أصدرت الدائرة 12 مدني – بمحكمة استئناف القاهرة – حكمًا فريدًا من نوعه – أرست فيه مبدأ قضائيًا جديدًا يتصدى لألاعيب البائع والمشترى للعقار ضد المستأجر لطرده من العين، قالت فيه: "نفاذ التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر (المورث) وغير الحسن النية (المشترى) في مواجهة صاحب الحق (المستأجر) الذي أسهم بخطئه سلبا أو إيجابا في ظهور المتصرف بمظهر صاحب الحق".
الملخص:
زوجة ورثت عن زوجها عقارا ثم قامت ببيعه، إلا أن المشترى رفع دعوى طرد لأحد المستأجرين بحجة أنه كان يقطن العقار برغبة المورث قبل وفاته بحجة مبدأ الاستضافة، فقضت المحكمة بالإخلاء لصالح المشترى الجديد، إلا أنه استأنف الحكم وأثبت أنه لم يكن متواجداَ بناء على مبدأ الاستضافة وأنه مستأجر الشقة منذ 20 سنة وكانت زوجة المورث تكتب إيصالات الإيجار بنفسها لزوجها، وأرست المحكمة المبدأ سابق البيان.
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 1712 لسنة 22 قضائية – لصالح هاني حشيش المحامي، برئاسة المستشار عرفان عمر السيد، وعضوية المستشارين مجيد على حسن، وأحمد حسين حامد، وأمانة سر أدهم سعيد.
الوقائع.. نزاع بين المستأجر والمشترى الجديد للعقار لمحاولة طرده من الشقة
الوقائع سبق وأن أحاط بها الحكم الصادر في الدعوى رقم 885 لسنة 2017 مدني كلى القاهرة الجديدة، فنحيل إليه ومنعاَ من التكرار نوجز الوقائع في أن المدعى عقد خصومتها بموجب صحيفة طلب في ختامها الحكم بإخلاء المدعى عليه من العين لعدم الرغبة في الاستضافة مع إلزام المدعى عليه، وذلك على سند أنه وبموجب عقد البيع المؤرخ 29 مارس 2016 اشترى المدعى من المدعى عليها الثانية العقار الكائن "........." والمكون من دورين على شقة واحدة بالدور ويقيم المدعى الأول بالشقة بالدور الأرضي على سبيل الاستضافة من المدعى عليها الثانية، وبعد شراء العقار قام المدعى بإنذاره بحوالة الحق وأنه لا يرغب في استمرار تلك الاستضافة، مما دعاه لإقامة تلك الدعوى.
في تلك الأثناء – قدم المدعى سندًا لدعواه حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من عقد البيع المؤرخ 19 مارس 2016، حيث تداولت الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى وحضر المدعى عنه محام ولم يحضر عليه، وبجلسة 28 أكتوبر 2017 قضت المحكمة بإخلاء المدعى عليه الأول من العين المبينة بصحيفة الدعوى وفق عقد البيع المؤرخ 29 مارس 2016 وتسليمها للمدعى خالية من الأشخاص والشواغل والأشياء، وذلك على أسباب حاصلها إقامة المدعى عليه الأول بالعين على سبيل الاستضافة وأن المدعى اشترى العقار.
زوجة المورث "البائعة" للعقار تتواطأ مع المشترى لطرد الساكن
لم يرتض المدعى عليه الأول هذا الحكم، فطعن عليه بالاستئناف الماثل بموجب صحيفة مودعة قلم كتاب المحكمة بتاريخ 5 فبراير 2018 ومعلنة قانوناَ طلب في ختامها الحكم بقبول الاستئناف شكلاَ، وثانياَ: بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم قبول الدعوى مع إلزام المدعى عليه بالمصاريف والأتعاب على درجتي التقاضي على أسباب حاصلها: بطلان إعلان صحيفة الدرجة الأولى وعدم انعقاد الخصومة، ثانيا: أن المستأنف يقيم بعين التداعي بموجب عقد ايجار مؤرخ 22 أكتوبر 1991 من مورث المستأنف ضدها الثانية "ع. إ" المالك الظاهر.
وقدم المستأنف سنداَ لاستئنافه 3 حوافظ مستندات طويت الأولى على صورة من عقد الايجار المؤرخ 22 أكتوبر 1990 والمحرر بين المستأنف و "ع. أ" مورث المستأنف ضدها الثانية، وإنذارات عرض قيمة ايجارية عن الفترة 20 أبريل 2016 حتى 1 نوفمبر 2016 – 1 يونيو 2017 حتى 1 ديسمبر 2017 و1 يناير 2018 حتى 31 ديسمبر 2018 وحافظة طويت على أصل إيصال سداد قيمة ايجارية 1 يونيو 1981 حتى 30 يونيو 1981، وإيصال عن شهر 9 سنة 1981 باسم المستأنف وايصال سداد كهرباء عام 1981 وايصال سداد مستحقات الكهرباء، وحافظة طويت على صورة رسمية من وثيقة زواج المستأنف ضدها الثانية من "ع. أ".
المحكمة تستند على نظرية الأوضاع الظاهرة وتنصف المستأجرا
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن النعي الثاني – من أنه يقيم بعين التداعي بسند قانونى صحيح من المالك الظاهر مورث المستأنف ضدها الثانية "زوجها" فهذا النعي سديد إذ من المقرر أن قاعدة نسبية آثر العقود لا تحول دون تطبيق نظرية الأوضاع الظاهرة متى توافرت موجبات إعمالها، واستوفت شرائط تطبيقها مؤدى ذلك نفاذ التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية في مواجهة صاحب الحق الذي أسهم بخطئه سلباَ أو إيجاباَ في ظهور المتصرف بمظهر صاحب الحق، وعلة ذلك التمسك بالوضع الظاهر.
وبحسب "المحكمة": والمقرر في قضاء محكمة النقض أن المقصود بالإيواء أو الاستضافة أن ستنزل المستأجر ضيوفاَ تربطه بهم قرابة أو صداقة لمدة قصيرة أو طويلة، وذلك بصفة عارضة واستجابة لظروف طارئة شريطة أن يظل المستأجر محتفظاَ بالعين المؤجرة دون أن يتخلى عنها – ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المستأنف مستأجر لعين التداعي بموجب عقد الايجار المؤرخ 22 أكتوبر 1990 المقدم صورته بالأوراق "غير المجحود" من "ع. أ" زوج المستأنف ضدها الثانية البائعة للمستأنف ضده الأول في 19 مارس 2016.
نفاذ التصرف المبرم بين صاحب الوضع الظاهر "المورث" والغير حسن النية "المشترى" في مواجهة صاحب الحق "المستأجر"
وكانت العلاقة الإيجارية قائمة قبل البيع بأكثر من عشرون عاماَ مع زوج المستأنف ضدها الثانية "المالك الظاهر"، والتي لم تعترض المالكة على قيام تلك العلاقة الإيجارية مع المستأجر خلال تلك الفترة الطويلة واستلام زوجها المؤجر للقيمة الايجارية منه الأمر الذى يؤكد أن المستأنف يقيم بعين التداعي بسند قانونى صحيح ولم تكن إقامته على سبيل الاستضافة، والتي لم يقدم المستأنف ضدهما دليلاَ على تلك الاستضافة ويكون طلب الإخلاء على غير سند تعين رفضه، وكان الحكم المستأنف قد خالف هذا النظر فتعين إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى المبتدأة.