بالقوة الضاربة، استطاع المصريون خلال 72 ساعة، هى الأيام الثلاثة للانتخابات الرئاسية، أن يحطموا كل الأسطوانات المشروخة، وينحوا كل الأكاذيب جانبا، ليمارسوا حقهم الدستورى بانتخابات رئاسة الجمهورية 2024، استطاعوا خلالها أن يسطروا قصة ملهمة، أعلوا فيها من قيمة الوطن.
لم يخف على المتابعين لملف الانتخابات الرئاسية، الكم الهائل من الأكاذيب والأسطوانات الاستباقية، التى يتم ترديدها قبل أى استحقاق انتخابى، حول غياب الضمانات الكاملة التى يمكن من خلالها تحقيق نزاهة وشفافية العملية الانتخابية.
وفى هذه الانتخابات، ما يستحق قراءته وتحليله، بل وتوثيقه باعتبارها انتخابات رئاسية تختلف عن سابقتها.
حوار وطنى.. ومشهد انتخابى متنوع بشعار «الكل رابح».. انتخابات الرئاسة 2024 هى خامس انتخابات رئاسية تعددية تشهدها البلاد فى تاريخها الحديث، واكتسبت الانتخابات أهميتها الإضافية من كونها خطوة رئيسية فى مسار الدولة نحو التحول الديمقراطى والتعددية الحزبية والتنافسية السياسية، التى أتت بعد عام ونصف العام من حوار وطنى جاد وغير مسبوق، شمل كل مكونات المجتمع المصرى السياسية والنقابية والأهلية.
هذا الحوار الذى انعكس إيجابيا على انتخابات الرئاسة، بوجود 4 مرشحين، منهم المستقل والليبرالى والمعارض، والكل يهدف خدمة الوطن وشعبه، ببرامج ورؤى واضحة، الرابح منها هو المواطن الذى يأمل حياة كريمة ليس إلا.. ولأول مرة نجد انتخابات بلا تراشق، انتخابات بلا اشتباك أو خلاف، بل ساد حرص كل المرشحين على أن تسير وتنتهى العملية الانتخابية بمنافسة إيجابية مصلحتها الوطن والمواطن.
تنافس سياسى قوى.. ومكاسب الأحزاب بـ«الجملة».. الحديث عن الربح هنا لا يمكن أن نختزله بعيدا عن الأحزاب بشكل عام، ليس فقط الأحزاب التى خاض رؤساؤها الانتخابات الرئاسية «الوفد- المصرى الديمقراطى- الشعب الجمهورى»، ولكن أيضا الأحزاب التى دعمت مرشحا دون غيره، وعلى رأسها حزبا «مستقبل وطن وحماة الوطن» وغيرهما من الأحزاب، التى أعلنت دعمها للمرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى.
هذه الأحزاب بلا شك كانت فى اختبار حقيقى على الأرض، واختبار للقواعد الحزبية وقدرتها على الحشد لصالح مرشحهم، والقدرة على الوصول لكل المواطنين بالقرى والمراكز بمختلف المحافظات، وإقناعهم بالمشاركة فى العملية الانتخابية بشكل عام، وأيضا التصويت لصالح مرشحهم.
أما الأحزاب التى خاض رؤساؤها الانتخابات، ربحت بأن تخاطب المواطنين بشكل مباشر، وأن تبرز أفكارها وأطروحاتها على مستوى أكبر من التواصل، خاصة أحزاب المعارضة منها، التى كانت حاضرة بقوة فى التصويت بالانتخابات أيضا، وبالتالى هذه التجربة قادرة على أن تجعل المشهد السياسى أكثر تعددية، استفادت فيه الأحزاب من أخطاء الماضى، خاصة أن الدولة فتحت ذراعيها لكل من يطرح أو يشارك أو يسعى للمساهمة فى بناء الجمهورية الجديدة.
دفتر حضور الانتخابات «الكل مشارك».. لا يمكن لأحد أن يغفل الحضور القوى فى التصويت بالانتخابات الرئاسية، خلال الأيام الثلاثة للتصويت، فكان الجميع حاضرا قبل أن تفتح اللجان أبوابها بشكل فاق التوقعات، ليصطفوا خلف وطنهم، فحضر المسنون وكبار السن، والشباب والأطفال، وكانت المرأة المصرية على عهدها فى كل استحقاق انتخابى، تحجز مكانها فى مقدمة الصفوف.
الحضور القوى واللافت للناخبين للتصويت بالانتخابات الرئاسية يؤكد «وعى المصريين»، ولا يمكن اختزاله فى الحضور المشرف فقط، ولكن أيضا لا بد من النظر لرسائل هذا الحضور للداخل والخارج، من الشعب المصرى، ووقوفه جنبا إلى جنب دولته وقيادتها، وسط كل التحديات التى تواجهها.
وفى الانتخابات الرئاسية، ظهر الشباب بشكل يليق بالدولة المصرية، التى تضع الشباب وبناء الإنسان فى مقدمة أولوياتها، فكانوا شريكا أصيلا خلال السنوات الأخيرة فى الجمهورية الجديدة، من خلال التمكين الذى شهدوه بمختلف المناصب سواء التنفيذية أو النيابية.
برنامج الرئيس القادم.. تجربة مختلفة لـ«التنسيقية».. الانتخابات الرئاسية هذه المرة شهدت تجربة سياسية مختلفة، قادتها تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، من خلال تقديم برنامج انتخابى موحد للمرشحين الأربعة فى الانتخابات الرئاسية، بعد أن التقى أعضاء التنسيقية بمختلف الفئات المجتمعية والخبراء والمتخصصين، حيث تمت صياغة البرنامج بعد أن أجرت 62 لقاء وزيارة مع عدد من الأحزاب والنقابات والهيئات القومية والدينية وجولات بالمحافظات الحدودية.
اعتمد البرنامج على تقديم عدد من المقترحات والحلول لمختلف القضايا والتحديات بالمحاور السياسية والاقتصادية والمجتمعية.
المتابعة المحلية والدولية.. «لا توجد ملاحظات».. جملة قاطعة على لسان المتابعين للعملية الانتخابية، حسمت الرد على كل الأقوال التى ترددت قبل أيام من إجراء الانتخابات الرئاسية، حول «الضمانات» المتوفرة لنزاهة الانتخابات الرئاسية، فقد شهدت انتخابات 2024 متابعة 528 مراسلا أجنبيا يتابعون الانتخابات الرئاسية فى مصر، من بينهم 102 مراسل جاءوا خصيصا من خارج البلاد لمتابعة الانتخابات.
المتابع لتقارير المنظمات المحلية والدولية، والتقارير لغرف عمليات الأحزاب وحملات المرشحين الأربعة، والهيئة العامة للاستعلامات، يجد أن النتيجة المشتركة بينها أنه لا توجد أى ملاحظات على العملية الانتخابية.
أكدت البعثات العربية والأفريقية المعنية بمتابعة الانتخابات الرئاسية، حرصها الكبير على متابعة العملية الانتخابية، مشيدين بنزاهتها وشفافيتها واعتمادها الإشراف القضائى كضمانة أساسية.