"ما ضاع حق وراه مطالب".. جملة تتردد على أسماعنا دوما ولكن دونما تحقيق نتيجة مهما كان من بذل عناية، ولكن حينما يصل الأمر إلى العدالة ممثلة في جناحيه القضاء الجالس والقضاء الواقف "المحامين"، فأعلم علم اليقين أن الحق سيصل لأهله، وهو ما حدث منذ عدة شهور وتحديدا خلال شهر يونيو 2022 حيث فوجئ جموع المحامين بصدور قرار من رئيس نيابة أول المنصورة بفرض رسم على "إطلاع جدول الجنح".
وفى تلك الأثناء – بادر المحامين وفى مقدمتهم محامين المنصورة أحمد سيد رضوان، ووائل عبد الملاك لبيب، ومحمد محمود عطيه، بايداع الطعن على القرار بمجلس الدولة بالمنصورة برقم 16430 لسنة 44 قضائية إدارى بتاريخ 19 يوليو 2022، وعقب ذلك جائهم اتصال بوسيط من مكتب المحامي العام لنيابات جنوب المنصورة، والذي بدروه قابلهم، مستفسرا عن الدعوى، وبمجرد شرح الأمر له أبدى استغرابه من هذه الرسوم، وكان لقاء انتهى بإعلانه عن وقف تحصيل الرسوم على الإطلاع بجداول الجنح، وتم تعليق قرار بأن الاطلاع على جدول الجنح بدون رسم، وهو ما يعد إنجازا بعدول النيابات عن قرار خاطئ دون انتظار الفصل بالدعوى، ما يؤكد معه أنه ما ضاع حق وراه مطالب.
قرار قضائى بفرض رسم على إطلاع "جدول الجنح" بالمنصورة
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد تم إثبات بالدعوى ما تم، وضم صورة قرار بإلغاء رسم الاطلاع على الجنح بنيابة أول المنصورة، وتم حجز الدعوى للحكم لجلسة 18 يناير 2024، خاصة أن قرار رسم الإطلاع على الجنح بنيابة أول المنصورة، جاء بالمخالفة لصريح نص الماده 37 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2009 بتعديل بعض أحكام قوانين الرسوم القضائية فى المواد المدنية والجنائية وأمام مجلس الدولة، والتي تنص صراحة على أنه: "لا يفرض رسم على إطلاع ذوي الشأن على الدعاوى القائمة".
وذكرت "الدعوى": ولما كانت هذه الرسوم رسوم بلا قانون بل بالمخالفة الصريحة لنص قانوني واضح وصريح، وجعلت هذه الرسوم إجبارية بحيث لا يمكن الاطلاع على ما تم في الدعاوي في الجدول المخصص لذلك إلا بعد سداد هذه الرسوم التي تم فرضها على الاطلاع علي الدعاوي في جدول جنح قسم أول المنصورة فقط دون فرض أي رسوم على الاطلاع في جدول جنح قسم ثان المنصورة، وكذلك جدول جنح مركز المنصورة، وحيث إنه من المقرر قانونا أن الرسوم القضائية تعتبر مساهمة من جانب المتقاضين مع الدولة في تحمل نفقات مرفق القضاء، والسبيل في ذلك فرض الرسوم القضائية بالأداة التشريعية المقررة دستورياً.
والمحامين تتحرك بالطعن على القرار أمام مجلس الدولة
واستندت "الدعوى" على حكم المحكمة الادارية العليا في الطعن رقم 7402 لسنة 44 قضائية دائرة توحيد المبادئ بتاريخ 3 يوليو 2003، والذى جاء في حيثياته: "ومن حيث إنه لا يغير من ذلك القول بأن القرار الطعين كان يستهدف تنظيم مرفق القضاء بأساليب علمية حديثة عن طريق إتباع أسلوب تكنولوجي متقدم، لأن مواجهة متطلبات العصر الحديث والإستفادة من الثورة العلمية والتكنولوجية وإستخدام أحدث الوسائل العلمية في تدعيم نظام المحاكم وتطويرعمل الهيئات القضائية لا يكون ذلك إلا عن طريق تدخل المشرع بزيادة الرسوم القضائية لتقرير مساهمة المتقاضين في نفقات تلك الخدمات إعمالاً لمبدأ الشرعية وسيادة القانون".
وتضمنت "الدعوى": الأمر الذي معه يتضح بجلاء مخالفة هذا القرار المطعون فيه للقانون وهو بمثابة عائق أمام المتقاضين وحرمانهم من حقهم الدستوري والقانوني في الاطلاع بالاضافة الي أنه يمثل عبئا ماليا إضافيا عليهم بخلاف الأعباء المالية الأخرى، ومن حق المحامي في الاطلاع على الدعاوي والمستندات طبقا لنص المادة 52 من قانون المحاماة الذى جاء فيه: "للمحامى حق الاطلاع على الدعاوى والأوراق القضائية والحصول على البيانات المتعلقة بالدعاوى التى يباشرها، ويجب على جميع المحاكم والنيابات ودوائر الشرطة ومأموريات الشهر العقارى وغيرها من الجهات التى يمارس المحامى مهمته أمامها أن تقدم له التسهيلات التى يقتضيها القايم بواجبه وتمكينه من الاطلاع على الأوراق والحصول على البيانات وحضور التحقيق مع موكله والحصول على البيانات وحضور التحقيق مع موكله وفقاً لاحكام القانون ولا يجوز رفض طلباته دون مسوغ قانونى, ويجب اثبات جميع ما يدور فى الجلسة فى محضرها".
حق ذوي الشأن في الاطلاع على الدعاوى بدون رسم
فقد نصت المادة (37) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2009 بتعديل بعض أحكام قوانين الرسوم القضائية فى المواد المدنية والجنائية وأمام مجلس الدولة والتي تنص علي أنه: "لا يفرض رسم على اطلاع ذوي الشأن على الدعاوى القائمة"، وحيث إن هذا القرار صدر مخالفا لنصوص وأحكام القانون مما يجعله ينحدر إلي العدم، وهذا المعني ما أكدته المحكمة الإدارية العليا بجلسة 12/1/1991 حكما في الدعوى 2748 لسنة 32 ق ومحكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 30/1/1997 حكماً في الدعوى رقم 991 لسنة 50 ق، الأمر الذي حدا بالمدعي إلي أقامة هذه الدعوى ضد المدعي عليهم "بصفتهم" للقضاء بصفة مستعجلة وقف تنفيذ هذا القرار وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار المشوب بعيب غصب سلطة المشرع الأمر الذي ينحدر به إلى درجة العدم.