أصدرت الدائرة المدنية "أ" - بمحكمة النقض - حكما هاما يتضمن 10 صفحات قررت فيه عدة مبادئ قضائية، حول شروط وأسباب اختصاص القضاء العادى بالقرارات الإدارية على غير المتعارف عليه، لأن مجلس الدولة هو المختص بذلك الشأن، نذكر منها أبرز 3 مبادئ، وهى رغم أنها مبادئ مستقرة ومعروفة؛ إلا أن التذكير بها واجب.
ملحوظة:
من المعروف أن منازعات القرارات الإدارية من اختصاص مجلس الدولة؛ ولكن يشترط لاختصاص مجلس الدولة بها أن تكتسب صفة القرارات الإدارية أما إذا شابها عيب يعدمها فيختص بالمنازعات هنا القضاء العادي، لأنها ببساطة ليست قرارات إدارية.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 16622 لسنة 76 قضائية، برئاسة المستشار بليغ كمال، وعضوية المستشارين الدكتور أحمد فاروق عوض، ومنير محمد أمين، وهشام زناتى، والدكتور أيمن الحسينى.
وجاءت المبادئ الثلاثة كالتالى:
أولا: طبقا لحيثيات حكم المحكمة المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن القرار الإداري الذي لا تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله أو التعويض عن الأضرار المترتبة عليه هو ذلك القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه مصلحة عامة.
ثانيا: المقرر– في قضاء محكمة النقض – إن شابه (القرار الإداري) عيب انحدر به إلى درجة الانعدام أصبح واقعة مادية، مما يخرجه عن عداد القرارات الإدارية، ويخضعه لاختصاص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة بنظر كافة المنازعات.
ثالثا: المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن المطالبة بالرد عن طريق دعوى رد غير المستحق وهى إحدى تطبيقات دعوى الإثراء بلا سبب، إذ بزوال سبب الوفاء يبطل الوفاء كعمل قانونى ولا يبقى قائماً إلا كواقعة مادية، وهى الواقعة التي يترتب عليها إثراء المدفوع له وافتقار الدافع، كما أنها هي ذاتها التي ينشأ عنها الالتزام برد ما دُفع بغير حق، وهذه الدعوى ذات طبيعة مدنية محضة ويختص بها القضاء العادي، ولا يغير من طبيعتها تلك أن يكون قد لابسها عنصر إداري أضفى عليها شكل المنازعة الإدارية، وأن يكون هذا العنصر هو سبب الالتزام قبل زواله، ذلك أن هذا السبب بمجرده لا يغير من الطبيعة الموضوعية لدعوى رد غير المستحق وهى الطبيعة المدنية المحضة.
وبحسب "المحكمة": إذ لا عبرة بسبب الوفاء أياً كان، طالما أن دعوى رد غير المستحق لا تقوم على هذا السبب ولا على الوفاء المترتب عليه، وإنما تقوم لدى زواله وبطلان الوفاء كعمل قانونى وبقائه كواقعة مادية كما سلف القول، وباعتبار أن هذا هو أساس نشأة الالتزام في دعوى رد غير المستحق دون النظر إلى السبب الذى زال، وهو ما يترتب عليه أن موضوع المنازعة الحالية – بطلب استرداد مبالغ مالية دُفعت بغير حق استناداً إلى نص قانونى قُضى بعدم دستوريته – لا يتصل بقرار إداري ولا يتساند إليه، ويدخل بحسب طبيعته المدنية المحضة في نطاق اختصاص القضاء العادي، ويضحى الدفع المبدي من النيابة بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى واختصاص القضاء الإداري بنظرها على غير أساس.