عملية البطء في التقاضي والتأخير في الفصل في المنازعات القضائية العمالية يكاد يكون ظاهرة عامة في عديد من دول العالم، ويرجع بعض أسبابها إلى الخصوم وخاصة المدعى عليهم الذين يلجأون إلى أساليب المماطلة واستغلال الثغرات الإجرائية التي من شأنها تعطيل الفصل في القضايا، ويرجع بعضها الآخر إلى النقص في عدد القضاة مقارنة بالكم المتزايد من القضايا المطالبين بالفصل فيها، وأهم نوعية من هذه القضايا كما ذكرنا من قبل ظاهرة بطء سير التقاضي أمام المحاكم العمالية لتسوية الخلافات العمالية.
ويحسن قبل الشروع في ذلك أن نوضح بإيجاز مراحل سير الدعوى العمالية حيث تمر بثلاث مراحل الأولى أمام مكتب العمل الذي يحاول التوفيق بين الخصوم وحل خلافاتهم ودياً، فإن أخفق في تحقيق هذه الغاية تبدأ عندئذ المرحلة الثانية بإحالة المنازعة إلى المحكمة الابتدائية لتسوية الخلافات العمالية التي تعتبر بمثابة محكمة درجة أولى، ومنها ما هو قابل للاستئناف أمام محاكم الدرجة الثانية لتسوية الخلافات العمالية، حتى تصل لمحكمة النقض، ما يجعلها تستغرق وقتا طويلا سيتم الحديث عنه بإستفاضة خلال السطور التالية.
حقوق العمال وما قد يهدرها
فى التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على حقوق العمال وما قد يهدرها خاصة أن هناك عدة أسباب جعلت حقوق العمال بلا غطاء وحماية، فالقضايا العمالية تعتبر هي الشغل الشاغل للبيوت والأسر المصرية خاصة وأنها تتعلق بالظروف المعيشية وأكل عيش العمال، إلا أن مثل هذه القضايا تظل في محاكم أول درجة في كثير من الأحيان لـ4 أو 5 سنوات، ما يُعد إهدارا للحقوق أو موتا بطيئا للعامل، وذلك على عكس ما يحدث في تقاضى العاملين بدولة مثل "الإمارات"، وعلى الرغم من أن القائمين على القضاء في الإمارات هم رجال قضاء مصريين، والقائمين على القضايا عن بُعد والقضايا الإلكترونية مصريين، ومن المؤكد أن ذلك يعود إلى ارتفاع التكلفة وهو الأمر المتاح هناك وليس متاحا لدينا - حسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض المتخصص في الشأن العمالي فرج أحمد عزيزة.
في البداية - القضايا العمالية في دولة مثل الإمارات لا تستغرق أكثر من 6 شهور رغم أنه يتم نظرها أول درجة والإستئناف ثم محكمة التمييز "النقض"، وبذلك تكون 3 مراحل للمقاضاة لا تستغرق أكثر من 6 شهور، أما القضية العمالية في مصر أول وثانى درجة تستغرق من 4 لـ5 سنوات، حتى تصل مرحلة النقض وتظل لمدة 10 سنوات، وبذلك حتى الورثة لا يستفيدوا من هذا الحق بسبب بطئ عملية التقاضى العمالية، وأما النقابات العمالية لم يعد لها دور كما كان في السابق ولم يعد لها عامل حقيقى مناضل والألية التي كانت معهم هي منازعات العمل الجماعية، فمثلا لو هناك مطلب لعمال المصنع فكانوا يستطيعون المقاضاة بمنازعة عمل جماعية وتحدث وساطة ويقوم بعمل تحكيم ولكن حتى التحكيم أخذ عدم دستورية، واليوم قانون العمل به باب ىمكون من 10 أو 15 تم اعدامها بصدور حكم بعدم الدستورية ولم يتم استبداله – وفقا لـ"عزيزة".
ضرورة خلق حوار مجتمعى لحل هذه الأزمة
وهذه الألية كانت موجودة كقوة في يد العمال وانتزعت منها، وبذلك أصبح العمل النقابى في مهب الريح ليس هناك حماية من تفتيش العمل ولا من وزارة القوى العاملة، والتقاضى في القضايا العمالية بطئ جدا لدرجة أن اغلب العمال أصبحت تترك القضايا في وسط سكة التقاضى، لأن التكلفة أيضا مرتفعة هي الأخرى بالنسبة لأتعاب المحامين وانتقالتهم، فلابد من خلق حوار مجتمعى لحل هذه الأزمة وقانون العمل الجديد الموجود في الأدراج والموصوف بأنه سئ جدا للعمال ورغم الاعتراض عليه باستمرار ودائما ما يتم تعديله نسخة بعد أخرى حتى وصلت لـ7 نسخ وجميعهم أسوأ من بعض – كما يؤكد خبراء القضايا العمالية - فلابد من تضافر مجتمعى لإنقاذ العامل وإيجاد حلول قانونية له، فهناك 8 أسباب جعلت حقوق العمال بلا غطاء وحماية كالتالى: - طبقا لـ"عزيزة".
عدة أسباب جعلت حقوق العمال بلا غطاء وحماية
1- انحصار الدور الريادى للنقابات العمالية، وسلب أدوات الحماية من النقابات، ومحاربة التنظيم النقابى من جهات عديدة.
2- ثقافة العامل الضعيفة بحقوقه فى قانون العمل والتأمينات بسبب عدم وجود دورات تثقيفية للعمال من الاتحادات النقابية أو من القوى العاملة.
3- حالة الإحباط التى اصابة العامل من تركه فريسة لبعض من أصحاب الأعمال ممن ينتهجوا أسلوب تسخير العمال.
4- وضعف الحماية القانونية للعامل سواء من إدارات تفتيش العمل أو نظام القضائى العمالى الذى يتسم بالروتين والإطالة فى مدة التقاضى.
5- عدم اصدار قانون عمل جديد يوازن العلاقة بين العامل وصاحب العمل ويضفى حماية للعامل بوصفه الطرف الأضعف فى علاقه العمل، ووجوب اعادة الحياة لمنازعات العمل الجماعية والوساطة والتحكيم بعد إعدام هذا الدور بصدور حكم الدستورية بعدم الزام صاحب العمل بالتحكيم.
6- عدم الجدية فى تغير واقع الحالة العمالية لتواكب المعاير الدولية والمواثيق التى وقعت عليها الدولة لخلق واقع أكثر حماية وأمان للعامل الطرف الأضعف فى علاقة العمل.
7- عدم دراية أصحاب الأعمال بأهمية الأمان الوظيفى للعامل، والأجر العادل، وعلاقة العمل المتوازنة فى انتظام دولاب العمل فى مؤسساتهم وازدياد نشاطهم وثرواتها، وأن العامل هو أهم سبب لجودة نشاط مؤسساتهم.
8- الدعوة لحوار مجتمعى أطرافه ممثلين للعمال فى كافة الصناعات من خارج التنظيم النقابى، وممثلين للعمالى من النقابات، وممثلين عن أصحاب الأعمال من اتحاد الصناعات والغرف التجارية وجمعيات رجال الأعمال، وصحفين ونشطاء مهتمين بالشأن العمالى، ووزارة القوى العاملة، والتأمينات الإجتماعية، وبرلمانين فى لجنة القوى العاملة، وممثلين عن منظمتى العمل الدوليه ومنظمة العمل العربية لهم صفة استشارية، ليخرج هذا الحوار بمشروع قانون عمل وتأمينات عادل.