولو انتقلنا من لغة الشعر إلى الأرقام، فإن خبراء عسكريين أكدوا أن الأرقام الصادمة للحرب الإسرائيلية فى غزة لا تمكن مقارنتها بحرب أخرى فى الألفية الجديدة، وإنما يمكن فقط مقارنتها بالحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام، من حيث حجم الدمار والخسائر وكمية القنابل والذخائر التى ألقيت على القطاع الذى لا تتجاوز مساحته 365 كم مربعا فقط، فى هذه الفترة القصيرة، ما يكشف عن نيه مبيتة لدى الاحتلال الصهيونى، بأن يقود حرب إبادة وتطهير عرقى لتصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد، وليست حربا على المقاومة كما يدعى.
 
ضحايا 60 يوما فى غزة أكثر من حرب عامين بأوكرانيا
 
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، فى آخر إحصائياتها، أن الحرب التى تجاوزت الـ60 يوما، أدت إلى استشهاد 16 ألف مدنى، منهم ما لا يقل عن 6150 طفلا و4 آلاف امرأة، بمعدل 5 أطفال كل ساعة، فيما تجاوز عدد المصابين 41 ألفا، بما فى ذلك أكثر من 9000 طفل، المئات منهم مصابون بتشوهات وإعاقات دائمة.
هذه الأرقام الصادمة أقل من التقديرات الحقيقية، حيث إنها لا تشمل 6 آلاف مفقود على الأرجح تحت الأنقاض، بينهم 1700 طفل.
 
وعلى الرغم من تنديد العالم بوحشية روسيا وعملياتها العسكرية فى أوكرانيا، واصطفاف الغرب فى صف كييف، وفرض عقوبات باهظة وغير مسبوقة على موسكو، فإن بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان أعلنت - فى تقرير حديث صدر نوفمبر الماضى - أن عدد المدنيين الذى راحوا ضحية الحرب خلال 20 شهرا أقل بكثير من الضحايا المدنيين فى غزة، حيث بلغوا 10 آلاف مدنى، بينهم أكثر من 560 طفلا، وأصيب أكثر من 18.500.
 
كما تجاوز عدد الضحايا المدنيين فى غزة عدد من قتلوا على يد القوات الأمريكية وحلفائها الدوليين فى العام الأول بأكمله من غزو العراق عام 2003، الذى استغرق ثمانى سنوات، ووفقا لـ«هيئة إحصاء القتلى العراقيين» التى جمعت ودققت فى الضحايا من المدنيين، فإن عدد القتلى العراقيين خلال 8 سنوات يتراوح ما بين 97461 و106348 شخصا، بمعدل 13 ألف شخص فى العام الواحد.
 
وفى الشهور الثلاثة الأولى لحرب الولايات المتحدة فى أفغانستان عام 2001 لم يتجاوز عدد الضحايا المدنيين من الأفغان، وفقا لتقدير مشروع البدائل الدفاعية، الـ1.300 مدنيا، وفى الـ20 شهرا الأولى للحرب قتلت القوات التى تقودها الولايات المتحدة من 3.100 إلى 3.600 مدنيا.
 
وقال اللواء أركان حرب نصر سالم، الخبير العسكرى لـ«اليوم السابع» أن وتيرة قتل المدنيين فى غزة عندما نقارنها بحروب آخرى، تؤكد أن هدف الحرب إبادة الشعب الفلسطينى، فى كل يوم يشهد العالم وفاة ما لا يقل عن 500 طفل وامرأة.
 
أكبر خسارة وسط عمال الإغاثة والصحفيين بتاريخ الحروب 
 
ووفقا للإحصائيات، دمرت إسرائيل 60% من البنية التحتية فى غزة، بما يشمل 56 ألف وحدة سكنية بشكل كامل، و240 ألف وحدة بشكل جزئى وتحتاج ترميما، ما أدى إلى نزوح أكثر من 1.5 مليون فلسطينى داخل غزة.
ولم يرحم القصف الإسرائيلى حتى العاملين فى مجالات الإغاثة والإعلام رغم أن القوانين الدولية تحتم على تل أبيب حمايتهم، حيث قالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» إن 102 من موظفى الأمم المتحدة على الأقل قتلوا فى غزة حتى منتصف نوفمبر الماضى، أما بالنسبة للصحفيين، الذين تجب حماية سلامتهم وعملهم بموجب اتفاقية جنيف لعام 1949، فقد قُتل ما يقارب الـ70 صحفيا وإعلاميا ومصورا وفقا لنقابة الصحفيين الفلسطينيين.
 
فى حين بلغت خسائر عمال الإغاثة فى حرب أفغانستان 444 قتيلا، ولقى ما لا يقل عن 72 صحفيا حتفهم على مدار 20 عاما حتى انسحبت أمريكا بشكل كامل.
 
وقال اللواء «نصر» إنه يوجد عدم تكافؤ واستخدام مفرط للقوة، فالحروب الأخرى كانت ضد جيوش، أما حرب غزة فضد الشعب الفلسطينى، والواضح أن هناك تعمدا للقضاء على الفلسطينيين وإبادتهم وتصفية القضية، هناك نية مبيته لذلك.
 
وتتضح بشاعة الحرب أيضا من تكلفتها المادية فرغم قصر الفترة الزمنية لحرب غزة مقارنة بالحروب الأخرى ووفقا لأرقام وزارة المالية الإسرائيلية فإن الحرب كاملة ستكلف إسرائيل 200 مليار شيكل «أى 51 مليار دولار».
 
وتقدر هذه التكاليف وفقا للمصادر الرسمية 10% من الناتج المحلى الإجمالى، وذلك مع اقتصار الأمر على غزة دون مشاركة كاملة لحزب الله اللبنانى أو إيران أو اليمن، وقالت وكالة «بلومبرغ» الاقتصادية أن استمرار الأعمال الحربية يكلف ميزانية إسرائيل حوالى 270 مليون دولار يوميا، أى ما يقارب 17 مليار دولار خلال الـ60 يوما، بينما أفاد تحليل لمجموعة سيتى الأمريكية للخدمات المالية أن الحرب الأوكرانية تكلف روسيا نحو 250 مليون دولار يوميا، وبلغت الكلفة المادية للحرب فى أفغانستان، ووفقا لدراسة أجرتها جامعة براون فى عام 2019، حوالى 978 مليار دولار خلال 20 عاما، بما يجاوز 46 مليار دولار فى السنة.
 
كما أنفقت واشنطن فى حرب العراق، وفقا لوحدة البحوث فى الكونجرس الأمريكى، مبلغا قدره 802 مليار دولار أمريكى بواقع 50 مليار دولار كل ستة أشهر.
 
التكلفة الاقتصادية العالية تكشف حجم الأسلحة 
 
وقال مارك غارلاسكو، الخبير العسكرى ومحلل استخباراتى سابق فى البنتاجون، إن ما يحدث فى قطاع غزة يتجاوز أى شىء رآه فى حياته المهنية، حيث تشهد الحرب وتيرة قتل أسرع معظمهم من النساء والأطفال بما يفوق الحروب التى قادتها أمريكا فى أفغانستان والعراق والتى تعرضت لانتقادات واسعة من جماعات حقوق الإنسان.
 
وأضاف الخبير العسكرى، وفقا لنيويورك تايمز، أن الأمر لا يتعلق فقط بحجم الضربات، ولكن أيضا بطبيعة الأسلحة ذاتها، مشيرا إلى أن استخدام إسرائيل لأسلحة كبيرة جدا فى المناطق الحضرية الكثيفة، بما فى ذلك القنابل أمريكية الصنع التى يبلغ وزنها 2000 رطل «907 كيلوجرامات» والتى يمكن أن تسوى برجا سكنيا بالأرض، «أمر مفاجئ»، وأنه لإيجاد مقارنة تاريخية للعديد من القنابل الكبيرة فى مثل هذه المنطقة الصغيرة، قد «نضطر إلى العودة إلى حرب فيتنام، أو الحرب العالمية الثانية».
 
وأضاف كاستنر أن القوات الإسرائيلية: «يستخدمون أسلحة كبيرة للغاية فى مناطق ذات كثافة سكانية عالية، إنه أسوأ مزيج ممكن من الأشياء».
 
سياسة الأرض المحروقة
 
«سياسة الأرض المحروقة»، هكذا وصف الخبير العسكرى اللواء سمير فرج الحرب على غزة، لافتا إلى أن الجانب الاسرائيلى دمر كل المدن بعكس روسيا، عندما هاجمت أوكرانيا لم تقم بذلك. 
 
وأشار «فرج» إلى أن أسلوب استخدام الأسلحة هو الذى أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا المدنيين، فروسيا تهاجم أوكرانيا على مدار عامين ولم تضرب مستشفى ولا أحياء مدنية، وهذا يؤكد أن إسرائيل تهدف إلى تطهير عرقى وتهجير الفلسطينيين من غزة.

موضوعات متعلقة :

مساعٍ مصرية لوقف إطلاق نار شامل فى غزة.. القاهرة تواصل جهودها مع الشركاء من أجل هدنة إنسانية طويلة بالقطاع.. القيادة السياسية تتحرك بكل جدية تعظيما للدور المصرى التاريخى والثابت الداعم للقضية الفلسطينية

نشاط مكثف لوزير الخارجية فى واشنطن.. شكرى يجرى لقاءات مع مسؤولين أمريكيين ومؤسسات الفكر حول العدوان على غزة.. ويشدد على ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية ضد القطاع .. ويؤكد: مصر لن تسمح بانتقال الفلسطينيين إليها

نقيب الصحفيين عن حجم الدمار فى غزة: متى يتحرك العالم لنصرة شعب يباد بالكامل؟

البرلمان العربى يشيد بمبادرة جوتيريش بتفعيل المادة 99 بشأن غزة

الأمم المتحدة تفعل المادة 99 وتطالب مجلس الأمن بوقف الحرب فى غزة.. وأوروبا تؤيد الدعوة

مشروع قرار عربى أمام مجلس الأمن لوقف إطلاق النار فى غزة

العدوان على غزة يدخل شهره الثالث.. الاحتلال يواصل محو شمال القطاع ودفع الفلسطينيين للنزوح.. وارتقاء 100 شهيد فلسطينى فى غارات عنيفة على مخيم جباليا.. والفصائل تثمن موقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء


print