من الأمور التي لم يعد يستغنى عنها الشعب المصرى هو السمسار سواء في عملية البيع أو الشراء، فقد أصبح السمسار مثل الماء والهواء يتداخل في كل شيء والاحتياجات اللازمة، والسمسار هو الشخص الذي يعمل وسيطا بين البائع والمشتري لعدة أهداف أبرزها - على سبيل المثال لا الحصر - بيع عقار، أو قطعة أرض، حيث يُساهم في تسهيل الصفقات التجارية، إلا أنّ معظم السمسارة غير ناجحين نظراً لعدم اكتسابهم الخبرة اللازمة، وعدم معرفتهم بشروط السمسرة وقوانينها بشكل كافٍ، ومسألة تعلم السمسرة قد يكون صعبًا بالبداية، ولكن مع التمرس يصبح أسهل.
وتعتبر مهنة السمسار من المهن التي يمكن للشخص أن يتعلمها ويحترفها بشكل جيد من خلال رؤيته للمشروع على أنه مربح، فيجب أن تتعلم حاجة السوق واكتساب الخبرات من المحيطين، وقانون السمسرة العقارية في مصر لعام 2020 يعتبر من أفضل القوانين المصرية، وهو رابطة بين المشترى والبائع ويحصل على عمولة أو ما تعرف باسم "السمسرة" عند بيع أو شراء أحدى العقارات، إلا أن هناك الكثير من أصحاب العقارات يعرضون عقاراتهم للبيع ومن ثم يبحث السمسار عن المشترى أو العكس، وبعد ذلك يحصل السمسار على العمولة تقديراَ لمجهوادته التي تتمثل في عملية البحث عن المشترى المناسب للبائع وأيضاَ تقديراَ لتوفير العقار المناسب.
البروكرز أصبح كالماء والهواء
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على تعريف عقد السمسرة وخصائصه، وحقوق السمسار، وذلك من خلال الإجابة على حزمة من الأسئلة أبرزها هل السمسار يستحق أجره بمجرد إبرام العقد بالشروط المتفق عليها في عقد السمسرة حتى ولو تم فسخ العقد بعد ذلك؟ وهل السمسرة من الأعمال التجارية التى يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات؟ وماذا إذا حدد أجر السمسار باتفاق مسبق بينه وبين عميله فهل يستحق كامل هذا الأجر عند نجاح وساطته؟ وماذا إذا ما ادعى العميل أن الصفقة تمت بغير وساطة السمسار أو على خلاف الشروط التى وضعها فهل عليه أن يقيم الدليل على ذلك بوصفه مدعياً خلاف الظاهر؟ وغيرها من الأسئلة – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض يحيى سعد جاد الرب.
تعريف عقد السمسرة
في البداية - لما كان عقد السمسرة، هو عقد يتعهد بموجبه السمسار لشخص بالبحث عن طرف ثان لإبرام عقد معين والتوسط لإبرامه في مقابل أجر، وعقد السمسرة من عقود المعاوضة، لأن كلا من طرفيه يسعى للحصول على مقابل لما يؤديه، ولكنه عقد احتمالي، لأن السمسار لا يستحق أجره إلا إذا نجح في مسعاه، وهو كذلك من العقود المُلزمة للجانبين، هذا، ويمتاز عقد السمسرة عن عقد الوكالة، بأن موضوعه "عمل مادي" هو السعي لإيجاد متعاقد آخر، وليس القيام "بعمل قانوني" كما هو شأن "الوكيل"، فالسمسار لا يشترك في إبرام العقد كوكيل عن أحد الطرفين، فهو فقط يقرب الطرفين إلى بعضهما ثم يتركهما يتعاقدان بأنفسهما أو يوكلان عنهما – وفقا لـ"جادب الرب".
كما أن طبيعة مهمة السمسار تنتهي بمجرد سعيه في إيجاد متعاقد آخر وإبرام العقد معه، فلا شأن له بتنفيذه كله أو بعضه، والسمسرة من الأعمال التجارية التى يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات والعقد فيها يبرم برضاء طرفيه، فإذا حدد أجر السمسار بإتفاق مسبق بينه وبين عميله، فإنه يستحق كامل هذا الأجر عند نجاح وساطته بإبرام الصفقة فعلاً نتيجة مساعيه وبإبرام الصفقة التى أرادها العميل موضوع السمسرة يفترض معه أن السمسار قام بمهمته بما يكفى لاستحقاق أجره، فإذا ما ادعى العميل أن الصفقة تمت بغير وساطة السمسار أو على خلاف الشروط التى وضعها فعليه أن يقيم الدليل على ذلك بوصفه مدعياً خلاف الظاهر ، وهو ما أكدته محكمة النقض في الطعون أرقام 3671 لسنة 61 قضائية، و الطعن رقم 4482 لسنة 77 ق، والطعن رقم 2203 لسنة 73 ق – الكلام لـ"جاد الرب".
حقوق السمسار من الناحية القانونية:
هذا وقد نظم القانون رقـم 21 لسنة 2022 المعدل لبعض أحكام القانون رقم 120 لسنة 1982 بشان تنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية، ومن المُقرر في قضاء النقض المصرية أن: "يقتصر عمل السمسار على التقريب بين شخصين لإتمام الصفقة، دون أن يكون له شأن فيما يتم التعاقد عليه، فهو لا يمثل أحد المتعاقدين، ولا يوقع على العقد بوصفه طرفاً فيه"، ومن المُقرر قانوناً أنه يكفي لاستحقاق السمسار لأتعابه توافر شروط ثلاثة، هي – طبقا لـ"جاد الرب":
أولا:- وجود عقد سمسرة يربطه بالطرف المرفوع عليه الدعوى، وكما يكون العقد صريحاً قد يكون ضمنياً.
ثانيا:- ونجاح التعاقد على الصفقة.
ثالثا:- أن يكون هذا النجاح بتدخل السمسار.
ملحوظة: ويكفي لتحقق هذه الشروط أن يكون نجاح الصفقة وليد إرشاد السمسار للعميل إلى الطرف الراغب في التعاقد، وليس بلازم أن يشترك السمسار في المناقشة في شروط العقد الذي يتم بين طرفي الصفقة أو أن يبذل مجهوداً في تحديد الثمن، وفيما يلى تفصيل ما أجملناه.
الشرط الأول - وجود عقد السمسرة:
فيُشترط وجود عقد سمسرة بين السمسار والشخص الذي يطالبه السمسار بدفع الأجر، وكما يكون العقد صريحاً، قد يكون ضمنياً.
وإثبات العقد: وإثبات هذا العقد (الصريح أو الضمني) يقع على عاتق السمسار، لأنه المدعي، فإذا فشل السمسار في هذا الإثبات كان "فضولياً"، ولم يكن أمامه سوى دعوى "الفضالة" – أو دعوى الإثراء بلا سبب – إذا توافرت شروطهما.
تحديد الأجر:- الأصل أن يحدد عقد السمسرة أجر السمسار، فإذا لم يتفق به على الأجر أو اتفق عليه ولم يحدد مقداره، عُيِنَ وفقاً لما يقضي به العرف، ومن حق السمسار إثبات "العرف" بكافة طرق الإثبات، فإذا لم يوجد عرف قدره القاضي وكان المرجع للمحكمة، فالسكوت في عقد السمسرة عن تحديد الأجر لا يسقط حق السمسار فيه، إذ أنه من عقود المعاوضة، وللمحكمة أن تحدد قيمة هذا الأجر تبعاً لظروف كل دعوى مستهدية في ذلك بقيمة الصفقة ومدى المجهود الذي بذله السمسار وما إذا كان محترفاً للسمسرة وخاضعاً للضريبة ويستخدم موظفين وعمالاً ويستأجر مكاناً يباشر فيه أعماله ...الخ – هكذا يقول "جاد الرب".
ملحوظة:
وإذا كان الأجر محدداً في العقد، فلا يجوز للمحكمة أن تعدل فيه، فالعقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، طبقاً للقواعد الأصولية العامة في القانون والشرع.
الشرط الثاني: نجاح السمسار في مهمته:
فيشترط لاستحقاق السمسار لأجرته أن ينجح في مهمته، أي إبرام العقد المقصود، فإذا نجح في ذلك فله الأجر، وإن لم ينجح فلا أجر مهما كانت المساعي والجهود التي بذلها، لذلك يعبر عن عقد السمسرة بأنه عقد احتمالي، لأن استحقاق السمسار أجره أمر غير مؤكد.
وفي الحالة الثانية، قد يكون للسمسار الحق في طلب التعويض إذا أثبت أن عدم إتمام الصفقة راجع إلى خطأ عميله أو تعسفه "بالرغم من توصل السمسار إلى شخص يقبل إبرام الصفقة بالشروط التي وضعها عميله وفي الأجل الذي حدده؛ طالما أن العميل لم يحتفظ صراحة بحقه في قبول أو رفض التعاقد"، ويستند التعويض هنا إلى إخلال العميل بالتزاماته التعاقدية الناشئة من عقد السمسرة.
وإذا كان العقد الذي يتوسط فيه السمسار يتم بعقد ابتدائي يليه عقد نهائي، فإن السمسار يستحق أجره بمجرد انعقاد العقد الابتدائي، ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أنه: "الأصل أنه يكفي لاستحقاق السمسار كامل أجره مجرد إبرام الصفقة وإتمام العقد الابتدائي"، طبقا للطعن المدنى رقم 19 لسنة 34 قضائية، فالسمسار يستحق أجره بمجرد إبرام العقد بالشروط المتفق عليها في عقد السمسرة، كما يستحق السمسار عمولته ولو تم التعاقد بغير الشروط المتفق عليها بعقد السمسرة طالما لا يرجع ذلك إلى خطأ السمسار – طبقا للخبير القانوني.
فإذا نجحت مهمة السمسار في التوسط بين الطرفين وكللت جهوده بإبرام العقد المقصود بينهما، فقد استحق الأجر نهائياً بإبرام ذلك التصرف، ولا يُسأل بعد ذلك عن تنفيذ العقد، ولا يرد الأجر إذا تم فسخ العقد أو تم إبطاله، طالما كان السمسار حسن النية أي لا يعلم سبب الإبطال أو الفسخ في وقت تكوين العقد، فمن المُقرر في قضاء النقض المصرية أنه: "متى تمت الصفقة نتيجة لسعي السمسار ووساطته، فإنه لا يحول دون استحقاقه للأجر، أن يفسخ العقد الخاص بالصفقة أو يبطل فيما بعد، لسبب كان السمسار يجهله وقت العقد، أو طرأ بعد تمامه".
الشرط الثالث- أن يكون إبرام الصفقة نتيجة تدخل السمسار:
وأخيراً، يشترط لاستحقاق السمسار للأجر أن يكون النجاح في إبرام الصفقة المقصودة بين عميله والغير، راجعاً إلى - وناتجاً عن - تدخل السمسار بجهوده ومساعيه، ولذلك فلا يستحق السمسار أجراً إضافياً في حالة قيام عميله والغير الذي تعاقد معه بتجديد العقد، فالسمسار لا يستحق أجراً إلا عن الصفقة التي توسط في إبرامها، أما في حالة تجديد العقد أو حالة ما إذا أدى تعارف الطرفين (العميل والغير) إلى إبرام صفقات أخرى جديدة بينهما، فليس للسمسار أن يدعي أجراً عنها، وفي حالة تواطأ عميله والغير بالتظاهر غشاً بعدم الاتفاق للإفلات من أجر السمسار، فيستحق السمسار تعويضاً عن ذلك، وقد يكون أنسب تعويض له هو أجر السمسرة، طالما أمكن له إثبات ذلك الغش والتواطؤ.
تنفيذ عقد السمسرة: عدم توقف أجرة السمسار على تنفيذ العقد الذي توسط فيه:
فعمل السمسار هو "عمل مادي" وليس "عمل قانوني"، فعمل السمسار ينحصر فقط في إرشاد عميله إلى فرصة للتعاقد والسعي إلى إتمام الصفقة، من دون أن يبرم السمسار عقد الصفقة ولا يظهر فيه ولا يُسأل عن تنفيذه، فلا يُسأل السمسار عن يسار الشخص الذي أرشد عميله إليه للتعاقد معه، لأن السمسار لا يضمن تنفيذ العقد الذي يبرمه عميله مع الطرف الآخر، فعمل السمسار ينتهي بمجرد تلاقي الإيجاب والقبول، ولا شأن له بتنفيذ العقد أو تسليم الثمن أو تسليم المبيع إلى غير ذلك من الآثار التي قد تترتب على التعاقد، كما أن السمسار لا يُسأل عن حسن تنفيذ العقد أو ضماناته.
وإذا فسخ العقد المتوسط فيه لأسباب تتعلق بعاقديه أو استحالة تنفيذه، دون غش أو خطأ جسيم من السمسار، فلا أثر لذلك على حق السمسار في الأجر، ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أن: "السمسار يكلفه أحد العاقدين بالتوسط لدى العاقد الآخر لإتمام صفقة بينهما، بأجر يستحق له بمقتضى اتفاق صريح أو اتفاق ضمني يستفاد من طبيعة عمله عند نجاح وساطته بإبرام عقد الصفقة على يديه، وليس يمنع عنه هذا الإجراء الذي استحقه بتمام العقد أن يفسخ العقد فيما بعد".
إثبات عقد السمسرة:
طرق الإثبات: عقد السمسرة عقد رضائي لا يُشترط لإبرامه شكل معين، ويتم العقد شفاهه أو كتابة، والكتابة هنا "للإثبات" وليست "لانعقاد العقد"، ويجوز إثبات عقد السمسرة بكافة طرق الإثبات، بما فيها قرائن الأحوال وشهادة الشهود، فعقد السمسرة مثله مثل باقي العقود التجارية يخضع في إثباته لمبدأ "حرية الإثبات"، فيجوز إثباته بغير الكتابة ولو زادت قيمته عن الحد المنصوص عليه قانوناً، أو كان غير محدد القيمة، بل ويجوز إثبات ما يخالف الكتابة بغير الكتابة (أي إثبات عكس ما جاء به بغير الكتابة إذا كان مكتوباً)، ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض المصرية: "جواز الإثبات في المواد التجارية بكافة طرق الإثبات إلا ما استثني بنص خاص"، كما ورد في الطعن رقم 2320 لسنة 59 قضائية.
والسمسرة في حقيقة الأمر من الأعمال التجارية التى يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات والعقد فيها يبرم برضاء طرفيه فإذا حدد أجر السمسار بإتفاق مسبق بينه وبين عميله، فإنه يستحق كامل هذا الأجر عند نجاح وساطته بإبرام الصفقة فعلاً نتيجة مساعيه، وبإبرام الصفقة التى أرادها العميل موضوع السمسرة يفترض معه أن السمسار قام بمهمته بما يكفى لاستحقاق أجره، فإذا ما ادعى العميل أن الصفقة تمت بغير وساطة السمسار أو على خلاف الشروط التى وضعها فعليه أن يقيم الدليل على ذلك بوصفه مدعياً خلاف الظاهر، وهو ما أكده الطعن رقم 15408 لسنة 81 قضائية – جلسة 10 فبراير 2013.