يمكن لروبوتات صغيرة الحجم على شكل حشرات القفز وتحريك أجنحتها من أجل الطيران في الهواء، وكان قد ابتكر فريق من الباحثين بجامعة كاليفورنيا بيركلي الأميركية الروبوتات صغيرة الحجم التي يتوقع أن يكون لها أهمية كبيرة في المستقبل، مثل مساعدة البشر في مهام الاستشعار عن بعد والبحث عن الناجين عقب حدوث كوارث طبيعية، واستكشاف الفضاء، نظرا لأن صغر حجمها يتيح لها مساحة أكبر من المناورات، فضلا عن سهولة الحركة في المناطق الوعرة التي يصعب الوصول إليها.
رُب سائل يسأل.. لماذا نبني روبوتًا يمكنه الإقلاع والطيران والهبوط مثل الحشرة أو الزحف على الأرض؟.. بكل بساطة يكون الجواب، لأن بإمكانهالقيام بمهام سرية وحساسة وسريعة لا يستطيع الأفراد القيام بها، وبالتالي يمكنه أن يصبح عنصرا حاسما للعديد من المهام السلمية وغير السلمية منها، كالحروب، والمراقبة، والتنصت والتجسس، والاغتيالات، والبحوث العلمية، وعمليات الإنقاذ، ولقد ابتكرت وصممت هذه الحشرات بعد أن استخدمت الطيور والحيوانات الصغيرة الأخرى في وقت سابق من قبل بعض الدول، واثبتت نجاحات ساحقة في المهام التي أوكل لها القيام بها.
الحشرات الروبوتية.. تقنية التجسس السيبرانية الحديثة
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على الحشرات الروبوتية، وتقنية التجسس السيبرانية الحديثة التي ستغير من مسار اللعبة، خاصة أن لهذه الحشرات قابلية كبيرة على المناورة والتخفي حتى في وضع الرؤيا الواضحة، وأثناء قيامها بمهامها التجسسية في المناطق السرية والمحظور على أجهزة المراقبة والتصوير في الوصول إليها، كما وتعد بمثابة طائرات تجسس بدون طيار قادرة على الإقلاع والطيران والهبوط في أي مكان وأثناء المناورة في شوارع المدينة والممرات الضيقة، ويمكنها أيضا التوقف والتصوير والتسجيل والتشغيل بصمت – بحسب الدكتور أثير هلال الدليمي، الباحث في القانون الدولي، والمتخصص في الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم السيبرانية.
في البداية - الحشرات الروبوتية لا تتميز بذلك فقط بل لها قدرة فائقة في تسديد ضربات قاتلة وحاسمة كونها مزودة بمجموعة من الأسلحة الفتاكة وأجهزة للاستشعار والتحسس بالأشعة تحت الحمراء، بما في ذلك مسدسات الصعق، والمتفجرات، وكاميرات فيديوية عالية الدقة ومايكرفونات مدمجة، وأجهزة لخزن البيانات والمعلومات، واستخدم العلماء والباحثون لهذا النوع من الطائرات هو لأجل محاكاة أنماط طيران الحشرات ومعالجة واحتساب البيانات في الوقت الحقيقي الفعلي الآني لتسهيل اتخاذ القرار السريع والحاسم المتوافق مع البيانات والمعلومات التي تم الحصول عليها، وتوفير صورة شاملة لأجهزة التحكم عن بعد – وفقا لـ"الدليمى".
ابتكار سيغير قواعد لعبة التجسس في العالم
وفي سياق الجانب الفني - فقد تم استخدام أجنحة عالية التردد لتحوم فوق الأهداف، وتجثم لأطول مدة ممكنة، كما أتيح لها بسحب الطاقة من الأسلاك ومصادر الطاقة الأخرى لتكون قادرة على مواصلة العمليات لأيام أو أسابيع متواصلة، ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة التي تسعى الى تصغير الطائرات بدون طيار والتي تحاكي الطبيعة، بل تعمل دول أخرى مثل فرنسا وهولندا وإسرائيل أيضًا على تطوير هذا النوع من الطائرات، فقد طورت فرنسا طائرات صغيرة بدون طيار مستوحاة من الجناح الحيوي، كما قامت شركة BioMAV الهولندية المتخصصة ب "الذكاء الاصطناعي المستوحى بيولوجيا للمركبات الجوية الصغيرة" أيضًا ببناء طائرات بدون طيار من نوع Parrot – طبقا لـ"الدليمى".
تعد طائرة "البعوضة - mosquito drone"
من الحشرات الروبوتية التي لها القدرة على التسلل بسهولة إلى المناطق الحضرية، عبر القيادة والتوجيه الافتراضي ولمسافات طويلة جدا، وكذلك الهبوط بدقة عالية على أي سطح ولاسيما جسم الإنسان، وتكون هذه الطائرة مزودة بإبرة حادة تكاد لا يتجاوز حجمها ميكرون واحد، وذلك لإختراق الجلد واخذ عينه من دم الشخص المستهدف للحصول من خلاله على الحمض النووي (DNA) واستخدامه لأغراض مختلفة ومهام متعددة، أو لحقن السموم في جسد الشخص المستهدف، ومن ثم الطيران بسرعة مرة أخرى، دون أن يشعر المستهدف بأي أعراض سوى ألم لدغة البعوض الاعتيادية دون الشعور بالحرقان – هكذا يقول الباحث في القانون الدولي، والمتخصص في الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم السيبرانية.
وفي ذات السياق - فقد أنتجت شركة صناعة الفضاء الإسرائيلية (IAI) طائرة بدون طيار على شكل فراشة، تزن 20 جرامًا فقط، تستخدم للأغراض الاستخباراتية والتجسسية، حيث يمكنها جمع المعلومات السرية المهمة في المواقع الحساسة من خلال قابليتها الكبيرة على الدخول حتى من النوافذ والأماكن الضيقة إلى داخل المباني المحصنة، وهي مزودة أيضا بكاميرا 0.15 جرام فائقة الدقة، وبطاقة ذاكرة لخزن المعلومات، ويتم قيادة الطائرة افتراضيا عن بُعد باستخدام خوذة خاصة يجد فيها المشغل نفسه في "قمرة القيادة للفراشة"، ويرى فعليًا ما تراه الفراشة في الوقت الفعلي، وتطير دون عناء، وتندمج مع محيطها الخارجي – الكلام لـ"الدليمى".
وخطورته تتمثل في إستخدامه في المهام السلمية وغير السلمية
كما وابتكر الباحثون أيضا في TechJect ذبابة "اليعسوب" الآلية التي يمكن استخدامها في أية مهمة دقيقة وصعبة، حيث أنها تطير مثل طائر وتحلق مثل حشرة، وهي مصممة للتصوير الجوي والتجسس والتسجيل والبحث والتطوير والدعم الأمني، ويعمل العلماء حاليا على تطوير روبوتات مصغرة تشبه حشرة العنكبوت، والتي ستكون قادرة على تنفيذ مهامها في جمع المعلومات الاستخبارية والعمليات المناطة بها بسرعة فائقة وكفاءة عالية نظرا لطبيعتها وتركيبتها الفسيولوجية المروعة، فقد أشارت التقديرات إلى أن ما يصل إلى 30٪ من السكان لديهم درجة كبيرة من فوبيا رهاب العناكب، مما يجعلها واحدة من المخاوف الأكثر شيوعًا بين البشرية التي تمكنها من إنجاز مهامها والهروب الأمن.
وفي سياق متصل - قام عدد من الباحثون في جامعة كاليفورنيا بتصميم حشرة CRAM، وهو نموذج روبوت أولي يشبه الصرصور تمامًا، يمتلك هيكل خارجي مفصل وقشرة ناعمة تسمح له بالتحول والتحرك عبر المساحات الصغيرة، وبالتالي يمكن أن تكون الخطوة الأولى في إنشاء روبوت بحث وإنقاذ فعال بشكل لا يصدق، وكذلك جمع المعلومات الاستخباراتية، فالأمر المثير للإعجاب في هذه الصراصير هو أنها يمكن أن تنفذ بسرعة من خلال فجوة قطرها ربع بوصة، بإعادة توجيه وطي أرجلها بالكامل إلى الجانب، حيث يبلغ طولها حوالي نصف بوصة عندما تسير بحرية، ولكن يمكنها أن تقلص حجمها إلى عُشر البورصة.
ومزودة بمجموعة من الأسلحة الفتاكة لتسديد ضربات قاتلة
كما سيكون لدى الجيش البولندي قريبًا طائرات بدون طيار "النحلة - Bee" ترافق ناقلات الأفراد المدرعة، يمكنها الطيران فوق ساحات القتال لمدة 30 دقيقة، ولاتقتصر قدرات هذه الطائرة على المراقبة والتجسس فقط، بل يمكنها مهاجمة أهداف صغيرة بشحنات متفجرة، حيث يحتوي رأس النحل على كاميرتين مدمجتين يتم تثبيتهما كهربائيًا بواسطة جيروسكوب، بمجرد أن تقترب طائرات النحل هذه من أهدافها يمكن أن تفجرها بسرعة فائقة.
الدكتور أثير هلال الدليمي، الباحث في القانون الدولي، والمتخصص في الأمن السيبراني