أصدرت الدائرة المدنية "ج" – بمحكمة النقض – حكما فريدا من نوعه، يهم ملايين المتعاملين بالعقود المتضمنة شرط فاسخ في سوق البيع والشراء، أرست خلاله مبدأ قضائيا يضمن الحقوق بين الطرفين، قالت فيه: " الإنذار بسداد الأقساط بعد ميعاد استحقاقها يعد تنازلا عن طلب إعمال الشرط الصريح الفاسخ وسقوط الحق في استعماله إذا لم يتم التمسك بهذا الشرط فى الإنذار".
الخلاصة:
"إذا كانت الهيئة المطعون ضدها قد أنذرت الطاعن بسداد الأقساط المتأخرة من أقساط الثمن في 2/3/2016 بعد فوات ميعاد استحقاقه في 19/12/2014 وأمهلته 15 يوماً للوفاء بها ولم تتمسك في ختام الإنذار بالشرط الصريح الفاسخ وهو ما ينبئ عن تنازلها عن إعمال هذا الشرط ويسقط حقها في استعماله ولا يكون لها إلا المُطالبة بالفسخ القضائي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بتأييد الحكم الابتدائي الذي أعمل الشرط الصريح الفاسخ وقضى بفسخ عقد البيع موضوع الدعوى والتسليم دون إعمال الفسخ القضائي وبحث ما إذا كانت المبالغ المودعة من قبل الطاعن مُبرئة لذمته من عدمه، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 18684 لسنة 90 قضائية، لصالح المحامى يحيى سعد، برئاسة المستشار عبد الفتاح أحمد أبو زيد، وعضوية المستشارين أشرف الكشكي، وأسامة البحيري، ومحمد عبد الواحد، وفهمي محمد راسخ، بحضور كل من رئيس النيابة محمد شكري، وأمانة سر محمد جمال .
الوقائع.. نزاع حول "محل" بسبب التأخير في سداد الأقساط
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام على الطاعن الدعوى 3251 لسنة 2016 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم أولاً: فسخ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 19 فبراير 2006 والتسليم لحانوت النزاع، ثانياً: اعتبار كافة المبالغ المسددة من الطاعن مقابل انتفاع، ثالثاً: إلزامه بأداء مقابل انتفاع من تاريخ التوقف عن سداد الأقساط، رابعاً: ما يستجد من مقابل انتفاع، وذلك على سند أنه باع له الحانوت محل النزاع بموجب عقد البيع سالف البيان، وإذ تقاعس عن سداد القسطين الأخيرين من أقساط باقي الثمن ومقداره 23340,20 جنيها رغم إنذاره مما يتحقق به الشرط الصريح الفاسخ، فقد أقام الدعوي.
في تلك الأثناء - حكمت المحكمة بالطلبين الأول والثاني ورفضت ما عدا ذلك ، استأنف الطاعن الحكم برقم 5118 لسنة 73 ق الإسكندرية وبتاريخ 29 سبتمبر 2020 قضت بالتأييد، ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وقال - بياناً لذلك -: إن الهيئة المطعون ضدها وإن أنذرته بتاريخ 2 مارس 2016 بسداد باقي الثمن إلا أنها أمهلته في سداده ولم يتضمن إعمال الشرط الصريح الفاسخ بالرغم من فوات مواعيد استحقاق الأقساط المتأخرة، مما يفيد موافقتها الضمنية على السداد المتأخر وليس إعمال إرادة الفسخ، ونفاذاً لذلك أنذرها بموجب محضر عرض رسمي بالسداد للمبلغ المشغول به ذمته وبرفضها استلامه، ثم أودعه خزانة المحكمة، وإذ أيد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي الذي أعمل الشرط الفاسخ الصريح دون التحقق من ذلك الإنذار ودلالة عباراته في إعمال إرادة الفسخ من عدمه وما تم سداده من قبله وبراءة ذمته من الأقساط المطالب بها، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
النقض: الإنذار بسداد الأقساط بعد ميعاد استحقاقها يعد تنازلا عن طلب إعمال الشرط الفاسخ
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا تضمن العقد شرطاً صريحاً فاسخاً فإنه يلزم حتى ينفسخ العقد بقوته أن يثبت قيامه وعدم العدول عن إعماله وتحقيق الشرط الموجب السريانه، فإن كان الفسخ مرتبطاً بالتأخير في سداد قسط من الثمن في الموعد المحدد له، وتبين أن البائع قد أسقط حقه في استعمال الشرط الصريح الفاسخ المقرر لصالحه عند التأخير في سداد أقساط الثمن في مواعيدها بقبوله السداد بعد تلك المواعيد منبئاً بذلك عن تنازله عن إعمال الشرط الصريح الفاسخ فلا يكون له إلا المطالبة بالفسخ القضائي، ويتعين على المحكمة التحقق من توافر شروط الفسخ الاتفاقي ووجوب إعماله ذلك أن للقاضي الرقابة التامة للتثبت من انطباق الشرط على عبارة العقد كما أن له عند التحقق من قيامه مراقبة الظروف الخارجية التي تحول دون إعماله فإن تبين له أن الدائن قد أسقط حقه في طلب الفسخ بقبوله الوفاء بطريقة تتعارض مع إرادة فسخ العقد وجب عليه أن يتجاوز عن شرط الفسخ الاتفاقي .
لما كان ذلك - وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي أن الهيئة المطعون ضدها قد أنذرت الطاعن بسداد الاقساط المتأخرة من أقساط الثمن في 2016/3/2 بعد فوات ميعاد استحقاقه في 2014/12/19 وأمهلته خمسة عشر يوماً للوفاء بها ولم تتمسك في ختام الإنذار بالشرط الصريح الفاسخ وهو ما ينبئ عن تنازلها عن إعمال هذا الشرط ويسقط حقها في استعماله ولا يكون لها إلا المطالبة بالفسخ القضائي ، وإن خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بتأييد الحكم الابتدائي الذي أعمل الشرط الصريح الفاسخ وقضى بفسخ عقد البيع موضوع الدعوى والتسليم دون إعمال الفسخ القضائي وبحث ما إذا كانت المبالغ المودعة من قبل الطاعن مبرئة لذمته من عدمه ، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن علي أن يكون مع النقض الإحالة .
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الغسكندرية، وألزمت المطعون ضده المصروفات.