وصلت الخلافات بين واشنطن وتل أبيب إلى ذروتها خلال الساعات القليلة الماضية، وخاصة بعد إعلان تعليق الإدارة الأمريكية صفقة قنابل كانت مخصصة لإسرائيل ردا على عمليتها العسكرية فى رفح التى بدأت الثلاثاء، وهو القرار الذى أثار اهتمام وسائل الإعلام العالمية معتبرين أنه دليل قاطع على تأزم غير مسبوق فى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.
ورغم أن القرار الأمريكي يعتبر هو الأول من نوعه منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بعد أن كانت المساعدات العسكرية لتل أبيب لا تنقطع، إلا أن المراقبون انقسموا حول تداعيات هذا القرار، وما إذا كان يعكس أزمة حقيقية.
البعض يرى أن وقف واشنطن لتلك الصفقة وتسريبها لوسائل الإعلام هو محاولة للتهرب من أى مسئولية سياسية تجاه المجازر المتوقعة فى رفح المكتظة بالمدنيين، وأن هذا القرار مجرد لعبة أمام العالم، بينما يرى أخرون أن أمريكا تخشىمن تورطها فى جرائم إسرائيل، خاصة بعد أن أثبتت تقارير حقوقية أن القذائف الصاروخية التي استخدمها جيش الاحتلال لاستهداف مركز إسعاف في جنوب لبنان نهاية مارس الماضي أمريكية الصنع، وكانت قد قتلت 7 مسعفين.
وفى أول تعليق له على تعليق واشنطن صفقة قنابل لإسرائيل، قلل الجيش الإسرائيلي من الخبر الذى انتشر خلال الساعات الماضية وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هاجاري إن البلدين الحليفين يحلان أي خلافات "خلف الأبواب المغلقة".
وفي مؤتمر صحفي صباح اليوم الأربعاء، قال المتحدث باسم الجيش دانيال هاجاري إن التنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة وصل "على حد اعتقادي إلى مستوى غير مسبوق" مؤكدا :" التنسيق لا يزال منقطع النظير".
وكانت الإدارة الأمريكية أكدت التقارير التي تفيد بأنها أخرت شحنة كبيرة من قنابل تزن 2000 و500 رطل كانت تخشى أن تستخدمها إسرائيل في عملية برية ضخمة في مدينة رفح المكتظة بالسكان جنوب قطاع غزة.
ووفقا لتايمز أوف إسرائيل، هذه هي المرة الأولى منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس التي تعلق فيها الولايات المتحدة شحنة أسلحة للجيش الإسرائيلي، والتي كانت تزوده بها دون انقطاع منذ 7 أكتوبر.
وترفض واشنطن بشدة شن هجوم كبير في رفح، مقتنعة بأنه لا يمكن لإسرائيل شن الهجوم بطريقة تضمن سلامة أكثر من مليون فلسطيني يحتمون هناك.
وقال مسئول أمريكى أنه بينما بدا أن الزعماء الإسرائيليين على وشك اتخاذ قرار بشأن اجتياح رفح في الشهر الماضي، “بدأنا بعناية في مراجعة عمليات الإرسال المقترحة لأسلحة معينة إلى إسرائيل قد تُستخدم في رفح”.
وأضاف المسؤول أن المراجعة أدت الأسبوع الماضي إلى إيقاف شحنة مكونة من 1800 قنبلة تزن 2000 رطل و1700 قنبلة تزن 500 رطل، مشيرا إلى أن البيت الأبيض كان قلقا بشكل خاص من أن تستخدم إسرائيل القنابل التي تزن 2000 رطل في رفح المكتظة بالسكان كما حدث في أجزاء أخرى من غزة.
وبدا أن المسؤول يؤكد أيضًا تقريرًا يفيد بأن الولايات المتحدة أخرت بيع مجموعات القنابل الدقيقة المعروفة باسم (JDAMs) لإسرائيل، لكنه أوضح أن هذه الصفقة كانت في مرحلة مبكرة جدًا مقارنة بشحنة القنابل الثقيلة التي أوقفتها الأسبوع الماضي.
وأضاف “بالنسبة لبعض القضايا الأخرى في وزارة الخارجية، بما في ذلك معدات JDAM، فإننا نواصل المراجعة. ولا تنطوي أي من هذه القضايا على عمليات نقل وشيكة. إنها تتعلق بعمليات نقل مستقبلية”.
تأكيد إدارة بايدن بعد ساعات من إشارة العديد من المتحدثين باسمها إلى موافقتهم المبدئية على العملية التي شنتها إسرائيل في وقت مبكر من صباح الثلاثاء للسيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر.
وقال المتحدثون إن أهداف إسرائيل المعلنة في العملية كانت مشروعة، لكنهم حذروا من أن هذا التقييم يمكن أن يتغير إذا توسع الهجوم في نطاقه وأدى إلى عرقلة ممتدة لشحنات المساعدات إلى غزة.
ووقع ثمانية وثمانون ديمقراطيًا رسالة إلى بايدن يوم الجمعة أعربوا فيها عن “مخاوف جدية بشأن سلوك الحكومة الإسرائيلية في الحرب في غزة فيما يتعلق بالحجب المتعمد للمساعدات الإنسانية”.
ووفقا لرويترز، قالت 4 مصادر، إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ستتخلف، الأربعاء، عن موعد تقديم تقرير إلى الكونجرس عما إذا كانت إسرائيل تنتهك القانون الإنساني الدولي في غزة، وهي نتائج ربما تؤجج مخاوف بسبب استخدامها أسلحة زودتها بها واشنطن ضد القطاع الفلسطيني.
وتُلزم مذكرة للأمن القومي معروفة باسم "إن إس إم-20"، أصدرها بايدن في فبراير، وزارة الخارجية بتقديم تقرير إلى الكونجرس بحلول 8 مايو الجاري، بشأن مدى موثوقية ضمانات إسرائيل بأن استخدامها للأسلحة الأمريكية لا ينتهك القوانين الأمريكية ولا الدولية.
وذكرت المصادر أن الإدارة الأمريكية أخطرت لجان الكونجرس بأنها لن تفي بالموعد النهائي، لكنها تأمل في تقديم نتائجها في غضون أيام.
وقال مساعدان في الكونجرس إنه ليس لديهما ما يشير إلى أن التأخير مرتبط بمخاوف سياسية.
وقال السناتور الديمقراطي كريس فان هولين، إن "الكثير من المحادثات أجريت.. مع أشخاص في الإدارة، وحثتهم حقاً على التأكد من مصداقية هذا التقرير، وأنه يعد مستنداً إلى الحقائق والقانون وليس بناء على ما يرغبون في أن يكون عليه".
وأثار تزويد واشنطن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمساعدات العسكرية احتجاجات في جميع أنحاء الولايات المتحدة تطالب الجامعات وبايدن بوقف الدعم لإسرائيل بما يشمل إرسال الأسلحة.
صورة بايدن ونتنياهو