وفى تجمع حاشد فى ولاية كارولينا الجنوبية، اقترح الرئيس الأمريكى السابق والمرشح الجمهورى الحالى أنه "سيشجع" روسيا على مهاجمة أى دولة فى الناتو لا تساهم بنسبة 2٪ من ناتجها المحلى الإجمالى لخزائن الحلف، وزعم أن رئيس "دولة كبيرة" فى أوروبا، لم يذكر اسمه، سأله: "إذا لم ندفع وهاجمتنا روسيا، فهل ستحمينا؟" وقال ترامب أن رده كان: "لا، لن أحميهم. فى الواقع، سأشجعهم على فعل ما يريدون، عليهم أن يدفعوا، عليهم أن يدفعوا فواتيرهم"، حسبما قالت صحيفة لابانجورديا الإسبانية.
وأعلن جوزيبى بوريل، رئيس السياسة الخارجية والدفاع بالاتحاد الأوروبى، "دعونا نكون جادين، فلا يمكن لحلف شمال الأطلسى أن يكون تحالفًا عسكريًا "انتقائيًا"، لا يمكن أن يكون تحالفًا عسكريًا يعمل اعتمادًا على مزاج الرئيس الأمريكى فى تلك الأيام. وأضاف: "لن أقضى وقتى فى التعليق على أى أفكار سخيفة تطرح خلال هذه الحملة الانتخابية فى الولايات المتحدة".
كما خضعت تعليقات ترامب التحريضية للرقابة من قبل شارل ميشيل، رئيس المجلس الأوروبى، حيث قال على المنصة الاجتماعية إكس: "التصريحات المتهورة بشأن أمن الناتو والتضامن بموجب المادة 5 لا تخدم سوى مصالح بوتين".
وتلزم المادة الخامسة كل دولة من دول التحالف العسكرى البالغ عددها 31 دولة بمساعدة أى عضو يقع ضحية هجوم مسلح. ولم يتم تفعيله إلا مرة واحدة، بعد هجوم 11 سبتمبر الإرهابى فى الولايات المتحدة.
وأضاف، "إنها لا تجلب المزيد من الأمن أو السلام للعالم، بل على العكس من ذلك، فهى تؤكد من جديد حاجة الاتحاد الأوروبى إلى مواصلة تطوير استقلاله الاستراتيجى بشكل عاجل والاستثمار فى الدفاع عنه. والحفاظ على تحالفنا قويًا".
وقالت وزارة الخارجية الألمانية - وهى واحدة من أكبر المنفقين فى حلف شمال الأطلسى والتى لا يصل إنفاقها مع ذلك إلى هدف 2% من الناتج المحلى الإجمالى - أن "عقيدة الناتو هذه تحافظ على سلامة أكثر من 950 شخصًا.
كما أخذ عضو البرلمان الأوروبى البلجيكى غى فيرهوفشتات، وهو جزء من وفد البرلمان للعلاقات مع الولايات المتحدة، الكلمة على شبكة إكس لدعوة الاتحاد الأوروبي إلى "تنسيق وتكامل الجهود الدفاعية، لتقليل الاعتماد على واشنطن.
ويشعر المسؤولون فى بروكسل بقلق متزايد من أن عودة ترامب يمكن أن تعطل بشكل خطير سياسة الغرب المتحالفة بشكل وثيق بشأن أوكرانيا وتؤدى إلى تآكل نفوذ الناتو.
هل أوروبا مستعدة؟
أكد عدد من الخبراء أن أوروبا ليست مستعدة بعد لمواجهة خطر بوتين وترامب، نتيجة للحرب الروسية ضد أوكرانيا، حيث ستتجاوز 18 دولة فقط 2% من الناتج المحلى الإجمالى فى الإنفاق الدفاعى فى عام 2024، وبعد سنوات من التوقف فى الاستثمارات العسكرية بعد الحرب الباردة، اضطر الأوروبيون إلى التحرك بوتيرة قسرية، ومثال على ذلك ألمانيا، ولكن لن تفعل ذلك حتى عام 2029.
وأكد الخبير الإسبانى بول بارجيس، فى مؤسسة CIDOB "يتعين على الاتحاد الأوروبى أن يجرى إصلاحات: ولابد أن تكون السياسة الخارجية والأمنية مشتركة. "يجب أن يكون لدى الأوروبيين أدوات للرد على روسيا إذا غزت إحدى دول الناتو".
مظلة نووية مشتركة
بل أن المناقشة النووية أيضا أثارت الجدل، فهل ينبغى لأوروبا أن تحظى بمظلة نووية مشتركة؟ وأكد الخبراء أن فرنسا والمملكة المتحدة قوتان نوويتان وتمتلكان ترسانة مشتركة تتألف من 550 رأساً حربياً ذرياً (تمتلك روسيا أكثر من 6000 رأس) وقد أثارت باريس هذه القضية بالفعل فى فبراير 2020. ولم ترغب ألمانيا فى استفزاز الولايات المتحدة آنذاك. ولكن الآن أعاد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون هذه المسألة إلى الطاولة، وانضم إلى المناقشة وزير الاقتصاد الألمانى الليبرالى كريستيان ليندنر، والشخصية الأولى بين الديمقراطيين الاشتراكيين فى أوروبا، كاثرينا بارلى. ويفضل ليندنر وبارلى إضفاء الطابع الأوروبى على القوة النووية الفرنسية.
ويرى فيليكس أرتيجا، كبير الباحثين فى معهد إلكانو الملكى، أن "البعد النووى ليس قيد الإنشاء لأن محاولة تطويره من شأنه أن يسهل فك الارتباط مع الولايات المتحدة.
ترسانة أوروبا فارغة
وبدأ الاتحاد الأوروبى يركز على مسألة مشروعات التسليح والصناعات الدفاعية، بسبب استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وأعلن عن إنتاج 1.4 مليون ذخيرة لإرسالها إلى أوكرانيا فى عام 2024، على الرغم من التحذيرات من أن إعادة تسليح ذلك البلد لن تؤدى إلا إلى إطالة أمد الصراع مع روسيا.
وحذر رئيس شركة الأسلحة الألمانية راينميتال، أرمين بابرجر، من أن ترسانات أوروبا "فارغة" من الذخيرة، وأن الأمر سيستغرق عشر سنوات حتى تتعافى، وحتى تتمكن أوروبا من "الدفاع عن نفسها"، قائلا خلال افتتاح مصنع عسكرى فى ولاية ساكسونيا السفلى فى تصريحات "سنكون بخير خلال ثلاث أو أربع سنوات، لكن لكى نكون مستعدين حقا سنحتاج إلى 10 سنوات".
وأوضح الخبير "علينا أن ننتج 1.5 مليون خرطوشة فى أوروبا" بعد إرسال جزء كبير من الاحتياطى إلى أوكرانيا، وأصر على أنه "طالما لدينا حرب فسوف نساعد أوكرانيا، ولكن بعد ذلك سنحتاج إلى 5 سنوات على الأقل و10 سنوات لملء الاحتياطيات" من الذخيرة.