ما زالت الأزمة مستمرة بين المحامين، وأحد قضاة استئناف جنايات المنصورة، المعروفة بواقعة "كارنية فراخ الجمعية"، فقد أصدر نقيب محامين الدقهلية، محمد طه الغمرى، بيانا كشف فيه عن تفاصيل تابعات الأزمة، والذى جاء فيه: "أثناء حضور أعضاء النقابة العامة مع أعضاء مجلس نقابة جنوب الدقهلية أمام الدائرة الأولى استئناف جنايات المنصورة برئاسة المستشار بهاء المرى، وعند النداء على رول (1) تقدم السادة الأعضاء لإثبات حضورهم في محضر الجلسة".
وتابع "البيان": "وإذا بالمستشار رئيس الدائرة يقول (لا وقت للعبث – رفعت الجلسة ) – وذلك لم يستغرق 40 ثانية - عقب ذلك تم عقد اجتماع طارئ بغرفة المحامين بمحكمة جنايات المنصورة بحضور مجلس نقابة جنوب الدقهلية نقيبا وأعضاء والسادة أعضاء النقابة العامة بحضور بعض السادة المحامين أعضاء الجمعية العمومية، وتقرر الآتى: أولا: مقاطعة حضور جميع السادة المحامين أمام الدائرة الأولى استئناف جنايات المنصورة برئاسة المستشار بهاء المرى وحتى اشعار أخر ومن يخالف ذلك يتم محاسبته تأديبيا، ثانيا: رفع الأمر للنقيب العام ومجلس النقابة العامة، لاتخاذ ما يراه مناسبا بشأن الواقعة".
جانب من الحضور
رفع جميع كتب القاضي من مكتبة المحامين
فيما قررت نقابة محامين جنوب الجيزة، ردا على ما حدث، رفع جميع الكتب الخاصة بالمستشار بهاء المرى من مكتبة الاطلاع الخاصة بالنقابة، وكذا من جميع مكتبات غرف المحامين على مستوى نقابة جنوب الجيزة، وذلك بعد أن خرجت العديد من التصريحات الغاضبة من الموقف الذى تم مع ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة من قبل مجلس النقابة تجاه ما حدث، وذلك حتى يتم وضع حد لما حدث، بينما خرجت ردود أفعال أخرى من المحامين مؤيده لما قاله القاضي، لخطأ المسلك القانوني الذى اتخذوه في حضور الجلسة، ما أدى لرد الفعل من القاضي.
محامٍ بالنقض يؤكد: القاضي لم يخطئ
بينما خرج ابراهيم عبدالعزيز سعودي، المحامى بالنقض والمرشح السابق على مقعد نقيب المحامين، ليعرب عن أسفه عما حدث على صفحته الشخصية على "فيس بوك"، حيث نشر عدة بوستات قال فيها: "إن صحت الرواية، فلم يخطئ الرجل اليوم – في إشارة للمستشار المرى - فما حدث هو قمة العبث، ما هكذا تورد الإبل، وليرضى من يرضى وليغضب من يغضب، هلك المزايدون، سؤال إلى أعضاء المجلس الذين حضروا جلسة اليوم - مع كامل التقدير والاحترام - هل تم التسيق فيما أقدمتم عليه مع النقيب العام ومجلس النقابة؟".
المستشار بهاء المرى
وتابع "سعودى": "إذا خسرنا الحرب لا غرابة، لأننا ندخلها بمنطق الطبلة والربابة، بكل ما يملكه الشرقي من مواهب الخطابة، بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة (نزار قباني)، من الموروثات المرتبطة بالمحاماة أن: (أخذ الحق حرفة)، وأن: (لكل صنعة أصول)، وأنه: (بالناي والمزمار لا يحدث انتصار)، اعتدت أن أكتب رأيي دون اعتبار للموجة وارتفاعها، كلامي لا يلمح كلامي يصرح بوضوح أن ما حدث خطأ، ومعالجة خاطئة للأمر ممن حضر من أعضاء المجلس وتسمية القاضي لما حدث بأنه عبث لم يكن سوى الحقيقة المرة، وكل ذلك لا يبرر خطأ القاضي الاول في استهانته ببطاقة عضوية نقابة المحامين، ولكن الزامه الاعتذار عن خطئه لا يكون بهذا الإسلوب (ما هكذا تورد الإبل)، هذا ببساطة رأيي وللجميع حق الاختلاف في الرأي واعتناق غيره".
المحامى بالنقض إبراهيم سعودى
"لا وقت للعبث.. رُفعت الجلسة"
وفى هذا الإطار – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى - قاضٍ يقول لمحامي في جلسة استئناف جنايات المنصورة "الكارنية بتاعك تروح به الجمعية تجيب به فرختين"، وأجل القضية لليوم التالي في تقديري الشخصي القاضي جانبه الصواب عندما قال للمحامي: "الكارنية بتاعك تروح به الجمعية تجيب به فرختين"، كان يستوجب على القاضي إذا كان هناك خطأ إجرائي يرفض حضوره أمامه وهذا حقه وفقاً لنص المادة 337 قانون الإجراءات الجنائية الجديد لأن المحامي مقيد ابتدائي وليس استئناف، ويطلب ندب محامي مقيد استئناف لتأجيل القضية لحضور المحامي الأصيل، بدون ذكر هذا الحديث الذي اثار حفيظة واستياء المحامين.
وبحسب "صبرى" في تصريح لـ"برلماني": نقرر وبحق مساواة القضاء الجالس للقضاء الواقف طبقا للقانون، وأن احترام مهنة المحاماة فرض على الجميع وفقاً للدستور والقانون، وكان يجب على المحامين إثبات ما ذكره القاضي في محضر الجلسة والمطالبة برده، وفى حالة قبول طلب الرد لأى سبب من الأسباب فيكون على محكمة الاستئناف أن تتسلم ملف القضية برمتها، تحديد محكمة جديدة لنظر القضية من البداية أمام دائرة جديدة، وتعاد جميع مراحلها، ونري أنه لا يوجد فارق بين أسباب عدم صلاحية القاضي وأسباب رده فجميعها تجعل القاضي غير صالح لنظر الدعوي والفارق الوحيد أن الأولي لا تحتاج إلي أن يتمسك بها أحد من الخصوم لأنها من النظام العام أما الثانية فيجب أن يتمسك بها الخصوم وكذلك فإن قانون الإجراءات الجنائية يعتير المجني عليه فيما يتعلق بطلب الرد بمثابة خصم في الدعوى.
توابع أزمة "كارنية فراخ الجمعية" تتصدر المشهد
ووفقا لـ"صبرى": أن الأصل فى التشريع أن القاضى غير خاضع فى نطاق عمله للمساءلة القانونية، والاستثناء أن الشارع جوزها وحصرها فى نطاق ضيق محكم بالنص على أسبابها فى المادة 494 من قانون المرافعات، وقد وازن المشرع بهذا التشريع بين حق القاضى فى توفير الضمانات له فلا يتحسب فى قضائه إلا وجه الحق ولا يهتز وجدانه من مظنة النيل منه أو يستنفذ الجهد فى الرد على من ظن الجور به وآثر الكيد له، وبين حق المتقاضى فى الاطمئنان بأن قاضيه مقيد بالعدل فى حكمه فإن جنح عنه لم تغلق الأبواب فى وجهه، فله أن ينزله منزلة الخصومة يدين بها قضاءه ويبطل أثره، وهذا كله يجد حده الطبيعى فى أن القضاء ولاية تقدير وأمانه تقرير وأن مجرد الخلاف أو الخطأ لا يسقط بهما منطق العدل وإنما يسقطه الجور والانحراف فى القصد.
ويضيف: حيث تلاحظ في الآوانة الأخيرة كثرة الاعتداء على المحامين أثناء تأدية مهنتهم المُكلَّفين بها والواجب الذي على عاتقهم بموجب قانون المحاماة سواء كان الاعتداء داخل أقسام الشرطة أو في المحاكم.أو وجود اعتداءات أُخرى في خارج الإطار المهني لمجرد أن الشخص مُحامٍ، حيث إن كل هذه الاعتداءات تُشَكِّل جَرِيْمة يُعَاقب عليها قانون العقوبات المصري، خاصة وأن المحاماة مهنة حرة تُمارس دورها الأساسي في الدفاع عن مصالح المواطن أمام كافة السلطات المعنية لذلك يجب توفير حماية قانونية لهم، وتوفير أجواء من الطمأنينة والحريّة في تحقيق العدالة والخصوصية لممارسة المحاماة باعتبارها شريكاً للسلطة القضائية في تحقيق العدالة وتأكيد سيادة القانون، وفقاً لما ورد في قانون المحاماة.
النقيب عبدالحليم علام
مطالبات بمساواة القضاء الواقف بالقضاء الجالس
وأكدته المادة 198 من الدستور المصري الحالي التي تنص علي المحاماة مهنة حرة، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، وسيادة القانون، وكفالة حق الدفاع، ويمارسها المحامي مستقلاً، .. ويتمتع المحامون جميعاً أثناء تأديتهم حق الدفاع أمام المحاكم بالضمانات والحماية التي تقررت لهم في القانون مع سريانها عليهم أمام جهات التحقيق والاستدلال، ويحظر في غير حالات التلبس القبض على المحامي أو احتجازه أثناء مباشرته حق الدفاع، فضلا عما تتضمنه النصوص القانونية من ضمانات كثيرة تكفل حماية مهنة المحاماة حيث نص قانون المحاماة، رقم 17 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 147 لسنة 2019 ، بدءًا مما نصت عليه المادة الأولى منه أن:
"المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وفي تأكيد سيادة القانون وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم. ويمارس مهنة المحاماة المحامون وحدهم في استقلال ولا سلطان عليهم في ذلك إلا لضمائرهم وأحكام القانون".
تعرف على ضمانات المحامى للمارسة عمله
وقد منح القانون المحامي ضمانات كثيرة تضمن استقلاليته في ممارسة مهنته ولاسيما تلك التي وردت في الباب الثاني من الفصل الأول المعنون: "في حقوق المحامين"، وفقاً لمؤدي المادة 47 من قانون المحاماة عدم مسؤولية المحامي عما يورده في مرافعته الشفوية أو في مذكراته المكتوبة مما يستلزمه حق الدفاع، وذلك مع عدم الإخلال بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وقانون المرافعات المدنية والتجارية، ونصت المادة 48 من ذات القانون كفالة حريته في "قبول التوكيل في دعوى معينه أو عدم قبوله وفق ما يمليه عليه اقتناعه".
وأكدت المادة 49 من ذات القانون تنص علي ما مؤداه التأكيد على أن يعامل المحامي من المحاكم وسائر الجهات التي يحضر أمامها بالاحترام الواجب للمهنة. إذا وقع من المحامى أثناء وجوده بالجلسة لاداء واجبة أو بسبب اخلال بنظام الجلسة أو اى امر يستدعى محاسبته نقابياً أو جنائياً يأمر رئيس الجلسة بتحديد مذكرة بما حدث ويحيلها إلى النيابة العامة ويخطر النقابة الفرعية المختصة بذلك.
قانون المحاماة
وأن المادة 50 من ذات القانون تنص على أنه لا يجوز القبض على المحامى أو حبسه احتياطياً ولا ترفع الدعوى الجنائية فيها الا بأمر من النائب العام أو من ينوب عنه من المحامين العالمين الأول، ولا يجوز أن يشترك في نظر الدعوى القاضي أو أي من أعضاء الهيئة التي وقع أمامها الفعل المؤثم، كما نصت المادة 50 مكررًا- على أن "يتمتع المحامي بالضمانات المقررة في القانون إذا وقعت الافعال المشار اليها في المادتين (50,49) من هذا القانون أمام جهات الاستدلال أو التحقيق وفى جميع الاحوال تحرر مذكرة بالوقائع ترفع إلى المحامي العام الأول لنيابة الاستئناف المختصة للتصرف".
وفي غير حالات التلبس لا يجوز لمأمور الضبط القضائي احتجاز أو القبض على المحامي الموجه له اتهام بارتكاب جناية أو جنحة أثناء مباشرته حق الدفاع، ويتعين عرض الأمر فورا على المحامي الأول لنيابة الاستئناف المختصة، ولا يجوز التحقيق مع محامي أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة أو قاضي التحقيق في الأحوال التي يجيزها القانون وذلك وفقاً للمادة 51 من قانون المحاماة، واستمرت مواد قانون المحاماة في التأكيد على توفير ضمانات المحامي أثناء تأدية وظيفته حتى إنها ساوت بينه وبين عضو هيئة المحكمة في حمايته حال الاعتداء عليه أثناء ممارسته لعمله أو بسببه، فنصت المادة 54 من قانون المحاماة على أنه: "يُعَاقب كل من تعدى على محام أو أهانه بالإشارة أو القول أو التهديد أثناء قيامه بأعمال مهنته أو بسببها بالعقوبة المقررة لمن يرتكب هذه الجريمة ضد أحد أعضاء هيئة المحكمة".
الخبير القانونى والمحامى بالنقض هانى صبرى
توفير الحماية الدستورية والقانونية اللازمة للمحامين
ويستلزم تطبيق هذه النصوص في الواقع العملي وهي نصوصاً ملزمة تتضمن آليات محددة لتحقيق غاياتها فضلاً عن جزاءات تفرض احترامها حفاظاً علي كرامة مهنة المحاماة واعتبارها، لذلك يجب توفير الحماية الدستورية والقانونية اللازمة للمحامين ومساءلة كل ما تسول له نفسه التعدي عليهم أثناء ممارسة عملهم، ونطالب بصدور كتاب دوري بتعليمات النائب العام ، ووزير الداخلية بتطبيق ضمانات المحامي وفق المادة 198 من الدستور ، وقانون المحاماة، كما نطالب من محكمة استئناف المنصورة التحقيق في الواقعة واستصدار بيان في هذا الشأن.