أصدرت الدائرة العمالية – بمحكمة النقض – حكما فريدا من نوعه - يهم ملايين العاملين والموظفين، بشأن التأمينات والمعاشات للعامل الذى كان يعمل بدون عقد عمل، رسخت فيه لـ3 مبادئ قضائية قالت فيه: "1-الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى ملتزمة بسداد المستحقات التأمينية للعامل أو المستحقين عنه حتى لو لم يقم صاحب العمل بالاشتراك للعامل طالما ثبتت علاقة العمل طبقا للمادة 304 من لائحة قانون 148.
2- وأن أحكام قانون التأمينات والمعاشات من النظام العام يجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض.
3-كما أن للمحكمة أن تتصدى لها من تلقاء نفسها مادة 253 مرافعات.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 8575 لسنة 90 القضائية، برئاسة المستشار إسماعيل عبدالسميع، وعضوية المستشارين سمير عبدالمنعم، والدسوقى الخولى، وخالد مدكور، وطارق تميرك، وبحضور كل من رئيس النيابة أحمد الصيرفى، وأمانة سر محمد إسماعيل.
الوقائع.. الورثة يقيمون دعوى قضائية ضد صاحب العمل بثبوت علاقة العمل
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنين أقاموا دعوى قضائية أمام محكمة الفيوم الابتدائية على المطعون ضدهما "1-....،2-......" انتهوا فيها إلى طلب الحكم أولا: بثبوت علاقة العمل بين مورثهم المرحوم "على. س"، والمطعون ضده الأول بمهنة رئيس عمال، وبأجر شهرى مقداره 2400 جنيه في الفترة من 1 مايو 2011 حتى وفاته 3 نومفبر 2011، ثانيا: إلزام الهيئة المطعون ضدها الثانية أو تؤدى إليهم المعاش المستحق لهم عن مورثهم، ومكافأة نهاية الخدمة، والتعويض الإضافى.
الدعوى تضمنت طلب إلزام الهيئة القومية للتأمين أن تؤدى إليهم المعاش المستحق لهم عن مورثهم ومكافأة نهاية الخدمة والتعويض الإضافى
وقالوا بيانا لذلك أن مورثهم كان يعمل لدى المطعون ضده الأول بالمهنة والأجر سالفى الذكر في المدة من 1 مايو 2011 حتى وفاته 3 نومفبر 2011 بدون عقد عمل مكتوب، وأن المطعون ضدها الثانية امتنعت وبدون مبرر عن الوفاء لهم بالمستحقات التأمينية – المشار إليها آنفا – ومن ثم فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان، كما ادعت المطعون ضدها الثانية فرعيا بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده الأول أن يسدد لها القيمة الرأسمالية المستحقة على المستحقات التأمينية المترتبة على علاقة العمل.
ثغرة صاحب العمل كانت عمل العامل بدون عقد مكتوب
وفى تلك الأثناء – ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن قدم تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 27 أبريل 2016 بإجابة الطاعنين إلى طلبهم الأول، ثم عادت وحكمت بتاريخ 23 نوفمبر 2017 برفض طلبهم الثانى ورفض الدعوى الفرعية، ثم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 123 لسنة 53 ق بنى سويف "مأمورية الفيوم"، ثم ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 4 مارس 2020 برفض الاستئناف وـاييد الحكم المستـأنف، ثم طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه.
صاحب العمل امتنع وبدون مبرر عن الوفاء لهم بالمستحقات التأمينية
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إنه لما كان مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات: "أنه يجوز لمحكمة النقض كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة وللخصوم إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع، ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم، وليس على جزء أخر منه وحكم سابق عليه لا يشمله الطعن"، ولما كانت أحكام قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون 79 لسنة 1975 والمعدل بالقوانين أرقام 47 لسنة 1984، 107 لسنة 1987، 91 لسنة 2003 – المنطبق على واقعة النزاع – من النظام العام لا يجوز مخالفتها والإعراض عنها وللمحكمة أن تتصدى لها من تلقاء نفسها.
الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى ادعت هي الأخرى بإلزام صاحب العمل أن يسدد لها القيمة الرأسمالية المستحقة على المستحقات التأمينية المترتبة على علاقة العمل
وبحسب "المحكمة": كان النص في المادة 18/3 من هذا القانون على أن: "يستحق المعاش في الحالات الأتية: 1-......، 2-........، 3-........ انتهاء خدمة المؤمن عليه للوفاء......، ويشترط لإستحقاق المعاش الحالتين المبينتين في البندين "3، 4" السابقين أن تكون للمؤمن عليه مدة اشتراك في التأمين لا تقل عن 3 أشهر متصلة أو 6 أشهر متقطعة"، والنص في المادة "30" على أنه: "يستحق المؤمن عليه مكافأة متى توافرت إحدى حالات استحقاق المعاش أو تعويض الدفعة الواحدة....."، والنص في المادة "104" على أنه: "إذا توفى المؤمن عليه أو صاحب المعاش كان للمستحقين عنه الحق في تقاضى معاش وفقا للأنصبة والأحكام المقررة بالجدول رقم "3" المرافق من أول الشهر الذى حدثت فيه الوفاة، ويقصد بالمستحقين الأرملة والمطلقة والزوج والأبناء والبنات والوالدين والأخوة والأخوات الذين تتوافر فيهم في تاريخ وفاة المؤمن عليه أو صاحب المعاش شروط الاستحقاق المنصوص عليها في المواد التالية".
وتضيف "المحكمة": والنص في المادة 117 على أنه: "يستحق مبلغ التعويض الإضافى في الحالات الأتية: "أ-.......، ب-....... انتهاء خدمة المؤمن عليه للوفاة.... ويؤدى مبلغ التعويض الإضافى في حالات استحقاقه للوفاة إلى من حدده المؤمن عليه أو صاحب المعاش قبل وفاته، وفى حالة عدم التحديد يؤدى إلى الورثة الشرعيين"، والنص في المادة "150" من ذات القانون على أنه: "تلتزم الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بالوفاء بالتزاماتها المقررة كاملة بالنسبة للمؤمن عليهم والمستحقين حتى ولو لم يقم صاحب العمل بالإشتراك عنهم في الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى من صحة البيانات الخاصة بمدة الاشتراك في التأمين أو الأجر ربط المعاش أو التعويض على أساس مدة الخدمة والأجر غير المتنازع عليهما، ويؤدى المعاش أو التعويض على أساس الحد الأدنى المقرر قانوناً للأجر في حالة عدم إمكان التثبت من قيمة الأجر، واستثناء من قواعد وأحكام الاشتراكات يلتزم صاحب العمل بأن يؤدي للصندوق المختص القيمة الرأسمالية للمعاش، وكذا المستحقات التأمينية الأخرى المترتبة على ثبوت علاقة العمل".
النقض تنهى إشكالية التأمينات والمعاشات لـ"العمال" بدون عقد عمل
وتابع: يدل على أن المؤمن عليه المخاطب بأحكام قانون التأمين الاجتماعي - سالف الذكر - إذا انتهت خدمته بالوفاة ، وكانت له مدة اشتراك في التأمين الاجتماعي لا تقل عن 3 أشهر متصلة أو سنة أشهر متقطعة كان للمستحقين عنه واعتبارا من أول الشهر الذي حدثت فيه الوفاة الحق في صرف المعاش بالإضافة إلى مكافأة نهاية الخدمة والتعويض الإضافي بالقدر المنصوص عليه بهذا القانون متى توافرت في هؤلاء المستحقين الشروط المنصوص عليها في المواد من (105 حتى109) من ذات القانون، وتلتزم الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بالوفاء لهم بهذه المستحقات حتى ولو كان صاحب العمل لم يشترك عن مورثهم في التأمين الاجتماعي، ويكون لها في هذه الحالة الحق في الرجوع على صاحب العمل بالقيمة الرأسمالية للمعاش، والمستحقات التأمينية الأخرى المترتبة على ثبوت علاقة العمل .
لما كان ذلك - وكان الحكم الصادر في الدعوى بثبوت علاقة العمل بين مورث الطاعنين والمطعون ضده الأول بمهنة رئيس عمال بأجر شهري مقداره "2400" المدة من 1 مايو 2011 حتى وفاته بتاريخ 3 نوفمبر 2011 قد حاز الحجية بين الخصوم فيها لعدم الطعن عليه من المطعون ضدهما، وكان ثبوت علاقة العمل على هذا النحو يرتب للطاعنين الحق في الحصول على المستحقات التأمينية المطالب بها متى توافرت بشأنهم شروط استحقاقها، وتلتزم الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بالوفاء لهم بها حتى ولو كان المطعون ضده الأول لم يشترك عن مورثهم لديها.
الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى ملتزمة بسداد المستحقات التأمينية للعامل أو المستحقين عنه
وتشير "المحكمة": وإن خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى برفض هذا الشق من الدعوى بمقولة إن مورثهم كان من العاملين بنشاط المقاولات ولم يقم بسداد الاشتراكات المستحقة عليه إعمالا لأحكام القرارين رقمي 255 لسنة 1982، 74 لسنة 1988 بشأن قواعد وإجراءات التأمين على عمال المقاولات الصادرين عن وزير التأمينات نفاذا للمادة 125 من قانون التأمين رقم 79 لسنة 1975 رغم أن القرار المنطبق على واقعة النزاع هو قرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 بشأن القواعد المنفذة لقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 الذي عرف في الجدول رقم (1) المرفق بهذا القرار المهن التي تعتبر من أعمال المقاولات على سبيل الحصر وليس منها مهنة رئيس عمال التي كان مورث الطاعنين يمتهنها قبل وفاته فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب المتعلق بالنظام العام، وإذ حجية هذا الخطأ عن تحديد المستحق للطاعنين من معاش ومكافأة نهاية الخدمة والتعويض الإضافي ومدى استيفائهم لاشتراطات هذه المستحقات، ومن ثم تعين أن يكون مع النقض الإحالة دون حاجة للرد على أسباب الطعن.
النقض تنهى إشكالية التأمينات والمعاشات للعمال 1
النقض تنهى إشكالية التأمينات والمعاشات للعمال 2
النقض تنهى إشكالية التأمينات والمعاشات للعمال 3