لازال متعاطى المخدرات يشغل حديث المتخصصين من الأطباء والقانونيون، وذلك في محاولة لإيجاد صياغة توافقية لتوصيف حالته بين هل هو مريض أم مجرم، خاصة مع إستمرار تطبيق القانون رقم 73 لسنة 2021، بشأن بعض شروط شغل الوظائف أو الاستمرار فيها، والذي يشمل بمقتضاه عقوبة العزل من الوظيفة لمن يثبت تعاطيه للمخدرات من الموظفين العموميين، وذلك استجابة لمطالبات قضائية بفصل الموظف الذي يثبت تعاطيه المخدرات فصلا نهائيا من عمله بالجهاز الإداري للدولة، والذي يعد إجراء تشريعيا حاسما لتطهير الوظيفة العامة وحمايتها من العناصر التي تسيء إليها وتضر ضررا مباشرا بالمواطن.
ولكن من ناحية أخرى – يرى المتخصصون من الأطباء أن حبس المتعاطي لا يحد من انتشار ظاهرة تعاطى المخدرات، لكنه على العكس يسفر عـن آثار عكسية خطيرة على الصحة العامة وحقوق الإنسان، وعلى نسبة الاعتلال والوفيات بين المتعاطين، كما يؤدي إلى حدوث خلل اجتماعي وارتفاع في معدل الجريمة، خاصة وأن المواثيق الدولية تتعامل مع المتعاطي، بنهج غير عقابي،على أنه مريض في حاجة إلى العلاج، وذلك في ظل تعالى الأصوات بين الوقت والآخر بتغليظ العقوبات ليس فقط على تجار المخدرات، ولكن أيضًا على المتعاطين، فهل معاقبة متعاطي المخدرات بالحبس يحد من انتشار هذه الظاهرة؟
هل متعاطى المخدرات مريض يجب علاجه أم مجرم يجب عقابه؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية من خلال الإجابة على السؤال.. هل متعاطى المخدرات مريض يجب علاجه وليست مجرم يجب عقابه؟ خاصة وأن التقارير الدولية تشير إلى وجود 40% من بين 9 ملايين سجين حول العالم، يقبعون خلف الأسوار لأسباب لها علاقة بمخالفات تتعلق بالمخدرات، مع توقع زيادة هذا الرقم بسبب الارتفاع المستمر في أعداد المسجونين بتهم تتعلق بالمخدرات في آسيا وأمريكا اللاتينية وفي إفريقيا، وهو الأمر الذى يجعلنا نتطرق لهذا الأمر ليس فقط من الناحية الطبية ولكن من الناحية القانونية، خاصة وأن قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 قد سبق وأن تصدى لهذه الأزمة – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض صالح حسب الله.
في البداية – تتجه العديد من دول العالم لإلغاء عقوبة السجن فى قضايا التعاطى، أو تخفيفها، وإيداع المتعاطين دور العلاج، حيث ثبت أنه فى أغلب الحالات إذا تم سجن المتعاطى، فإنه سيكون لقمة سائغة لتعلم عادات سلبية جديدة وهو مؤهل لها بالأساس، وسيخرج من السجن مجرما أو تاجر مخدرات بعد أن كان مجرد متعاط، أو على أقل تقدير فإنه قد يخرج من السجن وقد أدمن مادة أشد خطورة من تلك التي سجن بسببها، وهذه كارثة أخرى يجب الانتباه إليها قد اتخاذ القرار بشأن عقاب المدمن، خاصة وأنه يتم احتجازه مع مجرمين أشد خطورة، وهو ما أيدته نص قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 – وفقا لـ"حسب الله".
قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989
فقد نصت المادة 37: "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهرا مخدراً أو زرع نباتا من النباتات الواردة فى الجدول رقم (5) أو حازه أو اشتراه ، وكان ذلك بقصد التعاطى أو الاستعمال الشخصى فى غير الاحوال المصرح بها قانوناً، وللمحكمة ان تأمر فى الحكم الصادر بالادانة بتنفيذ العقوبات المقضى بها فى السجون الخاصة التى تنشأ للمحكوم عليهم فى جرائم هذا القانون او فى الاماكن التى تخصص لهم بالمؤسسات العقابية – طبقا لـ"حسب الله" .
إيداع من يثبت إدمانة إحدى المصحات
ويجوز للمحكمة عند الحكم بالعقوبة فى الجرائم المنصوص عليها فى الفقرة الأولى - بدلا من تنفيذ هذة العقوبة أن تأمر بإيداع من يثبت إدمانة إحدى المصحات التى تنشأ لهذا الغرض بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع وزراء الصحة والداخلية والشئون الاجتماعية، وذلك ليعالج فيها طبيا ونفسيا واجتماعيا ولا يجوز أن تقل مدة بقاء المحكوم عليه بالمصحة عن 6 أشهر ولا أن تزيد على ثلاث سنوات أو مدة العقوبة المقضى بها ايهما أقل – طبقا للخبير القانونى .
ويكون الافراج عن المودع بعد شفائه بقرار من اللجنة المختصة بالإشراف على المودعيين بالمصحة، فإذا تبين عدم جدوى الإيداع أو انتهت المدة القصوى المقررة له قبل شفاء المحكوم عليه، أو خالف المودع الواجبات المفورضة عليه لعلاجه، أو ارتكب أثناء إيداعه أيا من الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون رفعت اللجنة المشار إليها الأمر إلى المحكمة عن طريق النيابة العامة بطلب الحكم بإلغاء وقف التنفيذ، لاستيفاء الغرامة وباقى مدة العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها بعد استنزال المدة التى قضاها المحكوم عليه بالمصحة .
متى لا يجوز الحكم بإيداع متعاطى المخدرات مصحة نفسية؟
وأقر القانون بأنه: لا يجوز الحكم بالايداع إذا ارتكب الجانى جناية من الجنايات المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من هذه المادة بعد سبق الحكم عليه بالعقوبة أو بتدبير الإيداع المشار إليه، وفى هذه الحالة تسرى الأحكام المقررة فى المادة السابقة إذا رأت المحكمة وجها لتطبيق المادة (17) من قانون العقوبات .
مادة 37 مكررا: "تشكل اللجنة المنصوص عليها فى المادة السابقة فى كل محافظة برئاسة مستشار بمحكمة الاستئناف على الأقل وممثل للنيابة العامة بدرجة رئيس نيابة على الأقل وممثلين لوزارات الصحة والداخلية والدفاع والشئون الاجتماعية ويصدر بتشكيل هذه اللجان وتحديد اختصاصاتها ونظام العمل بها قرار من وزير العدل، وللجنة أو تستعين فى أداء مهمتها بمن ترى الإستعانة به، كما يجوز أن يضم إلى عضويتها آخرون وذلك بقرار من وزير العدل".
تشكيل لجنة من وزارة العدل لإيداع المتعاطى مصحة للعلاج
مادة 37 مكرراً ( أ ): "لا تقام الدعوى الجنائية على من يتقدم للجنة المشار إليها فى المادة السابقة من تلقاء نفسه من متعاطى المواد المخدرة للعلاج، ويبقى فى هذه الحالة تحت العلاج فى المصحات المنصوص عليها فى المادة 37 من هذا القانون أو فى دور العلاج التى تنشأ لهذا الغرض بقرار من وزير الشئون الاجتماعية بالاتفاق مع وزير الصحة، وذلك لتلقى العلاج الطبى والنفسى والاجتماعى إلى أن تقرر هذه اللجنة غير ذلك .
فإذا غادر المريض المصحة أو توقف عن التردد على دور العلاج المشار إليها قبل صدور قرار اللجنة المذكورة يلزم بدفع نفقات العلاج، ويجوز تحصيلها منه بطريق الحجز الإدارى ولا ينطبق فى شأنه حكم المادة 45 من هذا القانون، ولاتسرى أحكام هذه المادة على من كان محرزا لمادة مخدرة ولم يقدمها إلى الجهة المختصة عند دخوله المصحة أو عند تردده على دور العلاج".
ماذا لو رفض المتعاطى ايداعه مصحة لعلاجه من الإدمان؟
مادة 37 مكررا (ب): "لا تقام الدعوى الجنائية على من ثبت إدمانه أو تعاطيه المواد الخدرة، إذا طلب زوجه أو أحد أصوله أو أحد فروعه إلى اللجنة المنصوص عليها فى المادة 37 مكرراً من هذا القانون، علاجه فى إحدى المصحات أو دور العلاج المنصوص عليها فى المادة (37) مكرراً ( أ )، وتفصل اللجنة فى الطلب بعد فحصه وسماع أقوال ذوى الشأن ولها أن تطلب إلى النيابة العامة تحقيق هذا الطلب وموافاتها بمذكرة برأيها .
ويكون إيداع المطلوب علاجه فى حالة موافقته أحد المصحات أو إلزامه بالتردد على دور العلاج بقرار من اللجنة، فإذا رفض ذلك رفعت اللجنة الأمر عن طريق النيابة العامة إلى محكمة الجنايات التى يقع فى دائرتها محل إقامته منعقدة فى غرفة المشورة، لتأمر بإيداعه أو بإلزامه بالتردد على دور العلاج .
وضع المتعاطى تحت الملاحظة قبل ايداعه المصحة
ويجوز للجنة فى حالة الضرورة، وقبل الفصل فى الطلب، أن تودع المطلوب علاجه تحت الملاحظة لمدة لا تزيد على أسبوعين لمراقبته طبياً وله أن يتظلم من إيداعه بطلب يقدم إلى النيابة العامة أو مدير المكان المودع به ، وعلى النيابة العامة خلال ثلاثة أيام من وصول الطلب إليها أن ترفعه إلى المحكمة المشار إليها فى هذه المادة لتأمر بما تراه، وفى جميع الأحوال تطبق بشأن العلاج والانقطاع عنه الأحكام المنصوص عليها فى المادة السابقة .
مادة 37 مكرراً (ج): تعد جميع البيانات التى تصل إلى علم القائمين بالعمل فى شئون علاج المدمنين أو المتعاطين من الأسرار التى يعاقب على إفشائها بالعقوبة المقررة فى المادة (310) من قانون العقوبات .
إنشاء صندوق خاص لمكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى
مادة 37 مكرراً (د): "ينشأ صندوق خاص لمكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى تكون له الشخصية الاعتبارية، ويصدر بتنظيمه وبتحديد تبعيته وبتمويله وتحديد اختصاصاته قرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح المجلس القومى لمكافحة وعلاج الإدمان، ويكون من بين اختصاصاته إنشاء مصحات ودور علاج المدمنين والمتعاطين للمواد المخدرة وإقامة سجون للمحكوم عليهم فى جرائم الخدرات، كما تكون من بين موارده الغرامات المقضى بها فى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون والأموال التى يحكم بمصادرتها.