السودان أصبح أسوأ أزمة إنسانية في العالم، لكن المجتمع الدولي تجاهل هذه الأزمة لفترة طويلة.. كانت هذه كلمة السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، بمجلس الأمن، خلال جلسة التصويت على قرار يطالب قوات الدعم السريع التى تقاتل الجيش السودانى بإنهاء حصار مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
واعتمد مجلس الأمن الدولي، قرارًا يطالب بإنهاء حصار الفاشر، ووقف القتال فورًا وخفض التصعيد في المدينة ومحيطها. وحظي القرار، الذي قدمته المملكة المتحدة، بتأييد 14 دولة، في حين امتنعت روسيا عن التصويت. ودعا القرار إلى سحب جميع المقاتلين من الفاشر، وضمان حماية المدنيين، بما في ذلك السماح لهم بالتنقل إلى مناطق أكثر أمانًا داخل المدينة وخارجها.
واندلع الصراع في السودان في العاصمة الخرطوم في 15 أبريل 2023، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ومنذ ذلك الحين، قُتل ما لا يقل عن 30 ألفا، وأصيب أكثر من 70 ألف شخص وفقا لتقرير سابق لنقابة أطباء السودان.
وفقا لبيان صادر عن هيئات نقابية سودانية، فقد أدت الحرب إلى تشريد أكثر من 12 مليونا، ونزوح نحو 9 ملايين إلى مناطق داخلية، ولجأ أكثر من 3 ملايين شخص لدول الجوار.
وأشار البيان إلى أن أكثر من 25 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة والدعم الإنساني العاجل، بما في ذلك 14 مليون طفل، في حين يفتقر 15 مليون سوداني إلى الرعاية الصحية، في ظل تعطل 80% من المرافق الصحية.
وأدت الحرب لتدهورت الأوضاع الإنسانية بشكل كبير في بلد كان يعاني أصلا من أزمة اقتصادية طاحنة، حيث حذرت منظمة إنقاذ الطفولة، من أن نحو 230 ألف طفل وامرأة (بينهن حوامل) مهددون بالموت بسبب الجوع ما لم يتم توفير التمويل العاجل، لإنقاذ الحياة للاستجابة للأزمة الهائلة في السودان.
ويعاني أكثر من 2.9 مليون طفل في السودان من سوء التغذية الحاد، حسب تقرير مشترك للأمم المتحدة ووزارة الصحة السودانية ومنظمات أخرى غير حكومية.
ومن بين هؤلاء الأطفال، يحتمل أن يعاني أكثر من 100 ألف طفل من مضاعفات طبية مثل الجفاف وانخفاض حرارة الجسم ونقص السكر في الدم، الأمر الذي يتطلب رعاية مكثفة ومتخصصة في المستشفى للبقاء على قيد الحياة.
وتوقعت منظمة إنفاذ الطفولة أن يموت في الأشهر المقبلة حوالي 222 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد وأكثر من 7 آلاف أم (ولدن حديثا)، إذا لم تتم تلبية احتياجاتهم الغذائية والصحية، موضحة أن هذه التوقعات تستند إلى مستويات التمويل الحالية لبرنامج التغذية الطارئة في السودان، والذي يغطي في الوقت الحالي 5.5٪ فقط من إجمالي الاحتياجات في البلاد، مقابل 23٪ العام الماضي.
بينما كَشفَ وزير الصحة السودانى هيثم محمد إبراهيم، عن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا، رغم تنفيذ حملات التطعيم فى بعض الولايات، وأضاف فى مقابلة مع صحيفة سودان تربيون، أن “السودان سجّل 10 آلاف و800 إصابة بالكوليرا، وفقَاً لآخر تقرير عن الوضع الوبائى فى 12 ولاية، وبلغت إصابات حمى الضنك 7.500 حالة فى 11 من أصل 18 ولاية.
وأدت الحرب إلى تردى الأوضاع الاقتصادية، ووفقا لدراسة نشرها المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، بلغت تكلفة الحرب أكثر من 100 مليار دولار، إذ توقف 70% من النشاط الاقتصادى فى السودان. وتُقدر تكلفة المعارك فى السودان بنحو نصف مليار دولار يوميًا.
وانخفض معدل النمو الاقتصادى إلى -18.3%، وأدت الحرب لانهيار العملة المحلية امام الدولار الجنيه السودانى خسر أكثر من 50% من قيمته. وارتفع معدل البطالة لـ 117.4% عام 2024، وتراجع إنتاج الذهب من 18 طنًا إلى طنين فقط، كما فقدت الخزينة السودانية عائدات صادرات الذهب التى تقدر بمليارى دولار.
وتعرض 100 بنك للنهب وتم سرقة أكثر من 38% من أموال مصارف الخرطوم، والبنك المركزى السودانى يعانى من نقص شديد فى السيولة بسبب العمليات التخريبية.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود يوم الأحد إن قوات الدعم السريع هاجمت المستشفى الرئيسي في الفاشر وأخرجته عن الخدمة. وتقول الأمم المتحدة إن نحو 130 ألفا من السكان فروا من المدينة بسبب القتال في أبريل ومايو، إلا أن المغادرة في حد ذاتها خطيرة إذ يتعرض الفارون لهجمات على طريق الخروج الرئيسي الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع.