تحذيرات مبكرة أطلقتها الدولة المصرية من تداعيات اتساع دائرة الصراع فى قطاع غزة واستمرار العدوان الإسرائيلى دون ردع، تجلت أهميتها واضحة فى الهجوم الذى استهدف مساء الأحد قاعدة "البرج تى 22" الأمريكية على الحدود الأردنية ـ السورية، وخلف 3 قتلى من الجنود الأمريكيين وإصابة 34 آخرين من خلال هجوم بطائرة دون طيار.
الهجوم الذى قال مسئول أمريكى لم يذكر اسمه إنه من تنفيذ حزب الله العراقى، بحسب صحيفة واشنطن بوست، هو أول حادث يؤدى إلى مقتل عسكريين أمريكيين فى الشرق الأوسط منذ بدء الحرب فى غزة 7 أكتوبر الماضى، وهو ما يعكس جدية التحذيرات التى أطلقتها القاهرة فى مناسبات عدة وتأكيدها عبر دوائر دبلوماسية ومستويات عدة أن استمرار قتل المدنيين فى القطاع، وغياب المسار التفاوضى لم يؤدى إلا إلى المزيد من العنف على امتداد بؤر التوتر فى الشرق الأوسط.
وفى بيان لها، قالت القيادة المركزية الأمريكية إن 3 جنود أمريكيين قتلوا وأصيب 34 آخرين فى هجوم استهدف قاعدة للقوات فى الأردن (البرج تى 22) قرب الحدود السورية وذلك بطائرة بدون طيار.
كشف مسئولون أمريكيون لشبكة سى أن إن، أن مقتل الجنود تم فى هجوم بطائرة مسيرة خلال الليل، مشيرين إلى أنها المرة الأولى التى يقتل فيها عسكريون أمريكيون بنيران معادية فى الشرق الأوسط منذ بداية حرب غزة.
وأدان الأردن بدوره الهجوم الإرهابى، مؤكداً فى بيان عبر الوكالة الرسمية بترا أنه وقع على موقع متقدم على الحدود مع سوريا، لافتاً إلى أن القوات الأمريكية التى تم استهدافها كانت تتعاون مع المملكة الأردنية فى مواجهة الإرهاب وتأمين الحدود.
ويشكل اتساع دائرة الصراع على جبهات عدة ـ والذى حذرت منه القاهرة مراراً وتكراراً ـ ضغطاً متزايداً على الإدارة الأمريكية، فبخلاف الهجوم الذى واجهته القوات الأمريكية على حدود الأردن، رصدت مجلة بولتيكو الأمريكية قيمة تقديرية لتكلفة التعزيزات الأمريكية الإضافية فى الشرق الأوسط والتى اضطرت للإقدام عليها منذ بدء العدوان الإسرائيلى على غزة فى 7 أكتوبر، مشيرة إلى أنها تقدر بـ1.6 مليار دولار، وقد تصل لأكثر من 2.2 مليار دولار.
وقدرت المجلة الأمريكية نقلاً عن مصادر لم تنشر أسمائهم تكلفة دعم العمليات غير المخطط لها بالشرق الأوسط والمرتبطة بفترة الـ 120 يومًا بين أكتوبر ويناير 1.6 مليار دولار، بواقع 29.2 مليون دولار تكاليف الأفراد العسكريين، 708.6 ملايين دولار صيانة دورية للمعدات العسكرية، 528.4 مليون دولار لحساب المشتريات، 51.9 مليون دولار استطلاع وتقييم، 248.5 مليون دولار للنقل.
الموقف المصرى، عبر عنه وزير الخارجية سامح شكرى فى مؤتمر مع نظيره السعودى ظهر الأحد، حيث حذر من أن استمرار الأزمة فى غزة وإطالة أمدها مما يضع المجتمع الدولى أمام مفترق طريق جوهرى. وتابع: "فإما السماح باستمرار الممارسات الإسرائيلية دون ردع والسماح للحكومة الإسرائيلية فى ضرب عرض الحائط بكل الحقوق والواجبات التى يفرضها القانون الدولى والقرارات الأممية على نحو يجعلنا مستمرين فى نفق استمرار اتساع رقعة الصراع إلى مختلف الجبهات والغرق فى دوامة العنف والعنف المقابل والإبقاء على مصائر المنطقة وشعوبها وأجيالها القادمة والعالم بأسره رهينة فى أيدى المتطرفين دعاة الحروب والعنف والدمار"
ولا تقتصر التحذيرات من خطورة استمرار الصراع دون حلول على ما أطلقته الدولة المصرية، ففى مناسبات عدة ومنذ اندلاع الحرب فى غزة وحتى الآن، حذرت دوائر أمنية واستخباراتية غربية عدة من احتمالات عالية الخطورة لوقوع هجمات إرهابية داخل الدول الغربية أو من خلال استهداف القوات الأمريكية المتمركزة فى دولاً عدة.
وفى ديسمبر الماضى، أصدر مديرا مكتب التحقيقات الفيدرالى فى الولايات المتحدة FBI، وجهاز الاستخبارات الداخلية فى بريطانيا MI5، تحذيراً مشتركاً من احتمال تزايد مخاطر شن "هجمات إرهابية محلية"، نتيجة الأزمة فى الشرق الأوسط فى ظل حرب إسرائيل على قطاع غزة.
وحذر قائدا الجهازين الرئيسين لمكافحة الإرهاب، من أن "جماعات ومنظمات يهودية، فضلاً عن جماعات أخرى، ربما تواجه خطراً متزايداً من أفراد منفردين (ذئاب منفردة)، على الأراضى البريطانية أو الأمريكية"، وفق ما نشرته حينها صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وقال مدير جهاز MI5 كين ماكالوم، أن هناك خطراً من أن يستجيب أفراد "يبادرون ذاتياً"، والذين ربما اتجهوا إلى التطرف عبر الإنترنت "بطرق تلقائية أو غير متوقعة" فى بريطانيا بعد "الهجمات الإرهابية" على إسرائيل، وما يمكن أن يصبح صراعاً طويل الأمد. وأضاف ماكالوم، أن "هناك أيضاً خطراً من أن تصعيد جماعات إرهابية أو دولاً بعينها وأن يجرى استهداف أفراد أو منظمات يهودية من قبل النازيين الجدد والمتشددين".
فيما ذكر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى، كريستوفر راى، أن التهديدات الإرهابية تتطور بسرعة فى الولايات المتحدة، و"لا نستطيع ولا نستبعد احتمال أن المنظمات الإرهابية الأجنبية يمكنها أن تستغل الصراع لدعوة مؤيديها إلى شن هجمات على أراضينا".