أصدرت الدائرة "49 ضرائب" الإسكندرية ومرسى مطروح، بمحكمة القضاء الإدارى، حكما فريدا من نوعه، بعدم خضوع عقد الإدارة للضريبة العامة علي المبيعات في ظل القانون رقم 11 لسنة 1991، حيث استندت المحكمة في عدم دستورية عبارة "خدمات التشغيل للغير" الصادرة من المحكمة الدستورية العليا منذ 16 سنة، وأن العقد في حقيقته هو عقد ايجار للمحل، وينتفي عن هذه العقد مفهوم الاستغلال الخاضع للضريبة.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة بالسجل العام رقم 13900 لسنة 69 قضائية، لصالح المحاميان بالنقض أيوب عثمان وحسام صهيب، برئاسة المستشار حماده محمد خليل، وعضوية المستشارين محمد عطيه يونس، والصفا محمود محمد.
الوقائع.. عقد إدارة يتسبب في نزاع بين مصلحة الضرائب وإحدى الشركات
تتلخص الوقائع في قيام مصلحة الضرائب بإخضاع عقد إدارة لإحدي الشركات للضريبة العامة علي المبيعات، وقيامها بإرسال نموذج "15 ض. ع. م" للشركة، وبتعديل إقرارات الشركة واستحقاق فروق للمصلحة ناتجة عن "خدمات تشغيل للغير" ايجار أماكن مجهزة لم يتم الإقرار عنها.
الشركة تتظلم من قرار الخضوع والجهة الإدارية ترفض التظلم
وفى تلك الأثناء - الشركة تلجأ الي القضاء الإداري وتطعن علي قرار الخضوع، وتنعي علي مسلك المصلحة مخالفة أحكام القانون رقم 11 لسنة 1991 حيث أن النشاط غير خاضع للضريبة كما أن الشركة قد أبرمت عقد ايجار لمدة 5 سنوات مع إحدي الشركات لإدارة المطعم المملوك لها، وتم تجديد العقد لمدة مماثلة، وأنها لم تؤجر المطعم مجهزأ فضلا عن أن الشركة المستأجرة تقوم بدفع الضرائب عنه.
المحكمة بحيثيات الحكم توضح أنه بتاريخ 20 أبريل 2002 صدر القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير عبارة خدمات التشغيل للغير، ونص في المادة الأولي علي أن: "تفسر عبارة – خدمات التشغيل للغير – الواردة قرين المسلسل رقم ( 11 ) من الجدول رقم ( 2 ) المرافق لقانون الضريبة العامة علي المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، بأنها الخدمات التي تؤدي للغير باستخدام أصول أو معدات مورد الخدمة المملوكة له أو للغير، ويتم تشغيلها بمعرفة مورد الخدمة أو قوة العمل التابعة له أو تحت إشرافه، وهي جميع أعمال التصنيع بما في ذلك تشغيل المعادن، وأعمال تغيير حجم أو شكل أو طبيعة أو مكونات المواد، وأعمال تأجير واستغلال الالات والمعدات والاجهزة، وأعمال مقاولات التشييد والبناء وانشاء، واداراة البنية الأساسية وشبكات المعلومات، وخدمات نقل البضائع والمواد، وأعمال الشحن والتفريغ والتحميل والتستيف والتعتيق والوزن، وخدمات التخزين وخدمات الحفظ بالتبريد، وخدمات الاصلاح والصيانة وضمان مابعد البيع، وخدمات التركيب، وخدمات انتاج واعداد مواد الدعاية والاعلان، وخدمات استغلال الأماكن المجهزة"، ونص في المادة الثانية علي أنه: "مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون، ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره" .
حكم للمحكمة الدستورية العليا صادرا من 16 سنة يفصل في النزاع
وبحسب "المحكمة": ومن حيث أن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 15 أبريل 2007 في القضية رقم 232 لسنة 29 قضائية بما يأتي:
أولا:- عدم دستورية عبارة خدمات التشغيل للغير الواردة قرين المسلسل رقم 11 من الجدول رقم 2 المرافق لقانون الضريبة العامة علي المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997.
ثانيا:- عدم دستورية صدر المادة 2 من القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض احكام الضريبة العامة علي المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 / 91 الذي ينص علي أنه: "مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون".
ثالثا:- رفض ما عدا ذلك من طلبات .
دائرة توحيد المبادئ تدخل على الخط للفصل في النزاع
ووفقا لـ"المحكمة": ومن حيث أن دائرة توحيد المبادئ قضت بجلسة 1 مارس 2014 في الطعن رقم 5371 لسنة 47 ق.ع بأن عدم دستورية عبارة "خدمات التشغيل للغير" المقضي بها بحكم المحكمة الدستورية العليا سالف البيان – ينصب علي هذه العبارة وحدها ولا يتعداها الي الخدمات الواردة بالقانون رقم 11 لسنة 2002 سالف البيان، ومن حيث أن المادة (49) من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا، المعدلة بالقانون رقم 168 لسنة 1998، تنص علي أنه: "ويترتب علي الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة – عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا أخر، علي أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر وذلك دون اخلال باستفادة المدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص...".
وتضيف "المحكمة": ومن حيث أن القضاء بعدم دستورية نص تشريعي هو حكم كاشف لما لحق النص من عوار دستوري، ويؤدي الى زوال النص منذ بدء العمل به، ويستثني من ذلك الحكم بعدم دستورية نص ضريبي فلا يكون له إلا أثر مباشر، وقد كشفت المذكرة الايضاحية للقانون رقم 168 لسنة 1998 الذي أتي بهذا التعديل التشريعي علي نص المادة ( 49 ) المشار إليه – عن العلة من هذا الاستثناء وهي: أن ابطال المحكمة نصا ضريبيا بأثر رجعي يؤدي الي رد حصيلتها الي الذين دفعوه في الوقت الذي تكون فيه الدولة قد انفقت تلك الحصيلة في تغطية أعبائها مما يعجزها عن مواصلة تنفيذ خطتها في مجال التنمية ويعوقها عن تطوير أوضاع مجتمعنا، بل أنه قد يحملا علي فرض ضرائب جديدة لسد العجز في موازنتها – الأمر الذي يرتب أثارا خطيرة تنعكس سلبا علي المجتمع، وتؤدي الي اضطراب موازنة الدولة فلا تستقر مواردها علي حال.
عدم دستورية عبارة خدمات التشغيل للغير
وذكرت "المحكمة": ومن حيث أن مفاد ما تقدم أنه قبل 22 أبريل 2002 "تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 2002 المشار اليه"، وفي ظل القضاء بعدم دستورية عبارة خدمات التشغيل للغير، لم تكن أعمال المقاولات خاضعة للضريبة العامة علي المبيعات، ولا ينال من ذلك أن قوانين الموازنة العامة للدولة كانت تتضمن الاشارة الي خضوع تلك الأعمال الضريبة محل التداعي، فمن المسلم أن تلك القوانين لا تعدو أن تكون قوانين شكلية، ويلزم لتنفيذها في مجال الضرائب سبق صدور قانون ضريبي يلزم بذلك، وهو أمر غير متوافر في الحالة الماثلة.
وتابعت: وحيث أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي، يترتب عليه تعطيل قوة نفاذ النص الضريبي من اليوم التالي لنشر الحكم، وعدم جواز تطبيقه علي المراكز القانونية للخصوم في الأنزعة الضريبية المتداولة أمام جهات القضاء، حتي ما كان قائما في تاريخ سابق علي نشر الحكم في الجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق الضريبية والمراكز القانونية التي ترتبط بها قد استقر أمرها، بناء علي حكم قضائي بات، صدر قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا، فالأثر المباشر للحكم بعدم دستورية "نص ضريبي" – هو بمثابة استثناء علي الأصل المقرر – والقاعدة الأصولية أن الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره – يتعين الالتزام بالحدود الصحيحة لهذا الاستثناء والتي ترسمها بوضوح الأسباب التي دعت الي تقريره.
ماذا يترتب على عدم دستورية نص ضريبي؟
ومؤدي ذلك انحسار أثر ذلك الحكم في عدم جواز رد الضرائب التي سبق تحصيلها استنادا الي نص تشريعي قضي بعدم دستوريته ولا يجوز تجاوز ذلك الي اضفاء وصف الدستورية علي النص التشريعي الضريبي منذ تاريخ العمل به الي تاريخ العمل بالحكم الذي كشف عن عدم دستوريته، مما يمتنع قانونا تطبيق ذلك علي ما لم يطبق عليه من الوقائع والعلاقات التي نشأت قبل الحكم بعدم دستوريته، التزاما بأحكام الدستور التي تقع علي القمة في سلم تدرج القواعد القانونية مما يمتنع معه تطبيق نص تشريعي ثبت بحكم المحكمة الدستورية العليا مخالفته للدستور.
والمحكمة تؤسس حكمها علي أنه متي كانت خدمات التشغيل لدي الغير الواردة بالقانون رقم 11 لسنة 2002 محددة علي سبيل الحصر ولا يجوز لمصلحة الضرائب علي المبيعات أن تفرض ضريبة مبيعات علي خدمة لم ترد ضمن هذه الخدمات، وإذ تضمنت الأوراق صورة من عقد إدارة منشأة سياحية مبرم بين الشركة الطاعنة وشركة أخري طرف ثاني قامت بموجبه الشركة الطاعنة بمنح إدارة المحل للشركة الطرف الثاني وأن مدة الإدارة 5 سنوات، وأن الشركة الطاعنة تلتزم بضمان التعرض القانوني للمدير في حيازته للعين محل العقد وانتفاعه بها طوال مدة الإدارة كما تلتزم بإصدار توكيل للشركة الطرف الثاني ليضطلع الطرف الثاني بتجديد الترخيص ويلتزم الطرف الثاني بتحمل المسئولية الكاملة عن إدارة المكان والمسئولية القانونية والجنائية الكاملة تشغيله والتعامل مع جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية، كما يلتزم الطرف الثاني بقبول اعارة جميع العاملين لدي الطرف الأول ويتحمل الطرف الثاني جميع المصاريف الخاصة بتشغيل المكان من كهرباء ومياة وغاز وأجور العاملين وضرائب بكل أنواعها ورسوم وخلافه.
العقد في حقيقته هو عقد ايجار للمحل
والمحكمة تبين أن العقد في حقيقته هو عقد ايجار للمحل المشار اليه، وإذ خلت الأوراق كما لم تقدم المصلحة أي دليل يفيد أن تشغيل المحل كان يتم بمعرفة الشركة الطاعنة أو قوة العمل التابعة لها أو تحت إشرافها، فمن ثم ينتفي عن هذه العقد مفهوم الاستغلال الخاضع للضريبة، ومن ثم لا إيجار المحل الناتج عن هذا العقد خلال فترة العقد للضريبة العامة علي المبيعات ولا يجوز للمصلحة مطالبة الشركة الطاعنة بأية مبالغ تحت أي مسمي هذه الضريبة علي هذا النشاط الأمر الذي يتعين معه القضاء ببطلان فرض الضريبة العامة علي إيرادات الشركة الطاعنة .