مسرح الجريمة هو الشاهد الصامت الذي يهمس بالحقيقة المحضة فهو مستودع سر الجريمة لاحتوائه على الآثار المادية والأدلة الجنائية، على ارتكاب الجريمة وتحديد مرتكبيها، ويُعرف مفهوم مسرح الجريمة على أنه هو المكان الذي تنبثق عنه كافة الأدلة سواء التي تدين المتهم أو تبرؤه، وهو المكان الذي انتهى فيه النشاط الإجرامي للجاني ويبدأ منه نشاط القائم بالتحقيق الأمر الذي يكسبه أهمية كبرى.ويجب الاعتناء بكل تفصيلة ولو صغيرة في ذلك المكان.
فالجريمة لا تموت، فمهما كان المُجرم ومدى حرصه على ارتكاب جريمته لابد أن يترك أثرا في مسرح الحادث حتى وإن لم يترك أي أثر إلا أن الجريمة لا زالت ترتبط به حتى يتم حلها، ويُعدُّ مسرح الجريمة أحد أكثر المفاهيم قلقًا وخطورةً في العالم، حيث يقترن هذا المصطلح بالأعمال الإجرامية والشروط الخطيرة التي تُشكِّل خطرًا على المجتمعات وتصبح تحديًا للسلطات المعنية والقانون. وإنَّ مكافحة جرائم المسرح تستلزم تقنُّات حديثة وإستراتيجيات فضلاَ عن نظام منظَّم يتضمن قوانين صارمة لإدارته بفاعلية.
مسرح الجريمة.. الشاهد الصامت على المجرمين
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية حول الشاهد الصامت في الجريمة ومدى أهميتها، حيث يُعد المكان الحقيقي والفعلي الذي أقتحمه فاعل الجريمة، وبالتالي فهو المكان الذي مكث فيه الفاعل أو الفاعلون فترة من الوقت مكنهم من أرتكاب الجريمة، مخلفين وراءهم أثارا تدل عليهم، فضلا عن رصد الدور الرئيس الذى تقوم به "مسرح الجريمة" فى الكشف عن هوية الجناة حيث أنه من النادر أن يتمكن الجناة من إخفاء كل أثر لهم بمسرح الجريمة، حيث يخضع مسرح الجريمة، والأماكن الأخري التي مكث فيها الجناة قبل أرتكاب الجريمة أو بعدها لمعاينة دقيقة هدفها تحديد الآثار المتخلفة عن الجناة والتي يمكن أن تدل عليهم – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى.
في البداية - تعتمد آلية عمل فرق مسارح الجرائم على نظرية ترك الآثار وعلاقتها بالمجني عليهم والجناة وعلى تأثير التلامس؛ حيث لابد للمجرم أن يلامس المحيط أو المجني عليهم أثناء ارتكابه الجريمة وعليه يتم تناقل الآثار، وهذه النظرية تُعرف بنظرية العالم الفرنسي - إدموند لوكارد - التي تؤكد أن: "كل تلامس لابُد أن يترك أثراً"، فالجريمة احتكاك واتصال وتلامس بين عدة عناصر من ضمنها الجاني والمجني عليه وأداة الجريمة ومسرح الجريمة هو الذي يلعب دور كبير في كشف وحل غموض الجرائم، يُعدّ نقطة الانطلاق الحقيقية للسير في إجراءات البحث والتحري والتحقيق وهذا يتطلب تعاون الخبير والمأمور القضائي والمحقق، ويجب عليهم تشكيل فريق عمل لمعرفة كيف ولماذا حدث هذا الحادث، وما هو الدور الذي لعبه كل الأشخاص وكل ما يفيد التحقيق – وفقا لـ"صبرى".
المشرع اعتبره مستودع الأسرار
بغض النظر عن مكان وقوع الجريمة، فإن مسرح الجريمة يحتوي على العديد من الأدلة التي يتطلب استخدامها قبل أن تتبدل أو تختفي والحفاظ عليه قبل العبث بمحتوياته المادية، حيث إن أيَّة خطوة يخطوها المتهم وأَّي شيء يلمسه، وأي شيء يتركه، حتى بغير قصد، سيشّكل دليًلا صامتاً ضده، فليس مجرد بصمات أصابعه أو آثار قدميه، بل َشعره، أو خيوط ثيابه، أو الزجاج الذي يكسره، أو آثار الأدوات التي يتركها، أو الدهان الذي يخدشه، أو الدم أو المنِي الذي يفرزه أو يجمعه - كل هذه وأكثر تشّكل شاهداً صامتا ضده، وهى أدلة لا تُمحى ولا تشوشها إثارة اللحظة، إنها لا تغيب بغياب الشهود البشر، فهي أدلة حقيقية، والأدلة المادية لا يمكن أن تخطئ ولا أن تكذب ولا أن تغيب كلياً، وحده تفسيرها يمكن أن يخطئ، ووحده عدم قدرة الإنسان على إيجادها ودراستها وفهمها يمكن أن يقلل من قيمته – الكلام لـ"صبرى".
تجدر الإشارة إن هناك ظواهر سلبية من البعض تواجه فرق مسارح الجرائم تتمثل في التجمع والتجمهر حول مسرح الجريمة بداعي الفضول، مما قد يتسبب في إخفاء بعض الآثار المادية، فيجب الإبلاغ الفوري عن الجريمة، وإبعاد الأشخاص غير المعنيين عن المسرح، تتبعها معاينة أولية سريعة للمكان وجمع المعلومات الأساسية دون التلاعب بأي شيء داخل مسرح الجريمة، ويقوم المعنيون بمسح المكان، مع عمل تقريرٍ يصف بدقة وضع مسرح الجريمة، وتلعب التحقيقات الأولية دوراً محورياً في الكشف عن الجريمة وتحديد هوية الجاني، كما يجب توخي الحذر من التقاط أو تحريك الأشياء في مكان الواقعة، لأي غرض، حتى لو كان القصد لترتيبه وإعادته إلى موضعه، فقد تكون هناك آثار مادية لا تُرى بالعين المجرّدة، وتقوم السلطات المعنية بجمع الأدلة والأدوات المتعلقة بالجريمة وإجراء التحقيقات اللازمة وتحليل البيانات للوصول إلى الحقيقة المطلوبة، فالحفاظ على مسرح الجريمة بطريقة احترافية يمكن أن يساعد في توفير الأدلة الضرورية لحل الجريمة شكل ناجح – طبقا للخبير القانونى.
و8 مهام و7 ملاحظات لمسرح الجريمة
ويجب مراعاة الاعتبارات القانونية التي تحكم العديد من أنشطة التحقيق في مسرح الجريمة وعملية التحليل الجنائي، وهي تتعلق بمسائل منها كيفية الحصول على إذن بالدخول إلى المسرح، وإجراء التحقيق، ومناولة الأدلة - كنوع الإجراء المطلوب لحفظها - وتقديم الأدلة المادية إلى مختبر التحليل الجنائي، وهي في النهاية تحدد مدى القبول بالأدلة التي تم جمعها في مسرح الجريمة، وقد يؤدي عدم التقيد بالقوانين والقواعد واللوائح التنظيمية القائمة إلى حالة لا يمكن معها استخدام الأدلة في المحكمة لذا، ينبغي أن يكون العاملون في مسرح الجريمة ملمين بتلك القوانين وأن يكفلوا الامتثال لها على النحو الواجب.
كما يجب مراعاة الاعتبارات الأخلاقية واعتبارات الكرامة الإنسانية، الي تحّدد مدّونات السلوك المهني والالتزامات الأخلاقية للموظفين العاملين في مسارح الجرائم، وتشدد تلك المدونات عادة على أهمية التصّرف بعناية ومهنية "بذل العناية الواجبة"، وموضوعية "معاملة الأدلة على أساس ما تُظهره، لا ما تعتقد أنها تظهره"، وذهنية منفتحة ونزاهة، وتُعنىِ مدونات السلوك بضرورة احترام الأفراد وكرامتهم الإنسانية لدى فحص الأدلة المادية وجمعها من الجثث أو الأحياء، واحترام خصوصية الضحايا، وهذا يشمل مراقبة الوسائط الإعلامية وتنظيمها.
ومسرح الجريمة يحتوي على الأدلة المادية التي خلفها الجناة
ومن خلال معاينة مسرح الجريمة يمكن تحديد ما إذا كانت الجريمة لم تقع أصلاً خاصة إذا وضعنا في الاعتبار إن أثبات وقوع جريمة من العناصر القانونية التي يجب إثباتها في محضر التحقي ، بإعتبار أن المعاينة تثبت صحة البلاغ الجنائي أو عدمه من خلال فحص مسرح الجريمة و التعرف علي أسلوب اقتحام الجاني له ومظاهر العنف وما يتخلف عنها، فإذا استخدم الجاني العنف من الداخل وإذا شوهدت الآثار بالخارج دل ذلك علي أن الجريمة مفتعلة وأن المبلغ حطم المنفذ للإيهام بان جريمته قد وقعت.
ومسرح الجريمة يحتوي على الأدلة المادية التي خلفها الجناة فترة تواجدهم بها، وتعد تلك الآثار من أقوي القرائن التي يمكن بها إسناد جريمة معينة لشخص محدد، وقد عرف رجال القانون القرينة القضائية بأنها استنتاج لواقعة مجهولة من واقعة معلومة وأهمها بصمات الاصابع وبصمات الأقدام العادية وأثار الدماء للجاني أو الجناة أو أي أنسجة بشرية لإي منهم، حيث تقدم العلم في السنوات الأخيرة بحيث يمكن إسناد أي أثر من تلك الآثار لشخص معين علي سبيل القطع وليس الترجيح.
1 ـ تعريف مسرح الجريمة:
مسرح الجريمة يقصد به المكان أو مجموعة الأماكن التي تشهد مراحل تنفيذ الجريمة ويحتوي علي الآثار المتخلفة عند ارتكابها، ويعتبر ملحقاً لمسرح الجريمة كل مكان شهد مرحلة من مراحلها المختلفة، بينما هناك تعريف أخر لمسرح الجريمة : وهو المكان الذي تقع فيه الحادثة الجنائية أو المكان الذي تنقل له بعض ظواهر الجريمة مثل العثور على جثة المجني عليه أو العثور على أداة الجريمة به، ومسرح الجريمة كما يسمية بعض المحققين أنه الشاهد الصامت الذي يستنطقه المحقق الفطن.
من الأقوال المتعارفة في البحث الجنائي "مسرح الجريمة هو مستودع سرها"، وهو قول علي بساطته بالغ الدلالة والصحة، ومن سابق تعريفنا لمسرح الجريمة بأنه المكان الذي يحتوي علي الآثار المتخلفة عند أرتكابها، تبرز الأهمية القصوي لمعاينة هذا المسرح كحجر زاوية ينطلق منها مخطط البحث في أي جريمة، إذ أنها أفضل الطرق للوصول إلي إثبات أو نفي وقوع الفعل الإجرامي وكيفية وقوعه ومدي علاقة المتهم بالجريمة وظروفها، ويدل علي تلك الأهمية ما درج عليه العمل في المباحث الجنائية في الدول المتطورة من وجود ضابط المباحث المكلف بالتحري وكشف غموض الحادث.
2 ـ عناصر مسرح الجريمة:
لمسرح الجريمة ثلاثة عناصر أساسية:
المكان: وهو الحيز الذي وقعت عليه الواقعة الإجرامية من أفعال هي في القانون تعتبر من قبيل الجرائم .
الضحية: وهي العنصر الأهم في مسرح الجريمة إذ منها يستدل على كثير من الدلائل من أهمها أن الوفاة طبيعية أو جنائية أو انتحارية من خلال وضعية الجثة.
الجاني: وهو الشخص الذي اقترف الجريمة ويقول الفقهاء أن ليس هناك جريمة تامة مما يعني أن الجاني سيترك أثار وقرائن تدل عليه إما بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة.
العنصر الرابع: وهو ثانوي وغالبا ما يوجد في مسرح الجريمة حرصا من الجاني على عدم اقتفائه لأنه يمثل أهم حلقة وهو أداة الجريمة، يحكم العناصر أعلاه نظرية تبادل المواد لإدموند لوكارد الذي صاغ المبدأ الأساسي لعلم الطب الشرعي: "كل اتصال يترك أثرا".
3 ـ أهمية مسرح الجريمة:
1 ـ يكشف وقوع الفعل الإجرامي مادياً أو عدم وقوعه، وكونه جنائياً أو غير جنائي وكونه عمدياً أو غير عمدي.
2- يلقى الضوء علي الأماكن الواجب تفتيشها والأشياء اللازم البحث عنها وضبطها ونوعية الخبراء المطلوب الأستعانة بهم والشهود الواجب سماعهم .
3- توضيح ظروف الجريمة ومدي علاقة المتهم بها وبواعث إرتكابها وتاريخ وقوعها والوصف القانوني لها.
4- يحدد كيفية أرتكاب الحادث والأسلوب الإجرامي المستخدم والآلات والأدوات المستعملة في ارتكابه وطريقة دخول وخروج الجاني وموقعه من المجني عليه.
5- يوضح إلي حد بعيد عدد الجناة ودور كل منهم ومعرفتهم لمكان الحادث ومدي معرفة الجاني للمجني عليه، ومعرفة شئ من صفات الجاني وعاداته وصناعته وجنسه وطوله والآثار المحتمل وجودها به أو بالمجني عليه وعلاقته بالجريمة.
6- يمكن من خلال معاينة المسرح العثور علي الآثار التي تعتبر الأدلة المادية القاطعة كآثار البصمات والأقدام وبقع الدم والآلات وآثار الشعر إلي غير ذلك الظاهر فيها والخفي.
7- تنقل هذه المعاينة للقاضي صورة لمسرح الجريمة وكيفية ارتكابها فيتيسر له بذلك تصور وقوعها ومتابعة إجراءات المحكمة عن اقتناع.
8-إثبات معاينة المسرح يبقي للقضية حيويتها مهما مر الزمن دون كشف غموضها أو تغيير فريق البحث العامل فيها.
الخلاصة:
يساعد مسرح الجريمة على أمور:
* يساعد مسرح الجريمة في إثبات وقوع الجريمة، وتحديد المكان والزمان .
* يساعد مسرح الجريمة في تحديد الجهات المختصة بهذه الجريمة، وتوجيه الجهود للتحقيق الصحيح.
* يساعد مسرح الجريمة في إمكانية التعرف على وسائل وأساليب تنفيذ الجريمة.
* فهم عقلية المجرمين: يساعد علم الإجرام في فهم عقلية المجرمين، ولماذا يرتكبون الجرائم، والعوامل التي تؤثر عليهم.
* يساعد مسرح الجريمة في توثيق الأدلة والمراجع المشبوهة التي تفيد التحقيق، وعرض الأدلة بشكل مفهوم وواضح للمحكمة في حالة النظر في القضية.
*الكشف عن المواد المستخدمة في الجريمة.
* تحديد مسؤولية الجريمة وتحديد الأطراف الضالعة بها.
بناء عليه - فإننا نحث أصحاب المنازل والمباني والأنشطة التجارية إلى تأمين ممتلكاتهم من خلال تركيب أجهزة المراقبة وأنظمة فتح وغلق الأبواب والتي سوف تسهم في ردع الجناة والتعرف عليهم وتسهل من عمليات البحث والتحري في حال وقوع جريمة.